السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

وسط أزمة تشكيل الحكومة.. لبنان تحتفل بالذكرى الـ 75 للاستقلال.. رئيس الجمهورية: مسيرة وطننا بكل تعقيداتها أثمرت دولة رغم الضغوط.. مسئوليتنا إنقاذ البلاد اقتصاديًا واجتماعيا وأخلاقيا وبيئيا

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تحتفل لبنان اليوم بالذكرى الخامسة والسبعين للاستقلال، والموافق 22 نوفمبر من كل عام.

ففي 22 نوفمبر 1943 أسفرت جهود حكومة الاستقلال عن إطلاق سراح رئيس الجمهورية بشارة الخوري ورئيس الحكومة صباحا، وسلمت فرنسا بمنح لبنان الاستقلال التام، ولكنه لم يكتمل إلا بانسحاب القوات الفرنسية من لبنان في 31 ديسمبر 1946.


ويعود بدء الاحتلال الفرنسي للبنان الى انه، عقب انتهاء الحرب العالمية الأولى، أعلن الشريف حسين بن علي قيام الدولة العربية التي تضم كل البلاد العربية المحررة من العثمانيين، وبحسب اتفاقيات حسين مكماهون، كان على المنطقة التي تضم لبنان الحالي أن تتبع المملكة العربية الجديدة.

في ذات الوقت، انتدبت فرنسا لحكم لبنان بحسب اتفاقية سايكس-بيكو، وطلب من شعوب المنطقة تحديد مصيرها فيما بينها، وطلب مسيحيو لبنان تأسيس دولة مستقلة بحماية فرنسية، بينما رفض مسلمو "دولة لبنان الكبير" في أكثريتهم، ذلك واصروا على الدولة والكيان الوطني اللبناني.

الرفض كان لثلاثة أسباب هي أن الدولة الجديدة جعلت منهم أقلية وهم الذين كانوا جزءا من الأكثرية المسلمة الحاكمة في العهد العثماني، ولأن أمنيتهم الانضمام إلى دولة عربية، تضم سوريا الكبرى أي سوريا الحالية ولبنان وفلسطين والأردن والعراق، ورفضهم لانتداب حكم دولة أوروبية أجنبية.

من جهتها لم تعترف الحركة الوطنية السورية وممثلوها في لبنان من الزعماء السياسيين المسلمين، بالكيان اللبناني الجديد، وفي المفاوضات بين الحكومة الفرنسية والحركة الوطنية السورية في مطلع الثلاثينات، اشترطت فرنسا أن تسلم الحركة الوطنية السورية بالكيان اللبناني لتوقيع معاهدة تعترف فيها فرنسا باستقلال سوريا ولبنان.


الحركة الوطنية

وقبل ممثلو الحركة الوطنية هذا الشرط الأمر الذي أحدث تصدعا في صفوف السياسيين المسلمين الوحدويين في لبنان، وراح بعضهم يبحث عن صيغة للتوفيق بين ولائه القومي العربي، وبين اعترافه بالكيان اللبناني مثل رياض الصلح وبشارة الخوري.

وخلال الفترة من عام 1930 إلى عام 1943، تبلورت صيغة للمطالبة بالاستقلال تزعمها رياض الصلح وبشارة الخوري وغيرهم من طلاب الاستقلال إلى أن تحولت إلى ما سمى بالميثاق الوطني اللبناني.

وتضمن الميثاق الوطني الذي صيغ عام 1943 عقب مفاوضات بين قيادات الشيعة والسنة والمارونية، ويؤثر في السياسة والحكم للبنان حتى اليوم، أنه من أجل بلوغ الاستقلال، على المسيحيين أن يتنازلوا عن مطلب حماية فرنسا لهم، وأن يتنازل المسلمون عن طلب الانضمام إلى الداخل السوري / العربي، وأن يكون رئيس الدولة اللبنانية مارونيا، وأن يكون رئيس الوزراء سنيا، وأن يكون رئيس البرلمان شيعيا، ونائبه من الروم الأرثوذكس، ونسبة نواب برلمان المسيحيين والمسلمين 5:6 على التوالي.

وفي بداية الحرب العالمية الثانية وبعد أن سيطرت فرنسا على المراكز الحساسة، طالبت الحكومة اللبنانية، المفوضية الفرنسية عام 1943 بتعديل الدستور بما ينسجم مع الأوضاع، وكان الطلب بدعم من البريطانيين الذين حكموا فلسطين والأردن والعراق.


بشارة الخوري

وفي 21 سبتمبر 1943 فاز بشارة الخوري بالانتخابات وأصبح رئيسًا للجمهورية وألف حكومته مع رياض الصلح، وبدأت حكومته تنظم أمور لبنان على أساس الاستقلال وليس التبعية لحكومة الانتداب الفرنسي، وتقدموا في 8 نوفمبر من نفس العام بطلب للمجلس النيابي لتعديل الدستور اللبناني كي يتماشى مع ظروف الدولة اللبنانية المستقلة.

لكن الحكومة الفرنسية لم توافق على مشروع تعديل الدستور، وأنذر المفوض السامي الفرنسي الحكومة اللبنانية بوقف مشروع تعديل الدستور، ولكن مجلس النواب اللبناني دعم موقف الحكومة وأقر تعديل الدستور المعروض عليه، وأعلن ذلك رئيس الجمهورية اللبنانية.

وأعتبر المفوض السامي الفرنسي القرار تحديا له، وأصدر أوامره بحل المجلس النيابي، وتعليق العمل بالدستور، وأرسل ضباطًا إلى رئيس الجمهورية فاعتقلوه مع رئيس وزرائه وبعض الوزراء والزعماء الوطنيين مثل عادل عسيران، كميل شمعون، عبد الحميد كرامي وسليم تقلا وحجزوهم في قلعة راشيا.

استفزت تلك الإجراءات وزير الدفاع اللبناني الأمير مجيد أرسلان ورئيس مجلس النواب صبري حمادة والوزير حبيب أبو شهلا وآخرين، وعقدوا اجتماعا مصغرا بقرية "بشامون" في جبل لبنان، في بيت حسن الحلبي، الذي عرف فيما بعد بـ "بيت الاستقلال" ويحفظ به أول علم لبناني.


حكومة مؤقتة

وأسفر الاجتماع عن تشكيل حكومة مؤقتة عرفت بحكومة بـ "بشامون" وغيروا العلم الذي وضع في ظل الاحتلال، ورفع العلم اللبناني الجديد الذي تكون من ثلاث أقسام الأحمر، والأبيض، والأحمر وفي الوسط ضمن اللون الأبيض شجرة أرز خضراء، ويرمز اللون الأحمر لشعار القيسية، والأبيض شعار اليمنية، ودعم الشعب اللبناني القرارات وهتفوا بإطلاق سراح المعتقلين، مرددين شعارات الحرية والاستقلال.

ورفع المجتمعون مذكرة شديدة اللهجة إلى ممثل الحكومة الفرنسية في لبنان، استنكروا فيها أعمال البطش التي يمارسها الجنود الفرنسيون والشرطة اللبنانية المساندة للمفوض الفرنسي، وأرسلوا مذكرة أخرى إلى سفيري بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية في لبنان، وإلى حكومتي مصر والعراق، شرحوا فيها الوضع المتردي في لبنان، وسوء تصرف المفوضية العامة الفرنسية في لبنان، والإجراءات التعسفية وغير القانونية التي مارسها المفوض السامي الفرنسي في لبنان.


استقلال لبنان

وأدى هذا النضال إلى استقلال لبنان بتاريخ 22 نوفمبر 1943، وبعد ذلك شاركت لبنان المستقلة في تأسيس الأمم المتحدة عام 1945، وجامعة الدول العربية عام 1947.

ولكن بسبب الأغلبية المسيحية في ثلاثينات وأربعينات القرن الماضي حصلت الطائفة المارونية على معظم الصلاحيات في الدولة وفقا للميثاق الوطني، ومع تغير الواقع الديموغرافي في لبنان وتعاظم الاستياء من الحكومات المتعاقبة بالإضافة إلى الفوارق الطائفية أدى إلى قيام الحرب الأهلية اللبنانية والتي انتهت باتفاق الطائف عام 1989 الذي غير نسبة النواب في البرلمان إلى المناصفة بين المسيحيين والمسلمين، بعدما كانت بنسبة 6:5 لصالح المسيحيين، وقلّل من صلاحيات الرئيس الماروني.


النصب التذكاري

وفي ذات السياق، نظمت لبنان أمس الأربعاء، حفل إزاحة الستار عن النصب التذكاري للاستقلال بمناسبة ذكراه الخامسة والسبعين، حضره رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ورئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري، ورئيس الحكومة سعد الحريري، ووزير الدفاع يعقوب الصراف.

وقال رئيس الجمهورية: "على عاتق عهدكم مسؤوليات جسام ملقاة، ليس أقلها استكمال المهمات الوطنية، فمسيرة وطننا بكل تعقيداتها أثمرت دولة، مع كل الضغوط التي عرفَتْها، نجحت في بلورة نموذج مجتمعي متطور".

فيما دعا "عون" خلال كلمه له بمناسبة ذكرى الاستقلال المسؤولين والأحزاب والتيارات والمذاهب، في هذه المناسبة الوطنية المشتعلة عزة وفخرًا في قلوبنا، أن ننبذ خلافاتنا، ونضع مصالحنا الشخصية جانبًا، ونبرز حسَّ المسؤولية تجاه من أوكلنا مصيره، وشؤون حياته، وكرامة وجوده، وخير عائلته، تجاه الشعب اللبناني الذي سئم الوعود، ويكاد ييأس من تناتش المصالح، وملَّ عدم اكتراث أصحاب القرار بمخاوفه، وبطالته، وحقوقه، وأحلامه المكسورة.

المجلس النيابي

وشدد على ان "من واجبنا أن نطمئنه على غده، وأن نتآلف في المجلس النيابي والحكومة وننكب ليلًا ونهارًا على التخطيط والعمل لإنقاذ وطننا، اقتصاديًا، واجتماعيًا، وبيئيًا، وأخلاقيًا. نعم، أخلاقيًا، لأن الكلمات المسمومة التي تنطلق كالسهام في الاعلام وعبر مواقع التواصل الاجتماعي تجاه بعضنا البعض، تدلُّ بوضوح إلى الدرك الذي انحدرت إليه الأخلاق، وغياب الأصالة والانسانية اللتين لطالما ميزتا شعبنا، ومع هذا الانحدار، لا قيامة للوطن".

وأضاف: " أيها اللبنانيون، يعيش لبنان اليوم أزمة تشكيل الحكومة، صحيح أنها ليست فريدة من نوعها، إذ سبق أن عاشها في السنوات الماضية، كما أنها حصلت وتحصل في دول عريقة في الديمقراطية والحضارة، ولكنها تخسرنا الوقت الذي لا رجعة فيه، وتحول دون امكانات الانتاج ومتابعة مصالح وشؤون البلد والمواطنين وخصوصًا معالجة الوضع الاقتصادي، فإذا كنتم تريدون قيام الدولة، تذكروا أن لبنان لم يعد يملك ترَفَ إهدارِ الوقت".