الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

ضرب مجانية التعليم في المحافظات

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ضربت مجانية التعليم على أرض الواقع فى محافظات مصر بشكل واضح حينما فرض وزير التعليم على أولياء الأمور سداد مبلغ ١١ ألف جنيه مصروفات عن كل تلميذ من أبنائهم يدخل المدارس الحكومية التى أطلق عليها «اليابانية التى انتشرت فى كافة محافظات مصر».
وبذلك يكون قد خالف الوزير الدستور مخالفة صريحة خصوصا المادة ١٩ منه على «أن التعليم حق لكل مواطن ومجانٍ تكفله الدولة بمراحله المختلفة فى مؤسسات الدولة التعليمية» كما تلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومى للتعليم لا تقل عن ٤ ٪ من الناتج القومى الإجمالى وتأكيدا للمجانية وضع الدستور شروطا وأهدافا واضحة للتعليم.. أن يكون هدفه بناء الشخصية المصرية والحفاظ على الهوية الوطنية وتأصيل المنهج العلمى فى التفكير وتنمية المواهب وتشجيع الابتكار وترسيخ القيم الحضارية والروحية مع إرساء مفاهيم الوطنية والتسامح وعدم التمييز كما تلتزم الدولة بمعايير الجودة العالمية.
ولكن الوزير حمل المواطنين أعباء اجتماعية واقتصادية ومالية كبيرة بضربه للمجانية وللأسف فى الوقت الذى حصلت فيه وزارة التعليم على قرض قيمته ١٨٠ مليار ين يابانى بما يزيد على ١٧٥ مليون دولار بفائدة تصل إلى ٢ ٪ وبتسهيلات أقرب إلى المنحة من الهيئة اليابانية للتعاون الدولى المحترمة والمعروفة باسم «الجايكا» ولمدة ٣٠ سنة للسداد وبسماح ١٠ سنوات فى قرض أقرب إلى المنحة.
فكيف للسيد وزير التعليم أن يضرب المجانية وهى حق للمواطنين باعتبارهم دافعى الضرائب من أجل الحصول على الخدمات كحق دستورى وإذا كان السيد الوزير قد تراجع ونفى عبر تصريحاته عن المساس بالمجانية سواء أمام البرلمان أو للصحف ولأجهزة الإعلام المسموعة والمرئية فإنه على أرض الواقع وعمليا قد ضرب الوزير المجانية بجد فى مقتل خصوصًا ضد الأغلبية من الفقراء من أبناء الشعب المصري.
ولعل السؤال المطروح الآن:
هل يستطيع البرلمان المصرى وفى القلب منه لجنة التعليم مساءلة وزير التعليم من خلال الأدوات الرقابية من أسئلة – طلبات إحاطة – مناقشة واستجوابات تطبيقا للدستور وقانون المجلس ولائحته الداخلية.. وللأسف أن كاتب السطور له طلبات للإحاطة عن موضوع المجانية ومشاكل تأخير تغذية التلاميذ منذ بداية دور الانعقاد الحالى لم تناقش أو حتى تم إحالتها للجنة المختصة أو الجلسة العامة.
ولعل الأمر الثانى الذى يضرب به السيد الوزير حقوق التلاميذ «٢٤ مليونًا» هو تأخير تسليم التغذية المدرسية للطلاب ويحدث ذلك للمرة الثانية رغم تشكيل لجان وزارية وأخرى فنية إلا أن حرمان طلاب المدارس الفقراء من التغذية والتى تمول جزءا كبيرا منها منظمة الصحة والغذاء العالمى التابعة للأمم المتحدة.
إن حرمان الطلاب من الأغذية المدرسية يمثل خرقا ويضرب العدالة الاجتماعية فى مقتل.
كما أن غلق المصانع التى تم إنشاؤها فى المحافظات من أجل صناعة الأغذية المدرسية سواء للفطائر – البسكويت أو توزيع الجبنة أو العجوة أو لغيرها قد ساعد على انتشار البطالة بسبب تعطيل المصانع التى يعمل فيها مئات الألوف من العمال والعاملات.
وبعد فإن الالتزام بالدستور أمر يستحق الوقفة الموضوعية والمحاسبة لأى مسئول صغر أم كبر ولأى مواطن على أرض الدولة المصرية وأن احترام الدستور ليس مكانه التصريحات ولكن التطبيق والواقع هو الأهم لأن الخروج على الدستور يعتبر من الكبائر السياسية.
إن ضرب المجانية هو من الأعمال الخطيرة ويكفى ما يتحمله المواطنون من أعباء معيشية عبر زيادة الأسعار وانفلات الأسواق العشوائية كما أن انعدام فرص العمل للشباب وارتفاع نسب البطالة أمر يحتاج أيضا للمراجعات السياسية التى أدت إلى ذلك.
إن وزير التعليم ووزارته عليهما أعباء ضخمة ومشاكل مهمة:
ارتفاع كثافة الفصول والتزاحم داخلها فهى علامة دالة على تدنى التعليم.
إن نتائج المدارس التى حصلت على ما يسمى الجودة عددها قليل جدا إذا ما قورن بإجمالى مجموع المدارس.
كما أن جودة التعليم تقاس بما يقدم للطلاب من مواد ثقافية وتعليمية بوسائل حديثة وأدوات جيدة فيما يعرف بالإتاحة والكفاءة أو الجودة.
إن أوضاع دورات المياه والمبانى المدرسية والكثير من فناء المدارس غير آمنة بسبب التلوث والأتربة مع انعدام وجود الكثير من الأسوار.
ويشار هنا إلى التقارير الدولية للهيئات العالمية التى تقيم المستويات التعليمية ويكفى أن نشير إلى التقرير الأخير المنشور عن التعليم فى مصر والذى يؤكد أننا نتراجع إلى الخلف أمام دول كثيرة فى المنطقة حولنا.
وبعد يحق لنا أن نتساءل:
- هل استمع الوزير إلى مجلس أمناء أولياء الأمور مركزيا أو فى المحافظات للتعرف على آرائهم فى ما يخص تطوير التعليم؟
- وهل استمع الوزير إلى آراء المعلمين فى أرجاء الوطن أو حتى قام باستطلاع آرائهم بشكل ديمقراطى فى السياسات الجديدة للتعليم باعتبارهم حجر الأساس فى العملية التربوية والتعليمية؟
إن إصرار وزارة التعليم على السير قدما فى اتجاه أحادى فى النظرة سوف يجعلنا ندخل حقل التجارب اللا منتهى دون أن نتقدم خطوة عملية أو تربوية من أجل التعليم الذى نريده أفضل لأولادنا ومستقبل بلادنا.
خصوصا أن رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسى قد أعلن أن العام المقبل هو عام التعليم من أجل مستقبل الوطن.