الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

"الاستثمار في مستقبل مصر".. فاروق الباز: السادات طلب تعمير الصحراء.. والمشروع متوقف حتى الآن.. أستاذ طاقة: هولندا نجحت في زراعة البطاطس بالمياه المالحة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قال الدكتور فاروق الباز، الخبير الدولى بعلوم الفضاء ومدير مركز الاستشعار عن بعد بجامعة بوسطن الأمريكية سابقًا وعضو المجلس الاستشارى العلمى لرئيس الجمهورية، إن الرئيس السادات كان يرغب فى تنفيذ مشروع تعمير الصحراء.
وأشار "الباز" خلال محاضرة ألقاها بالمركز المصرى للدراسات الاقتصادية، تحت عنوان «الاستثمار فى مستقبل مصر.. أفق تعمير الصحراء» إلى أن بداية دراسته للصحراء الغربية بالتصوير الفضائى ترجع إلى عام 1973، بعدما طلب السادات منه دراسة الصحراء الغربية بالتصوير الفضائى، لافتًا إلى أنه فى عام 73 بدأ التفكير فى استخدام تقنية التصوير الفضائي للأرض لاكتشاف طبيعتها الجيولوجية.
وأضاف، أنه عاد إلى جامعته "عين شمس" ليتولى مع فريق بحثي من الجامعة دراسة الصحراء الغربية، بتمويل كامل من الولايات المتحدة، وخصصت وكالة ناسا 250 ألف دولار سنويا للدراسات، وتم شراء المعدات والسيارات وبدأ العمل فى الصحراء الغربية، جاء ذلك فى محاضر له فى المركز المصرى للدراسات الاقتصادية، حملت عنوان: "الاستثمار فى مستقبل مصر.. أفق تعمير الصحراء".
وأشار الباز إلى أن رغبة عيش الإنسان بجوار نهر النيل منذ عصر الفراعنة، قادته للتفكير فى مشروع ممر التنمية وهو ممر رئيسى بطول 1200 متر من شمال مصر إلى جنوبها، ويربطه ممرات فرعية عرضية بوادى النيل ويقوم على جانبيه تنمية متكاملة عمرانية وصناعية وزراعية وسياحية.
وأوضح، أنه اكتشف منطقة فريدة عند سفح الفيوم الشمالى أثناء الدراسات من أكثر مناطق العالم جفافًا، ويمكن عمل مجمعات للطاقة الشمسية عليها تكفى كهرباء مصر بأكملها، ودرسها خبراء ألمان وعرضوا إقامة مجمع طاقة على مساحة 50x50 كم تكفي إمداد مصر بالطاقة الكهربائية والتصدير إلى أوروبا، ولكنها لم تنفذ، مستكملًا: "لدينا ثروات هائلة لا نفكر فيها أو ننظر لها".
وقال العالم الكبير: إن المساحة العمرانية التى يوفرها ممر التنمية تقدر بحوالى 10.5 مليون فدان، جزء منها يمكن زراعته، بينما يمكن عمل مجتمعات صناعية وسياحية وغيرها، موضحًا أن ممر التنمية شهد منذ طرح الفكرة فى الثمانينيات وحتى الآن أكثر من جدوى اقتصادية للمشروع بدأتها مجموعة بيكتل العالمية، وقدرت التكلفة الاستثمارية لهذا المشروع فى ذلك الوقت بنحو 6 مليارات دولار تستغرق 10 سنوات على الأقل، وبعد ذلك خضع المشروع لدراسة جدوى أخرى فى عهد أحمد نظيف، رئيس الوزراء الأسبق، لنحو 5 سنوات وتم تقدير التكلفة الاستثمارية الخاصة به بنحو 23 مليار دولار.
وذكر أن الحكومة وحدها لا تستطيع تنفيذ هذا المشروع، بل يحتاج إلى مؤسسة خاصة تعمل على تبنى هذا المشروع من الناحية المالية والإشراف حتى تستطيع إدارة الفكرة بالشكل المطلوب وتحقيق العائد منه على المدى الطويل، علما بأن المشروع سيحقق عوائد اقتصادية كبيرة جدا ولكن على المدى الطويل.
وأشار الباز إلى أن المياه الجوفية الموجودة فى الصحراء الغربية، تكفى لزراعة 200 ألف فدان، لمدة زمنية تصل إلى 100 عام، حال استغلالها الاستغلال الأمثل، وبطريقة رشيدة، مع الاعتماد على التكنولوجيات الحديثة، وهى مياه نظيفة باردة على بعد 75–300 متر، مؤكدًا أن مصر بها الكثير من المناطق والتجمعات الصالحة للزراعة والصناعة، ورغم ذلك فهى غير مستغلة؛ مطالبًا باستغلالها لبناء مدن صناعية وسكنية وسياحية، لتقليل التكدس السكانى، مؤكدًا أن العلم والمعرفة أساس تنمية وتطوير اقتصاديات البلاد.
وفى السياق ذاته، قال الدكتور صلاح الحجار، أستاذ الطاقة والتنمية المستدامة بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، إنه يمكن زراعة العديد من المحاصيل باستخدام المياه المالحة من خلال تطوير البذور المستخدمة فى الزراعة، مضيفًا أن 97% من المياه الموجودة على سطح الأرض هى مياه مالحة، و3% فقط مياه عذبة، وتصل نسبة الأنهار من المياه العذبة إلى 1% فقط، وتشكل المياه الجوفية 22% منها، فى حين تشكل جبال الجليد 77% من المياه العذبة فى العالم.
وطالب بضرورة التوجه نحو استخدام المياه المالحة فى التنمية بالصحراء الشرقية وعمل مجتمعات عمرانية متكاملة صناعية وسياحية وزراعية باستخدام المياه المالحة، خاصة أن مصر وصلت إلى مرحلة الفقر المائى حيث انخفض نصيب الفرد من مياه نهر النيل من 1000 متر مكعب سنويا إلى 650 مترًا مكعبًا سنويًا من المياه العذبة.
من جهته، قال الدكتور أحمد فكرى عبدالوهاب، عضو مجلس إدارة الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، إن المشروعات طويلة الأجل فى مصر تفتقر إلى الرؤية الواضحة، وهناك غياب لحق الأجيال القادمة فى رؤية الدولة، متسائلا: من الجهة المعنية بالنظر إلى الخطط طويلة الأجل التى تراعى حقوق الأجيال القادمة؟
وطالب طارق توفيق، نائب رئيس مجلس إدارة المركز المصرى للدراسات الاقتصادية، بأن يتم التعامل مع التحديات وفقا لمنطق الجدوى الاقتصادية، خاصة فيما يتعلق بأزمة المياه، حيث إنه من الممكن أن تكون الفرصة متاحة لزراعة محاصيل ذات جدوى اقتصادية فى الداخل وتصديرية تدر عائدًا ماديًا لشراء القمح من الخارج بدلًا من زراعته فى مصر، آخذا فى الاعتبار حجم الفاقد الذي تتعرض له المياه المستخدمة فى الزراعة وحجم الفاقد من المحاصيل الزراعية.
شددت الدكتورة عبلة عبداللطيف، المدير التنفيذى ومدير البحوث بالمركز، على أهمية مشروع ممر التنمية، الذى وضع خطة متكاملة واستراتيجية لتنمية الصحراء الغربية، وأهمية دراسة تكلفته الاقتصادية فى الوقت الحالي، لأن الكثير من المتغيرات حدثت منذ وضع المشروع، مطالبة أن يكون تنفيذ مشروع ممر التنمية مربوطا بكل خطط الحكومات المتتابعة لتحقيق التكامل المطلوب بين أهداف المشروع على المدى الطويل، وخطط الدولة على اختلاف القطاعات التي يشملها المشروع، حتى وإن كان المسئول عن المشروع جهة مختلفة تمامًا عن الحكومة، كما طالبت بوضع خطة رئيسية شاملة للدولة ودراسة تحليل التكلفة والعائد لجميع المشروعات.