الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

400 مليون جنيه خسائر مهاجمة "التربس" لـ"الفاصوليا".. المبيدات المغشوشة تعجز عن مقاومة الآفات.. و"الزراعة" تكتفي بتشكيل اللجان وكتابة التقارير

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
وقع محصول الفاصوليا فى مصيدة التلف والعفن، بعد مطاردة حشرة التربس للنبات بسبب الرش بمبيدات مغشوشة مطروحة فى الأسواق، ودخلت البلاد متسللة دون رقيب.


ووصلت خسائر المحصول هذا الموسم إلى ٤٠٠ مليون جنيه، ولا يملك الفلاح إلا الصراخ، واكتفت وزارة الزراعة بالمسكنات والتصريحات المهدئة دون مواجهة حقيقية للخطر الذى يلاحق زراعات مصر لا الفاصوليا فحسب.
وأكد نقيب الفلاحين أن غياب الزراعة التعاقدية هو سبب تدمير محصول الفاصوليا، ووصف خبير زراعى المبيدات المغشوشة بالمدمرة للزراعات، فيما طالب خبير بيئى بتكثيف اللجان الرقابية على الموانئ المصرية ومنافذ الاستيراد ومصانع الإنتاج لوقف دخول المبيدات القاتلة.
تعتبر الفاصوليا واحدة من أهم المحاصيل الزراعية فى مصر، نظرًا لأهميتها التصديرية وقيمتها الغذائية، وتحتل المرتبة السادسة من حيث الإنتاج العالمى بمتوسط إنتاج قدر بنحو ٢٧٠.٨ ألف طن، وتحتل مصر المركز العاشر من بين أهم الدول المصدرة لمحصول الفاصوليا على مستوى العالم، حيث إن محصول الفاصوليا من المحاصيل ذات العائد الاقتصادى العالي، وذلك لصغر دورتها بالأرض، حيث تزرع على ثلاث عروات، الأولى صيفية تبدأ من أول فبراير حتى الأسبوع الأول من شهر مارس باختلاف المنطقة، ففى الصعيد يفضل الزراعة فى شهر فبراير، وفى وجه بحرى تجرى زراعتها فى الأسبوع الأول من مارس، وفى محافظة المنوفية يتم زراعة التقاوى قبل السدة الشتوية، ثم تتم رية المحاياة بعد السدة، أما العروة النيلية فتبدأ من آخر أغسطس حتى الأسبوع الأول من سبتمبر، وتكون أكثر العروات إصابة بذبابة الفاصوليا، وهناك العروة التصديرية «تحت الصوب» من منتصف أكتوبر حتى منتصف نوفمبر.

حساسية المحصول
ويعد نبات الفاصوليا من أكثر النباتات إصابة بالآفات التى قد تدمر وتسبب خسارة واضحة فى كمية المحصول الناتج، كما حدث فى بعض محافظات مصر فى الفترة الأخيرة، مثل محافظة المنوفية فى العديد من مراكزها، حيث تدمر محصول الفاصوليا بأكمله وذلك بعد ٦٠ يومًا من زراعته، وفوجئ بعض الفلاحين باصفرار الزرع بعد رش الثمار بمبيد مغشوش، ما تسبب فى خسائر كبيرة.


مشاكل زراعية متصاعدة
وقال حسين عبدالرحمن أبوصدام، نقيب الفلاحين، إن مشاكل الزراعة فى مصر متصاعدة وأن مشكلة الفاصوليا مثلها مثل أى مشكلة من مشاكل الزراعة، لا تلقى أى اهتمام من جانب المسئولين والمتخصصين فى الزراعة فى مصر.
وأوضح أنه لا يوجد نظام كامل فى مصر لمقاومة حشرة المن والتربس التى انتشرت، وتسببت فى القضاء على محصول الفاصوليا بأكمله وتسببت فى خسارة فادحة للفلاحين.
ولفت «أبوصدام» إلى أن دور الوزارة والرقابة غائب تماما فى هذه الحالة، ولذلك وصلنا لهذه المرحلة من الخسائر الكبيرة.
وكشف نقيب الفلاحين عن ورود شكاوى كثيرة من الفلاحين بانهيار المحصول، وأن المبيدات لا تؤثر فى مواجهة الحشرة، وقال «أبوصدام»: «نحن فى حيرة وكأننا نروى زراعتنا بمية نار، وكنا سابقا نقوم بتصدير الفاصوليا بكميات كبيرة، وحاليا لا يوجد ما يكفى حاجتنا أصلا حتى نصدره، وحشرة المن قضت على المحصول بأكمله، وهى تمثل خطرًا كبيرًا».
وأوضح «أبوصدام» أن حجم خسارة الفاصوليا تخطى الـ١٠ آلاف فدان، موضحًا أن الفدان الواحد يتكلف ٤٠ ألف جنيه، ما يعنى أن حجم خسارة محصول الفاصوليا تخطت الـ٤٠٠ مليون جنيه هذا الموسم.
وأكد «أبوصدام»، أن الحل الوحيد لحل تلك المشاكل، أن تكون الزراعة تعاقدية، بمعنى أن تكون الدولة طرفًا ثالثًا وتتعاقد على المنتجات الزراعية التى يقوم الفلاح بزراعتها، موضحا أن الفلاح مهمته هو أن ينتج فقط، وليس التسويق، وعلى الدولة ألا تترك الفلاح بمفرده يواجه السوق.


المنوفية الأكثر تضررًا
ويرى الخبير الزراعى الدكتور جمال صيام، أن حجم الخسارة التى أصابت المحصول بلغت ما يقرب من ٥٠٪ من إنتاجية الفدان فى محافظات كثيرة، وفى مقدمتها محافظة المنوفية.
وأوضح «صيام» أن السبب فى ذلك هو انتشار حشرة المن والتربس وذبابة الفاصوليا، كما أن هناك إصابات حشرية أخرى لا يذكرها الكثير تسببت فى تك الخسارة، حتى أن المبيدات لم تفلح فى القضاء عليها.
وتابع «صيام»، أن المبيدات عجزت عن القضاء على تلك الحشرات وإنقاذ المحاصيل، وتسببت فى خسارة للفلاحين، مشيرا إلى أن وزارة الزراعة كلفت لجنة بمعاينة المناطق المتضررة وكتابة تقرير عن حالات الزراعات لحل تلك المشكلة حيث نوهت الإدارة المركزية للحشرات بضرورة إرشاد الفلاحين بكيفية التعامل مع تلك الحشرات وضرورة متابعة الفلاحين للقضاء على مشاكلهم، ولكن كل هذا مجرد كلام لم يصل إلى حد الفعل حتى الآن.
غيبوبة زراعية
وأشار «صيام» إلى أن سبب انهيار الزراعة بمختلف أنواعها، يعود إلى أن الوزارة غافلة تماما عن الدور الذى يجب أن تقوم به، من خلال إرشاد الفلاحين بالأوقات المناسبة لزراعة المحاصيل بمختلف أنواعها، وإصدار نشرات بالتغيرات المناخية لحماية المحاصيل، موضحًا أن مصر تعانى منذ أكثر من ثلاث سنوات من التغيرات المناخية، ما يترتب عليها فساد الزراعة، مؤكدًا أن الفلاح هو من يتحمل تبعات ذلك بمفرده، فلا يوجد تعويض له، فهو المتضرر الوحيد من فساد محصوله ويتحمل الخسائر بأكملها.


تغير الطقس المناخى
وذكر زكريا حداد، الخبير الزراعي، أن من أسباب تدمير المحصول هو التغير فى درجة الحرارة من ارتفاع وانخفاض، خاصة خلال هذه الأيام، كما أن الفلاحين استخدموا تقاوى غير سليمة بالمرة من مصادر غير موثوق بها، وتم تداول البذور بين الفلاحين بالاستخدام الخاطئ لها وبالتالى انتشرت الأمراض فى جميع المحاصيل، غير أن انتشار الآفات فى تلك الفترة لعب دورًا أساسيًا فى هذه الأزمة.


مبيدات «بير السلم»
وقال محمود مدنى الخبير البيئي، إن الأزمة تنحصر فى المبيدات المغشوشة، التى تتسلل خلسة للبلاد، مؤكدًا أن هدفها تدمير مصر وزراعتها. ولفت «مدني» إلى انتشار «مصانع بير السلم»، التى تقدم مبيدات بأسعار أقل، ومن هنا تحدث الأزمة، وتسببت فى انهيار المحصول المزروع وفساده، بل تعدى تأثيرها إلى تدمير صحة الإنسان، موضحًا أن المبيدات المغشوشة هى أخطر ما يواجه الزراعة المصرية. وعن الحل الأمثل لتلك المشكلة للتخلص من مصانع بير السلم، قال إنه لابد أن يكون هناك دور قوى وفعال من قبل وزارة الزراعة فى إنشاء حملات مكبرة لغلق تلك المصانع، والتى تعمل بدون ترخيص حفاظًا على القطاع الزراعى الذى يمثل عصب الاقتصاد المصري. وطالب «مدني» بتكثيف اللجان الرقابية على الموانئ ومنافذ الاستيراد ومصانع الإنتاج، للحد من عمليات التهريب أو تداول مبيدات غير مطابقة للمواصفات وتحويل جميع المخالفات لجهات التحقيق، وغلق المخالف بالقوة الجبرية، والتنسيق مع وزارة الاستثمار، والصناعة، وهيئة الموانئ بعدم الإفراج عن أى شحنات كيماوية بغرض إعادة التصنيع قبل إثبات هوية الشحنة من خلال التحليل بمعامل الوزارة.