الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

خبراء يضعون روشتة تقليل استيراد القمح من الخارج.. تغيير النمط الاستهلاكي للمصريين يُحقق وفرة.. والشوفان والذرة الرفيعة والشامية البدائل الأفضل

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تسعى مصر إلى زيادة إنتاجها من القمح من خلال زيادة المساحة المنزرعة منه في المناطق المستصلحة حديثًا في محاولات دائمة لسد الفجوة بين الاستيراد والاستهلاك المحلي، خاصة أن مصر تستوررد نحو 55% من احتياجاتها من الأقماح سنويًا من الخارج في حين يُقدر الاستهلاك السنوي بحوالي 16 مليون طن، والإنتاج حوالي من 7 إلى 8 ملايين طن قمح، لكن يظل السؤال مطروحًا؛ هل يُمكن تحقيق وفرة من القمح من خلال زراعته في أراضي الدلتا، بما يُساهم في تقليل الفجوة الاستيرادية من الخارج. 
البداية كانت من دراسة بعنوان؛ "تقييم المخاطر المُحتملة لبدائل حل مشكلة القمح في مصر"، للباحثين هاني الشتلة وسامي أبو رجب، فإن المخاطرة في زيادة المساحة المنزرعة على القمح على حساب محاصيل أخرى، سيؤدي للإخلال بالتوازن القائم ما بين الإنتاج والاستهلاك المحلي، مثل:"بنجر السكر – الفول البلدي – البطاطس – البصل" والتي تصل متوسطات نسب زراعتهم ما بين 1،7% إلى 4،5% من جملة مساحة الحاصلات الشتوية. 

والدولة منذ أن ألغت التوريد المحلي الإجباري للقمح عام 1989، عمدت إلى تحديد سعر توريد المحصول بعد زراعته، وأنها تتابع رفع هذا السعر استرشادًا بالأسعار المزرعية، الأمر الذي لم يعد مشجعًا للفلاحين لتوريد المحصول للشون الحكومية، ولم يكن له تأثير مباشر في زيادة أو خفض مساحة القمح المنزرع، فضلًا على أن تكاليف إنتاج الفدان، أصبحت أكبر من السعر الذي تُعلن عنه الحكومة، وعليه فإن قرار الفلاح بزراعة محصول ما يتعين بشكل رئيسي تبعًا لسعر البيع المتوقع، وبالتالي فإن أداة التحفيز السعري أو ما يُعرف بسعر الضمان يؤدي لتشجيع المُنتجين على التوسع في مساحات القمح، بالإضافة إلى زيادة كمية التوريد المحلي، بحسب الباحثين. 
ويُتابع الباحثون هاني الشتلة وسامي أبو رجب، أنه لابد من التوسع في زراعة القمح بالأراضي الجديدة، موضحين أن فدان القمح في الأراضي القديمة يستهلك مياه ري تقدر بنحو 1860 م3، في حين فدان البرسيم يستهلك 3850 م3، وفدان القمح في الأراضي الجديدة يستهلك 2030 م3، وبذلك فإن كمية مياه الري المتوافرة من التوسع في مساحة القمح بمعدل 10،6 ألف فدان سنويًا على حساب البرسيم في أراضي الوادي والدلتا تبلغ 1990 م3 للفدان، بإجمالي 21،1 مليون م3 من المياه. 

وأنه من خلال تحويل كمية المياه المتوافرة للتوسع في زراعة القمح بالأراضي الجديدة، فإنها تكفي لري 10،4 ألف فدان قمح تُنتج حوالي 19،9 ألف طن، وفقًا للباحثين. 
كما أن المشروع القومي لترعة السلام والذي يستمد المياه الخاصة به من مياه نهر النيل من فرع دمياط بحجم 2،11 مليار م3، ومياه صرف زراعي مقدارها 2،34 مليار م3، تكفي لاستصلاح 400 ألف فدان، يقع منها 275 ألف فدان في شمال سيناء، وأنه إذا ما تمت زراعة نصف هذه المساحة فقط بمحصول القمح، فإنه من الممكن توفير أكثر من 150 ألف طن، بحسب دراسة باحثي مركز بحوث الصحراء. 

وقال محمد عسران، الخبير الزراعي ووكيل وزارة الزراعة بمحافظة الشرقية الأسبق، إنه من الضروري تغيير النمط الاستهلاكي للمصريين، حيث إن كثيرا من دول العالم لا تعتمد على القمح في الغذاء كما تعتمد مصر، خاصة أن الخبز المصنوع من الأقماح يُسبب مشاكل صحية أيضًا لوجود نسب مرتفعة به من "الجيلوتين" الذي يتسبب في الإصابة بمرض "السلس"، لذا فإن الخبز المصنوع من القمح في دولة كأمريكا أرخص من غيره المصنوع من الشوفان والذرة الرفيعة والشامية.
وأضاف عسران لـ"البوابة نيوز": "أنه لابد من وضع خطط بديلة لسد فجوة الحبوب، ولا نقوم بالتركيز فقط على زراعة القمح واستهلاكه، فمعظم دول العالم استوعبت المشاكل الصحية التى يتسبب بها الجيلوتين، ولابد أن يكون لدي وزارة الزراعة حلولًا بديلة لزراعة الأراضي التي تُعاني من الجفاف والملوحة والتُربة الغذائية الفقيرة كزراعة الذرة الرفيعة واستخدامها كبديل للقمح في غذاء المصريين".
وأشار إلى أن زراعة محصول كالذرة الرفيعة لا يتطلب جودة الأرض المُستخدمة في زراعة القمح، حيث إن الأراضي الهامشية والأراضي التي ترتفع بها نسبة الملوحة يمكن زراعتها بالذرة التي تُعيد خصوبتها مرة أخرى وأيضًا قد تكون بديلًا مناسبًا لاستهلاك المصريين من القمح، خاصة أنه كان بالفعل يحدث ذلك مُنذ عدة عقود في مصر فيما يُسمى "العيش البتاو".

ويقول الدكتور مصطفى السعدني، أستاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة دمنهور، إن العائق الأكبر أمام مصر في سلك طريق الاكتفاء الذاتي من القمح هو؛ الزيادة السكانية، على الرغم من زيادة المساحة المساحة المزروعة بالمحصول سنويًا إلا أن عدد السُكان المتزايد سنويًا يلتهم تلك الزيادة، في حين أنه لا يُمكن إجبار الفلاح، في ظل التحرر الاقتصاي، على زراعة محصول القمح على حساب آخر.
ويُشير السعدني في تصريحات لـ"البوابة نيوز"، إلى ضرورة ترشيد استهلاك المواطين من الخبز والاعتماد على بدائل أخرى، حيث أن معدل استهلاك المواطن المصري من القمح يصل إلى نحو 180 كيلو جرام/عام، في مقابل 85 كيلوجرام/عام متوسط الاستهلاك العالمي من القمح، وهو معدل مرتفع جدًا عن دول العالم أجمع، كما أن البعض يسيء استغلال رغيف الخبز المُدعم بوضعه كطعام للطيور.