السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

حواديت عيال كبرت "54".. حديث الروح

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
صخب في كل شيء ثم خفوت واندثار.. دون سبب للصخب ولا سبب للاندثار.. تلاشي قيم ومعاني.. ووحدة قاتلة رغم الزخم.. معطيات للحزن تزداد وكسوف للسعادة.. حالة تبلد مقيتة.. وألوية للتفاهة ترفرف وأخرى للعلم والثقافة تنكس.. حروف مبدورة دون أي معنى.. ملايين من الصور والوجوه مرسومة دون أن تجسد شيئا واضح المعالم.. مراكب تتزاحم في وحل.. وأنبياء كثر جفاهم الوحي.. شعوب تحفظت على الله في السماء، وعلمت صغارها أنه هناك وأن الأرض لمن يملك السلاح.. وخطأ أن أبوهم نزل بالكلمة.. نياشين توضع على الرأس والصدر وكتب سماوية تدس في خزانات.. فكر بلا أوابد ودوي طلقات يملأ الأذن.. عهود ربانية خلفناها وعهود شيطانية وثقناها.. هذا عالم أحياه.. نحياه.. عالقين بين المفروض جبرا والمفترض اختيارا.
وأنا هنا أنتظر الحلم.. أقف على ناصية الغد بزوادة أمل تنقص كل لحظة جرعة وقضمة.. كسقا يفرغ ما معه من ماء وينسى أن يحتفظ لنفسه بقطرة.. أقطع ألف ميل ثم اكتشف أنني ما زلت في نفس الخطوة.. الزيف يحاصرني فأصبر نفسي بأنني الأنقى.. لكنني أدرك أن العملة التي في قلبي لم تعد صالحة للتعامل فأدسها في روحي بحسرة.. أبحث عن السبيل فتتعثر أقدامي في ليل طويل جفاه شعاع الفجر.. تضيع مني البوصلة.. ولا أجد لي قبلة.. كغريب توضأ ليقيم الصلاة فاحتار إلى أين يكون وجهه.. غريق حتى الثمامة لا يجدها.. طائر قيد الصياد أوابده ثم سأله هل تجيد التحليق فوق هذه البقعة.. أنا متعب يارب.. متعب إلى الحد الذي أتمنى فيه أن تنتهي الرحلة.. سئمت من إعادة نفس السطور.. من النظر في نفس الوجوه.. من استقبال نفس الصبح.. من ارتداء نفس الملابس.. من محاولة فك طلاسم نفس الأقنعة.. فأين الصبح يالله فقد مقت هذا الليل الكئيب.. خذ بيدي إليك.. فإن الروح لا تقوى.
أو انصفني في قلمي.. لا تجعلني ممن يكتب خشية إملاق.. اللهم إن كثر الغثاء فامنحني النقاء.. وإن زاد اللغط هبني السكينة.. وإن طغى الخوف ارزقني الطمأنينة.. اللهم إن لم ينصفن عبادك قربته منك على قلبي المتعب تكفيني.. فاجعل لي من لدنك مدادا لا ينتهي وحرفا لا يجافيني.