الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

دقت ساعة السيول "خد لك ساتر من طوفان الميه".. مليارات الأمتار من المياه مفقودة سنويا.. ومدن وقرى في مرمى "الكارثة".. خبراء يضعون روشتة للتعامل مع الأزمة: بناء سدود خرسانية أسفل الجبال

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
دقت ساعة الشتاء فى مصر، سيناريو السيول فى بعض المحافظات غرق الشوارع فى بعض المدن والأحياء الجديدة يتكرر، الأرصاد لا تملك إلا التحذير، والحكومة من جانبها أعلنت الطوارئ ورفعت درجة الاستعداد القصوى لمواجهة أخطار السيول.

خبراء أكدوا أنها ثروة مهدرة فى مصر، ورأى آخرون أن هناك 4 محاور تحافظ على هذه الثروة وتضمن الاستفادة الحقيقية والمثلى لمياه السيول دون هدرها.
ظهرت مشكلة السيول فى مصر خلال السنوات الماضية، بعد أن بدأت عمليات التعمير الاتجاه نحو الأراضى الصحراوية لاستيعاب الزيادة السكانية التى تحدث يوما تلو الآخر، فى المقابل إعمار عشوائى للمدن أصبحت فى مصد السيول بطريقة مباشرة، وأصبحت من أولى المناطق التى تغرق بفعل أى سيل سواء كان شديدا أو حتى ضعيفا.
السيل هو سقوط مفاجئ لكميـات غـزيرة مـــن الأمطـار فى شــكل عاصفــة فوق منطقــة محدودة المســاحة نسبيًا، يتبــعها حـــــدوث تدفقــات مائيــة شــديـــدة بالغـــــة الســـرعة عـــلى هيئة فيضانــات خاطــفــة ومدمـــــــرة. ينتج الجريان السيلى فى الصحارى نتيجة لخصائص المطر فى هذه المناطق الصحراوية الذى يتميز بعدم الإنتظام والتغير زمنيًا ومكانيًا.
وتتراوح المدة الشديدة للسيل فى أغلب الأحوال ما بين ١٠ و٣٠ دقيقة، ويؤدى الجريان السيلى إلى تخريب وتدمير مظاهر الحياة فى الصحارى، حيث تدمر السيول الطرق وتجرف السيارات مما ينتج عنه العديد من الضحايا من مستخدمى هذه الطرق، هذا إلى جانب ضياع كميات كبيرة من مياه السيول، والتى يمكن الاستفادة منها فى عمليات تنمية واستصلاح هذه المناطق، إلى جانب تدمير المناطق العمرانية والسكنية والمزارع المقامة فى الأودية الصحراوية أو على سطح المراوح الفيضية التى تمثل مصبات هذه الأودية.
كارثة طبيعية
والملاحظ أنه عندما تجتاح السيول منطقة ما فإنها تعتبر إحدى الكوارث الطبيعية والبيئية نظرا لما تسببه من أضرار جسيمة لا يمكن مواجهتها خاصة فى الدول النامية حيث إنها قد تكون على خلاف ذلك تماما لأن المسبب لها هو هطول الأمطار الذى ينتهى إلى كميات من المياه العذبة يمكن الاستفادة بها إلا أن الأضرار الناجمة عنها قد تكون فى السرعة الهائلة التى تعطيها القوة التدميرية حتى تكتسح فى طريقها كل ما يعترضها من البشر والبهائم والأخضر واليابس والمنشآت مما يؤدى إلى خسائر فى الأرواح والممتلكات والبنية الأساسية، فإذا استطعنا التحكم فى هذه المياه والسيطرة على طاقتها فمن المؤكد أنها تشكل مصدرا من مصادر النماء والخير.
ظاهرة تحكمها عوامل
وعلى الرغم من أن ظاهرة السيول تحكمها مجموعة من العوامل الطبيعية التى لا يستطيع الإنسان التدخل فيها، إلا أنه يمكنه أن يحولها من النقمة إلى النعمة عن طريق دراسة مصادر القوة والضعف والتدخل فى الوقت المناسب بالطريقة الصحيحة لتلافى السلبيات وتعظيم الإيجابيات لهذه السيول، وفى إطار المتغيرات المناخية التى أصبحت حقيقة يتحدث عنها العالم، هناك مشاهدات وملاحظات أن معدلات هطول الأمطار أصبحت كثيفة فى زمن قصير مما يعنى أن السيول ستزداد فى بعض المناطق خاصة فى سواحل البحر الأبيض المتوسط كما أشارت اللجنة الدولية للتغيرات المناخية ولابد أن نتوقع أن السيول سوف تتكرر وبحدة أيضا. تتضارب الأرقام بشأن أحجام مياه الأمطار الساقطة على مصر، إذ تُشير دراسات إلى أن حجم الأمطار الساقطة يٌقدر بنحو ٥١ مليار م٣، وأحيانًا ٥٥ مليار م٣. فى حين تلفت دراسات وتصريحات خبراء إلى أن حجم الأمطار الساقطة يُقدر فقط بـ٨ مليارات م٣.
فبحسب دراسة، أعدها الدكتور خيرى حامد العشماوي، أستاذ الاقتصاد الزراعى بالمركز القومى للبحوث، بمشاركة الدكتورة ليلى مصطفى الشريف، أستاذ الاقتصاد الزراعى بالمركز القومى للبحوث، حول الموارد المائية فى مصر، فإن الأمطار والسيول التى تتساقط على الساحل الشمالى الغربى، تتراوح من ٥٠ إلى ١٥٠ ملليمتر فى العام، وتزرع مساحات من الشعير تصل فى السنوات الجيدة إلى أكثر من ١٠٠ ألف فدان، أما فى الساحل الشمالى الشرقي، فإن الأمطار تتزايد كلما اتجهنا شرقًا، فمعدلها عند العريش ١٥٠ ملليمترًا بينما يصل فى رفح إلى نحو ٢٥٠ ملليمترًا. وأكدت الدراسة، أن متوسط التساقط المطرى السنوى على كامل الأراضى المصرية يُقدر بحوالى ٨ مليارات متر مُكعب، وأن السريان فى حدود ١.٨ مليار متر مُكعب، وأن هذا يساعد على استقطاب وحصاد مياه هذه الأمطار فى سيناء والساحل الشمالى وسلسلة جبال البحر الأحمر الشرقية فى حدود ٢٠٠-٣٠٠ مليون متر مُكعب سنويًا. وهناك أرقام أخرى ذكرت أنه يتساقط على الأراضى المصرية أمطار غزيرة تصل إلى حد السيول التى تهطل فى مناطق متفرقة خلال فصل الشتاء أبرزها سواحل البحر الأحمر وأسوان والوادى الجديد.
وبحسب المعلومات المتاحة: فإن كمية المياه التى هطلت خلال الأيام الماضية بصحراء الإسكندرية والبحيرة قٌدرت بـ٣ ملايين و٥٠٠ ألف متر مكعب مياه. وبحسب تقديرات منظمة «الفاو» أشارت إلى أن حجم الأمطار سنويًا فى مصر يصل إلى ٥١ مليار متر مكعب، وهى نسبة توازى حصة مصر من مياه النيل المقدرة بـ٥٥.٥ مليار متر مكعب، ما يعنى أن مصر لديها كنز يجب استغلاله.
مدن فى مواجهة الخطر
الغريب فى الأمر، أن تجد مدينة لم يتخط عمرها العقد تشهد أمطارا غزيرة كل شتاء مما يؤدى إلى حدوث شلل جزئى بالكثير من شوارعها وهى منطقة القاهرة الجديدة، وقد حدث الكثير من المشكلات بالمنطقة على مدار الأعوام الماضية وغرقت الكثير من أحيائها الراقية وشوارعها النظيفة بالمياه، كما أغرقت مياه الأمطار مداخل بعض العمارات، وعجز سكان المنطقة سواء داخل المنازل أو خارجها عن التحرك والوصول إلى سياراتهم أو إلى منازلهم، خاصة فى شارع التسعين بمنطقة التجمع الخامس، كما تسببت الأمطار المصحوبة بالرياح بسقوط بعض الأشجار بالمنطقة، ما أسفر عن توقف الحركة المرورية بسبب تكدس السيارات فى الشوارع الرئيسية.
أزمة منخفضات
وتراكمت مياه الأمطار فى شوارع مدينة القاهرة الجديدة لكونها مختلفة المناسيب، وتوجد فيها أماكن مرتفعة وأخرى منخفضة انخفاضا ملحوظا عن غيرها، إضافة إلى وجود الكثير من المنحنيات فى الطرق، وقد تم صرف جزء كبير من مياه الأمطار ببلاعات الصرف الصحى وتراكم الجزء الآخر فى البؤر المنخفضة بالشوارع وفى جراجات السيارات المنخفضة عن الأرض.
ولم تكن هذه المرة الأولى من نوعها حيث حدثت نفس المشكلة بنهاية شتاء العام الماضى وقد تسببت سيول نهاية الشتاء بالكثير من المشكلات حينها، كما تسببت بالكثير من الخسائر بالأموال والممتلكات وما إلى ذلك، وقد كان السبب واضحا حينها حيث كانت نهاية الشتاء الماضى وتغيرت الأحوال الجوية بصورة مفاجئة وتسبب بالكثير من المشكلات، منها غرق جراجات سيارات بأكملها وغرق المناطق المنخفضة بالمنطقة.


تغيرات مناخية
ويقول الدكتور أحمد فوزى دياب، الخبير المائي، إنه يجب الحذر من التغيرات المناخية التى بدأت بالظهور خلال هذه الأيام حيث إنه من الواضح أن الشتاء سيكون شديدا هذا العام، حيث إن بدايته قاسية والجو يكون فى غاية البرودة بالمساء، كما أن هناك تغيرات ملحوظة فى خريطة الأمطار المعتادة، ليس على مستوى مصر فقط، وإنما على مستوى العالم أيضًا، وهو ما يظهر خلال كل فصل شتاء.
وأضاف «دياب»، أن السيول أمر خطير خاصة إذا لم يتم التجهيز والاستعداد له بالشكل الأمثل، كما يجب مواجهته ومحاولة الاستفادة بكل قطرة مياه، ومن المهم أيضا أن يتم تجهيز البالوعات وتسليكها حتى تستوعب كميات كبيرة من مياه السيول، مع ضرورة التأكد من عمل تلك البالوعات بالشكل الأنسب، وإقامة حواجز ترابية وكتل صخرية فى الممرات والملفات الخطرة داخل المدن، حتى يتم تصريف المياه أولا بأول وذلك لمنع تراكمها فى منطقة واحدة وجعلها تتسبب بغرق الجراجات والطرقات.

مخاطر البناء العشوائي
ويشدد الدكتور باسل الصباغ، الأستاذ بالمركز القومى لبحوث الإسكان والبناء، على ضرورة الاهتمام جيدا بتشكيل ممرات للسيول حتى لا تتراكم المياه تحت المبانى السكنية، وتابع: إن ذلك يمكن أن يتسبب بتلف أساسات الأبنية مع مرور الوقت، وأضاف، كما يجب أن تكون هناك خطة محكمة لتصريف المياه خارج المدن خاصة المدن الجديدة حيث يكون هناك الكثير من المناطق المنخفضة عن الأخرى التى تستوعب الكثير من مياه الأمطار وتجعلها تتكدس داخلها، مما يؤدى إلى صعوبة خروجها مرة أخرى إلا بعد فترة طويلة مع استخدام سيارات شفط المياه، كما يجب مراعاة تنظيف بالوعات الصرف الرئيسية بصورة دورية خلال هذه الأيام قبل هطول الأمطار بغزارة حتى تسيطر على الأوضاع فى حال حدوث أى أمطار.
مصدات السيول
وأكمل «الصباغ» أنه وفقًا للأمم المتحدة تمتلك مصر ثروة حقيقية متمثلة فى مياه الأمطار ورغم هذا لا تستغلها الاستغلال الأنسب، لافتًا إلى أن استغلال السيول يكون من خلال إنشاء مصدات السيول، ولكنها مرتفعة التكاليف، ولذلك يجب محاولة تحقيق أقصى استفادة ممكنة من مياه الأمطار لاستغلالها.
يضيف «الصباغ» أن كميات المياه من الأمطار تختلف من مكان إلى آخر فعادة مياه المطر تمثل خطورة على المبانى غير المجهزة بموانع للرطوبة نظرا لقدرة المياه على الاختراق المباشر لسقف المبنى وعناصره المختلفة ولذلك يجب عزل الأسقف حتى لا تتضرر المبانى بصورة كبيرة، كما يمكن الاستفادة من مياه السيول من خلال تنفيذ مشروعات حفظ الأمطار من خلال سدود خرسانية تبنى أسفل الجبال تقوم بحجز المياه ومنع اتحادها مع بعضها البعض وعدم توجهها نحو المساكن الشعبية.
وأوضح «الصباغ» أن مياه السيول يمكن أن يستفاد منها فى تنمية الموارد المائية بجانب إنشاء مساكن شعبية بعيدة عن مخرات السيول، لمنع أى اجتياح للسيول للمناطق الشعبية، كما أن هناك ضرورة ملحة لإنشاء مسارات صناعية تصب مياه السيول مباشرة فى النيل، مؤكدا ضرورة التنبؤ المستقبلى بالسيول قبل وقوعها لبحث الاستفادة منها.

ثروة قومية
ووصف الدكتور نادر نور الدين، أستاذ الموارد المائية وخبير المياه الدولي، مياه الأمطار بالثروة القومية وطالب بالعمل على الحفاظ على استغلالها بأكبر طريقة ممكنة وبالقدر المستطاع، لافتًا إلى أن استغلال السيول يمكن أن يكون من خلال إنشاء مصدات السيول، ولكن العقبة الوحيدة فى هذا الأمر أن مصدات السيول مكلفة جدا فى الإنشاء ولكن يمكن تأسيسها على مراحل وفترات متفاوتة.
وأضاف «نور الدين» أنه يمكن الحصول على قرض من البنك الدولى أو من منظمة الأغذية والزراعة العالمية «الفاو»، وهى منظمات تدعم إنشاء تلك المصدات لتحقيق أكبر استفادة ممكنة من مياه الأمطار، والاستفادة منها بالقدر الممكن بحيث أن كل قطرة من مياه الأمطار تساوى الكثير.
وأردف «نور الدين» أن استغلال مياه الأمطار مهم جدًا وعدم استغلالها يمكن أن يؤدى إلى كوارث كبيرة جدا، وهو ما شاهدناه خلال الأعوام الماضية حيث تسببت مياه الأمطار بغرق مناطق بأكملها وأدت إلى تدمير الكثير من القرى وائتلاف كبير فى مساحات الأراضى الزراعية
حلول ومواجهة
ورأى «نور الدين» أن هناك عدة عوامل تسهم فى الحد من مخاطر الفيضانات والسيول ومن بينها التحليل الدقيق للتوقع بحدوث السيول وفترات تكرارها، وهو أمر مهم للحد من أو تخفيف مخاطر الفيضانات، وذلك من خلال جمع المعلومات الخاصة بالفيضانات السابقة وتحليلها، وإعداد خرائط توضح مسارات مجارى المياه ومناسيبها، إضافة إلى المناطق التى تكون معرضة للفيضانات والسيول ومنع البناء والإحداث فيها ومراعاة انحدار وحجم مجارى الأودية والشعب عند إنشاء مخططات سكنية أو فتح طرق أو إنشاء جسور أو شوارع وأنفاق لتسهيل جريان السيول عند هطول الأمطار، واستخدام التقنيات البسيطة مثل بناء حواجز خرسانية فى أعالى الأودية لتخفيف جريان المياه، وتوعية السكان بمخاطر السيول وخطورة البناء والإقامة فى مجارى الأودية وتوضيح كيفية التعامل معها قبل وأثناء حدوث السيول وبعدها.

مخرات السيول
ويبلغ عدد الأودية (مخرات السيول) الرئيسية بالصحراء الشرقية وتصب فى البحر الأحمر ٤١٤ واديا، وبالصحراء الشرقية وتصب فى وادى النيل ١٥٦ واديا، وفى سيناء ١١٤ تصب فى البحر المتوسط وخليج العقبة أو خليج السويس، وبالساحل الشمالى وتصب فى البحر المتوسط ١٥٧ واديا.
ويوضح الخبير الجيولوجى الدكتور حسن عبدالسلام جمعة أن الخريطة القومية للسيول عبارة عن ٢٠ محورا تتعلق بالمناخ والطبيعة الجغرافية والطرق والمناطق السكنية والإنشاءات ومعدل سقوط الأمطار ومعدل التبخر وكل ما يخص السيول ومساراتها مما يعطينا إنذارا مبكرا عن كيفية الاستفادة من مياه السيول.
كما أن مصر تقع ضمن الحزام الجاف الصحراوية فى المناطق التى تقل فيها الأمطار وتساقطها بل وندرتها فى أحيان كثيرة، إلا أنه وعلى فترات متباعدة، تتساقط الأمطار بكميات غزيرة وفجائية فى أنحاء متفرقة من البلاد على المناطق الجبلية والمنحدرات التى تسهم فى تسريع حركتها لتتحول إلى مصدر للخطورة الداهمة، وتنقسم المناطق المعرضة لمخاطر السيول فى مصر إلى أربع مناطق هى وادى النيل من القاهرة حتى أسوان (شرق وغرب النيل) والصحراء الشرقية (ساحل البحر الأحمر) وشبه جزيرة سيناء وبخاصة العريش وجنوب سيناء ومحافظة مطروح (الساحل الشمالى الغربى للبحر المتوسط) وقد تعرضت محافظات مصر لأخطار السيول منذ عام ١٩٤٧.

الصعيد الأكثر تضررا
وتاريخيا، تعرض وادى النيل إلى سيل جارف أدى إلى انهيار مئات المنازل وتشرد آلاف المواطنين ومصرع ١٧ شخصًا، وضربت هذه السيول أيضًا محافظتى أسيوط وسوهاج، ونتج عنها انهيار قرى بأكملها وتم بناء مناطق للمواطنين الناجين وعرفت بمناطق السيول.
عام ١٩٩٤، كانت كارثة قرية «درنكة» بمحافظة أسيوط، وهى قرية تقع بسفح الجبل الغربى وفيها دمرت السيول ٩ مخازن ممتلئة بما يقرب من ٤٠ طنًا من الوقود الذى طفى على سطح المياه ليتحول إلى سوائل مشتعلة أغرقت القرية وقضت على الكثيرين فى أقل من ٣ ساعات.
وحسب إحصائيات الجهاز المركزى ومديرية الصحة «لم ينج أحد» وتوفى ٣٠٠ شخص، وما يقرب من ٥٠ آخرين تم فقدهم بعد أن انصهرت جثثهم تمامًا وإصابة ٦٥ من أهالى القرية، وعدد المنكوبين ٣٣٧١ مواطنًا، ونتج عن تلك الكارثة فقدان ٤٤٠ أسرة منازلها وتلف ما يقرب من ٢٠ ألف فدان ونفوق ٣٢٠٠ رأس ماشية وانهيار وتصدع الطرق والكباري.
وتكرر نفس السيناريو بتلك القرية عام ٢٠١٤ وتسببت السيول فى غمر ٥ آلاف فدان من الأراضى الزراعية بالمياه، ما أدى إلى غرق المحاصيل وإتلافها، وهدمت المياه العديد من المنازل ونفوق الكثير من الحيوانات، ولكنها لم تتسبب بخسائر بشرية.

«كورنيش الإسكندرية ٢٠١٥»
فيما تسبب هطول الأمطار الغزير بالعديد من المشكلات وأبرزها خروج مياه البحر إلى كورنيش الإسكندرية الأمر الذى أدى إلى وقف حركة المرور ودخول المياه إلى المنازل وسقوط أسلاك الترام ما تسبب فى مصرع ٦ أشخاص وإصابة العشرات.
ورغم أن التجمع الخامس من المدن الجديدة الراقية والتى أقيمت بطرق حديثة لتفادى مثل هذه الحوادث إلا أن سقوط الأمطار الغزيرة أدى إلى غرق شوارع التجمع وتعطل حركة المرور فى شارع التسعين بعد تحوله إلى بركة مياه، كما أدت السيول إلى غرق العديد من الجراجات الخاصة بالسيارات، كما أدت إلى العديد من المشكلات بخطوط الكهرباء بالمدينة.

دراسات: مصر ضمن أكثر 5 دول تأثرًا بتغير المناخ
وفقا للدراسات الحديثة على المياه والأنهار، فإن مصر من أكثر ٥ دول على مستوى العالم تأثرا بتغير المناخ وارتفاع درجات الحرارة وتحديد بالنسبة لمحافظات الشمال وعلى رأسها الإسكندرية ورأس البر والبحيرة ورشيد، بالإضافة إلى محافظات الصعيد، لذلك لابد من وضع خطة دقيقة وممنهجة للتعامل مع المشكلة مستقبليا وعدم الاكتفاء بتجاوزها فقط.
وتكشف الدراسات أن السيول يكون لها خط سير معروف لذلك يجب على الحكومة أن تقوم بتهيئة تلك الطرق للسيول عن طريق تعديل شبكات الصرف الصحى وإقامة بلاعات عديدة بالطرق بحيث تسقط السيول فى البلاعات وتصب بدورها فى مصارف عن طريق شبكات صرف مهيئة لذلك، وبذلك نضمن عاملين أولهما عدم تراكم الأمطار فى الطرق، وبالتالى تقليل الفاقد فى الأرواح والمنشآت، وثانيا ضمان الاستفادة من مياه الأمطار وعدم إهدارها.
كما شددت الدراسات على ضرورة أن تتم إزالة المنشآت والأراضى الزراعية والسكان بعيدا عن الطرق المعرضة للسيول أو على الأقل تحذير السكان وتنبيههم إلى ضرورة مغادرة مساكنهم وأخذ احتياطاتهم قبل هطول السيول وهنا تلعب هيئة الأرصاد الجوية دورا مهما.