الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

الإمارات تجهض مؤامرة نظام "الحمدين" في القرن الأفريقي

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تقاسم الأدوار بين قطر وتركيا.. الدوحة تخترق الأجهزة الأمنية
وتدعم حركة الشباب.. وأنقرة تنشئ أول قاعدة عسكرية لها بأفريقيا
تتوفر فى الصومال، كافة العوامل، التى تساعد على ظهور الإرهاب، وانتشاره، وأبرزها الفقر والجهل والمرض، بالإضافة إلى الصراعات والحروب الداخلية، وانعدام الاستقرار، ونموذج الدولة الفاشلة، وهو ما وجدت فيه قطر، فرصة مواتية للعب دور أكبر من حجمها من جهة، وتنفيذ مخططاتها الإرهابية العابرة للحدود، من جهة أخرى.


فالدعم، الذى تقدمه قطر لحركة «الشباب» المتشددة المرتبطة بتنظيم القاعدة، والذى فضحته تقارير دولية، يكشف بوضوح عن أن قطر تسعى بقوة لإيجاد موطئ قدم لها بالصومال، لموقعه الاستراتيجي، إذ يطل على مضيق باب المندب وخليج عدن ومدخل البحر الأحمر، كما أنه قريب للغاية من اليمن، الحاضن الأول لتنظيم القاعدة فى شبه الجزيرة العربية، وهو ما يخدم مخططاتها الشيطانية الهادفة لتهديد السعودية والإمارات ومصر، وهى الدول، التى تصدت بقوة لمؤامراتها، التى تقوم على زعزعة الاستقرار فى الدول العربية، خدمة لأجندات مشبوهة، على رأسها تركيا وإيران، اللتين تسعيان للهيمنة والنفوذ فى الشرق الأوسط على حساب العرب.
ويبدو أن قطر اختارت أقصر الطرق لتحقيق مؤامراتها السابقة، عبر دعم حركة «الشباب» تحديدا لصلتها بتنظيم القاعدة، ولأن الحركة استغلت وجود طرق تجارية بين الصومال واليمن، لتبادل السلاح والإرهابيين مع تنظيم القاعدة فى شبه الجزيرة العربية، ومقره اليمن، الأمر الذى يحقق هدف الدوحة فى نشر الإرهاب فى كل من الصومال واليمن فى آن واحد، لتهديد استقرار السعودية والإمارات، وأيضا الملاحة فى قناة السويس.
ولعل ما جاء فى تسريبات لموقع ويكيليكس حول أن السفيرة الأمريكية السابقة فى الأمم المتحدة، سوزان رايس، كانت طلبت فى ٢٠٠٩ من تركيا الضغط على قطر لوقف تمويل حركة الشباب الصومالية، يكشف بوضوح التعاون المبكر بين الدوحة وحركة الشباب، والذى تأكد أيضا فى تقرير لوزارة الخزانة الأمريكية كشف علاقة وثيقة للقطرى عبدالرحمن بن عمير النعيمى بالزعيم الروحى لحركة الشباب حسن عويس، الذى كان بمثابة مرشد للرئيس السابق للحركة «ادن هاشى إيرو»، الذى قتل فى غارة جوية أمريكية بالصومال فى مايو ٢٠٠٨. وحسب تقرير وزارة الخزانة الأمريكية، حول النعيمى نحو ٢٥٠ ألف دولار فى عام ٢٠١٢ إلى قياديين فى حركة الشباب، مصنفين على قوائم الإرهاب الدولية.


كما أظهرت تسريبات «ويكليكس» أيضا دعم الدوحة لـ«خلية عبدالقادر مؤمن» التى انشقت مؤخرا عن حركة الشباب، وبايعت تنظيم داعش الإرهابى واستقرت فى ولاية بونتلاند نلاند فى شمال شرقى الصومال، وأصبحت تتلقى التدريبات والتمويلات بشكل مباشر من المخابرات القطرية تحت ستار مساعدات التنمية والإغاثة الإنسانية.
وبجانب ما سبق، كشف موقف حركة «الشباب» من اتفاقية الموانئ الموقعة بين إثيوبيا والصومال، حجم التعاون بينها، وبين قطر، ففى تصريحات بثتها إذاعة «الأندلس» الناطقة باسم الحركة فى ١١ يوليو الماضي، هدد «مهد ورسمى كاراتاي»، أحد قادة «الشباب»، ومنع ما سماه خطة تسليم البلاد للعدو اللدود إثيوبيا، حسب تعبيره.
وكانت الحكومتان الصومالية والإثيوبية أعلنتا خلال رئيس الوزراء الإثيوبى أبى أحمد لمقديشيو فى ١٦ يونيو الماضي، التوصل إلى اتفاقية للاستثمار فى أربع موانئ بحرية فى الصومال، بالإضافة إلى تعزيز العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين.


وبالنظر إلى أن رد فعل «حركة الشباب» على اتفاقية الموانئ، جاء بعد حوالى ثلاثة أسابيع من الإعلان عنها، فإن هناك من رجح احتمال وجود تنسيق بين جهات خارجية وحركة الشباب لإحباط هذه الاتفاقية، ولعل ما ضاعف الشكوك فى هذا الصدد أن حركة الشباب لا تعترف بالحكومة الصومالية وما يصدر عنها، وتركز على النواحى القتالية، ولذا، فإن تصريحات كاراتاي، بدت أنها تنفيذ لأجندة خارجية، خاصة، أن موقع «الصومال الجديد» كشف فى ٢٠ يونيو الماضى عن أن الدوحة تشعر بالقلق بشأن الاتفاقية المبرمة بين الصومال وإثيوبيا بشأن الموانئ الأربعة، لاعتقادها أن المستثمر الممول لتلك المشاريع هو دولة الإمارات العربية المتحدة، وأن دور إثيوبيا ما هو إلا دور وسيط تجاري، بالنظر إلى زيارة ولى عهد أبوظبى الشيخ محمد بن زايد إلى إثيوبيا قبل يوم من زيارة أبى أحمد إلى مقديشيو.
وأضاف الموقع حينها أن الزيارة التى قام بها رئيس الوزراء الإثيوبى أبى أحمد لمقديشيو، أربكت حسابات قطر، التى حاولت الإيقاع بين الصومال من جهة، والإمارات والسعودية من جهة أخرى، وأوضح أن ما يؤكد قلق قطر، ظهور حملات على مواقع التواصل الاجتماعى ضد الاتفاقية المتعلقة باستثمار الموانئ، وشارك ناشطون صوماليون معروفون بالدفاع عن مصالح قطر فى هذه الحملات.


وتبقى تصريحات عضو مجلس النواب الصومالي، أحمد معلم، أقوى دليل على دعم قطر لحركة الشباب وتنظيم القاعدة، ففى ١٩ سبتمبر الماضي، انتقد بشدة حكومة الرئيس محمد عبدالله فرماجو، متهما إياها بدعم الإرهاب، الذى تمارسه قطر، عبر إرسال ألفى جندى صومالى إلى الدوحة، بزعم التدريب.
ونقلت وسائل الإعلام الصومالية حينها عن معلم، القول خلال جلسة للبرلمان الصومالي، إن الحكومة أرسلت ألفى جندى إلى قطر، دون تقديم أى معلومات حولها، وتساءل «ما مصير تلك القوات؟»، مرجحا أن يكون هؤلاء الجنود تم إلحاقهم للقتال فى سوريا بجانب العناصر التابعة لتنظيم القاعدة هناك.
فيما طالب النائب بإجراء تحقيق كامل فى مصير القوات والمهام التى أرسلت فيها خارج حدود البلاد وكشف ذلك للرأى العام، كشف أيضا أن القوات الحكومية انسحبت من نحو ٣٠ منطقة فى جنوب ووسط الصومال، استولى عليها مسلحو حركة الشباب الإرهابية المدعومة من قطر، حسب تعبيره.
ولم يستبعد محللون صوماليون أيضا، وجود مخطط قطرى لاختراق الأجهزة الأمنية الصومالية، وتعيين عملاء تابعين لها بمراكز قيادية بتلك الأجهزة، لمساعدة حركة الشباب فى مواصلة عملياتها الإرهابية ومحاولة نشر الإرهاب فى منطقة القرن الأفريقى بأكملها، التى تضم الصومال وإريتريا وجيبوتي.
ووفقا للخبير العسكرى الصومالى حسين طاهر داجلي، فإن «قطر تسعى لتحويل الجيش الصومالى إلى قوات مرتزقة وجيش غير نظامى للقيام بحرب العصابات فى منطقة القرن الأفريقي، والتى تسعى قطر للسيطرة عليها»، حسب تعبيره.
وأضاف داجلى فى تصريحات لموقع «العين» الإماراتى فى ١٤ أكتوبر الماضي، أن «الدوحة تسعى - عبر إقامة علاقات تعاون مع وزارة الدفاع الصومالى - إلى شراء ذمم بعض المسئولين العسكريين، كخطوة لفرض أجندتها الساعية إلى تفتيت وحدة الجيش الصومالى وتغيير عقيدته القتالية من جيش وطنى لحماية البلاد إلى مرتزقة، لكى يكون ذراعا لقطر فى القرن الأفريقي».
وتابع أن قطر تسعى لتصدير أفكار تنظيم الإخوان الإرهابى إلى بعض عناصر الجيش الصومالي، تمهيدا لنقلهم إلى مناطق الصراع فى سوريا، وإلحاقهم بالجماعات الإرهابية هناك، مثل جبهة النصرة سابقا المحسوبة على القاعدة، وبقايا فلول داعش، على حد قوله. وخلص إلى التحذير من أن الدوحة تسعى للسيطرة على جميع مفاصل الأجهزة الأمنية لتصبح ذراعها فى الصومال.


وفى السياق ذاته، حذر المحلل السياسى الصومالى «سيد نور سيدو» من خطورة الأجندة القطرية الإرهابية فى الصومال، وقال إن عمليات الاختراق الرهيبة التى تقوم بها قطر بواسطة عملائها، وسعيها لتفكيك المؤسسات الأمنية الصومالية، ومحاولة تغيير مهامها لتصبح تابعة للأجندة القطرية
-التركية-الإيرانية، التى تسعى لزعزعة الأمن فى دول القرن الأفريقي، ستفاقم من معاناة الصومال الأمنية وستجعل البلاد رهينة لأجندة قطر الطامعة فى الاستيلاء على الموانئ الصومالية الاستراتيجية.
وأضاف «سيدو»، أن الدوحة تهدف إلى إيجاد موطئ قدم فى عمق القرن الأفريقي، وعلى المحيط الهندى خاصة، واستخدام الممرات البحرية فى تهريب الأسلحة لميليشيا الحوثى الإرهابية، المدعومة من إيران، وتنظيم القاعدة فى اليمن.
وتابع أن المخططات القطرية تحاول الاستفادة من حالة الضعف الأمنى وتفكك الأجهزة الأمنية، وسيطرة العشائر والقبائل الصومالية على بعض المناطق الاستراتيجية، لتغيير النسيج الاجتماعى الداخلى الصومالى و«أخونته» تحت غطاء المساعدات.
ولعل ما يضاعف الاتهامات لقطر بتنفيذ أجندة هدامة فى الصومال، أنه تم التوقيع فى نهاية عام ٢٠١٧ على اتفاقية بين مقديشو والدوحة تتعلق بتنفيذ قطر مشاريع تنموية تقدر تكلفتها بـ ٢٠٠ مليون دولار فى الصومال، ومن بينها مشروع إعادة بناء شارعين مهمين يربطان العاصمة مقديشيو بمحافظتى شبيلى السفلى وشبيلى الوسطى فى جنوب البلاد، لكن هذه المشاريع لم تبدأ، ما دفع البعض للتساؤل عن الأسباب التى تمنع الدوحة من الإقدام على الاستثمار فى الصومال، ولم تتأخر الإجابة، إذ يعتقد أن حديثها عن إقامة مشاريع هناك يهدف فقط للدعاية ومحاولة منع الإمارات والسعودية من دعم الصومال، بالإضافة إلى أن الذى يدعم الإرهاب لا يمكن أن يسعى للبناء، وأخيرا، يذهب البعض إلى القول إنه يوجد تقاسم للأدوار بين قطر وتركيا فى الصومال، فالدوحة معنية بالأساس باختراق الأجهزة الأمنية ودعم حركة الشباب، فيما تركز تركيا على توسيع نفوذها خارج حدودها وإيجاد موطئ قدم لها بالقرب من مضيق باب المندب والبحر الأحمر والمحيط الهندي، إذ افتتحت ٢٣ أكتوبر ٢٠١٧، أول قاعدة عسكرية لها بأفريقيا، تقع على بعد كيلومترين جنوب العاصمة الصومالية مقديشيو، وتبلغ مساحتها نحو ٤٠٠ هكتار، وتضم ثلاثة مرافق مختلفة للتدريب، إضافة إلى مخازن للأسلحة والذخيرة، وتبلغ تكلفتها المالية ٥٠ مليون دولار تقريبا.


وفيما تسعى قطر بقوة لنشر الفوضى والإرهاب فى الصومال والقرن الأفريقي، تقوم دول أخرى بجهود حثيثة لإحلال السلام والاستقرار هناك، ففى ١٠ يوليو الماضي، ثمن وزير الخارجية الإثيوبى ورقينه جبيو، دور دولة الإمارات، فى إصلاح العلاقات بين بلاده وإريتريا.
وكشف جبيو فى تصريحات نشرتها وسائل الإعلام الإثيوبية، حينها، مفاجأة مفادها أن الاتفاق التاريخى بين بلاده وإريتريا، جاء نتيجة جهود ولى عهد أبو ظبى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان. وتابع «ما وصلنا إليه هو جهد مشترك لزعيمى إثيوبيا وإريتريا، لكن الشيخ محمد بن زايد ولى عهد أبوظبى كصديق لإريتريا وإثيوبيا كان يدفع باتجاه ما حدث، لذلك نشكر صديقنا وحليفنا على الجهد الذى بذله».
وكان رئيس الوزراء الإثيوبى أبى أحمد أعلن فى ٨ يوليو الماضي، أن بلاده وإريتريا اتفقتا على إعادة فتح السفارات والحدود بين البلدين، وانتهاء نزاع حدودى استمر لعقدين بين البلدين الجارين، اللذين خاضا من العام ١٩٩٨ إلى ٢٠٠٠ حربا، أسفرت عن حوالى ٨٠ ألف قتيل. ويرى البعض أن الجهود التى بذلتها الإمارات لإنهاء الخلافات بين إثيوبيا واريتريا، ستساعد فى التصدى لمخططات قطر التخريبية، وإحلال الاستقرار فى منطقة القرن الأفريقى بأكملها.