تمر، اليوم الأربعاء، الذكرى الـ23 على رحيل الفنانة ليلى مراد، أحد أشهر وأهم مطربات وفنانات الوطن العربي في الزمن الجميل، والتى أثرت السينما والإذاعة المصرية بالعديد من الأعمال الخالدة، سواء فى التمثيل أو الغناء.
توفيت ليلي مراد في مثل هذا اليوم عام 1995، ونسرد خلال السطور التالية قصة إشهار إسلامها، حسبما جاء بكتاب "الوثائق الخاصة لليلى مراد" للكاتب أشرف غريب. وطبقًا لما ورد بصفحات الكتاب نقلًا عن روايةٍ سردتها هي بنفسها: أيقظت ليلى زوجها الفنان أنور وجدى فى فجر يوم، وقالت له: سامع يا أنور صوت الأذان"؟ فردَّ أنور وهو يحاول ألا يفلت النوم من بين جفونه: معقولة يا ليلى بتصحيني عشان تسألينى سامع صوت الأذان؟.. أيوة يا ستي سامع".
ثم أعقبته بسؤال آخر جعلته ينتبه لها: إنت ليه يا أنور ما طلبتش منى إنى أكون مسلمة ساعة ما طلبتنى للجواز؟ فأجابها وقد أدرك أن فى الأمر شيئًا: يا ليلى يا حبيبتى أنا اتجوزتك إنتِ لشخصك وما كانش فارق معايا إنتِ مسلمة أو يهودية، خصوصًا أن الإسلام إدّانا الحق فى كدة، وأنا ما حبتش أتكلم فى الموضوع ده أبدًا عشان مؤمن بأن دى حرية شخصية، وكل واحد حر فى دينه.
فقالت له ليلى وهى فى حالة من الخشوع والحسم: "أنور.. أنا عاوزة أبقى مسلمة، من زمان وأنا بفكر فى الموضوع ده، وكل يوم فى الفجر أسمع صوت الأذان وأحس إنى قربت خطوة من القرار ده، والليلة دى قررت إنى أكون مسلمة"، فتهللت أسارير أنور، وأمسك كتفيها وهو يقول لها: صحيح يا ليلى عاوزة تبقى مسلمة؟ فأجابت والخشوع يسيطر عليها: أيوة يا أنور صحيح عن ارتياح واقتناع، وربنا يقدرنى إنى أرضيه وابقى قريبة منه".
واختتمت ليلى مراد حكايتها مع هذه الليلة بأنها نطقت بالشهادتين فى ذلك اليوم، وتطهرت وتوضأت، وصليا سويًّا ركعتين لله، وأتبعتهما بصلاة الفجر، وعندما أشرقت الشمس استدعت فضيلة الشيخ محمود أبو العيون، أحد علماء الأزهر الشريف، وكان قريب الصلة بأهل المجتمع، وأسرَّت إليه بما حدث، وأعادت أمامه نطق الشهادتين، وطلبت منه أن يعلمها أصول الدين الصحيح وكيفية أداء العبادات، وبالفعل واظب العالم الجليل على ذلك.
وعرض الكتاب نص وثيقة إشهار إسلامها، والذي جاء فيه:
"بمحكمة مصر الابتدائية الشرعية فى يوم الأربعاء 4 صفر سنة 1367، الموافق 27 ديسمبر 1947 لدى أنا عبدالرازق البحيرى رئيس قلم الموثقين والإشهارات المُحال على سماع وضبط الآتى فى حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ حسن مأمون، رئيس المحكمة، حضرت الست ليلى مراد بنت زكى مراد المقيمة بالمنزل 26 شارع شريف باشا ـ عمارة الإيموبيليا، وبعد تعريفها شرعًا بشهادة كل من حضرة الأستاذ محمود أفندي أحمد سكرتير دار الإفتاء، والأستاذ أحمد حسن المحرر بجريدة البلاغ، وأخبرت بأنها كانت يهودية إسرائيلية، واعتنقت الدين الإسلامى من مدة طويلة، ونطقت بالشهادتين قائلة: أشهد أن لا إله إلا الله وأن سيدنا محمدًا رسول الله وأن موسى عبدالله ورسوله، وبرئت من كل دين يخالف دين الإسلام، وقد أشهدت على نفسها اليوم بأنها أسلمت لله سبحانه وتعالى، ونطقت بالشهادتين بالصيغة المشروعة، وقد اختارت لنفسها من الأسماء اسمها الحالى، وهو ليلى مراد، وذلك بعد أن أخطرت المحافظة بتاريخ 8/ 12 / 1947 ـ 641 ـ ولم يرد الرد، فصدر هذا بحق وشهادة الشاهدين المذكورين وحددت هذه الصورة طبق أصلها من المقيد 7 تابع جزء سادس قدم سنة 1947 تخص السيدة ليلى مراد المشهدة المذكورة المقيد طلبها 89 صور سنة 1949 بعد موافقة وزارة العدل على إعطائها هذه الصورة بكتابها رقم 3705 المؤرخ 25 / 7 / 1949 فى 31 / 7 / 1949".
ورصد الكاتب عدة ملاحظات لاحقت نص الوثيقة الرسمية التي أشهرت بها "مراد" إسلامها في نهاية سنة 1947. حيث لوحِظ أن الإعلان الرسمي عن إسلامها قد ظهر في بيان المحكمة الشرعية بعد مدةٍ طويلة منذ تحولها الفعلي إلى الإسلام ونطقها بالشهادتين على يد فضيلة الشيخ محمود أبو العيون، وأرجع الكتاب سبب تأخر ليلى في إشهار إسلامها رسميًّا وتوثيقه، إلى انشغالها كثيرًا بالغناء والتمثيل بين عامي 1946 و1947 حيث قدمت فى تلك الفترة ستة أفلام، وكانت تعتبر هذه الخطوة من الأمور الشكلية. خاصةً أنه لم يترتب عليها أي تغييرات جوهرية فى حياتها. فاسمها بقي كما هو دون تبديل، وهي كانت زوجة لرجلٍ مسلم، ولم يكن لديها أولاد يستدعي الأمر تغيير وضعهم القانوني أو تخاف عليهم من تعقد الأمور فى حالة الميراث إذا حدث لها أي مكروه. الأمر الذي جعلها تعتبر تلك الأمور شكلية على ما يبدو، ودفعها للاكتفاء بإسلامها الفعلي حتى تفرغ من مشاغلها، لتقرر فيما بعد إشهاره رسميًّا.