رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

دراسات: تقليص زراعات البرسيم و"الأراضي الجديدة" أبرز حلول أزمات القمح.. والبحث العلمي الطريق الوحيد لزيادة الإنتاج المحلي وترشيد الاستهلاك وتقليل نسبة الفاقد

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أكدت دراسة بعنوان «تقييم المخاطر المُحتملة لبدائل حل مشكلة القمح فى مصر»، للباحثين الدكتور هانى سعيد الشتلة، والدكتور سامى السعيد أبورجب، أعضاء قسم الاقتصاد الزراعى بمركز بحوث الصحراء، أن زيادة رقعة القمح المنزرعة لن تؤثر على حساب المحاصيل الأخرى المنافسة مثل البرسيم، وذلك لأن المساحة الإجمالية للمحاصيل الشتوية تُمثل نحو ٧٨.٧٪ من إجمالى المساحة المزروعة فى مصر، فى حين تشغل مجموعة المحاصيل المعمرة نحو ٢٣٪ من التركيب المحصولي، بحسب الدراسة.

ويلفت الباحثان إلى أن خفض مساحة البرسيم المُنزرعة لن تؤثر على الإنتاج الحيوانى بمصر، لأن متوسطات نصيب الرأس من ماشية اللحم من كل المساحة الأرضية المزروعة بالبرسيم تراوحت بين ٠.١١ فدان، و٣.٤ طن كحد أدنى، مضيفين، أن هناك تكيفا من جانب المزارعين على سد احتياجات المواشى من خلال استخدام مخلفات زراعية أخرى وليس بالاعتماد على البرسيم فقط، فضلًا على زيادة التوسع فى زراعة محصول القمح سيُوفر زيادة من «الأتبان» والتى تُستخدم أساسًا كعلف للحيوان، حيث يمكن لهذه الزيادة أن تُعوض جانبًا كبيرًا من النقص فى إنتاج البرسيم، وإن كان ذلك لا ينفى حقيقة ارتفاع القيمة الغذائية للبرسيم عن التبن، وهو ما يمكن تعويضه بتعديل المكونات الغذائية فى التبن بمعالجات فنية مختلفة، وفقًا لدراسة باحثى مركز بحوث الصحراء.
ويُشير الباحثان إلى أن المخاطرة فى زيادة المساحة المنزرعة على القمح على حساب محاصيل أخرى، فى أن هناك محاصيل استراتيجية مهمة، خفض مساحتها سيؤدى للإخلال بالتوازن القائم ما بين الإنتاج والاستهلاك المحلي، مثل: «بنجر السكر - الفول البلدى - البطاطس - البصل»، والتى تصل متوسطات نسب زراعتها ما بين ١،٧٪ إلى ٤،٥٪ من جملة مساحة الحاصلات الشتوية.
ويُضيف الباحثان أن الدولة منذ أن ألغت التوريد المحلى الإجبارى للقمح عام ١٩٨٩، عمدت إلى تحديد سعر توريد المحصول بعد زراعته، وأنها تتابع رفع هذا السعر استرشادًا بالأسعار المزرعية، الأمر الذى لم يعد مشجعًا للفلاحين لتوريد المحصول للشون الحكومية، ولم يكن له تأثير مباشر فى زيادة أو خفض مساحة القمح المنزرع.
ويُوضح باحثو مركز بحوث الصحراء، أن هناك انخفاضًا كبيرًا فى الاستثمارات المعتمدة لمشروعات وزارة الزراعة والبحوث الزراعية عمومًا، والتى من ضمنها برامج إنتاج التقاوى خلال السنوات الماضية، حيث وصلت نسبة الانخفاض إلى ٨٢،٤٪ لميزانية مشروعات الوزارة ومركز البحوث والإدارة العامة لإنتاج التقاوى بداية من العام ٢٠٠٢.

البحث العلمى.. الحل الوحيد لزيادة الإنتاج
ورغم المحاولات الدءوبة من جانب الحكومات المتعاقبة للوصول إلى نسبة أفضل فى الاكتفاء الذاتى من القمح، إلا أن الواقع يكشف عن تراجع فى نسب الاكتفاء الذاتى خلال السنوات الماضية عما كانت عليه فى التسعينيات، وذلك بسبب انخفاض إنتاجية الفدان وزيادة نسب الفاقد وزيادة معدلات الزيادة السكانية.
وتقول الدكتورة حنان عبدالمجيد، باحث بمعهد بحوث الاقتصاد الزراعى بمركز البحوث الزراعية، فى دراسة لها تحت عنوان دراسة اقتصادية تحليلة حول مستقبل الاكتفاء الذاتى من القمح: «يُزرع القمح بمعظم محافظات مصر، وتحتل مساحته ثُلث مساحة الحبوب المُنزرعة».
وتُضيف، أن أهم مُنتج للقمح بمصر هو الخبز الذى يوفر ٣٧٪ من الاحتياجات الحرارية للإنسان وحوالى ٤٥٪ من البروتين النباتي. متابًعةً أن نسبة الاكتفاء الذاتى انخفضت بداية من العام ٢٠١١ لتُسجل ٤٧.٧٪، وبالتالى تم اللجوء للاستيراد وزيادة العبء على الميزان التجاري.
وتُوضح الدراسة، أن كمية الفاقد من محصول القمح فى مصر «تراوحت بين حد أدنى ٣٨٥ ألف طن و٣ ملايين و٣٧٦ ألف طن، وذلك خلال فترة الدراسة المقررة بـ١٠ أعوام من سنة ٢٠٠١، وحتى ٢٠١١. وتُشير الدراسة إلى أن الفاقد يتم تقديره على ثلاث مراحل هي: الفاقد فى محصول القمح أثناء الحصاد، ثم الفاقد أثناء مرحلة الطحن والتعبئة والشحن للمخابز، وأخيرًا الفاقد أثناء الخبز بسبب سوء تصنيعه وانخفاض أسعاره.
وتوصى الدراسة، بضرورة التوسع الأفقى للقمح فى الأراضى الجديدة، والتشجيع وتهيئة المناخ للمستثمرين بالأراضى الجديدة، والاهتمام بدعم البحث العلمى واستنباط أصناف جديدة ذات إنتاجية عالية، والعمل على تقليل الفاقد من القمح سواء المُنتج محليًا أو المُستورد وترشيد الاستهلاك.

من جانبها، تقول الدكتورة ياسمين كيشار باحث بقسم الاقتصاد وإدارة الأعمال الزراعية بكلية الزراعة جامعة الإسكندرية، فى دراسة لها بعنوان «دراسة تحليلية لإنتاج واستيراد محصولى القمح والذرة الشامية فى مصر»، إن المساحة المزروعة من القمح والاستهلاك الكلى وكمية الواردات منه مسئولة عن ٨١٪ من المُتغيرات الحادثة فى نسبة الاكتفاء الذاتى من القمح.
وتُوضح كيشار، أن إنتاجية الفدان من القمح انخفضت من٢،٨٠ طن عام ١٩٩٧، إلى ٢،٣٩ طن بعد عام ٢٠١١ وما تلاها، بمعدل انخفاض ٠،٧٪، مشيرةً إلى ضرورة العمل على استنباط أصناف جديدة لتعويض انخفاض الإنتاجية.
وترى، أن هناك ثلاثة بدائل لتحقيق الاكتفاء الذاتي، وهى زيادة كمية الإنتاج المحلي، وخفض معدل زيادة السكان، وتقليل نسبة الفاقد من القمح، مشيرةً إلى ضرورة زيادة المساحة المنزرعة وزيادة الإنتاجية للفدان، واستنباط أصناف جديدة أقل استهلاكًا للمياه، إضافة لدراسة إمكانية استغلال المساحات الصالحة للزراعة فى أراضى دولة السودان بهدف زيادة نسبة الاكتفاء الذاتي، وتقليل الواردات وتخفيض نسبة العجز فى ميزان المدفوعات.
فضلًا على ترشيد الاستهلاك والتوعية القومية من خلال وسائل الإعلام للحد من الفاقد فى استهلاك الخبز، وتقليل الفاقد من مراحل التعبئة والطحن والحصاد والتخزين فى الشون الحكومية الترابية، والاعتماد على إضافة مكون الذرة لمُنتج الخبز لتقليل نسبة الاعتماد كاملًا على محصول القمح، بحسب الدكتورة ياسمين كيشار.