الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

اليوم العالمي للغة العربية.. شوقي ضيف يشرح كيفية وضع المصطلحات بالمجمع اللغوي

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
شهد العالم تطورًا تكنولوجيا وثورة معلوماتية ومعرفية كبيرة، أنتجت بدورها تغيرات طالت الحياة الاجتماعية والثقافية للإنسان بصورة عامة، وقد شملت تقنيات الاتصال اللغوي بين الجماعات البشرية، إن تلاقي الثقافات وتلاقح الحضارات واتصالها من خلال تشابك المجتمعات عبر التقنيات الحديثة لوسائل الاتصال والتواصل أوجد بشكل ما عقبة أمام دراسي اللغة وأعضاء المجامع اللغوية في كيفية التعامل مع المصطلحات والكلمات الدخيلة من اللغات الأخرى.
وخلال السطور التالية، وفي اليوم العالمي للغة العربية، "البوابة نيوز" تستعرض شرح الدكتور شوقي ضيف أستاذ الأدب العربي والدراسات الأدبية، والرئيس السابق لمجمع اللغة العربية بالقاهرة، لكيفية صياغة المصطلحات العلمية الحديثة بالمجمع اللغوي في إحدى مقالاته المنشورة ضمن منشورات المجمع.
يقول شوقي ضيف:
"هناك أربعة آليات تتصل بصوغ المصطلحات العلمية الحديثة وهى: النحت، والتعريب، والتوليد، والترجمة، ونتحدث بكلمات مجملة عن كل منها.

أولا: النحت
النحتُ نوع من الاختصار في التعبير، وهو صوغ كلمة من كلمتين أو أكثر، ونَحَتَ الأسلافُ صيغًا كثيرة، فقالوا: "سَبْحلَ" من "سبحان الله"، و"حمدل" من "الحمد لله"، و"بَسْمل" من "بسم الله"، و"حوقل" من: "لا حول ولا قوة إلا بالله"، وقالوا: "الفنقلة" من قولهم: "فإن قيل". وقالوا "الفذلكة" من قولهم "فذلك كذا"، وقالوا في النسب إلى قبيلة "عبد شمس": "عبشمي"، وإلى "حضر موت": "حَضْرمِىّ".
واختلف علماؤنا السابقون في النحت هل هو سماعي أو قياسي، وترى الكثرة أنه سماعي، غير أن بعض المعاصرين أجازوه قائلين: إن ما فيه من ثقل يخف بكثرة الاستعمال على الآذان. وارتضى المجمع استعماله في المصطلحات وخاصة حين تلجأ إليه الضرورة العلمية.

ثانيا: المعرب
عني المجمع بتعريب المصطلحات الأجنبية منذ دورته الأولى، وكان أول قرار له فيه إجازته على طريقة العرب في تعريبهم، وظلوا يناقشون موضوع التعريب في الدورات التالية، ويتخذون فيه القرارات، من ذلك قرار النطق بالمعرب قديمًا من الأعلام كما عربها نصارى المشرق، من ذلك بطرس في "Peter" وبقطر في "Victar" وبولس في "Paul" ويعقوب في "jecab" وأيوب في "job". ويحسن مراجعة القواعد التى أقرها المجمع في كتابة الأعلام الأجنبية في كتاب "مجموعة القرارات العلمية".
وواضح من أول قرار للمجمع في المعرب أنه أباح تعريب الألفاظ الأجنبية إذا لم يكن لها نظير في العربية عند الضرورة، سواء أكان اللفظ على أوزان العرب أو لم يكن على أوزانهم، وقرر سيبويه ذلك في المعرب قديمًا. وتشدد ابن بري اللغوي المصري في ذلك بالقرن السادس الهجري؛ إذ رأى فيما خالف أوزان العرب أن نلتزم فيه جميع حركاته.
واتضح لعلماء العرب أن ما في العلوم من المصطلحات الغربية العلمية القديمة قليل، وأن مصطلحات العلوم الغربية الحديثة تعد بالآلاف، فضلًا عن أنها تتجدد باستمرار، فإن نحن لم نتوسع في قبولها أغلقنا بأيدينا أبوابًا واسعة من تعريب المصطلحات العلمية الغربية الحديثة، مع ملاحظة أن لغة العلم ليست لغة محلية بل هي لغة عالمية، وفي ذلك ما يسوِّغ للمجمع فتحَ باب التعريب، ودعا ذلك العربية من بعض الوجوه إلى الاستعانة بلغتين قديمتين هما اللاتينية واليونانية فاتخذت العربية كثيرًا من ألفاظهما مصطلحات علمية دقيقة لها حين توجد الحاجة العلمية الملحَّة.

ثالثا: التوليد
المراد بالتوليد هنا اطراد قواعد الاشتقاق على المصطلحات العلمية الأجنبية المعربة، وعد الأسلاف ذلك من باب التوليد، وأباحه المجمع بشرطين: إذا أساغه الذوق، واتضحت حاجة المجمع إليه، ومما أجازه المجمع من ذلك:
1- بستر بسترة، والفعل مأخوذ من لويس باستير صاحب طريقة خاصة في التعقيم، ومنه يقال لبن مبستر.
2-بلور بلورة، من البلور المعرب قديمًا.
3-تلفن من كلمة التليفون المعربة.
4-فبرك، من الفابريكة، والفعل يدل على صنع الشيء بآلة الفابريكة.
5-كهرب كهربة، من الكهرباء المعربة.
6-تلفز، إذا تحدث في التليفزيون المعرب.
7-أكسد أكسدة، فهو مؤكسِد بكسر السين، ومؤكسَد بفتح السين، وتأكسد تأكسدًا من الأكسدة المعربة.
ويطبق ذلك العلميون في مصطلحات علمية معربة كثيرة.

رابعا: الترجمة
هي الوسيلة الغالبة في صوغ المصطلحات العلمية الأجنبية، ودائمًا تكبُّ اللجان العلمية في المجمع على البحث عن ألفاظ عربية تصلح أن تكون أسماء تطلق على تلك المصطلحات. ويغلب أن يؤدَّى المصطلح الجديد في العربية بلفظ مفرد، حتى يصبح علمًا واضحًا عليه، شأن العربية فيما وُضع فيها من مصطلحات علمية قديمًا. ويمكن الاستعانة في الترجمة بالمبادئ والأسس التي قدمها الأستاذ الدكتور المرحوم محمود مختار إلى المجمع نهجًا علميًّا في الترجمة ومما جاء فيه:
أولًا: وضع المقابل الإنجليزى أو الفرنسي بجوار المصطلح العربي المقترح مع الاستضاءة بالأصل اللاتيني أو الإغريقي إن وجد، ومع مراعاة أن يؤدِّي المصطلحُ العربي بوضوح مدلولَ المصطلح الأجنبي.
ثانيًا: إيثار الألفاظ غير الشائعة لأداء المصطلحات العلمية دون أى لَبْسٍ مثل تفضيل كلمة امتِزاز على كلمة امتصاص، ولذلك لجأ الغربيون في المصطلحات العلمية إلى استخدام كلمات ترجع إلى أصول لاتينية أو إغريقية.
ثالثًا: التعريب عند الحاجة الملحة، وذلك إذا كان المصطلح يعود إلى أصل لاتينى أو يوناني أو شاع استعماله دوليًّا أو كان منسوبًا إلى عَلَمٍ عُرف به بين العلماء مثل ديناميكا Dynamics ونيوترون Neutron إلى غير ذلك.
رابعًا: عَدُّ المصطلح المعرب عربيًّا، وإخضاعه لقواعد اللغة في الاشتقاق وغيره إن أمكن، فمثلًا كلمة أيونIon المعربة تثنى وتجمع فيقال: أيونان وأيونات، ويوصف بها فيقال: جهد أيوني، ويشتق منها الفعلان: أيَّن وتأيَّن، واسما الفاعل والمفعول، فيقال غاز مؤيَّن وأشعة مؤيَّنة. وينحت من الكلمة حين تضاف إلى كلمة أخرى فيقال مثلًا: كايتون "أي أيون كاثودي".
خامسًا: صوغ لفظة مفردة للمصطلح ما أمكن، إذ العربية تميل في المصطلحات إلى الألفاظ المفردة، ويساعد ذلك على تسهيل الاشتقاق والنسبة والإضافة، ولذلك يفضل التعريب أحيانًا على الترجمة، فمثل كلمة ترمومتر المعربة أخف من ترجمتها بمثل مقياس درجة الحرارة.
سادسًا: توحيد المصطلحات المشتركة عربية أو معربة ذات المعنى الواحد بين فروع العلم المختلفة مثل: نترون وإلكترون المتداولين في كثير من العلوم.
سابعًا: تبين الفروق الدقيقة بين الألفاظ المترادفة والمتقاربة المعنى مثل كلمتي المقاومة والممانعة.
ثامنًا: يعرف المصطلح العلمي تعريفًا بينًا واضحًا. وتكتب الأعلام الأجنبية والمصطلح المعرب بالصورة التي ينطقان بها في لغتيهما.
تاسعًا: تكتب المصطلحات الأجنبية في المعاجم مبدوءة بحروف صغيرة إن لم تكن أعلامًا. ولا يعرف المصطلح العربي بالألف واللام تيسيرًا للكشف عليه في المعجم.