الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

قضية الإعاقة معركة وعي..!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
وكأن الحكومة لم تكن معنية بالمبادرة الرئاسية بشأن تخصيص 2018 عامًا لذوى الإعاقة، فقد مر العام ولم تقدم وزاراتها وهيئاتها التنفيذية، سوى ما اعتادت تقديمه خلال السنوات الماضية بشكل روتيني.
بعض المهرجانات الرياضية والاحتفالات الفنية والثقافية، هو كل ما قدمته الحكومة، إضافة إلى إصدارها اللائحة التنفيذية لقانون حقوق الأشخاص ذوى الإعاقة رقم 10 بعد مرور 9 أشهر كاملة على صدوره، وتقديمها قانون إنشاء المجلس القومى للأشخاص ذوى الإعاقة للبرلمان، وهذان الإنجازان أيضًا من الأعمال الروتينية.
على سبيل المثال سقطت مدارس التربية الخاصة وآلاف الطلاب من ذوى الإعاقة من حسابات وزير التربية والتعليم الدكتور طارق شوقى أثناء إعداده لاستراتيجية التعليم الجديدة على نحو ما أشرت فى هذه الزاوية الأسبوع الماضي، كما لم تشهد مراكز التأهيل الاجتماعى والتدريب المهنى التابعة لوزارة التضامن تغييرًا يذكر، ولا تزال تعمل بآليات قديمة وتقوم بتدريب ذوى الإعاقة على حرف وأدوات لم تعد موجودة فى سوق العمل، ولا تزال أغلب الوزارات والهيئات الحكومية ومختلف مؤسسات الدولة تتعنت فى رفض تشغيل ذوى الإعاقة بموجب نسبة الـ5% التى يقرها القانون، وباستثناء بعض الوزارات والهيئات فإن أغلب المؤسسات والمصالح الحكومية فى جميع المحافظات لم تضع تصورًا بعد لتوفير كود الإتاحة الهندسى بما يسهل على ذوى الإعاقة الوصول إليها ناهيك عن قطاع المواصلات العامة.
وقد جاءت كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسى فى ختام احتفالية وزارتى التضامن الاجتماعى والشباب والرياضة باليوم العالمى لذوى الإعاقة مؤكدة لهذا الواقع الأليم، حيث فوجئنا بالرئيس يوجه الحكومة إلى إعداد بيان إحصائى بتعداد دقيق للمواطنين من ذوى الإعاقة يشمل تصنيفهم من حيث العمر والجنس ونوع الإعاقة والتوزيع الجغرافى لوضع تصور شامل للاحتياجات، ومن ثم البرامج والخطط التى تعمل من أجل تلبيتها، أى صياغة استراتيجية كاملة للتعامل مع قضية ما يقرب من 15% من المصريين الذين عانوا طويلًا من التهميش وسياسات التمييز السلبي.
ليس من المنطقى مطالبة الحكومة بما هو فوق طاقتها وحل كل تلك المشكلات خلال عام واحد، لكن على الأقل كنا ننتظر أن تعلن الحكومة أثناء هذه الاحتفالية استراتيجيتها للتعامل مع قضية الإعاقة والتى تتطلب أولًا وجود بيان إحصائى دقيق، وقد كان لديها الوقت الكافى لإنجاز هذه المهمة لكنها لم تفعل.
الإعلام أيضًا أحد المتهمين الرئيسيين بإهمال المبادرة الرئاسية إن صح التعبير، فقد مر العام بطوله ولم نجد وسيلة إعلامية واحدة تفاعلت مع مبادرة الرئيس وأخذت على عاتقها فتح ملف قضية الإعاقة لتسليط الضوء على طبيعة مشكلاتها وتوعية المجتمع بضرورة الاهتمام بها وتنبيه الحكومة وواضع السياسات وصانع القرار لأولوياتها وكالعادة لم يأت ذكر ذوى الإعاقة فى الصحف والفضائيات إلا كأخبار عابرة، أو فى تغطيات موسعة بعض الشئ لمؤتمرى الملتقى العربى الأول لمدارس ذوى الاحتياجات، ومؤتمر التمكين التكنولوجى لذوى الإعاقة.
وكنا ننتظر مبادرات من كبريات المؤسسات الصحفية والتليفزيونية العامة والخاصة على حد سواء تسعى خلالها إلى المجلس القومى لشئون الإعاقة لنشر ما لديه من رسائل توعية لمختلف شرائح المجتمع دون التعامل مع تلك المواد باعتبارها مادة إعلانية تلزم المجلس بدفع مقابل مادى لقاء نشرها أو إذاعتها.
تحسين أوضاع ذوى الإعاقة وتمكينهم من نيل حقوقهم وأداء واجباتهم قضية وعى فى الأساس، وحتى لا نخسر هذه المعركة لابد أولًا من البدء فى حملات توعية واسعة النطاق تشمل أعلى هرم البيروقراطية المصرية إلى أدناه، والقائمون على وسائل الإعلام والعاملون بها من الصحفيين والإعلاميين المهتمين بهذا الشأن، والذين يقومون بتغطية الوزارات والهيئات والمجالس ذات الصلة بدءًا من التضامن مرورًا بالتعليم والصحة والقوى العاملة وصولًا إلى المجلس القومى للأشخاص ذوى الإعاقة.
وأتصور أن هاتين الفئتين يجب أن تكونا أول المستهدفين بهذا النوع من الحملات، فالأولى هى المسئولة عن تطبيق القوانين ولابد وأن تتمتع بوعى ودراية كاملة بنصوصها، وكذلك الوعى بالمفاهيم الأساسية لقضية الإعاقة، والثانية معنية بتغطية كل ما يتصل بقضايا الإعاقة وتقديمها للمجتمع فى أشكال وصور مختلفة وكلا الفئتين بحاجة إلى تصحيح صورة المعاق لديها فشأنهم شأن أغلبية المصريين تسودهم مفاهيم موروثة خاطئة مفادها أن المعاق شخص عاجز عن الإنجاز ويده ممدودة دائمًا لطلب كل أشكال المساعدة وغير قادر على تقديم أى نفع لنفسه أو لمجتمعه.
مثل هذه الحملات من الأهمية بمكان فبدونها لن تفعل القوانين على النحو المطلوب، والحكومة مطالبة بالتنسيق مع المجلس القومى لشئون الإعاقة لصياغة تلك الحملات ووضع برامجها وآلياتها حتى تكمل فضلها إن كان لها فضل على ذوى الإعاقة.
أما فضلها الذى نشكرها عليه إصدارها اللائحة التنفيذية لقانون حقوق الأشخاص ذوى الإعاقة على نحو أتصور أنه جاء مفاجأة للجميع فيكفى أن اللائحة ولأول مرة اعتبرت المصابين بنوع معين من الجلطات وأمراض القلب والدم من ذوى الإعاقة المستحقين للخدمات والحقوق التى يكفلها الدستور والقانون، لتضع تصنيفًا وطنيًا يشمل 13 نوعًا من الإعاقات المختلفة رغم ما أثير فى بداية صياغة اللائحة حول اعتبار المصاب فى عين واحدة أو فى طرف واحد من يديه أو قدميه من غير المعاقين.
ويحمد للحكومة أيضًا قانون إنشاء المجلس القومى للأشخاص ذوى الإعاقة الذى حصل على موافقة البرلمان مطلع هذا الأسبوع وجاء ملتزمًا بنص الدستور بشأن المجالس القومية حيث جعل منه مجلسًا مستقلًا غير تابع للحكومة ولا يوجد من بين أعضائه وزير أو محافظ أو عضو برلمان أو عضو هيئة قضائية رغم الضغوط التى مارسها بعض أعداء الحكومة والبرلمان لجعله مجلسًا حكوميًا.
وطبقًا للقانون الجديد يمارس المجلس نوعًا من الرقابة من خلال التقارير السنوية التى يصدرها حول أوضاع حقوق المواطنين من ذوى الإعاقة ويقوم برفعها إلى رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ومجلس النواب مصحوبة بالاقتراحات والتوصيات من أجل تحسين الأداء، إضافة إلى مساهمته فى إعداد التقارير التى ترفع إلى الجهات الدولية المعنية وفى رسم السياسات العامة للدولة تجاه ذوى الإعاقة والتنسيق مع مختلف الوزارات والهيئات لتطبيق مواد الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوى الإعاقة، وغير ذلك من الاختصاصات التى إن تم تفعيلها على الوجه الأمثل أصبح لدينا استراتيجية وطنية شاملة للتعامل مع قضية الإعاقة تتمتع بآليات وأدوات متابعة ورصد تضمن الالتزام بها حرفيًا.