الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

«بنوك الأعضاء البشرية».. «الحلال» المثير للجدل

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«تجارة الأعضاء البشرية» ظاهرة عرفت طريقها إلى مصر منذ سنوات، غير أنها تطفو على السطح ما بين الحين والآخر، لتحتل صدر الصحف ونشرات الحوادث، خاصة فى ظل انتشار عصابات الإتجار فى أعضاء المصريين، ولعل آخرها عصابة الأطباء الشهيرة التى تمكنت الأجهزة الأمنية من ضبطها قبل أشهر، واحتلت حينها جداول اجتماعات عدد من الجهات المنوط بها التحقيق فى شأنها.
لكن لأيام قليلة ظل الهدوء سيد الموقف فى مصر، لكن فجأة أُثيرت تحت قبة البرلمان اقتراحات حركت المياه الراكدة؛ لتُذيب جبل الهدوء الصامد لسنوات طويلة، وجاءت الاقتراحات مطالبة بسرعة إنشاء بنك خاص للتبرع بالأعضاء البشرية لمواجهة عصابات الإتجار بالأعضاء وتقنين وتحديد عمليات التبرع وزراعة الأعضاء التى تتم بشكل غير صحى وخارج الإطار القانونى، مؤيدون للفكرة رأوا أن وجود بنوك للأعضاء سيعيد الحياة لغير القادرين من ذوى الأمراض المزمنة، فيما أكد المعارضون أن وجود مثل هذه البنوك سيشعل بيزنس أسود داخل المستشفيات الاستثمارية الكبرى، ويضاعف من خطر تجارة الأعضاء فى مصر.
«الحق فى الصحة»: تقضى على تجارة الأعضاء وتدخل مصر ضمن الاتحادات الدولية لبنوك الأعضاء قانونيون: التبرع بالأعضاء مسموح شرط وصية موثقة بالشهر العقارى نائبة: وجودها يقضى على تجارة الأعضاء فى المستشفيات.. وينهى مسلسل خطف الأطفال وسرقة أعضائها
صاحبة المقترح بالبرلمان النائبة «شادية ثابت» قالت إن الموقف واضح فوزير الصحة السابق نادى بإنشاء بنك الأعضاء من قبل، مؤكدًا أن إنشاء بنك للأعضاء فى مصر له العديد من المميزات، أهمها أنه سوف يوفر العلاج لكثير من غير القادرين ماديًا، خصوصًا لمرضى الغسيل الكلوى وذوى الأمراض المزمنة.
وتابعت شادية، الأهم أن وجود بنك الأعضاء سوف يمنع تجارة الأعضاء فى مصر، وعمليات خطف الأطفال وسرقة أعضائها، لوجود قناة شرعية يمكن للمريض اللجوء إليها، لافتة إلى أن بنك الأعضاء موجود فى جميع دول العالم، ومعترف بها»، وتابعت: من الضرورى على الأقل مرحليًا أن نحاكى العالم فى ذلك»، مشددة على أن بنك الأعضاء لن يفتح الباب أمام تجارة الأعضاء، كما يظن البعض، بل سيقضى عليها نهائيًا ويوفر الحماية للكثيرين المرضى والأطفال.

حكاية البنك
وحسب الاقتراح فإن بنك الأعضاء هو قاعدة بيانات ضخمة بها قائمة بالمرضى المحتاجين لزراعة أعضاء حسب الأولوية مقابل قائمة أخرى بالأشخاص، الذين يتبرعون بأعضائهم، ويسهل البنك عملية نقل الأعضاء من مستشفى لآخر طبقًا لاحتياجات المرضى والعضو الجاهز للزرع، لكن بنوك الأعضاء غير موجودة فى مصر.
فيما تختلف الفترة الزمنية لنقل عضو من شخص ميت إلى شخص آخر على قيد الحياة باختلاف العضو نفسه، فالكلى يمكن أن تعيش ٣٦ ساعة بعد وفاة صاحبها الأصلى، بينما يعيش الكبد من ٤ إلى ١٦ ساعة، فيما يبقى القلب صالحًا للزراعة لفترة من ٣ إلى ٥ ساعات ما يعنى أن عملية زرع الأعضاء تتم بأسرع ما يمكن للمريض.

مؤيدون للفكرة
الموقف قد يكون غير واضح داخل لجنة الصحة بمجلس النواب، فهناك من يؤيد وهناك من لا يزال يدرس الفكرة ويبحث فى فلكها، لكن أحد أعضائها البارزين عبدالحميد الشيخ، قرر أن يدخل الاشتباك على الساحة، معلنًا تأييد الفكرة قائلًا: «وما المانع من وجود بنوك للأعضاء البشرية؟ لكن هذا مشروط بقواعد وعلى الدولة اتخاذ الإجراءات الكافية والموافقة الصريحة من الشخص أو من ذويه، متسائلًا: «أين ثقافة التبرع والتوصية بذلك؟ مؤكدًا أن وجود هذه الثقافة ضرورة لأن وجود الأعضاء فى البنوك وتوافرها سوف يساعد الكثير من غير القادرين من ذوى الأمراض المزمنة».
ولفت النائب إلى أن وجود بنك للأعضاء سوف يغلق الباب أمام تجارة الأعضاء، وسوف يقضى عليها تمامًا، لكن شريطة أن تتم هذه العملية عبر طرق شرعية، وأن يتم وضع ضوابط للمستشفيات الحكومية والجامعية».
على الجانب الآخر هناك من يرفض الفكرة مع تساؤلات من عينة وما الهدف من إنشاء بنك الأعضاء فى مصر فى الوقت الذى يوجد لدينا قانون زراعة الأعضاء، ورأت جبهة المعارضة أن المشكلة ليست فى سن قوانين جديدة أو إنشاء بنوك أخرى، لكن المشكلة الأكبر فى تنفيذ القانون لعدم وجود لائحة تنفيذية واضحة له.
وأضافت الجبهة أن هناك صراعًا بين المستشفيات الخاصة والمستشفيات الحكومية حول الأحقية فى نقل الأعضاء، والمتبع فى العالم عدم إشراك القطاع الخاص فى هذا الأمر.
واقترحت جبهة المعارضة للبنوك، الحل الأمثل لهذا الصراع، وهو أن تكون المستشفيات التعليمية والحكومية هى من لها الحق فى نقل الأعضاء، وربطها بالبحث العلمى حتى نتمكن من محاسبة المقصرين واستدعاء وزير الصحة ومديرى المستشفيات حال وجود مخالفة للقانون.
وشدد المعارضون على تخوفهم من أن يلقى بنك الأعضاء مصير بنك الخلايا الجذعية، حيث حدث الكثير من المشاكل والتلاعب به إلى أن تم إسناد الأمر إلى القوات المسلحة، وتساءل فؤاد: من يضمن عدم التلاعب ببنك الأعضاء أيضًا وأن تكون هناك سرقة للأعضاء؟

معوقات التنفيذ
الدكتور علاء غنام، الخبير فى السياسات الصحية، أكد أن تطبيق فكرة بنوك الأعضاء فكرة جديرة بالتطبيق فى مصر، خاصة مع المشاكل التى يتعايش معها المرض فى مصر، لافتًا إلى أن الفكرة طبقها العديد من الدول منذ أعوام كثيرة من أجل التخفيف من معاناة المرضى، لا سيما مرضى فشل الأعضاء، الذين يعانون بصورة كبيرة جراء عملية الغسيل الكلوى المكلفة التى يحتاجون إلى إجرائها خلال مرتين إلى ثلاث مرات فى الأسبوع الواحد وتكلف الجلسة الواحدة ما يصل إلى ٤٠٠ جنيه وهو ما يعنى معاناة لهؤلاء المرضى، لافتًا إلى أن تفعيل بنوك الأعضاء فى مصر سيعمل على تعزيز نقل العضو إلى المريض ما سيوقف معاناته، ويكون فى ذات الوقت فى ميزان حسنات المتوفى الذى يوافق على عملية النقل.
ولفت إلى أن ما يحول دون تنفيذ فكرة تفعيل بنوك الأعضاء أمرين، أولهما يتعلق بالثقافة السائدة فى المجتمع المصري؛ فهناك صعوبة فى قبول فكرة التبرع بالعضو بعد الوفاة داخل مصر على اعتبار أن هذا شيء مقدس ويجب دفن الميت، وهى الثقافة الخاطئة التى تحتاج تعديلًا جوهريًا، خاصة أن التبرع بالأعضاء ليس حرامًا ضمن فتوى دار الإفتاء المصرية التى أكدت صلاحيته طالما هناك موافقة من الشخص المتوفى على ذلك، ضاربًا مثالًا بالسعودية التى تسمح بالتبرع بالأعضاء، وهى دولة تحكمها الشريعة الإسلامية، والمغرب التى تزرع الأعضاء منذ عام ١٩٧٧، وهناك الأردن أيضًا بينما تم إصدار القانون فقط فى مصر عام ٢٠١٠، وهو ما يشير إلى تأخرنا عن مواكبة العالم.
وأضاف أن الصعوبة الثانية تتعلق بفكرة احتياج الأعضاء الحية إلى ظروف معينة لكى يتم استخدامها، فعلى سبيل المثال هناك أعضاء تحتاج إلى درجة حرارة معينة تصل إلى ١٥ درجة مئوية وعدد ساعات معينة للتبريد حتى تكون صالحة للنقل، وهو ما يشير إلى الحاجة إلى تكنيك معين يضمن استمرار عمل بنك الأعضاء، وهو التحدى الذى يمكن التغلب عليه، ولكننا نحتاج تفعيل الثقافة.
فقهاء قانون أكدوا أن القانون فى مصر يسمح بالتبرع بأعضاء المتوفين حديثا شريطة وصية موثقة بالشهر العقارى على أن تقوم اللجنة العليا لزراعة الأعضاء بوزارة الصحة بالحصول على الأعضاء بعد الوفاة من المتوفى.
وفى المادة رقم ٥ لعام ٢٠١٠، يبيح القانون نقل وزراعة الأعضاء بموافقة صاحب العضو أو المتبرع، كما تنظم المادة ٦٠ و٦١ من الدستور المصرى العملية من خلال التأكيد على أن لجسد الإنسان حرمة والاعتداء عليه أو تشويهه أو التمثيل به جريمة يعاقب عليها القانون.
وانتقد الدكتور حسين رأفت، الفقيه الدستورى، تعديلات مجلس النواب على قانون زراعة الأعضاء، قائلًا: «إحنا أمام غيوم وسحابة تحجب الرؤية».
وأضاف رأفت، أن تعديل عام ٢٠١٧ تضمن تغليظ العقوبات، وأبقى على المادة ٢٦ والتى تنص على: «يلغى كل حكم آخر يخالف أحكام هذا القانون فيما عدا الأحكام الخاصة بالقانونين رقمى ١٧٨ لسنة ١٩٦٠ بشأن تنظيم عمليات جمع وتخزين وتوزيع الدم ومركباته و١٠٣ لسنة ١٩٦٢ فى شأن إعادة تنظيم بنوك العيون، والتى تظل سارية المفعول».
وتابع الفقيه الدستورى، أنه كان يجب إلغاء هذه المادة، أو إلغاء الفقرة (ج) من قانون ١٩٦٢ التى تُبيح استئصال العيون لمجرد وفاة الشخص فى أحد المستشفيات المرخص لها بإنشاء هذه البنوك أو النص صراحة على أحقية المريض فى رفض استئصال القرنية إذا ما توفى بالمستشفى أو أحقية أهله فى الاعتراض بعد وفاته.
لافتًا إلى أن المشرع الدستورى أبدع فى المادة ٦١، و٦٢ حينما نص على أن جسد الإنسان له حرمة، والاعتداء عليه أو التمثيل به أو تشويهه جريمة.
أما الدكتور محمد حسن خليل، منسق لجنة الدفاع عن الحق فى الصحة، فيرى أن هناك ١٦ عضوًا يصلح لكى يتم نقلها وزراعتها من جسد إلى آخر منها الرئتان والقلب والكبد والكلى والجلد والقرنية، لافتًا إلى أنه فى مصر يتم زراعة الكبد والكلى ولكن من أشخاص أحياء لعدم السماح فى مصر بوجود بنوك للأعضاء بعد.
وأضاف: القانون الذى عرض خلال الفترة الماضية على مجلس النواب أباح فكرة عمل بنوك للأعضاء فى مصر، إلا أنه لم يتم تطبيق بعد، لافتًا إلى وجود ٦ عوائق، منها وجود ثقافة سلبية عن زرع العضو ونقله من المتوفى إلى الشخص السليم علاوة على وجود جزئية خلافية بالقانون حول تعريف الشخص المتوفى حيث حدد القانون أن الطبيب هو من يحدد حالة الفرد إذا كان متوفيًا أم لا فى حين أن التعريف القانونى والعالمى للمتوفى الذى يستدل به عليه من جذع المخ وليس توقف عضلة القلب.
ولفت منسق لجنة الدفاع عن الحق فى الصحة إلى أن هناك فريقًا يرى حرمانية نقل الأعضاء من المتوفيين وهو ما حدث مسبقًا مع نقل الدم الذى كان يعتبره البعض حرامًا كذلك، ولكنه مع الوقت اتضح عكس هذا، وأنه يساعد المرضى وجزء من ثقافة التضامن الاجتماعى مع المرضى لمساعدتهم على التخلص من معاناتهم والحياة بصورة طبيعية.
ولفت إلى أن هناك العديد من المزايا من تفعيل بنوك الأعضاء فى مصر منها العمل على القضاء على التجارة غير الشرعية للأعضاء فى مصر خاصة مع تصنيف مصر المرتفع فى زيادة تجارة الأعضاء بعد أن كانت قد صدرت دراسة عن منظمة الصحة العالمية كشفت عن أن مصر تعد مركزا إقليميا للاتجار بالأعضاء البشرية، وصنف مصر ضمن أعلى خمس دول على مستوى تجارة الأعضاء.
وأضاف: علاوة على أن اتجاه مصر إلى تلك الخطوة يسمح بانضمامها إلى الاتحادات العالمية لتبادل الأعضاء، فأحيانا الأعضاء المنقولة لا تتوافق مع أنسجة الشخص المريض، وهنا يمكن تبادل الأعضاء مع تلك الاتحادات بأعضاء ذات أنسجة مناسبة ومتوافقة ما يجعل تفعيل فكرة بنوك الأعضاء لا يفيد مصر فحسب وإنما يفيد مختلف الدول بانضمام مصر إلى تلك الاتحادات ويفيد المرضى المصريين أيضًا.
وأشار إلى أنه إذا توجهنا للمرضى، سوف نكتشف أن الكثير منهم يعانون من التضرر بسبب غياب بنوك الأعضاء فى مصر، ومن أبرز المرضى الذين يعانون فى هذا الصدد مرضى الفشل الكلوى.
محمد فتحى، مريض فشل كلوى، قال: «إنت متخيل يعنى إيه جهاز الغسيل الكلوى يكون متحكمًا فى حياتك»، لافتًا إلى أن العلاج من المرض يستنزف ليس فقط صحته وإنما أمواله أيضًا، حيث يحتاج ثلاث جلسات غسيل كلوى خلال أسبوع كامل، وهو الأمر الذى يصعب العملية لديه، لا سيما أنه لا يوجد علاج آخر لكى تتم إزالة السموم من الكلى التالفة.
وأشار إلى أن التكاليف فوق طاقته، فالعلاج يكلفه سنويًا ما يصل إلى ٤٠ ألف جنيه علاوة على أن جلسة العلاج تستمر مدة تصل إلى ٤ ساعات كاملة قد يصاب خلالها كأى مريض آخر بانخفاض ضغط الدم وصداع، هذا علاوة على المعاناة النفسية التى يعانى منها.
وأضاف: الحل الوحيد فى وجود كلى أخرى يتم التبرع بها تتوافق مع أنسجته، لافتًا إلى أن الأمر مكلف وبالكاد لا يوجد أى شخص يمكن أن يستغنى عن كليته إلا إذا كان يحتاج أموالًا أو ما يعرف التجارة بالسوق السوداء للأعضاء البشرية.
وقالت الحاجة فتحية إنها دون التبرعات تضطر إلى الغسيل مرتين بالأسبوع، فى حين أن المطلوب منها ثلاث مرات فى الأسبوع، قائلة: «لو وقفت جلسات الغسيل الكلوى السموم هتتراكم فى جسمى».
وأضافت: «إن المرض مزمن وسعر الجلسة المدعمة كان ١٥٠ جنيهًا وغير المدعمة ٢٥٠ جنيهًا، أما الآن فأسعار الجلسة أصبحت مرتفعة بعد قرار زيادة أسعار الجلسات خلال الفترة الأخيرة وهو ما يزيد المعاناة، لافتة إلى أن زوجها لا يستطيع أن يتكفل بالمصاريف، خاصة أنه رجل «أرزقي»، ولهذا فالاعتماد يكون على فاعلى الخير، مشيرة إلى أنها لا تستطيع أن تدفع تكاليف عملية الزراعة التى يعد سعرها كبيرًا جدًا.
ووفقًا للجمعية المصرية لأصدقاء مرضى الكلى، فإن إجمالى عدد المصابين بالمرض فى مصر تتراوح أعدادهم ما بين ٩٠ و١١٥ ألفًا معظمهم يخضعون لجلسات غسيل كلوى بوحدات فى المستشفيات الحكومية بصفة دورية ما بين يومين وثلاثة وأسبوع.
كما أن وفيات أمراض القلب فى مصر ٥ أضعاف المعدلات العالمية، وهذا وفق حملة «حِبْ الحياة» التى أطلقتها مؤسسة مجدى يعقوب للقلب، بالتعاون مع الجمعية المصرية لرعاية مرضى قصور عضلة القلب، وغيرهم من الآلاف الذين يحتاجون لزراعة القرنية لكى ترى أعينهم النور وكذلك مرضى الكبد بالمراحل المتقدمة من المرض.
فى السياق نفسه تشير الإحصائيات غير الرسمية إلى أن مصر بين الدول الأكثر إتجارًا فى الأعضاء البشرية بصورة غير قانونية، وفى إحصائية أجراها التحالف الدولى لمكافحة تجارة البشر منتصف العام الماضى، أكدت أن مصر تحتل المركز الثالث عالميًا فى تجارة وزراعة الأعضاء بصورة غير شرعية، وهو الأمر الذى يرجعه البعض إلى غياب بنوك الأعضاء.

الصين وفرنسا أبرز الدول فى تجارب بنوك الأعضاء
تعد الصين من أكبر الدول التى تشهد وجود تبرعات بالأعضاء داخلها من خلال بنوك الأعضاء، وكشفت الإحصائيات عن أن إجمالى عدد التبرعات كان ٥١٤٦ حالة تبرع فى عام ٢٠١٧، ما يجعلها ثانى أكبر دولة من حيث عدد التبرع وزرع الأعضاء.
كما تأتى فرنسا ضمن الدول التى قامت وكالة البيوميديسين الفرنسية، خلال عام ٢٠١٥ بانقاذ حياة ٥ آلاف و٧٤٦ مريضًا من خلال إجراء عملية زراعة أعضاء بزيادة ٣٥.٣٪ عما كانت عليه منذ عشر سنوات بالإضافة إلى ٥ دول أخرى سبقت فى تجربة عمل بنوك الأعضاء.
فى السياق قال الدكتور على محروس، رئيس الإدارة المركزية للمؤسسات العلاجية غير الحكومية والتراخيص، إن مصر تأخرت فى تفعيل بنوك الأعضاء عن غيرها من الدول العربية المحيطة بها وغيرها من البلاد العالمية، ضاربًا مثالًا بالسعودية التى تعد من الدول الأنجح على المستوى العربى فى مجال التبرع بالأعضاء، حيث سمحت بإنشاء بنوك للأعضاء، كما تدخلت الإرادة السياسية ما ساهم فى الحد من الكثير من المشاكل، وفى عام ٢٠١٥ بلغ عدد المتعهدين بالتبرع بأعضائهم فى المملكة نحو ٣ ملايين متبرع، عبر فكرة «بطاقة التبرع بالأعضاء»، وتهدف الفكرة إلى تشجيع السكان على تعبئة استمارة تبرع تتيح للفرد بعد وفاته التبرع بأعضائه لمريض آخر، وأكد أن ارتفاع نسبة تجارة الأعضاء وزيادة معاناة مرضى الكبد والكلى والعيون يفتح الباب أمام توعية المجتمع المصرى بأهمية وجدوى نقل الأعضاء بعد الوفاة مباشرة، وهو الأمر الذى سيقضى على هذه التجارة بصورة كبيرة ويساعد المرضى فى ذات الوقت.
وأضاف: مصر بحاجة إلى تفعيل دور المؤسسات الدينية مثل الأزهر الشريف قلعة الوسطية، لتقبل فكرة التبرع بعد الوفاة خاصة مع ارتفاع نسب مرضى الكلى الذين يصل عددهم ٢٠٠ ألف مريض بالكلى ومرضى الفيروسات الكبدية والفشل الكبدى الذين يعانون خلال الفترة الحالية
دار الإفتاء: التبرع بالأعضاء جائز وبشروط
قال الدكتور خالد عمران، أمين الفتوى بدار الإفتاء، إن الإفتاء ترى أن التبرع بالأعضاء أمر جائز بالشروط التى حددها قانون تنظيم الأعضاء خلال عام ٢٠١٠ الماضى، لافتًا إلى أن تأخر تقدم التبرع بالأعضاء فى مصر، مؤكدا أن الأمر سيقلل الاعتداء على الأحياء، ويعمل على إحياء أعضاء المرضى بأعضاء الأفراد الميتين.
ولفت إلى أن القانون اتخذ لكرامة الإنسان وتنفيذ لقول الله تعالى: «مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِى الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا».