الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

بناء الإنسان

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

بعد أن أتم الرئيس السيسى بناء الأرض وتوفير الحياة الكريمة للفقراء وسكان القبور والعشوائيات، وتشييد المشروعات العملاقة فى جميع المجالات، والعمل على تطوير التعليم ومنظومة الصحة وعلاج ملايين المصريين من «فيروس سى» القاتل، وغير ذلك من الإنجازات، بدأ يهتم ببناء الإنسان، خاصة بعد أن ظهر جليًا أن السلوك بدأ فى الانحراف الفكرى والأخلاقى بشكل مريع، وساد الجهل رغم الحصول على أعلى الشهادات، وزاد العنف بين الأفراد فى المجتمع، فكان لا بد من مواجهة التطرف فى الفكر، وبدأ العمل على هذا منذ أن بدأ أول مؤتمر للشباب، ليعرف أفكارهم ومشكلاتهم وطموحاتهم، ولكن الشىء الظاهر والمنتشر هو التشدد الديني، الذى يصل بصاحبه إلى التطرف وإيذاء الآخرين، وهو ما تعانيه المنطقة العربية بل والعالم، فعندما تريد أن تتحكم فى عقل شخص جاهل ثقافيا وفكريا رغم حصوله على أعلى الشهادات، عليك أن تغلف كل مقولة وفكره له بغلاف الدين، وهذا ما فعله شيوخ التطرف مع الشباب المسلم، بتحريضهم على قتل الأبرياء المخالفين لهم فى العقيدة، بتفسير آيات القرآن حسب هواهم، وبقراءة أحاديث منسوبة كذبا إلى رسول الإنسانية، مثل أحاديث تحقير وتقليل شأن المرأة، وقتل المخالف لدينه، وهكذا يتم ذرع الأفكار الشيطانية فى عقول الشباب، ولو نظرنا إلى تلك الكارثة لعرفنا أن مصدرها كتب متشددة لشيوخ قدماء من التراث الإسلامي، ولذلك طالب الرئيس السيسى من شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، أن يتم تنقيح وتصحيح الكتب البشرية التى تسىء لله ورسوله، وشوهت صورة الإسلام السمح، وتجديد الخطاب الديني، أكثر من أربع مرات على مدار ثلاث سنوات، والرئيس يطالب والأزهر لا يستجيب!!! وفى ذكرى الاحتفال بالمولد النبوى قال الرئيس السيسي، إن رسالة الإسلام التى تلقاها نبى الله حرصت كل الحرص على إرساء قواعد التعايش السلمى بين البشر، وحق الناس جميعا فى الحياة دون النظر إلى عرق أو لون أو دين، فما أحوجنا إلى ترجمة معانى تلك الرسالة السامية إلى سلوك عملى وواقع ملموس فى حياتنا ودنيانا.

وقال، يجب إعداد الدعاة على أسس علمية وثقافية، فرجل الدين لا بد أن يكون ملما ثقافيا بالقانون والطب وجميع التخصصات، وليس كتب الدين فقط، حتى يتثنى له معرفة ما يقوله وتأثيره على المجتمع.

وأكد الرئيس السيسى أن بناء الإنسان وتنوير العقول يعد المحور الأساسى لأى جهود للتقدم وتنمية المجتمعات، وجدد الرئيس الدعوة للأئمة والمثقفين لبذل الجهد فى التنوير، ونشر تعاليم النبى محمد التى تنادى إلى العمل والبناء والإنسانية، لمواجهة من يدعون إلى التكفير والقتل والخراب، فالإنسان المتحضر هو الشخص الذى يتعامل فى كل أمور حياته بشكل راقٍ متحضر، فى المأكل والملبس والتعامل مع الناس، وهو بذلك يختلف عن الإنسان البدائى الذى لا يجيد التواصل بشكل صحيح.

ونتذكر معًا توماس ويلسون الرئيس الثامن والعشرين للولايات المتحدة الأمريكية، الذى كان من قائمة إنجازاته أنه قام بتحديد مجموعة من الشروط والقوانين التى ما زالت صالحةً حتى الآن، لتعريف الإنسان المتحضر، وكانت أربعة شروط، وهى أن يكون الإنسان ملمًا بتاريخ العالم منذ القدم حتى حاضره، ومتفتحا فكريا وملما بالأفكار السائدة والمندثرة، وأن يكون عالما أو منفتحا على أحد العلوم، ومتقنا لها، وأن يكون لديه لغة ومنطق وبلاغة، وهذا ما قاله تقريبا الرئيس السيسى لشيوخ الأزهر، بأن يكون الدعاة ملمين بالعلوم والقوانين ومنفتحين فكريا، فنحن فى المجتمعات العربية نجد تأثير رجال الدين على العامة كبير جدا، وعندما يكون رجل الدين ليس مثقفا ولا منفتحا فكريا، وليس له معرفة بالعلوم والمعارف الأخرى، سيحول العامة والمجتمع إلى الجهل والبدائية، ويحرم عليهم التحضر، كما نرى الآن من السلفيين وبعض شيوخ الأزهر الذين أفتوا بحرمانية تنظيم الأسرة، وهذه بدائية ورجعية، لأنه بفتواه هذه سيتكاثر المجتمع بصورة مرعبة، ويكون عدد الأبناء المتزايد عبأ كبيرا على الأسرة، وعلى الدولة، وأيضا تدمير لصحة الأم المنجبة لعدد كبير من الأبناء، لذلك يجب أن يبدأ بناء الإنسان بتصحيح المفاهيم المغلوطة، والقصص والفتاوى البشرية المتطرفة والرجعية، ثم نريد أيضا أن نرى دورا لوزارة الثقافة الغائبة عن المشهد منذ سبع سنوات، والأعمال الفنية الهادفة التى تبنى مجتمعا متحضرا، وعودة شعار القراءة للجميع، ونتمنى من الأزهر أن يستجيب لدعوات الرئيس السيسى بالتجديد والتصحيح.