الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

تابوهات ٢٥ يناير!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يخطئ من يعتقد أن حدود خريطة المستقبل تنتهى بإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية وتشكيل حكومة ديمقراطية منتخبة، فكل تلك الاستحقاقات ليست سوى أساس وأعمدة هذا البناء العظيم الذى نحن بصدده، وهو الدولة المصرية الوطنية الحديثة.
فلا يزال هناك الكثير من أجل أن تكتمل مضامين ومعالم هذا البناء فمقتضيات الدولة الحديثة تستلزم إعادة بناء وهيكلة المجتمع المدنى والحياة السياسية على قواعد الشفافية والنزاهة والمبادئ الديمقراطية تحت مظلة دستور ثورة الثلاثين من يونيو، حيث لا جدوى لكل خطط وبرامج التنمية البشرية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمعرفية دون أن ينصلح حال مؤسسات المجتمع المدنى والمنظمات والأحزاب السياسية التى يعول عليها فى عملية وضع وتنفيذ ومراقبة خطط واستراتيجيات بناء الوطن.

فكما غابت الشفافية وساد الفساد داخل مؤسسات النظام السياسى ما قبل ٢٥ يناير ٢٠١١ عانت غالبية، إن لم يكن كل، مؤسسات المجتمع المدنى والأحزاب السياسية المعارضة من ذات أوجه العوار بل إن البنية الاستبدادية والسلطوية وممارسة النهج الديكتاتورى فى عملية اتخاذ القرار كانت قواسم مشتركة تجمع بينها والحزب الوطنى الديمقراطي الحاكم. 

ولا عجب فقد نشأت تلك المؤسسات فى ظل ذلك النظام ويكفى أن نذكر مثلا واحدا فمعظم الاحزاب ومنظمات المجتمع المدنى لم تشهد عملية تداول سلطة حقيقية ، إلا أن قادتها صنعوا نوعا من التابوه حول انتقادها وصارت كل محاولة لتحليل بنية تلك المؤسسات وتقييم أدائها متهمة بالعمالة للنظام الحاكم وأجهزته الأمنية وكان من الصعب أن تكتب مجرد مقال يسخر من فساد واستبداد تلك المؤسسات أو أحد رموزها من الشخصيات العامة وجنرالات الفضائيات. 
ولا تزال ذات العيوب وأوجه العوار توصم هذه القوى حتى تلك التى نشأت فيما بعد ٢٥ يناير ٢٠١١ ذلك أن رموزها وقادتها أبناء ذلك النظام الذى انتفضت ضده الجماهير.
وقد انتقلت ذات العيوب إلى غالبية الحركات والائتلافات الشبابية التى دشنت بدورها تابوهات جديدة حول الحركات والشخصيات التى برزت أسماؤها فى ٢٥يناير.

وأضحت هناك تهم جاهزة تنطلق كالسهام فى وجه كل من يحاول ليس فقط فضح العملاء والخونة والجواسيس، وإنما أيضا، فى وجه من يقدم نقدا بناء ونصحا مخلصا لشباب وقادة تلك الحركات؛ أقلها العمالة لأجهزة الأمن، والعمل لصالح فلول الحزب الوطنى.
وقد وصل الأمر إلى حد تعظيم تلك التابوهات على حساب مصلحة الوطن، فها نحن نرى كيف تعامل شباب الائتلافات الثورية مع نشر فضائح بعض قادتها ورموزها.
اعتبروا الأمر تشويها لكل من شارك فى ٢٥ يناير وكأن بطحة العمالة والخيانة تطوق رءوس الجميع دون أن يدركوا أن كشف حقيقة هؤلاء الخونة هو تطهير الثورة من دنس ورجس شياطين الخيانة. 

بل إن بعضهم قاطع الاستفتاء على دستور المستقبل ثم أخذ يروج أكاذيب جماعة الخونة الإرهابيين بشأن مقاطعة الشباب للاستفتاء ويشحذ الهمم للانضمام لصفوف مولوتوف المحظورة فى الذكرى الثالثة لـ ٢٥ يناير، كل ذلك لمجرد الحفاظ على التابوه الذى دشنوه. 
صحيح أن غياب هذه المجموعة من الشباب عن أحد أيام مصر الخالدة وهو الاستفتاء على الدستور، لا يعنى غياب الشباب، الوزن النسبى لكتلتهم التصويتية لا يذكر ولو شاركوا هم وأعضاء الإرهابية وحلفاؤها بالتصويت بـ "لا" لخرجت النتيجة بما لا يقل عن ٩٤ ٪ بـ "نعم"، لكن ما ينبغي أن ينتبه إليه هؤلاء الشباب، "وأعنى المخلصين منهم فقط، الذين ضحوا بأرواحهم وخرجوا إلى الميادين ضد الظلم والفساد دون أن يتقاضوا أو يتربحوا جنيها واحدا"، أن عملية البناء الصحيح تقتضى التخلص من المتربحين باسم الثورة اولا، ثم التدرب على عملية الممارسة السياسة الصحية داخل أطر ينظمها الدستور والقانون وان يسعوا لتأسيس كيانات قوامها النزاهة والشفافية وقيم الديمقراطية بعيدا عن أولئك المشوهين الذين امتلأت بهم الحياة السياسية المصرية، فمعظمهم فشل فى إدارة حزبه واعتاد العمل فى أجواء الفساد والاستبداد، بل إن بعضهم كان يتحالف مع جماعة الإخوان الإرهابية رغم علمه بفاشيتها طبقا لمسار تطورها وإن كانوا ممن خدعوا فى الجماعة كفريق عاصرى الليمون فأقل ما يوصفون به الجهل والعته السياسى ولا ينبغى المراهنة عليهم فى مستقبل جديد بل يستلزم الواجب الوطنى فضح فسادهم وغبائهم وكسر ذلك السياج الذى أحاطوا به أنفسهم من ادعاء الشرف والنزاهة والوطنية المزيفة.