السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

كن أنت وحينها ستنجح

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ربما كان ما سأكتبه يعرفه الجميع، لكنى أكتبه الآن لأننى قبل الجميع أحتاج شخصا ما يردد على مسامعى هذه الأيام، عبارات: «لا تيأس.. حاول.. إذا سقطت فانهض.. ستنجح.. أنت تسير على الدرب الصحيح»، أقول هذا لأننى أدرك أن واحدة من أهم أسباب التيه الذى نعيش فيه ليس فقط ضيق الحال ولا تلاحم الغيوم فى سماء الحلم، ولكن افتقادنا للقدوة للأثر الذى نقتفيه، للمعلم الذى يبعث الأمل فى أنفسنا.. للرغبة فى الحياة، لخلق حلم جديد، غير ذلك الذى انهالت عليه الأيام ضربا حتى لفظ أنفاسه وبات جثمانه معلقا فى روحنا.. واستثناء سأكون أنا لك هذا المعلم حتى تنتهى هذه السطور وأقول لك لا تبتأس فالله موجود يا عزيزى وهذا وحده كفيل أن تطمئن، فقد قطع على نفسه وعدا ألا يتركك.. فقط حاول أنت الوصول إليه.. لا تبتأس فكل من صنع المجد كانت ظروفه أسوأ من ظروفك، لن أضرب لك مثلًا بالأنبياء، ولكن أتعرف «ألبرت أينشتاين» ابن بائع «الريش»، الذى أجبر العالم على النظر إليه، كان متأخرا فى التعليم، ليس هذا فحسب بل إن ذلك العالم الفيزيائى كان قد رسب فى امتحان الرياضيات ووصفه مدرسوه بالكسول، لكن خسارة مصانع والده جعلته يقرر أن يكون رقمًا فى حسبة الحياة فتخلص من أسباب فشله، ومن عالم الفيزياء إلى أحد مؤسسى الولايات المتحدة «بنجامين فرانكلين»، الذى لم تتحمل عائلته دفع مصاريف تعلمه بعد عيد ميلاده العاشر، إلا أن ذلك لم يكن حاجزًا له. انغمس فى دراسة الكتب بنهم واستغل أى فرصة سانحة للتعلم. ومن المفارقات، يذكر اليوم اسم فرانكلين فى كتب التاريخ التى يدرسها الأطفال فى سن العاشرة فى جميع أنحاء العالم الأمريكية أنه مخترع النظارة، النموذج الثالث أهديه لكل صاحب قلم.. لكل من يحاول أن يكتب، لذلك الموهوب الذى لا يجد فرصة.. هذا النموذج كان مثلك قد وصل إلى حافة اليأس بعدما تم رفض طباعة كتابه ٣٠ مرة، لحظتها أخذ أوراقه وذهب ليلقيه فى سلة المهملات فالتقفتها يد زوجته وأعادت له روح الأمل فكتب وكتب حتى صار «ستيفن كينغ» بين الكتاب الأكثر مبيعا فى العالم.
أعرف ماذا ستقوله، هؤلاء الغرب ربما تكون حياتهم ودوافعهم غيرنا، هم وجدوا من يمد لهم يد العون، من يوفر لهم فرصًا جديدة للمحاولة، وهنا سأقول لك ما رأيك فى هذا الأعمى الذى أنار العالم بعلمه، ذلك الذى بات أحد أشهر الكتاب والمفكرين المصريين فى القرن العشرين، ومن أبرز رموز حركة النهضة والحداثة فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والذى ولد فى أسرة فقيرة إذ كان والده موظفا فى شركة السكر وكان يعول ثلاثة عشر ولدا، وكان سابعهم العلامة «طه حسين».. وأظنك تعرف بقية الحكاية، ليس هذا نموذجا وحيدا حتى تقول كما يقول البعض «فلتة» لكنه بالإمكان أيها الإنسان أن تكون إذا أردت.. فقط أردت.. فقط حلمت.. فقط حاولت.. فقط آمنت، لذا توقف الآن عن لوم الظروف.. عن اختلاق أسباب للفشل.. ليس حقيقيًا أن الظروف هى من تصنع النجاح، إليك مثل خير من ألف مثل «جان جاك روسو»، صاحب كتاب العقد الاجتماعى ابن الساعاتى الذى أصبح أحد أهم فلاسفة القرن الثامن عشر، ومنظر عصر التنوير، الذى مهد لقيام النهضة الأوروبية.
وأخيرا وأنت هنا فى سن الثلاثين أو الأربعين تتندر وتقول ليت الشباب يعود يوما وتنسى وتتناسى أنه لو قامت القيامة وفى يد أحدكم فسيلة فليزرعها، تنسى أن الموت لا يعرف السن وأنك كإنسان مطالب أن تحاول وتحاول حتى آخر رمق.. فالبطولة أن يعيش اسمك حتى أبد الآبدين، وها هو «هارلند دافيد ساندرز»، ينجح بعد الستين، ابن عامل المنجم الذى أسس أشهر مطاعم العالم «كنتاكى»، توفى والده وعمره ٦ سنوات واضطرت الأم للنزول للعمل لكى تستطيع الصرف على المنزل، أتقن طهى عدة أطباق شهية ومنها الدجاج المقلى وبدأ مشروعه وهو فى الأربعين من عمره حيث كان يقف فى محطة القطار ويبيع للمسافرين دجاجه المقلى اللذيذ، استمر ٩ سنوات أتقن فيها ساندرز الخلطة السرية الموجودة حاليا فى مطاعم كنتاكى التى تتكون من ١١ نوعا من التوابل، وفى عامه الـ٤٥ أنعم عليه محافظ ولاية كنتاكى لقب الكولونيل لمهارته فى طهى الدجاج المقلى، لكن بعد ذلك تم تغيير مسار القطار فأصبح المكان لا يجذب المارين مثل قبل، وتكاثرت الديون عليه، ما جعله يبيع عربته ليسدد الديون والضرائب، وعاد لبيته ينتظر التأمين الاجتماعى ليعيش منه، لكنه أدرك أنه لا يزال فى ٦٥ من عمره ويمكنه العمل مجددا، فبدأ بطرح الفكرة على المطاعم، ولاقى دجاجه اللذيذ قبولا من جميع المستثمرين أصحاب المطاعم، وبعد ١٢ عاما أصبح هناك ٦٠٠ محل تبيع دجاج الكولونيل ساندرز.
وأخيرا هذا الرجل الذى يحير الآن العالم ويحكمه «دونالد ترامب» هل كان أحد ما يصدق ولو افتراضا أن ذلك الصبى الذى كان يجمع الزجاج من القمامة مع شقيقه ليبيعها سيكون رئيسا لأكبر دولة فى العالم.. لا لم يكن أحد يصدق.. فلا تمنطق الأحلام يا هذا.. فما بين طرفة عين وأخرى يغير الله من حال لحال.. فقط كن أنت.