السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

تعليمات السيد الرئيس

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
حرصت على حضور هذا المؤتمر، لا للتحدث أو لإجراء مداخلة أو طرح سؤال، ولكن للإنصات، عسى أن أخرج بمعلومة تنعكس على من توجعوا بأكبادهم فأوجعوا قلوبنا، اعتقدت فى البداية أن المؤتمر جولة من جولات الرئيس السيسى فى حربه على أمراض الكبد، وفى مقدمتها فيروس (سي)، لذلك هممت بالتواجد فى القاعة للحاق بالكلمة الافتتاحية التى ترحب فيها وزيرة الصحة بالعلماء المشاركين من مصر والعالم، وتتحدث عن الإنجاز الذى حققته مصر فى مجال أمراض الكبد، وكيف انتقلنا من مرحلة علاج فيروس (سي) إلى مرحلة الوقاية منه، وتذكر بالأرقام عدد المرضى الذين تعافوا وخطة مصر فى الفترة المقبلة، وكنت على يقين من أن الوزيرة سوف تتعرف على آخر الأبحاث التى توصل إليها العلماء فى علاج أمراض الكبد، فربما تستفيد منها الوزارة فى خطة تضعها أو علاج تستخدمه لمرضى الجهاز الهضمى، لما لا والمؤتمر تنظمه الجمعية العالمية لجراحات الجهاز الهضمى، من خلال فرعها فى مصر، والذى يرأسه الدكتور محمد عبدالوهاب المشرف على برنامج زراعة الكبد بجامعة المنصورة، لكنى- وللأسف- لم أجد الوزيرة أو من ينوب عنها بين الحضور، ولا تواجد لأى مسئول.
عدد من الأبحاث المهمة قدمها ٢٥ عالمًا هم الأبرز عالميًا فى جراحات الجهاز الهضمى، يمثلون ٢٥ دولة لها باع طويلة فى هذا المجال، استمر وجودهم فى مصر ثلاثة أيام فى محفل طبى هو الأبرز، ومع ذلك لم ترسل وزيرة الصحة لهم ولو برقية، ولم يلتقيهم أحد من لجنة الصحة بالبرلمان.
هذا التغييب والتجاهل لحدث بهذا الحجم يجعلنا نتساءل: لماذا لا يتحرك المسئول إلا إذا تلقى تعليمات من الرئيس؟ وهل أصبح الرئيس بمفرده معنيًا بكل شيء؟ وما الفائدة من الوزراء والمحافظين إذا كان الجميع لا يجد ملاذًا إلا عند الرئيس؟ فالمواطن لا يرغب فى توصيل صوته إلا للرئيس، والمريض إذا عجز عن توفير نفقات العلاج لا يشكو إلا له، والطالب إذا تعثر لا ينطق إلا باسمه، ألسنا فى دولة مؤسسات؟ قالها السيسى مؤخرًا.. اجعلوا مصر نصب أعينكم لا الرئيس، ومع ذلك لا يتحرك مسئول إلا إذا تحرك هو، ولا ابتكار ولا إبداع إلا بتعليمات منه، ولو خاطبت إدارة المؤتمر الرئيس لوجدنا الوزيرة وغيرها بين الحضور ترحب بهذا الكم من العلماء وتستثمر تواجدهم فى مصر، ولا مانع من توقيع بروتوكول تعاون مع هذه الجمعية العالمية لإجراء جراحات للمرضى المصريين الموجودين فى قوائم الانتظار، ألم يطالب الرئيس بالقضاء على قوائم انتظار المرضى؟ ألم يكن فى مقدور الوزيرة فتح قناة اتصال مع أهم وأشهر علماء فى العالم للاستفادة منهم؟ لماذا يصر المسئولون فى مصر على إلقاء كل شىء على كاهل الرئيس؟ لماذا يسعون إلى تحويل رأس الدولة إلى رئيس مجلس محلى قرية أو رئيس مدينة أو محافظ أو وزير؟ 
جملة (وفقًا لتعليمات السيد الرئيس) التى يستهل بها أغلب المسئولين كلامهم لن تكفى السيسى، الرجل أعلنها مرارًا، العمل ثم العمل، ومن لديه حلًا لمشكلة سوف نجعله فى المقدمة، ألم يقل الرئيس ذلك؟ كنت أتمنى أن نستثمر هذا الحدث الذى انتهت فعالياته أمس الأول دون انتظار لتعليمات، هذا إذا أردنا إبداعًا وابتكارًا فى فترة أعلن فيها السيسى بناء الإنسان، وجعل من منظومتى التعليم والصحة أولوية أولى، لا تجعلوا من الأحداث الصغيرة همًا يشغل الرئيس عن هموم أكبر تعيشها مصر والمنطقة، واعملوا من أجل الوطن، لا من أجل السيسى، تلك مقولته، نكررها.. عسى أن تصل آذان المسئولين.