الثلاثاء 07 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

لقمة العيش.. الحلم برغيف مصري 100%.. خبراء: زيادة المساحة المزروعة وأصناف جديدة من القمح لتحقيق الاكتفاء الذاتي.. "الخطيب": نحتاج زراعة 10 ملايين فدان.. و"السعدني": يجب دعم الفلاح وتغيير نمط الاستهلاك

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تستورد مصر نحو ٥٥٪ من احتياجاتها من الأقماح سنويًا، حيث يُقدر الاستهلاك السنوى بحوالى ١٦ مليون طن، والإنتاج حوالى من ٧ إلى ٨ ملايين طن قمح، بينما تستورد سنويًا ما يُقارب ٧ ملايين طن قمح لمنظومة رغيف الخبز المدعم، وهو ما يضعنا فى المرتبة الأولى عالميًا كأكبر مستورد للقمح.
«البوابة» تطرح السؤال؛ هل يُمكن لمصر تحقيق الاكتفاء الذاتى من القمح؟، خاصة فى ظل اهتمام وتوجيه القيادة السياسية بذلك بعدما تضمنت رؤية مصر ٢٠٣٠، الوصول للاكتفاء الذاتى من القمح بعد نحو ١٣ عامًا، وتبحث فى أهم المعوقات التى تعرقل صناعة رغيف خبز مصرى خالص وكيفية تخطيها.

يقول الدكتور أحمد الخطيب، أستاذ الاقتصاد الزراعى بمركز البحوث الزراعية إن المساحة الأرضية فى مصر تبلغ ٩ ملايين فدان منها؛ ٣ ملايين فدان تُزرع بالخُضر والفاكهة والبساتين، و٦ ملايين فدان متبقية يُزرع منها، فى العروة الشتوية، حوالى ٣.٥ مليون فدان قمح و٢.٥ مليون فدان برسيم، بينما ٥٠٠ ألف فدان أُخرى تُزرع بمحصول بنجر السُكر، وبالتالى فإن المساحة المنزرعة من القمح قد تصل إلى ٤ ملايين فدان سنويًا، لتغطى ٦٠٪ من احتياجات مصر من الأقماح، لكن على حساب محاصيل أُخرى.
ويُتابع الخطيب: «هناك قيد فنى يتمثل فى المحاصيل النجيلية من القمح والشعير والشوفان تُسمى؛ محاصيل نسبية، مما يعنى أنه لا يُمكن زراعتها على نفس الأرض أكثر من مرة، وفى حالة إن تم ذلك فإننا بذلك نستهلك العناصر الأساسية للتُربة فى العام التالى، وبالتالى تقل إنتاجية الفدان بنسبة ٢٠:٣٠٪ فى حالة زراعتها بمحصول القمح للمرة الثالثة».
ويُكمل: «المساحة الزراعية المتاحة تحد من قدرة مصر فى التوسع لزراعة القمح على حساب المحاصيل الاُخرى».
ويُشير الخطيب، إلى إمكانية زيادة مُعدل إنتاجية فدان القمح إلى ٣٢٪ كإجراء مهم لزيادة إجمالى الإنتاج المحلى لمصر من هذا المحصول وذلك عن خلال؛ استنباط أصناف جديدة بإنتاجية عالية ورفع «الغلة الفدانية» كما كان يحدث فى الثمانينيات والتسعينيات، لكن ضعف موازنة مركز البحوث الزراعية واتجاه الحكومة لسحب ميزانية البحث العلمى من الموازنة العامة يُعرقل ذلك.

ويقول الدكتور طاهر فايد، أستاذ فسيولوجيا المحاصيل بكلية زراعة عين شمس، إن تحقيق مصر للاكتفاء الذاتى من القمح يحتاج زراعة ١٠ ملايين فدان بالمحصول فى حين أن الموارد المتاحة، سواء مائية أو أرضية، لا تكفى.
ويؤكد، أنه يُمكن الوصول لـ٨٠٪ من الاكتفاء الذاتى من القمح عن طريق؛ استخدام الأصناف عالية الإنتاجية، وطرق الزراعة الحديثة على مصاطب. مُضيفًا أن غياب الإرشاد الزراعى يفاقم من أزمة قلة إنتاجية فدان القمح لنحو ١٨ أردبًا بدلًا من ٢٤، وبالتالى زيادة الفجوة بين الإنتاج المحلى للقمح واستيراده من الخارج.
ويطالب فايد بزيادة ميزانيات البحث والتطوير الذى يُسهم بدوره فى استنباط أصناف جديدة من الأقماح بكفاءة إنتاج عالية.
من جهته يقول الدكتور مصطفى السعدني، أستاذ الاقتصاد الزراعى بجامعة دمنهور، بالرغم من زيادة المساحة المزروعة بالمحصول سنويًا إلا أن عدد السكان المتزايد سنويًا يلتهم تلك الزيادة، فى حين أنه لا يُمكن إجبار الفلاح، فى ظل التحرر الاقتصادي، على زراعة محصول القمح على حساب آخر.
ويُضيف، أن دعم الدولة لمحصول القمح من شأنه زيادة المساحة المزروعة وأيضًا زيادة الإنتاجية، وهو أمر ضرورى لتشجيع الفلاح على الزراعة خاصة فى ظل ارتفاع التكاليف وأجور العمالة، مؤكدًا سياسة دعم القمح ستُساهم فى تحقيق الاكتفاء الذاتى لمصر من القمح إلى نحو ٧٥٪ بدلًا من الاعتماد حاليًا على ٤٥٪ من الأقماح المستوردة.
ويُشير السعدني، إلى ضرورة ترشيد استهلاك المواطنين من الخبز والاعتماد على بدائل أخرى، وينوّه، بأن زيادة المساحات المزروعة من القمح فى المناطق المستصلحة حديثًا من شأنه أيضًا زيادة إنتاجية مصر من القمح هتزود، حيث إن زيادة المساحة عن طريق؛ التوسع الأفقى سيُحافظ على متوسط نصيب الفرد من البقعة المنزرعة خاصة فى ظل ارتفاع مؤشر عدد السكان سنويًا.

فيما يشير الدكتور محمد عسران، الخبير الزراعى ووكيل وزارة الزراعة بمحافظة الشرقية الأسبق، إلى أن الأراضى الزراعية المصرية تُعانى من عدة مُشكلات كالملوحة وارتفاع الدرجة القلوية فضلًا عن؛ الإجهاد المائى الذى تتعرض إليه مصر وارتفاع درجات الحرارة فى العالم كُله، وأنه من الضرورى استنباط أصناف جديدة من القمح تقاوم الحرارة والملوحة وتُزيد من غلة الفدان الواحد وذلك عن طريق؛ إدخال أصناف أفريقية جديدة ذات إنتاجية عالية.
ويُتابع: «الأمر يتطلب برنامجًا مدعومًا من قبل الدولة، خاصة وأن مركز البحوث الزراعية يعتمد خلال السنوات الأخيرة بلا ميزانية حقيقية تُساعدة على العمل فى استنباط أصناف جديدة للمحاصيل ويعتمد على التمويل الذاتي، كما أنه من المفترض أن ١٪ من الدخل القومى يوجه للبحث العلمي، كما أقر الدستور المصري، لكن فى الحقيقة أن هذا الأمر غير موجود على أرض الواقع».
ويطالب عسران بزراعة محصول الذرة الرفيعة الذى لا يتطلب جودة الأرض المُستخدمة فى زراعة القمح، حيث إن الأراضى الهامشية والأراضى التى ترتفع بها نسبة الملوحة يمكن زراعتها بالذرة التى تُعيد خصوبتها مرة أخرى وأيضًا قد تكون بديلًا مناسبًا لاستهلاك المصريين من القمح، خاصة أنه كان بالفعل يحدث ذلك مُنذ عدة عقود فى مصر فيما يُسمى «العيش البتاو».
ويُشير، إلى أن رفع مُعدل إنتاجية فدان القمح من ١٨ إلى ٢٤ أردبًا يتطلب؛ استخدام أسمدة النانو فرترايزر واستنباط أصناف جديدة فضلًا عن دعم الفلاح بالمبيدات والأسمدة المناسبة وتوفير المرشدين الزراعيين وإعطاء المساحة للمُتخصصين كُل فى عمله، على أن تكون هناك سياسة عامة تربط كل الوزارات المعنية لتحقيق زيادة الإنتاج المحلى من القمح.