السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الـتـنـظـيـم الـسري للإخوان "3- 4"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
..ومن أخطر القضايا التى كشفت أسرار التنظيم السرى لجماعة الإخوان تلك القضية التى عُرفت باسم (قضية السيارة الجيب) وقد حكى كل تفاصيلها «أحمد عادل كمال - عضو التنظيم السرى» فى كتابه (النقط فوق الحروف)، وقال: كان للتنظيم السرى تقارير يُحررها الأعضاء عن الأهداف والعمليات، وأوراق عن خطط واستراتيجيات التنظيم، وقائمة بأسماء الأعضاء، ودراسات عن مُختلف أنواع الأسلحة والقنابل والمتفجرات، وأطلقنا على كل هذه الأوراق اسم (عُهدة المدرسة)، وكانت موجودة فى شقة مُستأجرة فى حى الدمرداش، فأمر «عبدالرحمن السندى - قائد التنظيم السرى» بالتخلُص منها، وحينما حاولنا نقلها فى «سيارة جيب»، توقفت السيارة بما فيها أمام المنطقة التى كُنا سننقلها فيها، وشك فيها أحد المُخبرين التابعين للبوليس كان مُتواجِدا صُدفة فى المنطقة، مما اضطرنا إلى ترك السيارة والهروب، لكن قُبض على ثلاثة مِنَّا وَهُم (أنا وطاهر عماد الدين وإبراهيم محمود)، وكان «مصطفى مشهور - أحد الخمسة الكبار المسئولين عن التنظيم السرى» يمُر بالمنطقة وفى يده حقيبة جلدية بها مجموعة خطيرة من أوراق التنظيم السرى، وتم القبض عليه أيضًا.
على إثر ذلك قام عدد من أعضاء التنظيم السرى بمحاولة لِنسف محكمة استئناف القاهرة والتى كان يُحفظ فيها أوراق (قضية السيارة الجيب )، وتمكن «شفيق أنس - عضو التنظيم السرى» مِن وضع حقيبة مملوءة بالمواد الحارقة مُعِّدة للانفجار بجوار دولاب حِفظ أوراق القضية، وقد تمكن أحد المُخبرين من مُلاحظة «شفيق أنس» وهو يَتْرُك الحقيبة وينزِل مُسرِعًا على سلالم المحكمة، فجرى المُخبر سريعًا وحمل الحقيبة وجرى بها خلف «شفيق أنس» وأسرع فى الجرى حتى لا تنفجِر الحقيبة وسط المحكمة، ولما خرج من المحكمة حذّر المُخبر من الحقيبة وتركها تنفجر فى خارج المحكمة دون حدوث خسائر، وقُبض على «شفيق أنس».
وفى الثامن من ديسمبر ١٩٤٨، أصدر «محمود فهمى النقراشى باشا - رئيس الوزراء ووزير الداخلية» قرارًا يقضى بـ(حل جماعة الإخوان) وتم القبض على عدد من قياداتها وأعضاء بالتنظيم السرى وتم فصل موظفيها والطلبة المنتمين لها، ولكن بعد (٢٠) يومًا من قرار الحل اغتاله «عبدالمجيد أحمد حسن - عضو التنظيم السرى» بعد أن تنكر فى زى ضابط بوليس واقتراب من النقراشى باشا أثناء دخوله لمبنى وزارة الداخلية وأطلق عليه ثلاث رُصاصات أدت إلى وفاته فى الحال.. هُنَا يقول «يوسف القرضاوى - أحد قيادات الإخوان» فى كتابه (ابن القرية والكُتَّاب): بعد حل الإخوان بعشرين يومًا أُغتيل النقراشى باشا فى قلب عرينه فى وزارة الداخلية وأُطلِق عليه رُصاصات أودت بحياته، وكان الذى قام بهذا العمل طالبًا فى كلية الطب البيطرى واسمه «عبدالمجيد حسن» أحد طُلاب الإخوان من أعضاء التنظيم السرى.
بعدها تنصل الإخوان من «عبدالمجيد أحمد حسن - مُنفِذ الاغتيال»، وهو ما جعلهُ يعترف أمام النيابة بانتمائه للإخوان وأن التنظيم السرى هو الذى اختاره للمُهمة التعِسة وأفشى بأسماء الذين كلفوه وأفتوا له ولَم يَتْرُك مما يعرِف صغيرة وكبيرة إلا أحصاها وباح بها.
هُنَا يكشف «خالد محمد خالد»، معلومة فى غاية الأهمية فى كتابه (قصتى مع الحياة)، ويقول: إن «عبدالمجيد أحمد حسن»، طالب فى كلية الطب البيطرى، وعضو بالتنظيم السرى، وكان اسمُه مُدرجًا ضمن المطلوب اعتقالهُم، لكن «النقراشى باشا» شخصيًا قام بشطب اسمه بِخط يده من كشوف المطلوب اعتقالهم لأنه «والد عبدالمجيد» كان موظفًا بوزارة الداخلية، وحينما توفى والده قرر «النقراشى باشا» إعفاءه من مصروفات الدراسة، وجاءت نهاية «النقراشى باشا» على يد من شطب اسمه من كشوف المعتقلين وأعفاه من مصروفات الدراسة.
ليس هذا فقط، بل يعترِف «محمود الصّباغ - عضو التنظيم السرى» فى كتابه (حقيقة التنظيم الخاص) ويقول: إن عملية اغتيال «النقراشى باشا» جاءت من باب حماية الدعوة بعد قيام النقراشى باشا بحل جماعة الإخوان، وقد تم تشكيل خلية من أعضاء بالتنظيم السرى لهذا الغرض، ونجحوا فى اغتياله فى مركز سُلطانه ووسط ضباطه وجنوده وهو يَدْخُل مِصعد وزارة الداخلية.
لم تتوقف جماعة الإخوان وتنظيمهُم السرى عن الجرائم، بعد أن رأوا أن «إبراهيم عبدالهادى باشا - رئيس الوزراء الجديد» امتدادًا لـ «النقراشى باشا» وقرروا اغتياله، وجهزوا خطة لاغتياله وهو فى طريقه لرئاسة الوزراء وأطلقوا عليه الرصاص فى الخامس من مايو عام ١٩٤٩، أصابت بعض المارة ولَم تُصِب الموكِب الذى اعتقدوا أنه موكِب رئيس الوزراء، ولكنه كان موكِب «حامد جودة - رئيس مجلس النواب»، ولَم يُصِب بأى أَذى وتم القبض على مُنفذِى الجريمة.
وفى مساء ليلة الثانى عشر من فبراير عام ١٩٤٩ قُتِل «حسن البنّا مُرشد الإخوان» أثناء خروجه من مقر جمعية الشبان المسلمين فى شارع رمسيس بـ(٧) رصاصات استقرت فى جسده وتوفى بعد نقله لمستشفى قصر العينى، وتولى بعده «حسن الهضيبى» ليكون المُرشد الثانى للإخوان.
وحينما قامت ثورة (٢٣ يوليو ١٩٥٢) طلب جمال عبدالناصر من الإخوان حل التنظيم السرى وتسليم سلاحه، ودبت الخلافات بين أقوى شخصين فى الجماعة وهما («حسن الهضيبى - «المُرشد»، وعبدالرحمن السندى - «قائد التنظيم السرى»)، وفى أول مواجهة بينهما قال «السندى» لـ«الهضيبى»: «أنا بنيت التنظيم مع الشيخ حسن البنّا وسأُهدمُه طوبة طوبة مثلما بنيتُه».