الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

"حكايتي مع سيد جلال".. مشهد من فصول الإهمال الطبي في بر مصر.. أطباء بدون "سماعات".. واختفاء الممرضات في ظروف غامضة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بسطاء يلهثون خلف لقمة العيش ومرضى يبحثون عن أدنى حقوقهم التى نص عليها الدستور، من رعاية صحية، ومسئول لم يراعِ ضميره، فى الوقت الذى يعمل فيه الرئيس عبدالفتاح السيسى، على تحسين الخدمة الصحية وتخفيف أعباء ومعاناة المصريين فى المستشفيات العامة، وتوجيهاته الدائمة للمسئولين بتحقيق ذلك فى أفضل صورة ممكنة، ومعاقبة المتخاذلين والمقصرين.
حكاية الإهمال فى القطاع الصحى قصة مكررة، عهدناها فى كل محافظات مصر، وهو واقع مرير يلخص حالة الفساد الذى ألمت بهذا القطاع الحيوى، والذى يخدم ملايين البسطاء من أهالينا فى القطر المصرى.
هذا الواقع الأليم عايشته بنفسى من خلال معايشة حية مع الإهمال، بطلة هذه القصة سيدة عجوز، قادها مرضها المفاجئ إلى مستشفى سيد جلال، حيث المسئولين هناك يضربون بكل الأعراف الإنسانية والأخلاقية والتعليمات الرسمية للتعامل مع المرضى عرض الحائط.
ونبدأ القصة.. أثناء سيرى فى الطريق منذ أيام، بعد انتهاء عملى، متجهة لزيارة أحد معارفى فى وسط البلد، وأثناء عودتى كانت الوقت يقترب من منتصف الليل، فى الطريق ما بين رمسيس وكوبرى غمرة، شاهدت سيدة عجوزًا، منهكة للغاية ولا تستطيع الوقوف على قدميها، ولم يكن أحد معها، اقتربت منها، فطلبت منى أن اصطحبها إلى أقرب مستشفى، وكان مستشفى سيد جلال هو الأقرب، وذهبت مع السيدة، ومنذ أن دخلنا باب المستشفى، شعرت بالخوف، كان هناك شىء غريب، الفوضى سيد المكان، بداية من شباك التذاكر والاستقبال والطوارئ، لا وجود لموظفين، الطرقات تمتلئ ببواقى الأطعمة.
تجولت بالسيدة المريضة بحثًا عن أحد الأطباء بالمستشفى، أجلست السيدة على أحد المقاعد، وذهبت أبحث عن الطبيب، بعد مدة عثرت على غرفة كشف الباطنة، واستدعيت الممرضة، وأحضرت السيدة إلى غرفة الكشف.
فى الغرفة كان هناك طبيب شاب، يبدو أنه حديث التخرج، يعامل المرضى بقسوة، ويرفع صوته عاليًا كلما اقترب أو سأله مريض، صراخ وآلام المرضى تملأ المكان، عشرات المريضات والأسِرة بجانب بعضها، ولا أحد من التمريض أو ذلك الطبيب الشاب ينصت لأحد.
الغريب أن الطبيب الشاب لا يقوم بالكشف على المرضى، ولا يملك حتى جهاز كشف نبض أو سماعة، كل ما يفعله يستمع للمريض بضع ثوانٍ، ثم ينتهى الكشف.. طبيب آخر، فى الغرفة، يدفع بسيدة أخرى على السرير بقسوة.
فجأة يأتى صوت شاب يملأ الدنيا ضجيجًا وصراخًا، يصرخ «أخويا هيموت وتسيل دماؤه»، وهو خارج المستشفى أين الكراسي؟ «أخويا هيموت يا جدعان».. يدفع بقدميه الغرفة التى توجد بها الكراسى، لكنها كانت مغلقة بالمفاتيح.
قررت الخروج بالسيدة العجوز من المستشفى، لأرحمها من هذا العذاب وذهبت بها إلى طبيب خاص. 
وقررت العودة مرة أخرى، فى اليوم التالى إلى المستشفى، للقيام بمغامرة صحفية داخل أروقة المستشفى لكشف الإهمال الجسيم ضد المرضى بالفيديو والصور. كى أتأكد بنفسى من ذلك اليوم المشئوم الذى عشته مع المراة العجوز، وهل من الممكن أن يكون حلمًا أم حقيقة وإذ كانت حقيقة.. من المسئول؟
تظاهرت بالمرض، وحجزت تذكرة حريم باطنى، وكأن مشهد العجوز كاد يكون كلاكيت ثانى مرة، دخلت حجرة الطبيب، وكشف على الطبيب بكل فتور، ولم يراعِ حالتى، وشخّص حالتى دون وضع سماعة وأنا واقفة، وكتب دواء.
داخل الغرفة، كانت هناك نزاعات ومشاجرات دون اهتمام أى طبيب بحالتهمـ، المرضى افترشوا الأرض، وسط إهمال جسيم يعجز وصفه بالكلام.
وبعد انتهائى من تلك المهمة، قررت نشر هذه المعايشة الحية بمآسيها فى مستشفى سيد جلال، من إهمال واستهانة بحياة المرضى البسطاء دون وازع من أى ضمير أو خوف من المساءلة والمحاسبة، إلى القائمين على المنظومة الصحية فى مصر، أرسل استغاثة آلاف المرضى البسطاء من أهالينا، الذين لا يجدون ملاذًا لتخفيف آلامهم، إلا من خلال هذه المستشفيات العامة إلى وزيرة الصحة ورئيس مجلس الوزراء لعلهم يقومون بمعالجة القصور التى تقتل البسطاء فى المنظومة الصحية ومحاسبة المقصرين، وجعلهم عبرة لمن تسول له نفسه أن يستغل معاناة ومرض البسطاء والتعامل معهم بآدمية وإنسانية.. وهذه حكايتى مع سيد جلال.