الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

علي محمود.. إمام المنشدين

علي محمود
علي محمود
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تحل اليوم الجمعة، الحادي والعشرون من شهر ديسمبر لعام 2018، الذكرى الـ72 على رحيل الشيخ على محمود، الذي رحل عن عالمنا في عام 1946، وهو شهر جمع بين رحيله كأستاذ وبين أحد تلاميذه الشيخ طه الفشني، الذي تولى بعده قيادة مدرسة الإنشاد التي أسسها، حتى عرف بـ"إمام المنشدين".
ولد الشيخ علي محمود سنة 1878م بحارة درب الحجازي ـ كفر الزغاري التابع لقسم الجمالية بحي الحسين بالقاهرة لأسرة على قدر من اليسر والثراء، وبعد مدة أصيب بحادث أودى ببصره كاملًا.
التحق بالكتاب ويحفظ القرآن الكريم ودرس علومه صغيرًا، حيث حفظ القرآن على يد الشيخ أبو هاشم الشبراوي بكتاب مسجد فاطمة أم الغلام بالجمالية، ثم جوده وأخذ قراءاته على الشيخ مبروك حسنين، ثم درس الفقه على الشيخ عبد القادر المزني، ذاع صيته بعد ذلك قارئًا كبيرًا وقرأ في مسجد الحسين فكان قارئه الأشهر، وعلا شأنه وصار حديث العامة والخاصة.
درس بعد ذلك الموسيقى على يد الشيخ إبراهيم المغربي، وعرف ضروب التلحين والعزف وحفظ الموشحات، كما درسها أيضًا على شيخ أرباب المغاني محمد عبد الرحيم المسلوب وحيد عصره وفريد دهره في الموسيقى، كما أخذ تطورات الموسيقى على الشيخ عثمان الموصلي وهو تركي استفاد منه في الإطلاع على الموسيقى التركية وخصائصها.
صار الشيخ الراحل أحد أشهر أعلام مصر قارئًا ومنشدًا ومطربًا، وصار قارئ مسجد الإمام الحسين الأساسي، وبلغ من عبقريته أنه كان يؤذن للجمعة في الحسين كل أسبوع أذانًا على مقام موسيقي لا يكرره إلا بعد سنة، كما أصبح منشد مصر الأول الذي لا يعلى عليه في تطوير وابتكار الأساليب والأنغام والجوابات.
حمل له الثالث من يوليو 1939، موعدًا بالإذاعة المصرية حيث جاءت التلاوة الأولى له ما تيسر من سورتي الفاتحة والبقرة، وبلغت مدتها 40 دقيقة، اختير بعدها كقارئ للقرآن مساء الإثنين من كل أسبوع.
كان للشيخ النصيب في مشاركة الملوك مناسباتهم الخاصة، حيث شهد حفل أقيم بدار الأوبرا الملكية بالقاهرة في ذكرى عقد قران الملك فاروق والملكة فريدة، وافتتح وقائع الحفل بعد عزف السلام الملكي بتلاوة قرآنية بلغت مدتها ربع الساعة، كما أنشد خلال عقد قران ولي عهد إيران وشقيقة الملك فاروق.
شارك الشيخ الراحل في بعض الأفلام القديمة، حيث ظهر وهو يتلو القرآن الكريم ويؤذن، من بينها "أولاد مصر عام 1933، الحل الأخير عام 1937، ورصيف نمرة 5 عام 1956".
من أشهر النوابغ الذين اكتشفهم الشيخ علي محمود، القارئ العملاق الشيخ محمد رفعت الذي استمع إليه الشيخ علي مرة سنة 1918م يقرأ وتنبأ له بمستقبل باهر وبكى عندما عرف أنه ضرير، وأفاد الشيخ رفعت في بداياته كثيرًا من الشيخ علي محمود، وصار سيد قراء مصر وصوت الإسلام الصادح فيما بعد.
كما كان من بين تلاميذه الشيخ طه الفشني الذي كان عضوًا في بطانته، وأفاد من خبرته الشيء العظيم، حتى صار سيد فن الإنشاد من بعده، كما كان له الفضل في دخوله الإذاعة المصرية، ولعل قائمة التلاميذ لـ"محمود" تتسع لتشمل الشيخ كامل يوسف البهتيمي، والشيخ محمد الفيومي، والشيخ عبد السميع بيومي، وإمام الملحنين الشيخ زكريا أحمد، كما تتلمذ علي يده عدد من الفنانين الأعلام وفي مقدمتهم الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب، وكوكب الشرق أم كلثوم، والمطربة أسمهان.
ترك الشيخ علي محمود عددًا محدودًا من التسجيلات وهي لسور "الأنفال، يوسف، الكهف، مريم، الأنبياء، القيامة وقصار السور"، وجميعها بمكتبة الإذاعة المصرية.
كما ترك في فن الإنشاد والتواشيح، مجموعة كبيرة منها "أشرق فيومك ساطع بسام، أدخل على قلبي المسرة والفرح، ته دلالا فأنت أهل لذاكا، خلياني ولوعتي وغرامي، السعد أقبل، هتف الطير بتحلال الصبا، أهلًا بغزال، أنعم بوصلك، سل يا أخا البدر، يا نسيم الصبا، فيا جيرة الشعب اليماني، طلع البدر علينا، وشكوت لخاله لما جفاني".
ورحل سيد القراء، في مثل هذا اليوم من العام 1946م، تاركًا عددًا غير كثير من التسجيلات التي تعد تحفًا فنية رائعة، ونعته رابطة القراء برئاسة محمد الحفني الطرزي باشا، قائلة " ننعي بمزيد من الأسف الأستاذ الشيخ علي محمود الرئيس الإداري، الذي اكتسب بدينه وخلقه محبة القلوب، فبفقده فقدت الرابطة بل الأمة المصرية عَلَمًا خفاقًا وبلبلًا صداحًا".