الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

منظمات المجتمع المدني في مرمى انتهاكات "الحوثيين".. 21 مليون يمني يحتاجون لمساعدات بسبب النزاع الدائر.. ومقتل آلاف الأشخاص وإصابة 35 ألفا وفقا لمنظمة الصحة العالمية

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تكبد اليمنيون خلال السنوات الأخيرة خسائر ضخمة تسببت فى المزيد من نسبة البطالة وارتفاع الأسعار وانقطاع الأجور وتشريد ونزوح الكثير من العائلات من مناطق الصراع إلى مناطق آمنة وظهور الأوبئة وغيرها من الآثار الكارثية الناتجة عن الحرب، حيث تشير التقديرات إلى أن ٢١ مليون يمنى بحاجة إلى مساعدات جراء النزاع الذى أسفر عن مقتل أكثر من سبعة آلاف شخص، وإصابة نحو ٣٥ ألفًا، وفقا لمنظمة الصحة العالمية.

وفى ظل هذا الوضع الكارثى كان ضروريًا أن يبرز دور منظمات المجتمع المدنى كى تستطيع خدمة المجتمع وإغاثة الشعب المكلوم والدفاع عن الحقوق والحريات وخصوصًا فى ظل غياب مؤسسات الدولة الفاعلة.
ولكن جاء الواقع عكس المأمول، ففى ظل بيئة تمارس فيها كل أنواع الانتهاكات الإنسانية والحقوقية والتعسف غير القانونى وغير المبرر من قبل ميليشيا الحوثى ضد منظمات المجتمع المدنى قيدت قدرتها فى الاطلاع بدورها بحيادية، خاصة فى الجانب الحقوقى، فقد تتعرض للملاحقة والإغلاق والتجميد وقد تمارس ضدها الضغوط من أجل تحسين صورتها أمام المجتمع بجانبيه المحلى والدولي، وقد تجبر فى نهاية المطاف على التخلى عن العمل المدنى على الرغم من حاجة المجتمع إلى كل عمل تطوعى ودعم إغاثى وبالذات أثناء الحرب، ولسوء الحظ قد تصبح منظمات المجتمع المدنى هدفًا للحكومات الشمولية والجماعات المسلحة تستفيد منها خلال الصراع لتنال منها وتعطل نشاطها وتبدد ثروات البلاد بشكل عام.
وهو ما أكده تقرير لصحيفة «الحياة» السعودية العام الماضي، كشف أن ١٢٨ منظّمة وجمعية خيرية فى اليمن، تعرّضت إلى انتهاكات فجّة وكبيرة من قبل ميليشيات الحوثي، وأوضح التقرير «أن مؤسسة اليتيم الخيرية فى صنعاء وحدها قدّرت خسائرها بـ١٠٠ مليون دولار، فى ما لا يمكن تقدير قيمة الأضرار التى تعرّض لها المدنيون، فالأيتام والأرامل والمعوزون كانوا يستندون إلى جمعيات محلّية يستطيعون العيش من خلالها وهذا يفوق المبلغ المقدّر لخسائر المنظّمات وحالات النهب فيها»، وأضاف التقرير «أن الميليشيات الانقلابية نهبت المنظّمات العاملة وأثاثها وصادرت أموالها، وحوّلت بعضها إلى ثكنات عسكرية وأماكن لتدريب مقاتليها والبعض الآخر إلى مخازن أسلحة كالمدارس والمستشفيات وأماكن مدنية عدة بما فيها المنازل والمساجد».

وعلى صعيد متصل وفى مقابل وجود مبدأ دولى يشرع لمنظمات المجتمع المدنى الحق فى التماس التمويل من مصادر قانونية، هناك حكومات شمولية وجماعات مسلحة تصنف هذا الحق على أنه عماله للخارج الغرض منه السيطرة على الدولة، وفى هذا الإطار عمدت ميليشيا الحوثى إلى إغلاق ومصادرة المؤسسات المدنية والجمعيات الخيرية التى لا يضمنون ولاءها وعملها لصالحهم، حتى الجمعيات التى قدر لها البقاء فرضت عليها موظفين موالين لسلطات الانقلاب من أجل ضمان بقاء هذه الجمعيات تحت الرقابة والسيطرة المباشرة لهم، كما قلصت عمل الجمعيات القديمة لصالح جمعيات جديدة تابعة لسلطات الانقلاب.
وفى إطار أحدث ما قامت به ميليشيا الحوثى من انتهاكات لمؤسسات المجتمع المدنى اليمنية، أصدر ما يسمى المجلس السياسى الأعلى «أعلى سلطة حوثية شكلية لحكم البلاد»، قرار يقضى بتجميد عمل منظمات المجتمع المدنى فى المناطق التى لا تزال تحت سيطرتها، ونصت وثيقة القرار الموجهة من رئيس المجلس السياسى الأعلى إلى وزير الشئون الاجتماعية فى حكومة الحوثيين على «عدم منح أى ترخيص أو تجديد لأى تكوينات (منظمات- مؤسسات- جمعيات- ائتلافات- اتحادات نقابات.. وغيرها) خلال هذه الفترة وحتى إشعار آخر والرفع بالحالات الطارئة فى تقارير الوزارة الشهرية»، ولم تحدد الوثيقة مدة تجميد عمل منظمات المجتمع المدني.
وفى السياق ذاته، اعتبرت مصادر حقوقية هذه الخطوة بمثابة «تطور خطير يمهد لمرحلة جديدة من القمع وانتهاكات حقوق الإنسان وعسكرة الحياة المدنية وسلب المجتمع ما تبقى له من حقوق وحريات، وأفاد مصدر حقوقى «بأن إقدام ميليشيا الحوثى على إنهاء وجود المجتمع المدنى يهدف إلى السطو على المساعدات الإنسانية والغذائية للمحتاجين، واحتكار توزيعها داخل الجماعة، إلى جانب منع أى تحرك ضد ممارسات وانتهاكات حقوق الإنسان».

وعلى صعيد متصل، التقى وزير حقوق الإنسان اليمنى محمد عسكر فى مطار عدن الدولي، الاثنين، وفدًا أمميًا برئاسة مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لحقوق الإنسان أندرو جيلومور وعضوية مدير مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا محمد على النسور، ومدير مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان فى اليمن العبيد أحمد العبيد، وبحث تطورات الأوضاع فى اليمن.
وعبر الوزير عسكر- وفقًا لوكالة الأنباء اليمنية، خلال اللقاء- «عن أمله فى أن تسهم هذه الزيارة فى تخفيف معاناة الشعب اليمنى جراء انقلاب ميليشيات الحوثى الانقلابية المدعومة من إيران، على الدولة والسلطة الشرعية وما تسببت به من أوضاع إنسانية غاية فى الصعوبة ناهيك عن انتهاكاتها المستمرة ضد المدنيين والدمار الذى طال البنى التحتية».
وأكد الوزير أن زيارة الفريق الأممى إلى العاصمة المؤقتة عدن تأتى فى إطار بناء قدرات الآليات الوطنية والاطلاع على الأوضاع الإنسانية وأوضاع حقوق الإنسان وكشف جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التى ارتكبتها ميليشيا الحوثى الانقلابية بحق أبناء الشعب اليمني، مشيرًا إلى أن الوفد الأممى سيلتقى الجهات الرسمية ومنظمات المجتمع المدنى.