الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

جامعة دمنهور والوعي المفتقد

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
جامعة لا تنشر الوعي في محيطها لهي جامعة حرِيّة بألا تُحترم، وجامعة تقتصر على ما يُذكر في قاعات الدرس دون تطبيق عملي للمعرفة النظرية لهي جامعة غير كفيئة بالاضطلاع بدورها على خير وجه، وعلم لا يُنتفع به هو علم لاجدوى منه ولا طائل من ورائه، ولقد رأيت فيما رأيت في بلاد لا تقاس بمستوى عراقة حضارتنا شيئا عجيبا، رأيت طلاب جامعاتهم في ميادين العمل يطبقون ما يتعلمون، والتقيت رجلا روسي الأصل كان يسمى السيد (بندوكيتزا) يسخر ماله في خدمة مجتمعه فيقوم بشراء جامعة تسمى بالجامعة الزراعية تختص بعلوم الزراعة ويحولها إلى جامعة خاصة ويستغل إمكانات أساتذتها وطلابها في تطبيق ما تعلموا في مزارع لا حدود لها فينتجون زراعات ذات جدوى اقتصادية منقطعة النظيريخدم بها مجتمعه المحيط وجامعته على السواء. 
ثم كان أن التقيت بأحد أساتذة جامعة دمنهور الشباب وقد كان مبتعثا للحصول على درجة الدكتوراه من إحدى جامعات الولايات المتحدة الأمريكية فقص لي عن بنته الصغيرة وكيف أن معلمتها في مرحلة رياض الأطفال قد خصصت لها يوما للمعايشة داخل بيئتها الأم بحيث تقضي المعلمة يوما كاملا داخل الأسرة ترى بعينها حال الطفلة أو الطفل مع أمه ومع أبيه ومع إخوته وأصدقائه وأقاربه ومجتمعه المحيط وترى ما إذا كان حال الطفل داخل بيئته الأم يختلف عن حاله داخل مجتمع المدرسة أم لا وتسجل ملاحظاتها على الطفل لتقف بنفسها على أبعاد بيئته متوصلة إلى سر عبقريته إذا ماكان يتمتع بالعبقرية ، أو تخلفه الدراسي إذا ما كان مستواه الدراسي مختلفا عن أقرانه وما إذا كان يعاني من صعوبات تعلم أو ما إلى ذلك وقص لي عن إعجاب معلمتها الشديد بكون هذه الطفلة مصرية الأصل ، وكيف تساعد الأسرة طفلتها في نقل معرفتها بوطنها الأصلي إلى لداتها بالمدرسة فأعجبتني الفكرة جدا وكنت قد رأيت مثلها في مجتمع غربي لكن بآليات مختلفة فقررت أن نطبق ذلك مع مجتمعنا وأن نطلق طالباتنا بمرحلة البكالريوس ينخرطن في مادة التدريب الميداني ومجال التربية العملية ليطبقن هذه التجربة وقامت إحدى أساتذة علم النفس بالكلية بإعداد استمارة استبيان دراسة حالة، وأخذنا عليها موافقة مجلس كلية التربية للطفولة المبكرة (رياض الأطفال سابقا) ولقد ووجهنا بهذه المعوقات التي سأسردها تباعا.
أولا: عدم اقتناع البعض بجدوى الفكرة على الرغم من انبهارهم بها وثنائهم عليها .
ثانيا: عدم قدرة بعض إدارات المدارس التي سنطبق فيها الفكرة على فهم المتغيا من وراء ذلك العمل.
ثالثا: اعتراض بعض أولياء أمور بعض طالباتنا على مسألة زيارة ابنتهم للطفل داخل بيئته الأم.
رابعا: تعلل بعض مدراء المدارس بعدم قدرتهم على التنسيق مع ولي الأمر وأن ذلك سوف يقابل برفض مجتمعي. 
خامسا: تخوف بعض طالباتنا من التجربة وظنهن أن في ذلك إجبارا من قبل إدارة الكلية.
سادسا: اتهام البعض للمجتمع كله بالرجعية وأنه لن يهضم هذه الفكرة بسهولة وأن الأمر يقود إلى مالاتُحمد عقباه.
فلاحظت إدارة الكلية ذلك كله ودونته واتفقنا على أن يبدأ التجريب من فوره في مجتمعين اثنين، مجتمع إدارة كوم حماده التعليمية وذلك نظرا لارتفاع مستوى الوعي في هذه البيئة التي تتسم بارتفاع مستوى التعليم لدى أولياء الأمور مماييسر فهم المهمة .، ومجتمع إدارة كفر الدوار التعليمية نظرا لكونه مجتمعا يتسم بالمسحة المدنية فضلا عن جسارة طالباته وقدرتهن على مواجهة الأمور وكان أن بدأنا بالفعل في تطبيق التجربة والبدء في الزيارات المنزلية بعد نشر الفكرة وتوزيع منشور بأهميتها على أولياء الأمور بمساعدة إدارات المدارس وسُجلت الملاحظات الآتية:
أولا: الموقف المشرف جدا لمدراء المدارس لدرجة أن مديرة مدرسة في ريف كوم حمادة اصطحبت طالباتنا بنفسها إلى منازل أطفال مدرستها وهي الأستاذة عزة شبل المرشدي مديرة مدرسة كفر سلامون الابتدائية النموذجية التي أوجب تصرفها ذكر اسمها وكذلك قامت بالفعل ذاته وبالشجاعة ذاتها مديرات مدارس كفر الدوار البلد وشهداء 25 يناير.
ثانيا: الاستقبال المحترم جدا من قبل أولياء الأمور لطالباتنا وعدم التصنع وإطلاعهن على كل كبيرة وصغيرة داخل الأسرة لتوضيح ماتصبو إليه الطالبة من وراء ذلك الاستبيان.
ثالثا: السعادة الغامرة لدى الأطفال برؤية معلماتهن وهن يزرنهم في منازلهم ويستكشفن عوالمهم الخاصة ويسجلن ملاحظاتهن بدقة ويقمن بعمل تقييم علمي دقيق للحالة لتقديمه لقسم الإرشاد النفسي بالكلية.
رابعا: مدى الجهد الحقيقي الذي بذلته مشرفات التربية النفسية بالمدارس وكذلك مشرفات مرحلة رياض الأطفال للتنسيق مع الأمهات ومدى طواعية الأمهات لذلك السعي العلمي المنضبط.
خامسا: إمكانية التعويل على رفع مستوى الوعي المجتمعي ومدى قدرة المؤسسات التعليمية على الإصلاح بقدر المستطاع وأن مجتمعا كمجتمع محافظة البحيرة ذي الطابع المحافظ يستطيع هضم أي ثقافة وافدة طالما أنها تهدف إلى رفع مستواه .
سادسا: تقبل طالباتنا للفكرة وكيف أنهن بتطبيقها يستطعن مس جوانب التميز لدى الأطفال لتزكيتها أو التراجع لمعالجتها إذ هن صاحبات الغرس الأول في نبت مستقبل هذه الأمة وألا يستهن أبدا بما يفعلن وأن يعتبرنها رسالة واجبة الأداء.
وعلى كل فإنها تجربة للانفتاح على المجتمع كله وطالما كتب لها النجاح فسوف تعمم بعون الله تعالى على كافة المجتمع البحراوي لنطلق يد أساتذة مركز الإرشاد النفسي بالكلية لنشر التوعية اللازمة لأولياء الأمور على مستوى المحافظة ليقف ولي الأمر على الطريقة المثلى للتعامل مع ابنه أوابنته وصولا بهما وبالمجتمع إلى المستوى اللائق وجامعة دمنهور مستعدة لعمل الزيارات الميدانية الهادفة لممارسة دورها التوعوي في محيط مجتمعها من أقصاه إلى أقصاه وعندنا ولله الحمد من العلماء ما يكفي للنهضة بالمجتمع كله وعلى كافة المستويات.