الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

الجماعة الإرهابية ذراع أردوغان لتحقيق حلم الإمبراطورية العثمانية.. مستشار الرئيس التركي: امتداد لقوتنا الناعمة في العالم العربي

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
وجهت تركيا ولفترة طويلة جل اهتمامها على توطيد علاقاتها بأوروبا والولايات المتحدة، أملًا فى أن تحظى باعتراف منهم أنها حليفهم الأقوى فى منطقة الشرق الأوسط، فمؤسس الجمهورية، مصطفى كمال أتاتورك، كان يرى أن تركيا ستكون أقوى عند تحالفها مع الغرب، وهو المسلك الذى اتبعه من خلفوه فى الحكم.

بيد أن مع تولى «حزب العدالة والتنمية» برئاسة أردوغان السلطة فى أنقرة فى عام ٢٠٠٢، اعتمدت تركيا سياسة جديدة أساسها على التركيز لمنطقة الشرق الأوسط والعالم العربي، والتخلى عن توجه أتاتورك المؤيد لأوروبا.
وكانت جماعة الإخوان فى قلب هذه السياسة الجديدة، فمع تتطابق رؤية تركيا من جهة وقطر من جهة أخرى، حول السعى لتمكين جماعة الإخوان الإرهابية فى الدول المركزية وذات الثقل فى المنطقة، يمكن لكل منها فى الحصول على نفوذ سياسى أكبر يجعلهم يتحكمون فى مقدرات المنطقة والتساوم بندية مع الغرب.
مسمار تركيا فى مصر
يرى كلا من سونر جاجابتاى ومارك سيفرز، الباحثين فى معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدني، أن تركيا تعتبر نفوذ الدولة المصرية فى المنطقة منذ وصول أردوغان السلطة، تحديًا كبيرًا يعوق مخططاتها التوسعية، ففى تحليل سياسى نشر للباحثين، قالا: «أردات أنقرة أن تكون لاعبًا مؤثرًا فى الصراع الإسرائيلى الفلسطيني، ووطدت علاقاتها مع قيادات حركة حماس فى قطاع غزة».

وهو ما اعتبرته الدولة المصرية فى عهد الرئيس الأسبق، محمد حسنى مبارك، إقحام تركيا لنفسها فى قضية عربية بحتة، وخطوة تأتى على حساب مكانة مصر فى المنطقة، ووجدت تركيا فى التقارب الكبير مع قيادات جماعة الإخوان فى مصر، وسيلة فعالة يمكن من خلالها تحقيق الكثير، ولم تواجه العلاقات الدبلوماسية بين مصر وتركيا فى هذه المرحلة مشكلات كبيرة بسبب هذا التقارب.
لكن فترة التحول العميقة جاءت بعد ثورة ٢٥ يناير، مع تحول الدعم لجماعة الإخوان لمستوى أكبر، حيت تتمكن الجماعة من حكم البلاد، ويقول الباحث المصري، محمد عبدالقادر خليل، تركيا لم تعتمد على الروابط القوية التى تجمع نخبتها السياسية الحاكمة مع جماعة الإخوان فى مصر فقط، فهناك النسق الأيديولوجى الذى يجعل الجانبين ينتميان لتيار فكرى واحد.
وأضاف عبدالقادر خليل فى مقال نشر على موقع مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن هذا التطابق الفكرى بينهما قديم ويعود لمرحلة تأسيس نجم الدين أربكان حركة «المللى جورش» فى تركيا خلال ستينيات القرن الماضي، والتى تمثل الجناح التركى لجماعة الإخوان، إذ من رحم الحركة خرج العديد من الأحزاب السياسية التركية، من ضمنها العدالة والتنمية الذى يحكم البلاد حاليا.

ولم تخف تركيا غضبها وحنقها الشديد من عزل الجيش المصرى لمحمد مرسى الذى ينتمى لجماعة الإخوان عام ٢٠١٣، وجاء تحرك الجيش عقب احتجاجات شعبية ضد حكمه، وردت وزارة الخارجية المصرية باستدعاء السفير التركى الذى كان يتمتع بنفوذ كبير خلال فترة حكم مرسي، لإبلاغه بأن أمامه ٤٨ ساعة لمغادرة البلاد. وتريد تركيا الخروج من هذه الأزمة التى طالت حلفاءها فى مصر، بمكاسب تضمن بقاء جماعة الإخوان فى المشهد السياسى المصري، غير أن الحكومة المصرية تتخذ موقفًا متشددًا حيال أى خطوة سياسية يمكن من خلالها عودة قيادات جماعة الإخوان السابقة للمشهد مرة أخرى.

دعم الإخوان فى ليبيا
عقب سقوط نظام العقيد معمر القذافى، الذى حكم ليبيا على مدار ٤٢ عامًا، أعلنت جماعة الإخوان فى المشهد السياسى الليبى بعدما كانت تنشط فى البلاد فى الخفاء، وعندما وجدت الجماعة الإرهابية أن الانتخابات لن تصل بها للحكم، تحالفات مع فصائل إسلاموية أخرى، وشكلوا ميليشيات مسلحة استطاعت الاستيلاء على مدينة طرابلس.
وقدمت تركيا الدعم المالى والعسكرى لهذه الميليشيات بالتعاون مع قطر لمحاربة الحكومة الليبية المعترف بها دوليًا، والجيش الوطنى الليبى بقيادة المشير خليفة حفتر، وتدعم تركيا كذلك ممثلي الجماعة الإرهابية فى المفاوضات التى تجرى بين الحين والآخر بين الأطراف السياسية الليبية.

وقال مستشار الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، ياسين أكطاي، فى لقاء تليفزيونى قبل شهر، إن «جماعة الإخوان تمثل اليوم ذراعًا للقوة الناعمة لتركيا فى العالم العربي، فهذه الجماعة ترحب بالدور التركى فى المنطقة.. وهم بالتالى ينظرون إلى الدور التركى على أنه النائب للخلافة الإسلامية».
ويرى محمد الزبيدي، أستاذ القانون العام، والمحلل السياسى الليبي، فى مقال له نشر مؤخرًا أن «الأتراك يعتبرون حلفاء أقوياء لعناصر الإخوان فى ليبيا، وتعمل أنقرة على مص دماء المواطن الليبي، ونهب أمواله وثرواته من خلال عملاء ليبيين يعملون فى المجال العام، فهناك صفقة بينهم فحواها أن تركيا ستوفر دعمًا سياسيًا لهذه الجماعات، مقابل المال».
وأضاف الزبيدى أن هناك تحويلات مالية تقدر بملايين الدولارات ترسل إلى تركيا بحجة استيراد مواد غذائية وغيرها، ولكنها فى الواقع مواد وهمية، إذ ترسو السفن التركية بالموانئ الليبية، وهى فارغة من البضاعة أو محملة بسلع تالفة بحسب المحلل السياسى الليبي.
وقال تركى درويش الشهير بـ«سلامة»، الباحث السياسى لموقع المرجع، كلا من تركيا وقطر تستخدم الجماعات الإسلاموية لتزويد وتوسيع النفوذ فى المنطقة، «يجب علينا أن ننظر بدقة لحجم الاستفادة التركية من نشاط الجماعات الإسلاموية، على سيبل المثال عندما تم فتح الحدود التركية لعبور المتطرفين إلى الدول المجاورة كان بغرض لاستعمالهم فى تغيير توازن المنطقة لصالحها، هذه هى الاستراتيجية التركية الحالية، استخدام الإرهابيين من أجل توسيع نفوذها».

التدخل فى سوريا والعراق
منذ بداية الصراع فى سوريا والتطورات التى شهدها العراق، وتعمل تركيا على الخروج مما يحدث بأكبر قدر من المكاسب السياسية، مستغلة مشاركة الحدود مع البلدين، فأردوغان بعد ما كان يرى الرئيس السوري، بشار الأسد صديقًا للتركيا، تحول فى مواقفه وأصبح يوجه له انتقادات شرسة.
هذه التحولات التى طرأت بالسياسة التركية اتجاه سوريا، كانت مدفوعة بإرهاصات لصعود التيار الإسلاموى فى البلد، التى تشهد حربًا منذ عام ٢٠١١، إذ سيطرت الميليشيات المسلحة التابعة للمعارضة على مناطق واسعة من البلد، قبل أن تستعيدها منها مرة أخرى القوات الحكومية السورية مدعومة من روسيا وإيران.
ويرى منصور الأتاسي، الناشط السياسى السورى تركيا أصيبت بفشل كبير فى اعتمادها على تيار الجماعات الإسلاموية فى سوريا، خاصة أن جماعة الإخوان وغيرها من المتشددين لا توجد لهم خلفية تاريخية سواء فكريًّا أو ماديًّا فى سوريا.
وأضاف الأتاسي، «يمكن النظر مثلا لتنظيم داعش والنصرة، أغلب كوادر هذه التنظيمات الطفيلية من غير السوريين، ما يؤكد عدم وجود أى أرضية فكرية أو سياسية فى سوريا أو العراق».
وتحاول تركيا هضم ما حدث من تغيير فى القوى على الأرض، لصالح أطراف تتخذ موقفًا معاديًا لمصالحها وتمدد نفوذها فى سوريا والعراق، غير أن المؤكد هو أن رهان تركيا تحت قيادة أردوغان على جماعة الإخوان كأداة لاستعادة الخلافة العثمانية المزعومة لن ينتهى قريبًا.