الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

الجريمة الأسرية "القتل بدم بارد".. ارتفاع نسبة الجرائم العائلية.. علماء نفس واجتماع: الظاهرة خطيرة والمواجهة ضرورية

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يقتل شقيقه بسبب الميراث، ينهى حياة زوجته بسبب مصاريف المنزل، يطعن والده حتى الموت بسبب المخدرات، تلك العناوين السابقة وغيرها عن جرائم تحدث فى نطاق الأسر المصرية، أصبحت تطالعنا على صفحات الصحف كل يوم تقريبًا، وللدرجة التى تحول معها الأمر إلى ظاهرة تؤكد أن جرائم الأسرة أصبحت خطرًا داهمًا يهدد معظم البيوت المصرية، والسؤال الذي يطرح نفسه كيف تحولت البيوت التى يفترض أنها مصدر للأمن والسعادة لأفرادها، إلى ساحات عنف وجريمة لا تستثنى أحدًا «أب، أم، زوج وزوجة، أبناء، أشقاء».

جرائم أسرية بشعة 
قبل الإجابة نعرض لبعض تلك الجرائم الأسرية التى أدمت القلوب، ومنها تلك الحادثة التى شهدتها قرية أبوالنمرس بمحافظة الجيزة، حينما أقدمت أم على التخلص من طفلها الرضيع الذى لا يتجاوز عمره شهور لأنها حملت به سفاحًا، إلا أن يد العدالة توصلت إليها فتم القبض عليها وتحويلها إلى النيابة التى قضت بعد حبسها بتحويلها للمحاكمة، وهو نفس المصير الذى انتهى إليه مصير عامل بمركز «الحوامدية» بنفس المحافظة، بعدما قتل طفله الرضيع لأنه كان يزعجه ببكائه.
وفى مركز «العياط» المجاور قتل عامل شقيقه بسبب خلافات على الميراث، بعدما أطلق الرصاص عليه من فرد خرطوش، ما أسفر عن مقتله فى الحال، وفى القاهرة وتحديا فى حى «البساتين» أنهى سائق حياة طفلتيه وتخلص من زوجته بطعنات، وعلل ارتكابه الجريمة بضيق الحال وكثرة طلبات زوجته، ما دفعه إلى قتلها وذبح طفلتيه خوفًا على مستقبلهما.
العجز عن مواجهة المشكلات 
ما سبق هو أمثلة لجرائم أسرية كثيرة ومتعددة طالعتنا بها الصحف ووسائل الإعلام فى الآونة الأخيرة. الشيء الذى تحول معه الأمر وكأنه أصبح ظاهرة، كما تقول الدكتورة سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، لافتة إلى أن تلك الجرائم تستدعى التوقف أمامها، لأنها تشير إلى وجود مشكلات كثيرة لم تكن موجودة من قبل فى نطاق الأسرة واتجاه أفرادها لمحاولة حلها بالعنف، مطالبة بعودة الود والرحمة والتفاهم بين طرفى المعادلة فى الأسرة «الزوج والزوجة»، كما كان يحدث سابقًا، والتوحد معا تجاه التصدى للمشكلات فى الأسرة، مطالبة من جهة أخرى بضرورة التصدى لتجارة المواد المخدرة بأنواعها المختلفة، لأنها كما تقول تعد عاملًا أساسيًا فى تزايد الجرائم الأسرية، كونها تسلب العقول من متعاطيها وتحولهم إلى مجرمين يمكن لهم ارتكاب أبشع الجرائم حتى ضد أقرب المقربين، مشددة على ضرورة وجود دور حاسم لعلماء الدين فى بث روح التسامح ونبذ أفكار العنف خاصة داخل نطاق الأسرة.


ابحث عن الزوجة 
ويتفق الدكتور جمال فرويز، أستاذ الطب النفسى مع ما سبق، مشيرًا إلى وجود أسباب متعددة لتزايد الجرائم الأسرية فى المجتمع، منها وقوع أفراد الأسرة تحت وطأة مشكلات مختلفة، أهمها المشكلات المادية، مما يترتب عليه الشعور بالعجز والوقوع فريسة لنوبات اكتئاب حادة، تدفع بصاحبها فى النهاية إلى ارتكاب الجرائم حتى ضد أقرب المقربين منه وله.
ويشير فرويز إلى أن تلك المشكلات التى تهاجم أفراد الأسرة قد تدفع البعض منهم، لجوء للمخدرات بأنواعها المختلفة للهروب من مواجهتها، ومن ثم يغيب العقل ويصبح مهيأ لارتكاب الجريمة، ولا يفيق إلا بعدما يقف أمام جريمته التى سلبت منه إنسانيته بعدما تخلص من أقرب الناس له، لافتًا أيضًا إلى أن إحساس أى إنسان بالتهميش سواء داخل مجتمعه أو أسرته تدفع به إلى الجريمة، وتنتابه أفكار سوداوية تدفعه مثلًا للتخلص من أولاده لأنه السبب فى مجيئهم إلى الحياة فيما لا يستطيع تلبية متطلباتهم، مضيفًا أن الزوجة تلعب دورًا مهمًا فى الجرائم الأسرية، فبعض الزوجات ومع أول أزمة مادية يتعرض لها الزوج تشعره بالإهانة، وأنه لا يصلح أن يكون رجلًا مسئولًا عن زوجة وأبناء، ما يدفع البعض للانتحار أو التخلص من أفراد أسرته.

دور مهم لعلماء الدين 
وعن رأى الدين يقول الدكتور إبراهيم نجم، عضو لجنة الفتوى بدار الإفتاء، إن تلك الجرائم هى فردية ولا تمثل ظاهرة، ورغم ذلك لا بد كما يقول من رصدها وخضوعها للدراسة من قبل المراكز المتخصصة ومنها المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، حيث يفترض لباحثيه رصد مثل تلك الظواهر وتوضيح أسبابها وطرح حلول لمواجهتها، مؤكدًا أن علماء الدين يواجهون ما يتنافى مع الفطرة الإنسانية، ومنها تلك الجرائم الأسرية، حيث يقومون بنشر الوعى بخطورتها وتفصيل أحكام الدين لمن يجهله، حتى لا يقع أحد ضحية لمثل تلك الجرائم.