الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

أنطونيوس الصوري يكتب : رسالة الميلاد

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
"المجد لله في العلى وعلى الأرض السلام وفي الناس المسرّة" (إنجيل لوقا 2: 14). هذا هو عيد ميلاد المخلص، إنّه عيد السلام في الأرض والمسرَّة عند البشر، لأنّ "مجد الله هو أن يحيا الإنسان" (القديس إيريناوس أسقف ليون).
عيد الميلاد هو زمن تجدُّد البشريّة والخليقة قاطبة، هو دعوة إلى البشريّة الجديدة وتحقيق لها في المسيح يسوع ابن الله الوحيد المولود من الآب قبل كلّ الدهور والمتجسِّد من الروح القدس ومن مريم العذراء الَّذي تأنّس في "ملء الزمان" (رسالة بولس الرسول إلى أهل غلاطية 4: 4).
يحتفل المسيحيّون بهذا العيد بنشر رسالة المحبّة التي تسلّموها من الله في ابنه يسوع المسيح، الذي أتى ليُدخِل البشريّة والخليقة جمعاء في زمن رضى الله عليهما أي زمن الصفح عن خطاياهم في الذي حمل الخطايا على عاتقه ليحرِّر الإنسان من سلطة العدو-الشيطان وليشفي القلوب ببلسم حنان الله في النعمة الإلهيّة المتَنَزِّلة بالمسيح يسوع في الروح القدس.
في هذا الزمن الذي نعيش فيه حيث كَثُرَت الحروب والاضطرابات وازداد التعصُّب الأعمى والانحلال الأخلاقيّ والفساد يبقى لنا رجاء بولادة جديدة للبشريّة جمعاء من خلال هذا الإيمان بالإله المتجسِّد. فمن يتبع المسيح يسلك في الحقّ والرحمة، وإلّا ليس هو له بتلميذ. على المسيحيين أن يكونوا حاملين هذا التّعليم في حياتهم لتغيير العالم إلى مكان أفضل. ليس مقبولًا أن يسلك أبناء المسيح في الفرقة والخصام بل عليهم أن يكونوا دعاة سلام ووحدة وتعاون وشركة بين الناس. ليست رسالة الكنيسة محصورة في أبنائها، بل واجبها أن تكون حاضرة في أبنائها ومن خلالهم لتجديد الوجود من بواسطة تجديد الذات أوَّلًا بكلمة "الكلمة" (Logos) المحيية والفاعلة.
لنتغيَّر ونغيِّر الوجود يجب أن تصير كلمة الرّبّ أساس ومصدر كل فكر وقول وعمل، وهذا يؤدّي إلى صنع مشيئة الله الصالحة والابتعاد عن مشابهة منطق وحياة هذا الدّهر أي أن يقدّم الإنسان حياته لأجل عيش المحبّة الإلهيّة في خدمة الإنسان لتجديد الوجود بمشيئة الله بقوة الروح القدس في ليتورجيا "الكلمة الإلهيّ" المعاشة في كلّ تفاصيل الحياة. نحن في المسيح خدّام تجديد الخليقة كلّها بفعل الروح القدس ليصير العالم أفضل ومطرح تمجيد الله في الإنسان.
وبهذه المناسبة نصلّي إلى الإله المولود طفلًا في مغارة بيت لحم من أجل جميع أبناء وطننا الحبيب لبنان طالبين الخير والبركة وأن يعم روح التعاون بين المسئولين لما فيه بنيان البلاد والدولة في روح الشراكة الحقّة وأن ينظروا إلى ما فيه مصلحة الشعب ونماء وتطوّر ظروف الحياة إلى مزيد من العدالة والمساواة في الحقوق والواجبات. كفى هذا الشعب انتظارًا لحياة أفضل، يحقّ لنا في هذا البلد أن نعيش بسلام وأن ينعم أبناؤنا بفرص العمل لتطوير حياتهم وبنيان مستقبلهم. ونناشد المسئولين في بلادنا أن يسارعوا إلى تشكيل حكومة ويفكّروا في مصلحة الوطن قبل كلّ شيء لأنّ الأوضاع لم تعد تحتمل الانتظار... وإنّنا لعلى ثقة بأن محبة الوطن ستنتصر أخيرًا.
كما إننا ندعو إلى إيقاف الحروب وإنهاء النزاعات في المنطقة بالمفاوضات والحوار لأن القتال لا يجلب إلا دمارًا وآلامًا تدوم سنين طوال لتلتئم جراحها إن التأمت... ونطالب بعودة السلام إلى منطقتنا كلها وإرجاع المخطوفين إلى ذويهم لا سيّما أخوينا مطراني حلب بولس يازجي ويوحنا إبراهيم مستنكرين الصمت الدولي عن هذا الأمر.
في الختام، نصلّي إلى الرب أن يعيد هذه المواسم على جميع أبناء وطننا الحبيب لبنان والعالم أجمع بالتجدُّد والمسير نحو عالم أكثر إنسانيّة وأكثر عدالة وأكثر سعي إلى الحقّ الّذي من العلى.
ميلاد مجيد وعام مبارك للجميع.