الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

استنساخ كامل الوزير

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
اللواء كامل الوزير رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، تلك كانت إجابتي على سؤال باغتني به أحد بسطاء قريتي، سؤال لم أكن أعرف له سببًا، فلا الوقت يسمح به، ولا المناسبة تقتضيه، ثم لاذ بى الرجل بعد انتهاء العزاء وأسهب فى الحديث عن الشابين المتوفيين، فأحدهما كان يستعد للزواج، والثانى كان عائلًا لأسرته، وكلاهما ما زال فى مقتبل العمر، لكنها (المصيدة) التى أودت بحياة الكثيرين.
لم يترك الرجل لى فرصة السؤال عن (المصيدة) فقال هى مسافة لا تتعدى خمسمائة متر، متاخمة لمدينة أولاد صقر بمحافظة الشرقية، حيث الطريق المؤدى إلى مركز صان الحجر، يأتى كل محافظ ويذهب، وكل رئيس مدينة ويذهب وتظل هذه المسافة مصيدة لرواد الطريق، ولم يكلف أى مسئول نفسه إصلاح انحناءاتها أو حتى إنارتها ببضعة أعمدة، لم تحركهم أرواح تزهق، ولا شباب يكمل حياته معاقًا بسبب حوادثها.
كلام الرجل لم يكن جديدًا، فالعديد شاركت فى تشييعهم بسبب هذا الطريق، لكن الربط بين الحادث والسؤال عن اللواء كامل الوزير كان بحاجة إلى سؤال منى وإجابة منه، وإذ بالإجابة العفوية تحمل تشخيصًا لأمراض أصبح التعافى منها ضرورة يقتضيها حب الوطن والنهوض به، قال الرجل الذى لا يعرف عن حال البلد إلا ما يسمعه أو يشاهده على الشاشة إن كامل الوزير رجل (جامد وشغيل وإجاباته حاضرة قدام الرئيس وإيده فى كل حاجة) واستطرد الرجل فى عقد مقارنات بين المسئولين وفقًا لمعلومات يلملمها من نشرات الأخبار، لينهى كلامه بجملة حماسية (المركز ده عايز واحد زى كامل الوزير يظبطه).
غادرت المكان مثنيًا على عفوية الرجل وحماسته ليصلنى فى اليوم التالى خبر إقالة رئيس مدينة أولاد صقر، صفقت لمحافظ الشرقية الدكتور ممدوح غراب، فالإقالة لا بد أنها عقاب على إهمال فى إصلاح وإنارة الطريق الذى أودى بحياة الكثيرين، لكنى فوجئت أن سبب الإقالة هو غضب رئيس المدينة من تجاهل كتابة اسمه مع رئيس الجمهورية والمحافظ على قطعة الرخام أثناء تدشين أحد المشروعات، مما دفعه للانصراف تاركًا المحافظ فى موقع المشروع، وما كان من الأخير سوى إقالته فى نفس اليوم، والمحزن أن الاثنين (المحافظ ورئيس المدينة) لا يعلمان شيئًا عن الحادث الذى راح ضحيته شابان نتيجة الإهمال. هنا أدركت أهمية ما قاله الرجل البسيط فى سرادق العزاء عن كسل المسئولين، وأمله فى أن يتولى كامل الوزير إدارة المركز.
ومن الفلاح الأمى فى محافظة الشرقية، إلى آخر على درجة من العلم فى محافظة القاهرة، تحدث الأخير عن مأساته مع هيئة النظافة والتجميل، حيث قدم الرجل عرضًا للسيدة رئيسة الإدارة المركزية بتأجير قطعة أرض فى حلوان لينشئ عليها مطعما وحديقة للأسرة بعد تنظيفها من رواد الكيف وتجار المخدرات، لكنه فوجئ برفض لم يكن سببه خلافًا على قيمة الإيجار ولا مدة سريان العقد، فالرفض لم يكن له سبب، مما أزعج أحد المهندسين بالهيئة ودفعه إلى الدخول للسيدة لإقناعها بأهمية المشروع فى هذا المكان، لكنه خرج من مكتبها غاضبًا ليقول لمقدم العرض.. مفيش فايدة، مفيش حد عايز يشتغل، المكان ده محتاج لواحد زى اللواء كامل الوزير.
يوم واحد فصل بين ما قاله مواطن الشرقية ونظيره فى القاهرة، ويومان فصلا بينهما ورغبة طرحها أحد رواد مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اقترح استنساخ اللواء كامل الوزير، على أن تكون هذه النسخ متوفرة فى كل محافظات مصر، وفى البرلمان والوزارات والمحليات التى تحتاج إلى إعادة هيكلة.
جملة ما سمعته وقرأته تؤكد أننا بحاجة إلى مسئولين جادين، يبادرون بالحلول ولا ينتظرون التعليمات، عيونهم على المواطن لا على المنصب، يعملون بنفس عزيمة كامل الوزير، تواجدهم فى الشارع ليس للحصول على لقطة مع مواطن، لكنه تواجد من أجل المواطن.