الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

نجل الكاتب الكبير فهمي حسين في حواره لـ"البوابة نيوز" يفتح خزائن الأسرار.. طارق حسين: والدي تعرض لتجهيل دوره الوطني والسياسي وارتبط بالريف وقضايا الفلاح والأرض.. وأنصفه طه حسين

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ظهر الكاتب الصحفي، القاص والأديب محمد فهمى حسين، المعروف باسم «فهمى حسين»، وسط جيل كبير من عمالقة الأدب والفن، نشر قصصه القصيرة مبكرًا فى مجلة الرسالة وجريدة المصري، وأصدر مجموعته القصصية الأولى علاقة بسيطة فى العام 1962، وأصدر بعدها مجموعتين هما «أصل السبب» و«حكايات غريبة»، لكنه انشغل بالكتابة الصحفية جدًا والعمل السياسى إبان ثورة يوليو 52، والثورة الفلسطينية ومعركة الكرامة بالأردن 1968، عمل بجريدة المصرى قبل تأميمها كما عمل بالجمهورية، ومجلة روزاليوسف حتى أصبح رئيسًا لتحرير كتاب روزاليوسف.
طالبه الناقد الكبير غالى شكرى، بمواصلة كتابة القصة، ووصفه بأنه نجح فى استحضار روح الواقعية، وقال عنه أيضًا: «إن هذا الكاتب المقل، بل الشديد الإقلال، يجب أن يمنح القصة حنانه ومحبته أكثر مما فعل»، أصدرت له الهيئة المصرية العامة للكتاب أعماله القصصية مؤخرًا تحت عنوان «أصل السبب»، واشتكى نجله طارق فهمى حسين من التجهيل غير المبرر لدور والده الوطنى الأدبى والسياسي. «البوابة» التقت طارق فهمى حسين، نجل الكاتب الكبير لتلقى الضوء على أحد أهم شخصيات الحركة الثقافية والوطنية المصرية التى لم تجد الذكر الكافى، والمعرفة الحقيقية التى توضح دورها فى تاريخ الوطن، وليتحدث عن نشأة والده واتجاهه ناحية الصحافة والعمل السياسي.. وإلى نص الحوار.


■ ماذا عن نشأة فهمى حسين، ومدى تأثيرها فى مسيرته؟
- أبى من مواليد محافظة الشرقية عام ١٩٣٤، توفى والده وهو فى سن التاسعة من عمره، وعاش فى كنف جده، وقد سميت القرية «بنى حسين» لأنه استصلح قطعة أرض وبنى فيها فكان المؤسس الأول لها، لذلك ارتبط بها ارتباطًا وجدانيًا، فحرص طوال عمره أن يعود فى المناسبات إلى القرية، وكان ذلك واضحًا جدًا فى كتابته الأدبية التى اشتغل فيها على قضايا الفقراء والفلاحين والأرض.


■ كيف ارتبط اسمه بالصحافة والكتابة الأدبية؟
- جاء للقاهرة، والتحق بالحقوق، ودرس أيضًا بكلية الآداب، وانخرط بالسياسة وانضم لحزب الوفد، حيث جريدة «المصري» لسان الحزب آنذاك، فتدرب على أيدى كبار الصحفيين، ونُشرت له أولى قصصه القصيرة فى سن مبكرة للغاية، وعندما قامت ثورة يوليو كان أولى من حصل على تصريح خاص لدخول مجلس قيادة الثورة، باستثناء هيكل طبعًا، ثم عمل بجريدة الجمهورية، كما أشرف على مجلة الإذاعة والتليفزيون سنة ١٩٧٠، بتكليف من محمد فائق وزير الإعلام فى ذلك الوقت.


■ هل كانت المباشرة فى اللغة الصحفية وراء ابتعاده عن عالم القصة والأدب؟
- الصحافة كانت مهنته، بينما كان يشتاق لكتابة القصة، وقد صرح أكثر من مرة برغبته فى كتابة قصص عن تجاربه التى عايشها مع الثوار الفلسطينيين عقب معركة الكرامة فى الأردن، وقد كتب ثلاث مجموعات قصصية، وقد نالت إعجاب الكتاب والنقاد.
كتابته تتميز بروح من السخرية والطرافة، ففى أعماله لابد أن يضحك المتلقى بصوت عال، كما يحب استخدام الأمثال العامية الريفية.


■ متى تأكد من انتمائه للجيل المؤمن بالأحلام الكبرى لثورة يوليو؟
- تحمس أبى للثورة منذ اتجه ناصر لتنفيذ قانون الإصلاح الزراعي، فكان هذا انحيازًا واضحًا من الثورة للفلاحين والفقراء.
وفى أزمة مارس ٥٤، التى اعتبرها أزمة تحمل فى ظاهرها شعارات الديمقراطية لكنها كانت تهدف فى النهاية إلى إخلاء الشارع السياسى من الضباط الأحرار لعودة الإقطاعيين وملاك الأراضى للحكم مجددًا، انحاز للثورة أيضًا بينما طالب عبدالناصر بالإفراج عن صحفيين موقوفين.
وظل يحمل الحلم الناصرى حتى مماته، ولم يتراجع عنه لحظة، بل كان هاجسه الأساسى الفلاح والفقير.


■ ما الذى سلبته السياسة من فهمى حسين؟
- السياسة أخذت حياته، لم يكن سياسيًا، أى طامحًا إلى سلطة أو منصب، إنما كان يهتم بالشأن العام من أجل خدمة بلاده.
وسافر إلى سوريا بعد إعلان الوحدة لتغطية التجربة والتواصُل مع الكُتاب والمُثقفين السوريين والعرب، كما سافر إلى الأردن ليشترك مع الثوار وحركة فتح، وذهب معهم إلى الجزائر وتونس، واختلف مع السادات كثيرًا.


■ حدثنى عن تجربته فى المقاومة الشعبية وكتابه «وكانت البداية من الصفر»..
- كتبه أبى بالاشتراك مع صديقه الصحفى يوسف صبري، وقدم له عبدالرحمن الشرقاوي، قائلا: «.. رسخ كاتبًا للقصة. وأثبت فى كُل الأعمال التى قام بها فى المصرى والجمهورية ومجلة الإذاعة وفى روز اليوسف، إنه صحفى مُناضل صادق فى حياته كُل يوم.. وهو لهذا يُقرر أحيانًا أن يتخلى عن الكلمة كأداة للتعبير عندما يجد الرُصاصة أكثر فاعلية».
والكتاب عن تجربة الكفاح الشعبى المسلح بعد وقوع هزيمة ٦٧، ولم تكن التجربة الأولى له بل اشترك فى المقاومة سنة ٥٦.
شارك أيضا فى الإسماعيلية فى تحرير مجلة «المعركة» التى أصدرها الدكتور محمد أنيس، والتى تتحدث بلسان المقاومة الشعبية.

■ ما الذى يميز كتاب «وكانت البداية من الصفر»؟
- كان صحفيًا وأديبًا، اختلط بالناس وقاوم معهم فنقل صورًا حية من أرض المعركة، قصص النازحين أيام الحرب، قصص المتطوعين والذين جاءوا من كل مكان بمصر لخط القناة بدافع وطني.

■ لماذا ترك مشهد الثورة الفلسطينية وعاد مجددًا إلى مصر؟
- ذهب أبى إلى الأردن مع وفد من الرسامين والصحفيين والأدباء لرؤية أبطال معركة الكرامة فى ٦٨، ساعتها تعرف على حركة فتح مع الدكتور رؤوف نظمى المعروف باسم محجوب عمر أحد قيادات الحزب الشيوعي، واستمر معهم مدة طويلة، لكنه عندما لاحت اتفاقية أوسلو فى الأفق عاد إلى مصر لأن نسبة احتمالات التطبيع مع العدو الصهيونى عند والدى صفر أو أقل من الصفر.
وقتها قال له ياسر عرفات سوف نرجع لفلسطين سويًا لكنه اعتذر قائلًا: من المستحيل أن أعبر لفلسطين بأوراقى المصرية المختومة من إسرائيل لا لشيء إلا لرفضى تلك المهانة.


■ هل تستطيع أن تشير إلى مكانة كتاباته عن الريف والفلاح بجوار آخرين كتبوا عن ذلك؟
- يمكننى أن أقول بشجاعة كبيرة إن قصص فهمى حسين متاحة كاملة فى إصدار الهيئة المصرية العامة للكتاب، وقصص يوسف إدريس وهو من نفس جيله، يمكن للمتابع أن يقارن بين تناولهما للريف، أو كيفية كتابة القصة، فأبى طور من أدواتها وأسلوبها، بالإضافة لتجربته الذاتية بين قرى الريف التى أعطت صدقًا فى التعامل مع الحدث.


■ كيف تصف علاقة الكاتب فهمى حسين بمعاصريه؟
- ظهر فهمى حسين ضمن جيل من ألمع كُتاب القصة وأكثرهُم موهبة مثل يوسف إدريس وعبدالله الطوخى ومحمد سالم ومحمد صدقي.
إدريس مثلًا كان صديقًا لأبى، وقد ذكر اسم فهمى حسين كأحد كتاب جيله فى القصة فى لقاء تليفزيوني، وقد وقع بينهما خصام دام لمدة عام لأنه وصف أبى بابن البرجوازية الذى يكتب عن الفلاح.
وحين أصدر مجموعته القصصية الأولى التى ضمت لهجة عامية، تلقى هجومًا كبيرًا، لكن الدكتور طه حسين تصدى لذلك الهجوم معتبرًا أن اللهجة العامية نوع من الفصحى المستخدمة، فحسم النزاع.
فى صحبة محفوظ


■ وماذا عن أديب نوبل نجيب محفوظ؟
- من المستحيل أن تجد رأيًا سلبيًا من فهمى حسين تجاه الرائع نجيب محفوظ، على الرغم من اختلافه معه سياسيًا أيضًا فإن محفوظ لم يكن يُستخدم من قبل السياسة، وكان يقدر شياكته فى التعبير عن آرائه فى عبدالناصر. أذكر أن أبى رحل إلى القرية قبل وفاته بأسبوعين فكان آخر ما كان يقرأه كتاب محفوظ «العائش فى الحقيقة».

■ برأيك.. ما موقفه من التيارات الإسلامية المتطرفة التى ظهرت على الساحة؟
عارض التيارات الإسلامية جدًا وظل مختلفًا معها طوال الوقت.


■ هل حصل فهمى حسين على ما يستحق.. أم أنك ما زلت تشعر بتجاهله؟
- أشعر بالحزن عندما يتناول أحدهم ذلك الجيل بالدراسة والكتابة ويتجاهل دور فهمى حسين فى الكتابة الأدبية خاصة تطوير فن القصة القصيرة.
أستطيع أن أقول إن أبى دافع عن الأرض وحمل عبء القضية العربية وانشغل بهموم الطبقات الفقيرة، ودافع عنها حتى آخر حياته، لكنه لم يحظ بالمعرفة الكافية التى تظهر دوره ومكانته، لكن الخيارات السياسية زمن السادات جعلته مقصيًا عن المشهد الأدبى عامة.
.