الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

رحمة يا دنيا رحمة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لقد اهتمت جميع الأديان السماوية و(الأرضية المصرية القديمة والبوذية... إلخ) بالأخلاق والفضائل الحميدة، ودعت للتحلّى بها، مثل الأمانة والصدق والتسامح والرحمة وغيرها، ولو تكلمنا عن الرحمة لوجدناها فى خبر كان، لما نراه ونسمعه عن جرائم وطرق بشعة للقتل، إن كان فى الحروب بين الدول، أو الإبادة الجماعية لمجموعة كبيرة من الأبرياء، أو حتى فى الخلاف بين الأسرة الواحدة، لقد فقد الكثير من البشر الرحمة فى التعامل فيما بينهم ومع الحيوان أيضًا، فعندما يتعرض الطفل للضرب من الأب بعنف شديد من أجل أن يطيعه ويمتثل لأوامره، ويعتقد الأب أنه بهذه القسوة يربى أبناءه تربية سليمة، وعندما يتعرض الطفل للضرب المبرح من المدرس لأنه لم يجب عن سؤاله، أو لأنه تحدث أثناء الشرح أو لأى سبب، ويصل بالمدرس قسوته بالضرب المبرح لوفاة التلميذ فى أحيان كثيرة سمعنا عنها، ثم يسمع الطفل أن هناك من يقومون بتسميم القطط والكلاب، أو من يعذبهم بالضرب والحرق ويتلذذ بهذا، والكارثة أن نرى الآن أطفالًا تقوم بتعذيب القطط وخنقها، بسبب ما تعرضوا له من عنف من البيت أو المدرسة، ومن هنا ندق ناقوس الخطر، لأن الطفل هو البذرة لشجرة المستقبل، فالطفل الذى نشأ وتربى على العنف لن يخرج للمجتمع إنسانًا سويًا، بل سيكون مجرمًا أو إرهابيًا، لأنه انتزعت من قلبه الرحمة منذ نعومة أظافره، بسبب تعذيب الأب له ثم بعد ذلك العنف الذى يراه فى المدرسة من بعض المدرسين، ثم ما يراه من الكبار عندما يقومون بتسميم وقتل الكلاب والقطط، وهى حيوانات ضعيفة لا حول لها ولا قوة، ثم يسمع ويتعلم أنه لو أراد دخول الجنة فعليه الجهاد فى سبيل الله، ويصورون له الجهاد بأن يقتل أخاه الإنسان المخالف له فى العقيدة والرأي، وأن يعتدى عليه فى بلده وداره ويسبى أخته وابنته وزوجته، وهذا ما يحدث من الإرهابيين الآن، وقرأناه للأسف فى كتب المدرسة، التى تحكى قصص الخلفاء والأمراء وحروبهم وقتلهم بعضهم البعض باسم الجهاد فى سبيل الله، وزرع هذا الفكر بعقول الصغار، وهنا فى هذه المسألة بالذات الخطأ يقع على الدولة التى لم تراقب مناهج التعليم وتبتر كل ما هو خطأ وضد الإنسانية من المناهج التعليمية، خاصة (الأزهرية)، فلابد أن يخضع التعليم الأزهرى تحت إشراف وزارة التعليم الأساسى والعالي، ومتابعة المناهج وما يبث للطلبة عن طريقها من أفكار ومعلومات، ونريد أن يكون بالمناهج مادة بعنوان الرحمة والإنسانية، فعندما رأينا داعش وهى تعلم الأطفال الصغار طريقة ذبح المخالف لهم فى العقيدة، وكيف يمسك الطفل سكينًا ليذبح إنسانًا مثله لأنه تعلم أن هذه الجريمة ستدخله الجنة، ويأتون له بقصص مثل قصة عقبة بن نافع التى كانت تدرس للأطفال فى المدارس، أو أحاديث مكذوبة عن النبى بقتل وحرق المخالف له فى الدين، وينشأ هذا الطفل على الكراهية والإجرام، وأيضًا عندما يسمع الطفل أن هناك من يقومون ببيع الكلاب لدول شرق آسيا المشهورين بأكلها، وهم يعلمون أن هذه الدول تقوم بسلخ الكلاب، وهى حية لإرعابها قبل الموت ليخرج الادرينالين من دمها ويكون مذاقها أحلي، ولا تقشعر أبدانهم لما يقومون به من تعذيب بشع لحيوان مسكين من أجل أن يستثمروا ويحصلوا على أموال، ويرى طفلًا مثله مقتولًا ومعذبًا بشكل يقشعر له البدن، بسبب الانتقام من أسرته على سبيل المثال، وعندما يرى أيضًا الجائع والعارى فى الشوارع ولا أحد ينظر إليه ولا يهتم لأمره.
فينشأ على غلظة القلب والعنف، لقد اختفت الرحمة من قلوب الكثيرين من البشر، فى كل مكان فى العالم، ويجب علينا فى مجتمعنا ألا نستسلم لهؤلاء المجرمين، نعم مجرمون، فإن عديم الرحمة مجرم، ولابد أن نقوم بحماية مجتمعنا منه، بعودة الرحمة إلى القلوب، وهذا لن يكون إلا بتعليم الصغار، ونكون قدوة لهم، فهم الأمل والمستقبل،
فعطف الأبوين على أولادهم وتوفير الحنان والراحة النفسية لهم والعيش الكريم، وحمايتهم من الانحراف من أجل خلق أفراد فاعلين فى المجتمع هو أول الخطوات، وتعليمهم عدم إيذاء الحيوانات، ومساعدة الفقراء والمحتاجين، ومساعدة الأشخاص ذوى الاحتياجات الخاصة، ومعاملة الناس برحمة دون تمييز على أساس الدين أو اللون أو الجنس، والرحمة بكبار وصغار السن لأنهما بحاجة إلى رعاية واهتمام، لأن خصائصهما الجسدية لا تقوى على القيام بكل ما يحتاجون بسهولة، ومساعدة الأيتام الفقراء والعطف عليهم، وكفالتهم إن أمكن، وتقديم المساعدات والتبرعات العينية والنقدية للمؤسسات الراعية للأيتام، وتقديم المساعدة فى حالات الكوارث، سواء أكان ذلك فى الدولة نفسها أو خارجها، وهذا يحدث بالفعل فى مصرنا الحبيبة، ولكن كيف يتعلم القساة قلوبهم معنى الرحمة والإنسانية، وهم بعيدون عن المشاركة فى أى عمل خيري، بل ومنهم من يعذب فلذات أكباده من أجل حبه لذاته فقط، كيف نحمى المجتمع من هؤلاء، أو كيف نعالجهم؟؟ يجب التوعية المستمرة عن طريق خطباء المساجد، فليتحدثوا دائمًا عن الأخلاق والرحمة والإنسانية، ويشرحون الآيات التى تتحدث عن الرحمة، والمواقف الإنسانية فى حياة النبي، وتكون هناك برامج تعلم الصغار والكبار حب الوطن وحب الجار والزميل دون النظر لعقيدته، أو لونه، وحب الحيوان والرحمة به، فعندما كنا أطفالا كان التليفزيون المصرى يعرض برامج أطفال توعوية وتربوية ممتازة، وكان الأهل يشاهدونها معنا، كنا نتعلم الرقى ومكارم الأخلاق والرحمة من هذه البرامج، فأعتقد عن طريق خطباء المساجد وشيوخ القنوات الفضائية والبرامج التى تهذب وتوعى النشء والمناهج الدراسية التى تحث على الخير والرحمة ستكون بداية الإنقاذ والحد من ظاهرة العنف التى انتشرت فى المجتمع.