الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة البرلمان

أطفال مصر.. بين العنف المجتمعي والتشتت الأسري.. المجتمع المدني يطالب بتغليظ عقوبات الاعتداء على الصغار.. والبرلمان ينتظر رد الأزهر لتفعيل حق "الاستضافة"

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
طالبت منظمات المجتمع المدنى وحقوق الإنسان، الرئيس عبدالفتاح السيسي، باختيار 2019، عاما للطفل، تزامنًا مع مبادرات الرئيس خلال الأعوام الماضية، ما يزيد من توجيه الأنظار للطفل المصري، والاهتمام به ودعمه، مؤكدين أن فئة الأطفال تمثل %40 من التركيبة السكانية المصرية، وهذه الفئة فى أشد الحاجة إلى اهتمام ودعم كبير، وسط انتشار ثقافة التربية الخاطئة والهجمات الفكرية المعادية للثقافة المصرية العربية الشرقية، من جهات داخلية وخارجية، عن طريق وسائل الإعلام المختلفة، مطالبين مجلس النواب بسرعة الإنجاز فى إقرار القوانين لحماية الطفل المصري.
 بينما أكد برلمانيون، أن لجنة الشئون الدستورية والتشريعية، أرسلت قانون الطفل، إلى الأزهر الشريف، والمجلس القومى للأمومة والطفولة، والمجلس القومى للمرأة، ولم يردها أى رد خاص بتعديلات القانون حتى الآن، موضحين أن لجنة الشكاوى والمقترحات، تناقش المواد الخاصة برؤية الأطفال فى حالة الطلاق، وفقًا للتشريع الذى قدم للبرلمان، والتى يتضمنها قانون الأحوال الشخصية، بإعطاء حق الاستضافة للأب، وتحديد المدة الزمنية لرؤية الأطفال لتتراوح بين 24 و48 ساعة.

طالب محمود البدوي، خبير حقوق وتشريعات الطفل، رئاسة الجمهورية، بالعمل على نشر مفاهيم التربية الإيجابية للأطفال، والتى كانت نبراسًا للعديد من الآباء والمربين والمعلمين حول العالم، ومنهج لا بد من السعى نحو تطبيقه لما فيه من فائدة كبيرة وقدرة على التفاعـل مع العديد من المشاكل الخاصة بالطفل بالمجتمع المصري، والتى وقفت أمامها القوانين المبتكرة فى حالة عجز، فى ظل حالة غير مسبوقة من العنف المفرط بحقه، وعدم وجود أطروحات قادرة على التصدى لتلك الحالة غير المسبوقة من تراجع حقوقهم التى كفلها الدستور والقانون، والمواثيق الدولية التى صادقت عليها مصر.
وناشد «البدوي»، بضرورة تخصيص عام ٢٠١٩ كعام للطفل المصرى على غرار ٢٠١٦ عام الشباب و٢٠١٧ عام المرأة، و٢٠١٨ عام ذوى الإعاقة، وجميعها مبادرات غير مسبوقة تبناها الرئيس عبدالفتاح السيسي، وذلك من منطلق أن فئة الأطفال تشكل قرابة حوالى ٤٠٪ من جملة التركيبة السكانية المصرية، مؤكدًا أن المسح السكانى الصحى كشف فى ديسمبر ٢٠١٤، أن ٩٣٪ من الأطفال فى عمر ما بين عام واحد و١٤ عامًا تعرضوا لممارسات تربوية عنيفة بما فى ذلك الاعتداء النفسى والعقوبات البدنية، وفى ظل ما تنبئ عنه الأحوال من تراجع مستوى حقوق الطفل بناء على ما يتم رصده من وقائع عنف أسرى أو مجتمعى تنوعت أشكاله بدءًا من العنف النفسى مرورًا بالعنف اللفظى والتنمر، ووصولًا إلى العنف البدنى المفرط والانتهاكات الجسدية والجنسية، وهو ما يدق بقوة ناقوس الخطر لننتبه جميعًا إلى ما آل إليه حال الطفل المصرى، والذى يطالبنا جميعًا بخلق حالة من الاصطفاف الإيجابى لدعم حقوقه وتطبيقها فعليًا، فى ظل حالة من العجز عن إيجاد آليات لإنفاذ حقوق الطفل على أرض الواقع.

وقال هانى هلال، رئيس ائتلاف المصرى لحقوق الطفل، إنه فى حالة تبنى رئاسة الجمهورية، لمقترح تدشين مؤتمر عام للطفل، ستكون مبادرة طموحة تعمل على البحث فى سبل الارتقاء بأوضاع الطفل المصرى بشكل عام، فى ظل الازدياد المضطرد فى مستويات العنف والإهمال. فضلًا عن وقائع الاعتداءات الجنسية والاستغلال السياسى بحقه، بالمخالفة لكل ما جاء من ضمانات حماية للطفل بالمادة ٨٠ من الدستور، والتى جاءت كظهير حمائى دستورى لحقوق الطفل، يكمل الإطار الحمائى للحقوق التى جاء به القانون ١٢/١٩٩٦ المعدل بالقانون ١٢٦/٢٠٠٨، وكذا قانون مكافحة الاتجار بالبشر ٦٤/٢٠١٠، وكذا السعى نحو تطبيق منهج العدالة التصالحية مع الأطفال فى نزاع مع القانون.
وطالب رئيس ائتلاف المصرى لحقوق الطفل، الحكومة، بإقامة لقاء موسع مع الأطراف المعنية كافة، والتى هى على تماس مع ملف دعم حقوق الطفل، سواء على المستوى الحكومى أو على مستوى الآليات الوطنية المعنية بحقوق الطفل، وفى مقدمتها المجلس القومى للطفولة والأمومة، وكذا ممثلى المجتمع المدنى والخبراء والمتخصصين المعنيين بملف حقوق الطفل وذوى الخبرة به، وهو ما من شأنه خلق إطار أوسع وأشمل للتعاون الجاد وتوحيد الجهود بين كل الأطراف التى هى على تماس مع قضايا الطفولة والأمومة، وبما يضمن تحديد الأولويات ثم البحث فى سبل التعاطى معها، من خلال مجموعة الحلول غير التقليدية والقابلة للتطبيق على أرض الواقع، ومن منطلق الخصوصية المجتمعية التى تتميز بها قضايا الطفل المصري، بما يجعلها حالة متفردة تتطلب معاملة غير تقليدية، بعيدًا عن فكرة البحث فى تطبيق بعض تجارب الدول الأخرى والتى تكون غير قابلة للقياس عليها من منطلق حالة الخصوصية والتفرد التى تتمتع بها قضايا الطفل المصري.

وفى سياق متصل، أكد المحامى أحمد مصيلحي، رئيس شبكة الدفاع عن الأطفال بنقابة المحامين، أن قانون حماية الطفل موجود بالفعل، ويجب وجود منظومة كاملة بداية من مجلس القومى للأمومة والطفولة وعلى رأسهم الحكومة، وبمشاركة منظمات المجتمع المدني، للعمل على الحماية من ارتكب الجرائم ضد الأطفال، ثم يأتى تغليظ العقوبة؛ حيث إنه يحتاج إلى التفعيل بشكل يحمى حقوقهم، مشددًا على أنه من الوهم تعديل القوانين؛ حيث إنها لا تعمل لوحدها دون تطبيق، كما أن قانون الطفل المصرى ينص على حمايته بكل ما يتعرض له.
وطالب مصيلحي، باستقلالية المجلس القومى للأمومة والطفولة عن وزارة الصحة، لتمكين المجلس من العمل بشكل طبيعى يحمى حقوق الطفل، مشددًا على أنه يوجد أطفال لم يعرف مكانها حتى الآن، وأن الخطف له أهداف كثيرة أهمها الاتجار، وتفعيل دور المجلس القومى للأمومة والطفولة ضروري؛ حيث إنه عليه عمل استراتيجية للحماية من الخطف، وكذلك؛ فإن خط نجدة الطفل لم نشهده يعمل بشكل جيد.

وطالب محمد ممدوح، رئيس مجلس الشباب المصري، الاهتمام بقضايا الطفل، واتخاذ إجراءات الحماية اللازمة لضمان تنشئة الطفل فى بيئة آمنة، مشيرا إلى أنه كل عام نحتفل باليوم العالمى للطفولة ونحن نشاهد فى الجانب الآخر أرقام الضحايا من الأطفال الذين يسقطون يوميًا فى دول الصراع، مثل: فلسطين واليمن وسوريا وليبيا، كما أننا نحتفل فى ظل امتلاء صفحات مواقع التواصل الاجتماعى بصور الضحايا من الأطفال، سواء ممن سقطوا بمناطق الصراع أو سقطوا أثناء محاولة هروبهم من هذه النزاعات.
وأكد «ممدوح»، أن تفعيل القانون يحمى الطفل من الجرائم التى انتشرت خلال الفترة الأخيرة من خطف الأطفال والاعتداء الجنسي، الذى يصل إلى مرحلة القتل لأطفال من الممكن أن تقل أعمارهم عن عامين، مشددًا على أن المطلوب منا جميعًا هو تحمل المسئولية وإنقاذ الأطفال عبر مجموعة من التدابير الحمائية التى تضمن تنشئة آمنة للأطفال، كما يجب تعديل البيئة التشريعية لضمان وجود عقاب رادع على كل من يقوم بارتكاب أى جرائم بحق الأطفال.

قال النائب محمد حمدى دسوقي، وكيل لجنة الاقتراحات والشكاوى، بمجلس النواب، إن اللجنة تناقش المواد الخاصة برؤية الأطفال فى حالة الطلاق وفقًا للتشريع الذى قدمته للبرلمان، والتى يتضمنها قانون الأحوال الشخصية، بإعطاء حق الاستضافة للأب، لافتًا إلى أن الاستضافة ستحقق الإشباع للطفل من والده، كما أنها تساعد الأطفال فى التعرف عن قرب على ذويهم، وهو ما يعمل على زيادة أواصر الصلة بين الطفل وأهله، معتبرًا أن هذا التشريع من أبرز التشريعات داخل لجنة الاقتراحات والشكاوى بمجلس النواب.
وأضاف وكيل لجنة الاقتراحات والشكاوي، لـ«البوابة»، أن المواد الخاصة بحق الرؤية للأطفال، هدفها تنظيم رؤية الوالد أو الوالدة لأطفالهم فى حالة الانفصال، لافتًا إلى أن أطفال مصر يعانون مشاكل عدة من قبل مؤسسة التعليم بمصر، من خلال نقص أعداد المدارس، بمختلف محافظات الجمهورية، مطالبًا بتوفير دعم واهتمام لتعليم الأطفال وإنشاء أكبر عدد ممكن من المدارس من قبل الحكومة حتى يتم استيعاب الأطفال، والقضاء على ظاهرة التكدسات بالمدارس، حتى يتم بناء الشخصية من الصغر.

وأكدت النائبة عبلة الهواري، عضو لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، أن اللجنة لم يردها أى رد خاص بتعديلات قانون الطفل، سواء من الأزهر الشريف، أو المجلس القومى للأمومة والطفولة، أو المجلس القومى للمرأة.
وأشارت إلى أن البرلمان أصدر العديد من التشريعات التى من شأنها حماية الطفل، سواء بشكل مباشر، أو غير مباشر، فعلى سبيل المثال وليس الحصر، قانون ذوى الإعاقة والذى تطرق فى بعض مواده إلى الطفل، وقانون الجمعيات الأهلية، وذلك إلى جانب قانون الطفل، والذى تضعه اللجنة على أجندتها التشريعية لدور الانعقاد الحالي؛ حيث إنها تنتظر رد الجهات المعنية حول التعديلات للبدء فى مناقشته، وذلك إلى جانب قانون منع زواج القاصرات، وقانون العنف ضد المرأة.
وأضافت عضو اللجنة التشريعية، أنها تقدمت بقانون خاص بالأحوال الشخصية، تطرق فى معظم مواده إلى الطفل وحماية حقوقه، خاصة بعدما كشف الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، عن أن عدد الأطفال فى الفئة العمرية من ١٠ إلى ١٧ عامًا السابق لهم الزواج بلغ ١١٧ ألفًا و٢٢٠ فردًا، فيما سجل إقليم الوجه القبلى أعلى نسبة طلاق بين هؤلاء الأطفال بلغت ٥١.٦٪، والزواج ٥٠.٨٪ من إجمالى الحالات الزواجية بالإقليم، الأمر الذى يعد كارثة يجب التصدى لها، وتضافر جهود الدولة لحلها، خاصة أن عدد الأطفال المصريين الأقل من ١٨ عامًا، بلغ ٣٨.٩ مليون، أى نسبة ٤٠.١٪ من إجمالى السكان خلال العام الحالي.
وتابعت الهواري: «فى جنوب الصعيد الأطفال يتزوجون من سن ١٢ سنة، ولذلك أثناء مناقشات قانون تجريم زواج القاصرات عدلنا ٥ قوانين داخل هذا القانون للتصدى لتلك الظاهرة، والتى تحرم الطفل من كافة حقوقه»، مشيرة إلى أن مواد القانون رادعة لكل من تسول له نفسه بتزويج قاصر.

وقال النائب عبدالمنعم العليمي، عضو لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، إن اللجنة فى انتظار التعديلات الخاصة بقانون الطفل، مشيرًا إلى أن القانون القائم حاليًا هو القانون رقم ١٢ لسنة ١٩٩٦.
وأوضح «العليمي»، أن قانون الأحوال الشخصية هو القانون الوحيد الخاص بالطفل الموجود حاليًا داخل اللجنة التشريعية، وتم التقدم به من بعض الأعضاء فى نهاية دور الانعقاد الماضي، وأُرسل لشيخ الأزهر للنظر فيه، والرد عليه، بالرأى الشرعي، لافتًا إلى أنه مع بداية دور الانعقاد الثالث تقدم بمشروع قانون خاص بتنظيم عمل المأذونين، وذلك نظرًا لتفشى ظاهرة زواج القاصرات، وزواج الأطفال دون سن ١٨ سنة.
وأشار إلى أن معظم المشاكل الخاصة بزواج الأطفال، خاصة بتنظيم عمل المأذون، مضيفًا أنه فور صدور القانون سيتم ردع تلك الظاهرة، والقضاء على أنواع التلاعب التى يمارسها بعض المأذونين، خلال عقد القران وتوثيق عقود الزواج، عند تزويج القاصرات والأطفال دون ١٨ سنة.
وأكد أن الاتفاقيات الدولية التى تشارك بها مصر، تُلزمها بأن يكون سن الزواج بعد ١٨ سنة، مطالبًا بأن تضمن التشريعات تغليظ العقوبة وتنظيم عمل المأذونين، وتحديد مقر لهم يتبع الجهاز الحكومي، وذلك لأن معظم المقار التابعة للمأذونين مقار خاصة.
وأكمل، «لا بد أن يكون لهم مقر فى محكمة الأسرة على الأقل، ويكون عليه ضمانات، ويقضى على الخلل الموجود، مضيفًا، على الرغم من تقدمى بالقانون منذ بداية دور الانعقاد الماضي، وعلى الرغم من تقدم الحكومة بمشروع قانون مماثل؛ فإن اللجنة لم تبدأ فى مناقشاته حتى الآن.
وأشار عضو مجلس النواب، إلى أن القانون يتضمن بابا كاملا خاصا بحماية الأسرة، من حقوق الزوج والزوجة، وحقوق الطفل، والمرأة المطلقة.

كما أعلنت إيناس عبدالحليم، عضو لجنة الصحة بمجلس النواب، أنها ستتقدم بمشروع قانون خلال الدور التشريعى الرابع، ليتضمن تعديلات على قانون الطفل رقم ١٢ لسنة ٩٦، والمعدل بالقانون رقم ١٢٦ لسنة ٢٠٠٨، بشأن تجريم وتغليظ العقوبة على الأب والأم اللذين يعرضان أبناءهما لأخطار الحوادث والموت وعدم رعايتهم بشكل آمن.
وأضافت أن الأساس فى مشروع القانون هو تعديل المادة ٨، التى تنص على عقاب الأب أو الأم بالحبس ٦ أشهر وغرامة ٥٠٠ جنيه باعتبار أن الطفل ملك لوالديه؛ حيث لا توجد مادة صريحة فى القانون تجرم إهمال الأسرة فى حق أطفالها.
واقترحت فى مشروع القانون أن يتم عقاب الوالدين بالحبس على الأقل ١٠ سنوات فى حال أدى الإهمال لوفاة صغيرهما، مشيرة إلى أن موجة قتل الأبناء التى انتشرت مؤخرا غير طبيعية، وتستوجب التصدى بشكل قوى ورادع لها، من خلال تشريع يجرم الإهمال فى حق الأطفال، لافتة إلى أن جريمة الخطف أيضًا تستوجب عقاب الأب والأم لأن الطفل مسئولية يجب الحفاظ عليها، كما أن الإهمال يستوجب العقاب حتى لو كان الخطف خارج مسئولية الوالدين.