الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

واحة الخميس.. تغيير الدستور

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أعرف أن هذا المقال سيفتح أبوابًا كثيرة للجدال وأبوابًا أخرى للاتهامات الجاهزة، أقلها التطبيل، وبغض النظر عن تلك الفزاعة التى لن ترهبنا فإننا عازمون على مناقشة هذا الملف بعيدًا عن الدعوات الحالية والقضايا المرفوعة والآراء المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي، واكتفاء البعض بالحديث عن المواد المتعلقة بإعادة انتخاب رئيس الجمهورية فقط، ولست أشك فى أننا جميعًا نعلم تمام العلم تلك الظروف التى أحاطت وضع هذ الدستور فى 2013، والذى جاء كترميم لدستور 2012، ولعلنا نذكر تلك المناشدات وتلك الأصوات الوطنية الخالصة التى طالبت المستشار عدلى منصور الرئيس المؤقت حينها كى يطلب من لجنة الخمسين وضع دستور جديد للبلاد، لكنه والحكومة وقتها أصروا على أن تكون مهمة اللجنة هى تعديل الدستور المعطل منذ الثالث من يوليو 2013، وليس غائبًا عن الجميع كيف وضع دستور 2012، وكيف دبر بليل فى وجود غالبية كاسحة للتيارات الدينية وفى ظل حكم الإخوان، وحين طرح على الاستفتاء العام لم ينل موافقة ثلث من ذهبوا إلى صناديق الاقتراع، حيث تمت الموافقة عليه بنسبة 63% بينما رفضه حوالى 33% وذلك فى استفتاء لم يذهب فيه إلا قرابة 17 مليونًا من أصل ما يقرب من 52 مليونًا كان لهم حق التصويت آنذاك، وأظن أن هذه الأرقام تعكس جيدًا حالة الرفض الشعبى للدستور الذى سمى وقتها بدستور الإخوان، والذى تم طهيه ليلا فى محاولة لإخراج مرسى من أزمته الكبرى التى دخلها عقب الإعلان الدستورى المشين الذى أصدره فى نوفمبر 2012، والذى تسبب فى مقتل العشرات عند أسوار الاتحادية، ولكى لا يتراجع مرسى عن هذا الإعلان كلف اللجنة التأسيسية التى كان يرأسها المستشار حسام الغريانى بسرعة الانتهاء من وضع الدستور فتم ذلك فى ليلة طويلة وفى اجتماع استمر لأكثر من عشرين ساعة متواصلة، وحين قام الشعب المصرى بثورته ضد الحكم الإخوانى فى 30 يونيه 2013، وأعلن جيش مصر العظيم انحيازه لمطالب الشعب فى 3 يوليو، جاء فى خارطة الطريق التى اتفقت عليها القوى المدنية المجتمعة يومها، تعطيل العمل بالدستور، وتم فيما بعد تكليف لجنة برئاسة السيد عمرو موسى لتعديل هذا الدستور، وبالفعل أنجزت هذه اللجنة عملها بشكل متحضر للغاية وشكلت لجان استماع لكل طوائف الشعب، وذهب كل من أراد الذهاب إلى هذه اللجان وتحدث بما أراد، وانتهى الأمر بصياغة هذا الدستور الذى بين أيدينا الآن والذى حافظ على كثير من المواد الموجودة فى دستور2012، ولأن الظرف السياسى وقتها فرض علينا ضرورة إنجاز هذا الدستور بهذا الشكل وببعض الأعضاء الذين ينتمون إلى تيارات وأحزاب دينية فقد اضطررنا للموافقة عليه كواجب وطنى يتوافق مع اللحظة التاريخية والظروف السياسية التى كانت تمر بها مصر فى أعقاب ثورة 30 يونيه، ولكن الغالبية من المهتمين بالشأن العام كانوا يدركون جيدا أن هذا ليس دستورًا مثاليًا يعبر عن تطلعات الشعب المصرى لعصر جديد يضعنا فى مكانة مناسبة بين الأمم المتقدمة ويراعى الظروف التاريخية والاجتماعية الخاصة بنا ولن أخص مواد انتخاب الرئيس بعينها، وإن كنت أحد الذين يرون أن أربع سنوات هى مدة غير كافية أمام أى شخص لتنفيذ برنامجه الانتخابي، وأتمنى عودة ما كنا عليه فى دستور 71 مع التأكيد على الاكتفاء بفترتين رئاسيتين، مدة الواحدة ست سنوات، أما المواد الأخرى التى تحتاج إلى تعديل وتغيير فهى كثيرة ومهمة للغاية منها إعطاء الرئيس الحق فى تعيين 5% من أعضاء مجلس النواب، وهذا عدد كبير للغاية ومرجح سياسى فهو ربما يعادل كتلة برلمانية فلماذا لا نرجع إلى ما كنا عليه فى دستور 71 بأن يكون للرئيس الحق فى تعيين عشرة أعضاء فقط وهذا رقم لا يؤثر فى أى قرار يتخذه المجلس، كما أننى أحد الذين تربوا على اسم مجلس الشعب هذا الاسم الدال على أن هذا المجلس هو مجلس شعب مصر وليس مجلسًا للنواب وفلسفة اختيار الاسم الذى حدده الرئيس السادات بنفسه كانت نابعة من هذا المعنى، فلماذا لا يعود اسمه مرة أخرى إلى مجلس الشعب، كما أن إلزام الدستور لنسب معينة فى ميزانية الحكومة تخصص للتعليم أو لغيره هى من الأمور التى يجب مناقشتها، لأنها خيالية من ناحية وتعيق أى برنامج حكومى من ناحية أخرى، فإذا كنت أنتمى مثلا لحزب اشتراكى يقوم برنامجه على دعم العمال والفلاحين فكيف أحقق ذلك فى وجود إلزام دستورى بتخصيص نسب معينة من الميزانية للصحة والبحث العلمى والرياضة.. إلخ، هذا فضلا عن ضرورة إعادة النظر فى عودة مجلس الشورى الذى قدم خدمات جليلة للبلاد طوال سنوات وجوده وكم من تقارير وقرارات رفعها المجلس للرئيس وتحولت فيما بعد إلى مشروعات قوانين أو قرارات جمهورية، وهو أيضا كان متنفسًا لبعض الأحزاب التى لا تمثل فى مجلس الشعب ورئة أخرى للديمقراطية، ومن المواد التى يجب إضافتها مادة تنص على وضع رؤساء مصر السابقين عقب 30 يونيو فى مجلس استشارى للرئيس.. وختام القول إن هذا الدستور جاء على عجل ويحتاج لجرأة من نواب الشعب بمطالبتهم تشكيل لجنة جديدة لكتابة دستور جديد، وهذه اللجنة تأخذ وقتها الكافى فى إنجاز هذا الأمر، وهو فى تقديرى لا يقل عن عامين كاملين يستمر فيهما العمل بالدستور الحالي.