الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

"الإنسان والحب".. دراسة فلسفية تتناول مؤثرات العاطفة

الدكتور حسن يوسف
الدكتور حسن يوسف طه
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
"لا تسألني عن الحياة إذا خلت من طاقة الحب، ويمكن أن نقول إن الحياة الحقيقية والسوية نجدها تحتوي الحب والأمل، فالحب هو القوة الدافعة للذات الإنسانية ومن ثم نجد أن الذات التي تعيش في حالة حب أو في أجواء الحب نجدها مفعمة بالأمل في كل شيء.. في اليوم والغد والمستقبل، إن الحياة تصبح أكثر عمقا وأكثر بهجة وتصبح السعادة هى السمة البارزة والواضحة والمرتسمة عى الذات من الحب وحيويته"، هكذا يبدأ الدكتور حسن يوسف طه أستاذ علم الجمال بأكاديمية الفنون، كتابه "الإنسان والحب.. دراسة فلسفية"، والصادر حديثًا عن مؤسسة دار الهلال، بغلاف من تصميم الفنان أحمد سعيد.
يقع الكتاب في خمسة فصول، و221 صفحة من القطع الصغير، ويتناول "طه" في الفصل الأول "الحب.. المعنى والسمات" عاطفة الحب بشكل إنساني يتعرّف عليها الإنسان، ويعرف المجتمع فقدها بصورة طبيعية عندما تتجلى مظاهر الخراب والتدمير في أفظع مناظرها وأشكالها.
ثم يشتبك المؤلف مع معنى كلمة الفلسفة في لغتها اليونانية "فيلو صوفيا" أو حب الحكمة ليعرض وجهات نظر أولية فلسفية عن الحب، حين يعتبره البعض جوهر الوجود الإنساني وغايته، والصورة القادرة على جعل الإنسان يتعايش مع ذاته ومع صعاب الحياة، ويؤلف بين المتناقضات، كما يراه البعض أنه الحيلة والبريق الذي تنشره الحياة في أعين البشر كي تحافظ على استمرارها فهو المصيدة للحفاظ على بقاء ووجود نوع الإنسان على الأرض من حيث الجمع بين رجل وامرأة.
يتناول أستاذ علم الجمال، قيمة الحب كسمو روحي، حين يتناهي ذلك للمطلق اللامتناهي، حيث حب الله كما صوره الألماني ماكس شلر.. ليصل بنا إلى حتمية الحب فهو أمر ضوروري لوجود الإنسان، فالشخص الذي لا يدرك معنى الحب ويفقه معانيه لا يفقه معنى الحياة، ثم يعرض "يوسف طه"، لحالة الهجر والكتمان التي تميزت بها الكتابات عن الحب في الموروث العربي، حيث ابن حزم وكتابه "طوق الحمامة"، و"مصارع العشاق" لابن السراج القاريء.
يغوص المؤلف في كتابه بحثا عن معاني الحب كما تمثلتها الثقافات، ويعرض لسمات الحب كـ"موقف إنساني"، وقهر للاغتراب الذاتي، كما هو استيقاظ للذات، وهو شعور بالقيمة، وإثبات للوجود الذاتي، صعود وسمو ناحية السماء، امتلاء للزمان.
يأتي الفصل الثاني ليدرس "الحب أشكاله وصوره" ليبرز في المقدمة: صورة الحب الأخوي، والحب الأمومي، والحب العذري، والحب الشبقي والجنسي، والحب الرومانتيكي. ولا يفوت المؤلف أن يغوص في عمق الثقافة العربية الإسلامية ليعرض للحب الإلهي الصوفي، ولا سيما عند شعراء المتوصوفة الكبار أمثال الحلاج والسيدة رابعة العدوية.
فيما يأتي الفصل الثالث "جماليات الحب" ليطلع القارئ على تلك الثمار المجنية من الحب، فللحب جماليات خاصة أبرزها إيقاظ الجانب الإنساني، وكشف القدرة الداخلية للإنسان على التغيير، وقدرته على تفسير الكون والوجود، وقدرته على الاحتواء وتقليل الوجع والألم، والشعور بالاكتمال، والانفتاح على الآخرين، وقهر العبث الوجودي من خلال القوة الخلاقة للحب الذي يعتبر تحقيقًا للذات.
يناقش الفصل الرابع "الحب من.. إلى" عاطفة الحب بين الدراسة السيكولوجية والدراسة البيولوجية، ليظهر في النهاية الآثار السيئة للحب غير المكتمل والحب الفاشل، ثم يعرض الحب من الميلاد إلى الموت.
يعتمد الفصل الخامس على الحب عند الفيلسوف الفرنسي كيركيجارد "الحب والإيمان.. جدل الأرض والسماء عند كيركيجارد" ليركز على هموم الفيلسوف الذاتية ومعاناته التي تحملها بسبب حبيبته، فقد اختار أن يحيا طوال حياته يحبها حبا روحيا أفلوطونيا بعيدا عن الحسي والجسدي، ليصل إلى حبه الديني العام الذي لا يقف على الأشخاص بل يسمو إلى حالة عامة.
يمكننا في النهاية أن نستنتج أن هذه الدراسة التي كتبها الدكتور حسن يوسف طه جاءت لتكشف بطريقة جديدة عن معاني الحب، وأهمية أن تمتليء الذات بالحب لكي تستشعر جمال الحياة، ليكون بابًا ينطلق منه الشخص تجاه إنسانيته الحقيقية.