الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

"الرزيقي".. أمين مدرسة القرآن

 الشيخ أحمد الرزيقي
الشيخ أحمد الرزيقي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
"تخيلت أنني لو سلكت طريق القرآن فسأكون قارئًا مشهورًا للقرآن الكريم. فرافقت القرآن مرافقة الخادم لسيده.. لأن شيخي علمني الكثير والكثير، وكانت رعايته ترقبني لأنه توسم فيّ خيرًا كما قال لي"، تلك هي كلمات الشيخ أحمد الرزيقي عن علاقته بالقرآن، والذي تحل اليوم الأحد 8 من شهر ديسمبر لعام 2018، الذكري الثالثة عشر علي رحيله، كواحد من أشهر القراء بصعيد مصر.
ولد أحمد الشحات أحمد الرزيقي، في الثامن عشر من فبراير عام 1938م، بقرية الرزيقات التابعة لمركز أرمنت بمحافظة قنا، والتحق بالمدارس في بلدته، قبل أن يهجرها إلى الكتاب حرصًا منه علي أن يصير قارئًا علي غرار ابن قريته الشيخ عبد الباسط عبد الصمد.
وفي عام 1951م وجد الرزيقي نفسه وقد أحيط بجمعٍ غفيرٍ من أهالي بلدته، ملتفين حول جهاز المذياع لسماع ابن مركزه صاحب الحنجرة الذهبية الشيخ عبد الباسط عبد الصمد مشدوهين إعجابًا بصوته، فقرر بعدها الهروب من المدرسة ودخول الكتاب ليعمل علي حفظ القرآن الكريم، وحينما علم والده بذلك أعجب به وشجعه على ذلك.
أتم "الرزيقي" حفظ القرآن بعد ثلاث سنوات من التحاقه بكتاب القرية على يد الشيخ محمود إبراهيم، ثم درس القراءات على يد العلامة الشيخ محمد سليم حمادة، ثم أقام بمدينة الأقصر منذ عام 1961م، وحتى 1974م.
وحمل عام 1974م دخوله الإذاعة ليصير أحد قرائها المشهورين، درس الشيخ الراحل الموسيقى دراسة حرة على يد المؤرخ الموسيقي محمود كامل، وعين قارئًا لمسجد السيدة نفيسة عام 1982م.
ويحكي الشيخ عن علاقته بالشيخ الراحل عبد الباسط، قائلًا: "لي مع المرحوم الشيخ عبدالباسط ذكريات كثيرة جدًا: سافرت معه إلى معظم دول العالم. وكان بمثابة التابع لي ولست أنا التابع له. وذلك من حسن خلقه – فكان مهذبًا ومتواضعًا وعلى خلق"، ويضيف: "ذات مرة جئت إلى القاهرة وكالعادة ذهبت إلى الشيخ عبدالباسط فقال لي: خلاص لن تعود إلى الصعيد: فقلت له: لماذا يا فضيلة الشيخ قال: لأنك ستسهر معي وتقرأ معي حتى تشتهر وتدخل الإذاعة إن شاء الله، وأخذني معه في كل مكان، وقرأت معه في كل المحافظات حتى ذاعت شهرتي، واستمع إليّ كبار المسئولين بالدولة. وأذكر أنني قرأت أمام الفريق سعد الدين الشريف، والدكتور حسن عباس زكي وفريد باشا زعلوك ونبيل فتح الباب، فأعجبوا بتلاوتي وأدائي، وقالوا حتمًا ستكون قارئًا بالإذاعة".
وحول تأثره بالقراء وحرصه علي تقليدهم يقول الرزيقي: "كنت أضع للشيخ أبوالعينين شعيشع صورة معينة في خيالي، ولكنني لما رأيته تعجبت لأنني كنت متخيلًا أن هؤلاء الكواكب والنجوم الزاهرة ليسوا كمثلنا، ولكن كالملائكة، ولما قابلت الشيخ أبوالعينين قلت له الحقيقة غير الخيال، كنت متخيلًا أنك في جمال سيدنا يوسف عليه السلام وضحكنا أنا والقمر الذي يضيء دنيا القراءة السيد النقيب صاحب الفضيلة الشيخ أبوالعينين شعيشع، وشاءت الأقدار بفضل الله وبفضل القرآن أن أكون الأمين العام لنقابة القراء في ظل رئاسة الشيخ أبوالعينين للنقابة أي (النقيب).
رسالة إلي الرئيس المؤمن، يقول "الرزيقي": "جلست تحت شجرة فمسني نسيم الهواء الطاهر، فحرك مرواح القلب وأنعش روحي التي استوت على حروف القرآن، لأكتب رسالة حددت مستقبلي القرآني إلى الرئيس الراحل أنور السادات قلت فيها: الأخ العزيز الرئيس محمد أنور السادات تحية طيبة وبعد.. إني أكتب إليك هذه الرسالة لا لأنك رئيس الجمهورية ولا لأنك الحاكم، وإنما على أنّك شقيق يشعر بآلام أخيه وأما قصتي فهي أنني أتلو القرآن الكريم، وأتقي الله في ذلك، وأصاحب القرآن منذ طفولتي، وجعلت نفسي خادمًا له. فلم يأل القرآن جهدًا في إسداء النصح إليّ، وإني قد ذهبت إلى المسئولين بالإذاعة فقالوا لي: لن تنعقد لجنة اختبار القراء إلا بعد إزالة آثار العدوان. وها نحن الآن وقد تفضل الله علينا بإزالة آثار العدوان، وانتصرنا في حرب أكتوبر، التي كنت أنت قائدها: فأرجو سيادتكم التفضل باتخاذ ما ترونه من إخطار الإذاعة أن تبعث لي بموعد اختباري كقارئ بها".
وتابع: "بعد أيام قلائل جاءني رد الرئيس السادات على رسالتي برسالة تقول: الأخ العزيز القارئ الشيخ أحمد الرزيقي تحية طيبة وبعد – لقد وصلتنا رسالتكم الرقيقة والتي حملت بين سطورها معاني المحبة والإخلاص.. وقد اتصلنا بالإذاعة فوجدنا طلبكم موجودًا، وسترسل الإذاعة لاستدعائكم للاختبار، فأدعو الله لكم بالتوفيق، وأرجو لكم النجاح، وإخطاري بنجاحكم حتى أستمتع بالاستماع إليكم.. محمد أنور السادات".
سافر إلى العديد من دول العالم حاملًا كتاب الله في قلبه وعلى لسانه، وشهدت فترة السبعينيات نضال الشيخ من أجل إنشاء نقابة القراء، وظل أمينًا عامًا لمجلسها حتى لقي ربه في الثامن من ديسمبر عام 2005م، تم تكريمه في العديد من الدول، ونال وسام الجمهورية من الطبقة الأولى تقديرًا لدوره في خدمة القرآن الكريم عام 1990.