الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

آرثر سي كلارك.. الذكاء الصناعي

آرثر سي كلارك
آرثر سي كلارك
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في عام 1948 كتب الروائي البريطاني آرثر سي كلارك قصة قصيرة في حدود عشر صفحات تحت عنوان: "الحارس"، تحولت فيما بعد إلى روايته الشهيرة "2001: أوديسا الفضاء"، والتي كتبها بالتعاون مع المخرج ستانلي كوبريك، وتحولت إلى فيلم يحمل الاسم نفسه عام 1968 وتم ترشيحه لأربع جوائز أوسكار؛ وتناول فيه حكاية خيالية حول سلسلة من اللقاءات بين البشر وأجسام غامضة سوداء والتي على ما يبدو أثرت في تطور الإنسان، حيث أرسلت رحلة فضاء إلى كوكب المشترى لتتبع إشارة منبعثة من إحدى هذه الكتل الموجودة على القمر.
كان كلارك هو أول من أشار إلى أهمية الأبحاث التي تجرى في ظروف انعدام الجاذبية في الفضاء لإنتاج سبائك وأدوية جديدة، حيث محطات الفضاء التي تدور حول نفسها لإنتاج نوع من الجاذبية الصناعية يساعد قاطنيها على العيش، كما توقع في عصره استخدام الأقمار الصناعية للاتصالات. كتب كل هذا بينما كان الهبوط على سطح القمر لا يزال حلمًا؛ وقدم كذلك وصفًا للصحف الرقمية في روايته، ولكن في فقرة واحدة كتب وصفًا تفصيليًا لهذه الصحف تمامًا كما نعرفها اليوم.
بعد أعوام طويلة من قصة كلارك وفيلم كوبريك أصبح خيالهما واقعًا، فبعد نصف قرن بدأ بناء محطة الفضاء الدولية عام 1998، والتي بلغت تكلفتها حينذاك 100 مليار يورو، وأطلقت لتأخذ محل ومهام المحطة الفضائية الروسية مير، التي كانت أول محطة فضائيَّة تتألف من وحدات جُمعت في الفضاء لتتكون منها المحطة الفضائيَّة الروسية من عام 1986 إلى 1996؛ والآن تدور المحطة الدولية على ارتفاع 390 كيلو مترًا عن سطح كوكب الأرض وبسرعة 28 ألف كم في الساعة؛ ومثلما تنبأ كلارك بأن الإنسان سيصر جاهزًا للبقاء خارج الغلاف الجوي للأرض لمدة طويلة، هدفت المحطة الدولية لتحضير الإنسان لتمضية أوقات طويلة في الفضاء، وإجراء التجارب خارج منطقة الجاذبية الأرضية، حيث يوجد على متن المحطة الدولية هذه اللحظة أربعة رواد، ويوجد هناك على الأقل أربعة مختبرات تحتوي على أجهزة لإجراء بحوث واسعة النطاق في مجالات مختلفة مثل المواد، السائل، علوم الحياة والاحتراق والتقنيات الجديدة.
أما الصحافة الرقمية التي تنبأ بها كلارك في بضعة أسطر، فقد تطورت مع اختراع أجهزة الكمبيوتر الشخصية في السبعينيات من القرن الماضي، وقد تم اختراع أول نوع منها والذي كان يطلق عليه اسم تليتيكست -بث النصوص على وحدة عرض مرئية- في بريطانيا عام 1970، وكان نظام يسمح للعارضين باختيار الأخبار والقصص التي يرغبون في قراءتها وعرضها بشكل فوري؛ ثم جاء اختراع الفيديوتيكست الذي تم إطلاقه بشكل تجاري في عام 1979، حيث اصطفت العديد من الصحف البريطانية مثل فاينانشال تايمز من أجل توفير القصص الصحفية عبر الإنترنت من خلال هذا النظام؛ وبحلول عام 1996، كانت معظم الوسائل الإخبارية تظهر على شبكة الإنترنت؛ ومنذ عام 2000، تستخدم الأغلبية العظمى للصحفيين في العالم شبكة الإنترنت بشكل منتظم في أعمالهم اليومية، حتى صار الاعتماد عليها شبه كلي في أيامنا هذه.