الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

جيش الشعب.. عماد الدولة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
منذ فجر التاريخ وجيش مصر مثار احترام وتقدير جميع أفراد الشعب، فهو منهم ولهم، ولذا فإن الآلاف من الشباب يتسابقون كل عام للالتحاق بالكليات العسكرية فضلًا عمن يتطلعون لدخول الجيش تطوعًا فى مدارس ضباط الصف، غير عابئين بما يحدث على أرض سيناء من عمليات إرهابية خسيسة، فعلى الجيش تقوى البلاد، كما قال أمير الشعراء شوقي، وفى نفوس المصريين مكانة خاصة للجيش بدأت منذ تكوينه الأول فى العصر الفرعونى واستمرت مع تكوينه الثانى فى عهد محمد علي، ويذكر التاريخ أنه فى سنة 1788 قبل الميلاد اشتعلت فى مصر الفرعونية ثورة عارمة سقطت على أثرها الأسرة الثانية عشرة، وكان سبب هذه الثورة الفساد الذى انتشر آنذاك واحتكار السلع من قبل الأغنياء وفرض الرسوم الباهظة على التجار والصيادين، وبدأت أحداث الثورة بصياد شاب رفض دفع الخراج للجابى فوقعت معركة بينهما انتهت بمقتل الشاب، وتحولت مراسم دفنه إلى مظاهرة للمطالبة بالقصاص، وتحولت المظاهرة فجأة إلى أعمال عنف وتخريب وسلب ونهب استمرت عدة أيام متتالية، فانتشرت الفوضى فى كل الربوع وغاب الأمن وهاجم اللصوص وقطاع الطرق البيوت والمحال وصوامع الغلال، وسقط النظام وتنازع على الحكم أكثر من ملك فى وقت واحد وقد أدى ذلك إلى إهمال الزراعة والتجارة مما ترتب عليه تدهور اقتصادى عظيم، وانقسمت البلاد إلى دويلات صغيرة وأقاليم عديدة، وانتشرت الجريمة لدرجة أن الرجل كان لا يأمن الخروج من داره- وهذه هى نتيجة ما يسمى بالثورة- ولما علم ملك الهكسوس ما آلت إليه الأوضاع فى مصر قرر إستغلال الموقف ليحقق أمله فى نهب خيرات مصر بالإغارة عليها وإحتلالها، والهكسوس هم خليط من عدة قبائل بدوية استقرت فى فلسطين حقبة من الزمان، وبالفعل تمكن الهكسوس من دخول مصر دون مقاومة تذكر حيث لم تكن مصر قد عرفت بعد أنظمة الدفاع والقتال المنظم أوالجيش النظامي، وكان فى الهكسوس قسوة قلب وغلاظة، فقد حرقوا المدن والقرى وذبحوا المئات من المصريين ومثلوا بالجثث واتخذوا النساء جوارى والأطفال عبيدًا، ولكنهم لم يتمكنوا من احتلال مصر العليا (الصعيد) حيث أعلن أحد الأمراء هناك نفسه ملكًا على الوجه القبلى واستمر خلفاؤه من بعده وهم ينتظرون ذلك اليوم الذى تتحرر فيه مصر من الاحتلال الذى أفقدها مكانتها التى كانت عليها منذ أعلنها (مينا) دولة واحدة متماسكة، وحاول سقنن رع أن يقود حملة من الجنوب ضد الهكسوس لكنه لقى حتفه، وهنا قامت زوجته «إياح حتب» بدور مهم وهى تربية إبنهما الصغير (أحمس) على ضرورة الثأر لأبيه وتحرير مصر من هؤلاء، وكان أحمس فى السادسة عشرة من عمره حين أظهر قدرة عجيبة على ترويض الخيول وهذا الأمر كان غائبًا عن المصريين، وكون أحمس نواة الجيش المصرى من أفراد وعتاد، وقام بتدريبهم بنفسه على استخدام الأسلحة التى صنعها مجموعة من الحدادين، وطلب أحمس من شقيقه الأكبر الملك كاموس - والذى تولى الحكم عقب مقتل والدهما الملك سقنن رع - أن يعطه صلاحيات واسعة تمكنه من تكوين الجيش لطرد الهكسوس، ومن هذه الصلاحيات تعيينه لعدد من النجارين والحدادين برواتب عالية لضمان ولائهم ولضمان سرية ما يفعلون، وعين أحمس أيضًا جواسيس له كانوا يتسللون إلى الدلتا ويقومون بسرقة الأسلحة من الهكسوس لتقليدها، وتفرغ أحمس مدة ثلاث سنوات كاملة لتجهيز الجيش المصرى واختيار عناصره من الشباب الأقوياء الذين وضعهم فى معسكرات خاصة للتدريب على استخدام السلاح وركوب العربات الحربية التى صنعها النجارون، وهكذا تكون جيش مصر العظيم وهو من اللحظة الأولى لتكوينه يخضع لنظام مالى خاص يتسم بالسرية، فقد جهز أحمس هذا الجيش فى سرية بالغة ولو علم الهكسوس بما يعد لهم لهجموا عليه وأنهوا الأمر، وخلال سنوات الإعداد والتدريب مات كاموس وتولى أحمس حكم مصر العليا متطلعا إلى ذلك اليوم الذى سيعيد فيه الشمال إلى الجنوب، وبالفعل تحرك أحمس بالجيش فالتف حوله الشعب وهتف باسمه وسانده حتى نجح فى تحرير مصر بعد مائة عام من الاحتلال محققًا الانتصار الأول لجيشنا العظيم، ولما اطمأن على حدود مصر الشرقية عاد ليهتم بالشئون الداخلية وإصلاح ما أفسده الاحتلال لكنه قرر الحفاظ على النظام الخاص للجيش وسرية مصروفاته، وتدعيمه وتطويره فعمل على امتلاك الجيش للمراكب والسفن البحرية لسهولة التنقل من مكان لآخر، وهكذا ولد جيش مصر عملاقا ومنتصرا وسيظل هكذا إلى الأبد، وعلى الذين يريدون النيل من جيشنا، وينتقدون إمتلاكه للمصانع المختلفة وإدارته لبعض المشروعات، فعلى هؤلاء أن يقرأوا التاريخ جيدا قبل الفتيا بآراء هدامة، فالجيش المصرى كان عماد الدولة، بل هو حصنها والعامود الأوسط للخيمة، وحين أسس الجيش نرة أخرى فى عهد محمد على إمتاز بنفس ماكان فى الماضى السحيق وهو النظام المالى الخاص والذى يضمن سرية نفقاته، وبالتالى سرية مايملكه من سلاح وعتاد، ومن البديهى أن يملك الجيش مصانع للأسمنت والحديد وغيره حتى لا يكون مضطرًا إذا خاض حربًا فى يوم من الأيام أن يطلب موادا للبناء من شركات خاصة، ويصبح تحت رحمة صاحب هذه الشركة والذى قد يفشى سرًا يكشف للعدو عن تجهيزات هندسية معينة.