السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

طه الفشني.. قارئ الملوك والرؤساء

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تحل اليوم الإثنين، 10 من ديسمبر لعام 2018، الذكرى الـ47 على رحيل الشيخ طه الفشني، أحد أعلام قراء القرآن والمنشدين المصريين، الذين امتازوا بعذوبة الصوت، صاحب مدرسة متفردة في التلاوة والإنشاد، وكان على علم كبير بالمقامات والأنغام، وانتهت إليه رئاسة فن الإنشاد في زمنه.
ولد الشيخ طه حسن مرسي الفشني، عام 1900م، بمركز الفشن، محافظة بني سويف، حفظ القرآن وتعلم القراءات، وتدرج الشيخ طه في دراسته الدينية والعامة وحصل على كفاءة المعلمين من مدرسة المعلمين سنة 1919م.
حضر الشيخ طه إلى القاهرة، والتحق ببطانة الشيخ علي محمود، ثم ذاع صيته بأنه قارئ ومنشد حسن الصوت، والتحق بالإذاعة المصرية عام 1937م بعد ثلاث سنوات على تأسيسها، وعين قارئًا لجامع السيدة سكينة سنة 1940 وحتى وفاته، اختير الفشني رئيسًا لرابطة القراء خلفًا للشيخ عبد الفتاح الشعشاعى سنة 1962م، ورحل في 10 ديسمبر 1971. 
يعد "الفشني" خير خلف لخير سلف باعتباره التلميذ النجيب للشيخ على محمود، بدأ حياته العملية مطربًا، وكان بوسعه أن يستمر فى الغناء لولا النزعة والتربية الدينية التى اكتسبها من دراسته فى الأزهر، كما كان لسكنه فى حى الحسين أثرا كبيرا فى تردده على حلقات الإنشاد الدينى، إلى أن نبغ وأصبح المؤذن الأول لمسجد الإمام الحسين، كما كان يرتل القرآن الكريم فى مسجد السيدة سكينة، واشتهر بقراءته لسورة الكهف يوم الجمعة وكذا إجادته تلاوة وتجويد قصار السور.
كان والده تاجر أقمشة من ميسورى الحال اختار لابنه أن يكمل تعليمه بعد أن دخل الكتاب وحفظ القرآن وعمره 10 سنوات، وقبل أن يصل عمره للعشرين أكمل تعليمه، وحصل على مدرسة المعلمين، وفى دراسته فى تلك المدرسة اكتشف عذوبة صوته ناظر المدرسة، وأسند إليه القراءة اليومية للقرآن فى الطابور وحفلات المدرسة، ولكن كان طموح والده أن يكمل ابنه دراسة القضاء الشرعى، وبالفعل ذهب إلى القاهرة للالتحاق بمدرسة القضاء الشرعى إلا أن ثورة 1919 كانت مشتعلة، والأحداث حالت دون استقراره فى القاهرة فعاد مرة أخرى إلى بلده الفشن وإن كان اختار طريقه فذهب يحيى السهرات فى المآتم كقارئ للقرآن فى بلدته والقرى المجاورة له.
بدأ يأخذ سمعه أنه قارئ للقرآن الكريم ولكنه لم يكن مضطرًا فى الاستمرار فى القراءة للقرآن، خاصة أنه من أسرة ميسورة الحال وكان شيئا ما يجذبه ناحية القاهرة عندما لم يتمكن فى المرة الأولى عندما حضر اليها من أن يلتحق بمدرسة القضاء الشرعى عاد ولكن كان منظر حى الحسين فى خاطره، ولذلك كان شيء يناديه فى القاهرة وسافر إليها مرة أخرى ليلتحق بالأزهر هذه المرة، وغرضه أن يتعلم فنون القراءات.
حصل على إجادة علم القراءات على يد الشيخ عبد الحميد السحار وأتقن علوم التجويد، وكأن وجوده فى القاهرة حوله لشيء آخر فأثناء دراسته فى الأزهر أخذه حى الحسين بعد أن اتخذه مسكنًا له وكان قريبًا منه فى السكن الشيخ على محمود ملك التواشيح الدينية، وكان للشيخ "محمود" فرقة تواشيح خاصة فعرض على الشيخ طه الفشنى أن ينضم لبطانته.
وفى هذه الفترة كانت فرصة جيدة أن يتعلم "الفشنى" الطرب، خاصة أن الشيخ على محمود يعد مدرسة الطرب المصرى، ولكن طريق "الفشنى" كان مختلفا ففى أحد الليالى بحى الحسين عام1937، كان فى حفلة ضخمة، وكان يحضرها سعيد باشا لطفى رئيس الإذاعة المصرية وكان على علاقة خاصة تجمعه بالشيخين على محمود وطه الفشنى باعتباره امتدادًا له.
وأعطى الشيخ على محمود الفرصة للشيخ طه الفشنى أن يقرأ أمام رئيس الإذاعة، كما أعطاه مقعده وبدأ يقرأ القرآن، وكان يوم تجل للفشني، وغرد فيه بشكل غير طبيعى لدرجة أبهرت رئيس الإذاعة، وبعد أن أنهى الفشني القراءة استدعاه رئيس الإذاعة، وقال له: "ياشيخ طه بكره لازم تكون عندنا فى الإذاعة المصرية، وصوتك لازم يأخذ فرصته ويستمع له الناس فى كل بر مصر"، وفى اليوم التالى ذهب "الفشنى" للإذاعة وأجرى اختبارًا، والتحق بالإذاعة المصرية سنة 1937 وقدرت لجنة الاستماع صوته بأنه قارئ من الدرجة الأولى الممتازة وكان مخصصًا له قراءة ساعة إلا ربع فى المساء فى الإذاعة.
كان دخول "الفشنى" الإذاعة فرصة مهمة لأنه بدأ اسمه ينتشر وتذاع قرءاته فى كل مكان فى بر مصر نتيجة عمله بالإذاعة، وتلازم مع الشيخ مصطفى إسماعيل فى السهرة الرمضانية فى السرايا الملكية عند الملك فاروق.
استمر كمنشد دينى وحانت له الفرصة عندما مرض الشيخ على محمود، وكانت هناك مناسبة كل شهر هجرى تنظم الإذاعة حفل إنشاد دينى وطلبت منه الإذاعة أن يحل محل شيخه على محمود، لكنه رفض أن يقبل طلب الإذاعة إلا بعد موافقة الشيخ على، وذهب إليه فقال له الشيخ: "اذهب ياطه يا ابنى اقرأ أنت خليفتى"، لتذاع الحفلة ويزداد شهرة فى فن الإنشاد الدينى مما دعاه أن ينشئ فرقة خاصة به للإنشاد الدينى عام1942 مع استمرار عمله كمقرئ.
لحن "للفشنى" كبار ملحنى التواشيح منهم درويش الحريرى، وزكريا أحمد، وسيد شطا، ومحمد إسماعيل، وموسى الحريرى، وعندما بدأ التليفزيون إرساله كان "الفشنى" من أوائل المقرئين وظهر لأول مرة يوم 26 أكتوبر سنة 1963، وهو يتلو بعض الآيات من سورة مريم، وكان الملك فاروق يحرص على حضوره حفلاته، وتم اختياره لإحياء ليالى شهر رمضان بقصرى عابدين ورأس التين لمدة تسع سنوات، وكان القارئ المفضل للزعيم جمال عبد الناصر، وكذلك الرئيس الراحل محمد أنور السادات، الذى كرمه مبعوثا إلى تركيا لإحياء شهر رمضان، حيث أنه فوجئ عند زيارته لجمعية القراء الأتراك الذين أعجبوا إعجابا شديدا بتلاوته وبصوته وجعل المدعوين يستمعون إليه فى خشوع ويبكون بين الحين والآخر أثناء تلاوته وتكريما له بعد وفاته فى الخامس من فبراير عام 1972 أطلق اسمه على أحد شوارع مدينة نصر بجوار مسجد الأرقم – بالقاهرة.
من أعماله في الإنشاد " اسقنى فى ألحان راحى، أنت للإحسان أهل، اهدى قلبى وخاطرى وضميرى، إذا باهى الأنام بأى هاد، آخذ بالروح منى، ألا زعمت ليلى بأنى أحبها، بشراك يا نفس، لى فيك يا أرض الحجاز حبيب، الله زاد محمدًا تعظيمًا، والسيرة العطرة"، وتوفي الشيخ الراحل في العاشر من شهر ديسمبر عام 1971.