تعتبر قضايا البيئة من القضايا الأساسية التي باتت تفرض نفسها على الصعيد الإنساني، إذ أن التزايد المستمر لعدد سكان الأرض، وما يرافقه من نزوع دائم للمجتمع نحو البحث عن حياة أفضل والاستنـزاف المتزايد للموارد الطبيعية في غياب الوعي العام بأهمية الحفاظ على البيئة وتنظيم العلاقة بين الإنسان والطبيعة، كل ذلك حمّل البيئة أعباء كبيرة وسبب العديد من المشكلات البيئية، والتي أدت إلى الإخلال بالتوازن الطبيعي لعناصر البيئة والذي يسمح للنظام الطبيعي بتجديد نفسه ضمن دورة الحياة الطبيعية.
ويشهد العالم في عصرنا الحاضر إهتماما واسعا بقضايا البيئة وحمايتها من مخاطر التلوث حفاظًا على سلامة مقوماتها ومصادرها التي هي أساس إلزامي لاستمرار حياة بشرية آمنة، ولهذا فقد تسارعت الجهود العالمية لإصدار قوانين وتشريعات تستهدف حماية البيئة من تلوث مصادرها الطبيعية خاصة أن الإنسان هو المتضرر الأول حيث أنه مرهون ببيئته بما تحمله البيئة من موروثات جينية تعاقبت وراءها أجيال حتى آلت إلينا.
وخلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن العشرين، والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين تغير مفهوم البيئة تغيرا كبيرا، فبعد أن كان مفهوم البيئة يقترن بتلوث المنظومات البيئية فحسب، أصبح المفهوم الآن يتعدى ذلك بكثير ويصل لربطه بالتنافسية وضمان استقرار الاقتصاد وتنوع مصادر الإنتاج.
ومن أهم التداخلات المنفذة في القطاع البيئي خلال نصف العام المالي 2018/2019، طبقًا للأهداف الرئيسية لاستراتيجية التنمية المستدامة 2030،السياحة البيئية والتي شملت تطوير محميات سيناء والبحر الأحمر حيث تم وضع مسودة خطة إدارة منطقة شرم الشيخ ومحمية نبق وإعداد مخطط عمراني وتصميمات معمارية متوافقة بيئيا واجتماعيا وثقافيا لمنطقة قرية الغرقانة البدوية بمحمية نبق بجانب تنفيذ مخطط تطوير خدمات الزوار لمحمية رأس محمد، الانتهاء من طرح وترسية المناقصة الخاصة بأعمال تطوير ورفع كفاءة مدقات جبل موسى بمحمية سانت كاترين، وتم البدء في إعداد مشروع تطوير منطقة جبل موسى بمحمية سانت كاترين.
كما شملت تلك الأعمال الانتهاء من الرفع المساحي لمنطقة البلوهول بمحمية أبوجالوم، وإعداد مقترح التطوير للمنطقة، والانتهاء من إعداد كراسة الشروط والمواصفات لمشروع تطوير خدمات الزوار وتطوير النسق البنائية لمنطقة البلوهول بمحمية أبوجالوم وجاري مراجعتها واعتمادها تمهيدًا للطرح، إعداد الدراسة البيئية لاستغلال جزر طوال وتوبيا البيضاء وأم الشيخ اقتصاديًا، إعداد دراسة تنمية الموارد المالية في محمية وادي الجمال، وإعداد كراسات الشروط والمواصفات لمجموعة من الحقائب الاستثمارية بمحميات وادي الجمال ووادي الريان ووادي دجلة وجار اتخاذ الإجراءات لطرح هذه الحقائب في مزايدات علنية وفقًا للقانون وإعداد الاشتراطات البيئية لممارسة الأنشطة بمحمية الغابة المتحجرة وخطة إدارة لمنطقة جبل قطراني تمهيدًا لإعلانها كمنطقة تراث طبيعي عالمي.
وعلى المستوى الدولي حققت وزارة البيئة نجاحا عالميا باستضافتها لمؤتمر الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي في الفترة من 13، 29 نوفمبر الماضي في شرم الشيخ تحت شعار "الاستثمار في التنوع البيولوجي من اجل الناس والكوكب" وبحضور رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسى، وقد شارك فى المؤتمر 7546 مشاركا يمثلون 182 دولة، ومنظمات الأمم المتحدة، والحكومات ورجال الأعمال والمنظمات غير الحكومية والمنظمات الحكومية الدولية والسلطات دون الوطنية والشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية والشباب والمجتمع المدني وبهدف تكثيف الجهود لوقف فقدان التنوع البيولوجي وحماية النظم البيئية التي تدعم الأمن الغذائي والمائي والصحة لملايين البشر.
واشتمل مؤتمر الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي على اجتماع القمة الوزارية الأفريقية حول التنوع البيولوجي (يوم 13 نوفمبر)، والاجتماع رفيع المستوى للمؤتمر (14،15 نوفمبر)، والاجتماع الرابع عشر لمؤتمر الأطراف في اتفاقية التنوع البيولوجي والاجتماع التاسع لمؤتمر الأطراف لبروتوكول قرطاجنة للسلامة الأحيائية والاجتماع الثالث لمؤتمر الأطراف لبروتوكول ناجويا بشأن الحصول على الموارد الجينية والتقاسم العادل والمنصف للمنافع الناشئة عن استعمالها (من 17 إلى29 نوفمبر)، بالإضافة إلى عقد عدد من المنتديات المتوازية أهمها منتدى رجال الأعمال، منتدى المبادرة العالمية للتصنيف، منتدى العلوم ومنتدى الحياة البرية،209 من الأحداث الجانبية على هامش مؤتمر.
ويعد تنفيذ المؤتمر بمصر له بالغ الأثر في عدة مناحي أهمها منافسة مصر في مجال سياحة المؤتمرات وخاصة بعد التوسعات بالمركز الدولي للمؤتمرات والتي أصبحت تتطابق مع متطلبات أعلى مستويات عقد المؤتمرات، وتبادل الخبرات وبناء شراكات في كافة المجالات المرتبطة بالتنوع البيولوجي والتي أستفاد منها المشاركين المصريين لارتفاع نسب مشاركتهم من كافة الجهات الحكومية وغير الحكومية والجهات البحثية والجامعات والشباب بجانب ما حققه قطاع السياحة والخدمات المرتبطة به بشرم الشيخ من عوائد استثمارية.
وعلى المستوى المحلى وتحديدا فى مجال المخلفات، فقد تم خلق سوق فعال لقش الأرز من خلال تقديم دعم مالي مباشر للمتعهدين (50 جنيها للطن) أو من خلال الدعم غير المباشر الذي تمثل في توفير معدات الجمع والكبس للمتعهدين بقيمة إيجارية رمزية ذلك بالإضافة إلى زيادة دور الأهالي في عمليات الجمع والتدوير وتوعية المزارعين بأهمية استخدام قش الأرز بدلًا من حرقه، حيث بلغت كميات قش الأرز التي تم جمعها وكبسها (1.43) مليون طن من قش الأرز والتي تم جمعها من خلال الأهالي والمتعهدين الذين يعملون تحت إشراف الوزارة (من خلال تقديم الدعم المالي والدعم بالمعدات)، بنسبة بلغت (91.2%) من إجمالي قش الأرز المتولد من المساحة المنزرعة، وتم خلال موسم 2018 فتح عدد (504) مواقع لتجميع قش الأرز على مستوى محافظات الدلتا، مما ترتب علي توفير ما يقرب من توفير 5000 فرصة عمل (2500 فرصة عمل مباشرة، و2500 فرصة عمل غير مباشرة) بمواقع الجمع.
وفيما يتعلق بتطوير منظومة مكامير الفحم النباتي فقد تم تنفيذ خطة لتطوير مكامير الفحم النباتى باستخدام تكنولوجيا مستدامة بيئيًا، حيث تم الانتهاء من من توفيق أوضاع ٧٧ نموذجا مطورا وتم اتخاذ إجراءات الموافقة على تصدير حوالي (39 ألف طن) فحم نباتي لكل من ثبت جديته في توفيق أوضاعه البيئية وتم تشكيل لجان بالمحافظات لتوفيق أوضاع مكامير الفحم النباتي، والتي قامت بتلقي ما يزيد على (669) طلبا لتوفيق الأوضاع البيئية وفقًا للقرارات المشار إليها، وتمت الموافقة على حوالي (263) طلب، ورفض (146) طلب وجار دراسة باقي الطلبات.
وفي مجال النقل المستدام، تم تنفيذ مبادرة إنشاء 7 خطوط أتوبيس حديثة ومرتفعة المستوى يقوم بتشغيلها القطاع الخاص، تربط مدينتى 6 أكتوبر والشيخ زايد بمحطة مترو الأنفاق المتواجدة بالجيزة، بجانب إنشاء مسارات بطول 14 كم للمشاة والدراجات في مدينتي الفيوم وشبين الكوم، بالإضافة إلى تركيب عدد 14 إشارة إلكترونية متغيرة الرسالة بمنطقة وسط البلد بالقاهرة لإعطاء معلومات عن توافر أماكن الانتظار في الجراجات بالتعاون مع محافظتي الفيوم والمنوفية والانتهاء من استبدال عدد (871) دراجة نارية ضمن المشروع التجريبي لاستبدال الدراجات النارية ثنائية الأشواط بأخرى جديدة رباعية الأشواط بمحافظة الفيوم.
وفي إطار اهتمام وزارة البيئة بتشجيع وسائل النقل المستدام وغير الملوثة للبيئة، كانت الدعوة للعودة للاعتماد على الدراجات كأحد وسائل النقل خاصة بين الشباب، للحد من الانبعاثات الصادرة عن الوقود المستخدم في المركبات التقليدية،وقد تجلى ذلك في إقامة وزارة البيئة ورعايتها لعدد من سباقات الدراجات التي يشارك فيها الشباب والجمعيات الأهلية.
وفيما يتعلق بالتمويلات الأجنبية، هناك 31،4 مليون دولار من صندوق المناخ الأخضر لتنفيذ مشروع التكيف مع التغيرات المناخية في دلتا النيل و٩٩٠ ألف دولار من مرفق البيئة العالمية بهدف دعم المشاركة المجتمعية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة وكذلك ٦ر٢ مليون دولار لتنفيذ مشروع إدماج التنوع البيولوجي في قطاع السياحة و600 ألف دولار من خلال بروتوكول التعاون مع منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية والمركز الإقليمي للطاقة المتجددة لتشغيل صندوق كفاءة الطاقة الصناعية و٥٠٠ ألف دولار لإعداد التقارير الوطنية في مجال التغيرات المناخية.
وفيما يخص التعاون المشترك مع الدول، عقدت الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة مجموعة من اللقاءات مع سفراء الدولة المختلفة بمصر لبحث إمكانية توطيد سبل التعاون مع بلادهم في قطاع البيئة خاصة مجالات إدارة المخلفات الصلبة وحماية الطبيعة والتنوع البيولوجي وتغير المناخ وجودة الهواء، والدفع بالعمل البيئي المشترك إقليميا ودوليا لتحقيق التزامات مصر في الاتفاقيات البيئية المختلفة، حيث التقت الوزيرة كل من سفراء دول قبرص وفرنسا وإيطاليا وكازاخستان ونيوزلندا والهند وهولندا، كما التقت سفير المكسيك لبحث إجراءات تسليم وتسلم رئاسة مؤتمر التنوع البيولوجي بشرم الشيخ، وبحثت مع سفير بولندا مشاركة مصر في مؤتمر الأطراف الرابع والعشرين لتغير المناخ، علاوة على استقبالها لنظرائها من دول مختلفة كنظيرها السنغافوري والبولندي والسوداني.
وحول المشاركة في المؤتمرات والمنتديات الدولية، فقد شاركت الدكتورة ياسمين فؤاد في عدد من المؤتمرات والمنتديات الدولية وسعت خلالها لإبراز البصمة المصرية في مجال البيئة وتوثيق التعاون المشترك في مجال البيئة مع الدول الأخرى المشاركة ولقاء رؤساء ومديري المنظمات والهيئات الدولية لعرض الشواغل والاهتمامات المصرية والعربية والأفريقية.
وفيما يتعلق بتطوير إجراءات تقييم التأثير البيئي، فقد تم تطوير وتحديث نظام تقييم التأثير البيئي لضمان زيادة فاعليته مع زيادة سرعة إنهاء إجراءات مراجعة تقييم التأثير البيئي للمشروعات، حيث تم مراجعة دراسة تقييم التأثير البيئي لعدد (6124) من المشروعات المختلفة خلال الفترة المستهدفة من خلال جهاز شئون البيئة وفروعه الإقليمية، كما تم إجراء التفتيش البيئي لعدد (1238) منشأة مختلفة بنطاق المحافظات المختلفة، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية حيال المخالفين بجانب تنفيذ 20 حملة للتفتيش البيئي الشامل على عدد (172) منشأة متنوعة.
وحول دعم جهود رصد نوعية المياه تم استكمال وتقييم منظومة الرصد اللحظي والمستمر للصرف الصناعي والصحي للمنشآت التي تصرف على نهر النيل والبدء في إعداد كراسة الشروط والمواصفات لتطوير نظام ربط المصانع التي تصرف على المجاري المائية بشبكة الرصد بجهاز شئون البيئة وكذلك تنفيذ برنامج دوري لرصد نوعية المياه والرواسب بعدد (9) بحيرات (المنزلة – مريوط – إدكو، البرلس، البردويل – قارون – الريان – المرة –التمساح) بهدف الوقوف على الحالة البيئية لكل بحيرة وتحديث البيانات وإتاحتها لمتخذي القرار بوزارات الزراعة والموارد المائية والري والصحة والإسكان والمرافق لاتخاذ الإجراءات اللازمة لتحسين الوضع البيئي لها وأيضا تنفيذ برنامج دوري لرصد نوعية المياه الساحلية بكل من البحر المتوسط والبحر الأحمر وخليجي السويس والعقبة بغرض المتابعة الدورية لنوعية المياه، وتقييم مؤشرات التلوث، بالإضافة إلى شن حملات موسعة للمراقبة البيئية على المنشآت التي لها صرف مباشر أوغير مباشر على نهر النيل وتم تقديم الدعم المالي بمبلغ 25 مليون جنيه لعدد (3) منشآت صناعية تابعة لشركات القطاع العام، لتنفيذ خطط الإصحاح البيئي اللازمة لخفض أحمال التلوث العضوي على بحيرة المنزلة لما يقارب 91 طن من الملوثات العضوية.
وفى مجال خفض أحمال التلوث للهواء تم توفير آليات تمويلية لتنفيذ عدد من المشروعات البيئية بالشركات الصناعية، وذلك من خلال تنفيذ ثلاثة برامج للتحكم في التلوث الصناعي، وتضمنت قائمة المشروعات حتى نهاية نوفمبر 2018 عدد 113 مشروعا بيئيا في عدد 94 شركة بإقليمي الدلتا والصعيد (في مراحل مختلفة من التنفيذ) بإجمالي تكلفة 80.5 مليون يورو بالإضافة إلى 16 شركة استفادت بإعداد الدراسات الفنية فقط، حيث تم حتى نوفمبر 2018 تنفيذ عدد (6) مشروعات في (4) شركات صناعية باستثمارات 2.4 مليون يورو بإجمالي منحة تبلغ 477 ألف يورو.
وفى مجال التوعية البيئية تم تنفيذ ٢٠٩٤ نشاطا مختلفا بإجمالي ٤٦٧٤٠ مستفيدا من شرائح المجتمع المختلفة.
