الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

"لقمة العيش".. الحلم برغيف مصرى 100٪ "ملف"

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لقمة العيش ترتبط فى ذاكرة ووجدان المصريين بالنعمة والحفاظ عليها، فرغيف الخبز الهاجس الأكبر والأهم للمواطن الغلبان، ويعد من أولوياته يوميًا، يستيقظ مبكرًا للحصول عليه من الأفران، ولا تخلو مائدة منه رغم تعدد مكونات الغذاء، بالإضافة إلى أنه من السلع القليلة التى تدعمها الدولة ولم تطاله الإصلاحات الاقتصادية، بالإضافة إلى أن الدولة تتكبد المليارات سنويًا فى عمليات المناقصات واستيراد الأقماح لسد العجز والفجوة بين الإنتاج المحلى والاستهلاك، ويحلم المواطن والدولة بتحقيق الاكتفاء الذاتى من محصول القمح وإنتاج رغيف مصرى 100%. 


ويرى المواطنون والحكومة أن رغيف الخبز أمن قومى يجب الحفاظ عليه، لقمة الشقيان والغلبان حتى لو سيتناولها «حاف» من دون غموس فى ظل موجة غلاء تعصف بكل المنتجات والأطمعة حتى أبسطها الفول والطعمية، فى تحقيقنا التالى، تطرقنا للتحدى، وسألنا الخبراء: هل نستطيع إنتاج رغيف مصرى 100%، فتباينت الإجابات بين الأمل والتحديات الصعبة على أرض الواقع.


خبراء: زيادة المساحة المزروعة وأصناف جديدة من القمح لتحقيق الاكتفاء الذاتى 
تستورد مصر نحو ٥٥٪ من احتياجاتها من الأقماح سنويًا، حيث يُقدر الاستهلاك السنوى بحوالى ١٦ مليون طن، والإنتاج حوالى من ٧ إلى ٨ ملايين طن قمح، بينما تستورد سنويًا ما يُقارب ٧ ملايين طن قمح لمنظومة رغيف الخبز المدعم، وهو ما يضعنا فى المرتبة الأولى عالميًا كأكبر مستورد للقمح.
«البوابة» تطرح السؤال؛ هل يُمكن لمصر تحقيق الاكتفاء الذاتى من القمح؟، خاصة فى ظل اهتمام وتوجيه القيادة السياسية بذلك بعدما تضمنت رؤية مصر ٢٠٣٠، الوصول للاكتفاء الذاتى من القمح بعد نحو ١٣ عامًا، وتبحث فى أهم المعوقات التى تعرقل صناعة رغيف خبز مصرى خالص وكيفية تخطيها.

يقول الدكتور أحمد الخطيب، أستاذ الاقتصاد الزراعى بمركز البحوث الزراعية إن المساحة الأرضية فى مصر تبلغ ٩ ملايين فدان منها؛ ٣ ملايين فدان تُزرع بالخُضر والفاكهة والبساتين، و٦ ملايين فدان متبقية يُزرع منها، فى العروة الشتوية، حوالى ٣.٥ مليون فدان قمح و٢.٥ مليون فدان برسيم، بينما ٥٠٠ ألف فدان أُخرى تُزرع بمحصول بنجر السُكر، وبالتالى فإن المساحة المنزرعة من القمح قد تصل إلى ٤ ملايين فدان سنويًا، لتغطى ٦٠٪ من احتياجات مصر من الأقماح، لكن على حساب محاصيل أُخرى.
ويُتابع الخطيب: «هناك قيد فنى يتمثل فى المحاصيل النجيلية من القمح والشعير والشوفان تُسمى؛ محاصيل نسبية، مما يعنى أنه لا يُمكن زراعتها على نفس الأرض أكثر من مرة، وفى حالة إن تم ذلك فإننا بذلك نستهلك العناصر الأساسية للتُربة فى العام التالى، وبالتالى تقل إنتاجية الفدان بنسبة ٢٠:٣٠٪ فى حالة زراعتها بمحصول القمح للمرة الثالثة».
ويُكمل: «المساحة الزراعية المتاحة تحد من قدرة مصر فى التوسع لزراعة القمح على حساب المحاصيل الاُخرى».
ويُشير الخطيب، إلى إمكانية زيادة مُعدل إنتاجية فدان القمح إلى ٣٢٪ كإجراء مهم لزيادة إجمالى الإنتاج المحلى لمصر من هذا المحصول وذلك عن خلال؛ استنباط أصناف جديدة بإنتاجية عالية ورفع «الغلة الفدانية» كما كان يحدث فى الثمانينيات والتسعينيات، لكن ضعف موازنة مركز البحوث الزراعية واتجاه الحكومة لسحب ميزانية البحث العلمى من الموازنة العامة يُعرقل ذلك.

ويقول الدكتور طاهر فايد، أستاذ فسيولوجيا المحاصيل بكلية زراعة عين شمس، إن تحقيق مصر للاكتفاء الذاتى من القمح يحتاج زراعة ١٠ ملايين فدان بالمحصول فى حين أن الموارد المتاحة، سواء مائية أو أرضية، لا تكفى.
ويؤكد، أنه يُمكن الوصول لـ٨٠٪ من الاكتفاء الذاتى من القمح عن طريق؛ استخدام الأصناف عالية الإنتاجية، وطرق الزراعة الحديثة على مصاطب. مُضيفًا أن غياب الإرشاد الزراعى يفاقم من أزمة قلة إنتاجية فدان القمح لنحو ١٨ أردبًا بدلًا من ٢٤، وبالتالى زيادة الفجوة بين الإنتاج المحلى للقمح واستيراده من الخارج.
ويطالب فايد بزيادة ميزانيات البحث والتطوير الذى يُسهم بدوره فى استنباط أصناف جديدة من الأقماح بكفاءة إنتاج عالية. 

من جهته يقول الدكتور مصطفى السعدني، أستاذ الاقتصاد الزراعى بجامعة دمنهور، بالرغم من زيادة المساحة المزروعة بالمحصول سنويًا إلا أن عدد السكان المتزايد سنويًا يلتهم تلك الزيادة، فى حين أنه لا يُمكن إجبار الفلاح، فى ظل التحرر الاقتصادي، على زراعة محصول القمح على حساب آخر.
ويُضيف، أن دعم الدولة لمحصول القمح من شأنه زيادة المساحة المزروعة وأيضًا زيادة الإنتاجية، وهو أمر ضرورى لتشجيع الفلاح على الزراعة خاصة فى ظل ارتفاع التكاليف وأجور العمالة، مؤكدًا سياسة دعم القمح ستُساهم فى تحقيق الاكتفاء الذاتى لمصر من القمح إلى نحو ٧٥٪ بدلًا من الاعتماد حاليًا على ٤٥٪ من الأقماح المستوردة.
ويُشير السعدني، إلى ضرورة ترشيد استهلاك المواطنين من الخبز والاعتماد على بدائل أخرى، وينوّه، بأن زيادة المساحات المزروعة من القمح فى المناطق المستصلحة حديثًا من شأنه أيضًا زيادة إنتاجية مصر من القمح هتزود، حيث إن زيادة المساحة عن طريق؛ التوسع الأفقى سيُحافظ على متوسط نصيب الفرد من البقعة المنزرعة خاصة فى ظل ارتفاع مؤشر عدد السكان سنويًا. 

فيما يشير الدكتور محمد عسران، الخبير الزراعى ووكيل وزارة الزراعة بمحافظة الشرقية الأسبق، إلى أن الأراضى الزراعية المصرية تُعانى من عدة مُشكلات كالملوحة وارتفاع الدرجة القلوية فضلًا عن؛ الإجهاد المائى الذى تتعرض إليه مصر وارتفاع درجات الحرارة فى العالم كُله، وأنه من الضرورى استنباط أصناف جديدة من القمح تقاوم الحرارة والملوحة وتُزيد من غلة الفدان الواحد وذلك عن طريق؛ إدخال أصناف أفريقية جديدة ذات إنتاجية عالية.
ويُتابع: «الأمر يتطلب برنامجًا مدعومًا من قبل الدولة، خاصة وأن مركز البحوث الزراعية يعتمد خلال السنوات الأخيرة بلا ميزانية حقيقية تُساعدة على العمل فى استنباط أصناف جديدة للمحاصيل ويعتمد على التمويل الذاتي، كما أنه من المفترض أن ١٪ من الدخل القومى يوجه للبحث العلمي، كما أقر الدستور المصري، لكن فى الحقيقة أن هذا الأمر غير موجود على أرض الواقع».
ويطالب عسران بزراعة محصول الذرة الرفيعة الذى لا يتطلب جودة الأرض المُستخدمة فى زراعة القمح، حيث إن الأراضى الهامشية والأراضى التى ترتفع بها نسبة الملوحة يمكن زراعتها بالذرة التى تُعيد خصوبتها مرة أخرى وأيضًا قد تكون بديلًا مناسبًا لاستهلاك المصريين من القمح، خاصة أنه كان بالفعل يحدث ذلك مُنذ عدة عقود فى مصر فيما يُسمى «العيش البتاو».
ويُشير، إلى أن رفع مُعدل إنتاجية فدان القمح من ١٨ إلى ٢٤ أردبًا يتطلب؛ استخدام أسمدة النانو فرترايزر واستنباط أصناف جديدة فضلًا عن دعم الفلاح بالمبيدات والأسمدة المناسبة وتوفير المرشدين الزراعيين وإعطاء المساحة للمُتخصصين كُل فى عمله، على أن تكون هناك سياسة عامة تربط كل الوزارات المعنية لتحقيق زيادة الإنتاج المحلى من القمح.

دراسات: تقليص زراعات البرسيم و«الأراضى الجديدة» أبرز حلول الأزمة
أكدت دراسة بـعنوان «تقييم المخاطر المُحتملة لبدائل حل مشكلة القمح فى مصر»، للباحثين الدكتور هانى سعيد الشتلة، والدكتور سامى السعيد أبورجب، أعضاء قسم الاقتصاد الزراعى بمركز بحوث الصحراء، أن زيادة رقعة القمح المنزرعة لن تؤثر على حساب المحاصيل الأخرى المنافسة مثل البرسيم، ذلك أن المساحة الإجمالية للمحاصيل الشتوية تُمثل نحو ٧٨.٧٪ من إجمالى المساحة المزروعة فى مصر، فى حين تشغل مجموعة المحاصيل المعمرة نحو ٢٣٪ من التركيب المحصولي، بحسب الدراسة.
ويلفت الباحثان إلى أن خفض مساحة البرسيم المُنزرعة لن تؤثر على الإنتاج الحيوانى بمصر، لأن متوسطات نصيب الرأس من ماشية اللحم من كل المساحة الأرضية المزروعة بالبرسيم تراوحت بين ٠.١١ فدان، و٣.٤ طن كحد أدنى. مضيفين، أن هناك تكيفا من جانب المزارعين على سد احتياجات المواشى من خلال استخدام مخلفات زراعية أخرى وليس بالاعتماد على البرسيم فقط.
فضلًا على زيادة التوسع فى زراعة محصول القمح سيُوفر زيادة من «الأتبان» والتى تُستخدم أساسًا كعلف للحيوان، حيث يمكن لهذه الزيادة أن تُعوض جانبًا كبيرًا من النقص فى إنتاج البرسيم، وإن كان ذلك لا ينفى حقيقة ارتفاع القيمة الغذائية للبرسيم عن التبن، وهو ما يمكن تعويضه بتعديل المكونات الغذائية فى التبن بمعالجات فنية مختلفة، وفقًا لدراسة باحثى مركز بحوث الصحراء.
ويُشير الباحثان إلى أن المخاطرة فى زيادة المساحة المنزرعة على القمح على حساب محاصيل أخرى، فى أن هناك محاصيل استراتيجية مهمة، وأن خفض مساحتها سيؤدى للإخلال بالتوازن القائم ما بين الإنتاج والاستهلاك المحلي، مثل: «بنجر السكر - الفول البلدى - البطاطس - البصل»، والتى تصل متوسطات نسب زراعتها ما بين ١،٧٪ إلى ٤،٥٪ من جملة مساحة الحاصلات الشتوية.
ويُضيف الباحثان أن الدولة منذ أن ألغت التوريد المحلى الإجبارى للقمح عام ١٩٨٩، عمدت إلى تحديد سعر توريد المحصول بعد زراعته، وأنها تتابع رفع هذا السعر استرشادًا بالأسعار المزرعية، الأمر الذى لم يعد مشجعًا للفلاحين لتوريد المحصول للشون الحكومية، ولم يكن له تأثير مباشر فى زيادة أو خفض مساحة القمح المنزرع.
ويُوضح باحثو مركز بحوث الصحراء، أن هناك انخفاضًا كبيرًا فى الاستثمارات المعتمدة لمشروعات وزارة الزراعة والبحوث الزراعية عمومًا، والتى من ضمنها برامج إنتاج التقاوى خلال السنوات الماضية، حيث وصلت نسبة الانخفاض إلى ٨٢،٤٪ لميزانية مشروعات الوزارة ومركز البحوث والإدارة العامة لإنتاج التقاوى بداية من العام ٢٠٠٢.

البحث العلمى.. الحل الوحيد لزيادة الإنتاج
رغم المحاولات الدءوبة من جانب الحكومات المتعاقبة للوصول إلى نسبة أفضل فى الاكتفاء الذاتى من القمح، إلا أن الواقع يكشف عن تراجع فى نسب الاكتفاء الذاتى خلال السنوات الماضية عما كانت عليه فى التسعينيات، وذلك بسبب انخفاض إنتاجية الفدان وزيادة نسب الفاقد وزيادة معدلات الزيادة السكانية.
وتقول الدكتورة حنان عبدالمجيد، باحث بمعهد بحوث الاقتصاد الزراعى بمركز البحوث الزراعية، فى دراسة لها تحت عنوان دراسة اقتصادية تحليلة حول مستقبل الاكتفاء الذاتى من القمح: «يُزرع القمح بمعظم محافظات مصر، وتحتل مساحته ثُلث مساحة الحبوب المُنزرعة».
وتُضيف، أن أهم مُنتج للقمح بمصر هو الخبز الذى يوفر ٣٧٪ من الاحتياجات الحرارية للإنسان وحوالى ٤٥٪ من البروتين النباتي. متابًعةً أن نسبة الاكتفاء الذاتى انخفضت بداية من العام ٢٠١١ لتُسجل ٤٧.٧٪، وبالتالى تم اللجوء للاستيراد وزيادة العبء على الميزان التجاري.
وتُوضح الدراسة، أن كمية الفاقد من محصول القمح فى مصر «تراوحت بين حد أدنى ٣٨٥ ألف طن و٣ ملايين و٣٧٦ ألف طن، وذلك خلال فترة الدراسة المقررة بـ١٠ أعوام من سنة ٢٠٠١، وحتى ٢٠١١. وتُشير الدراسة إلى أن الفاقد يتم تقديره على ثلاث مراحل هي: الفاقد فى محصول القمح أثناء الحصاد، ثم الفاقد أثناء مرحلة الطحن والتعبئة والشحن للمخابز، وأخيرًا الفاقد أثناء الخبز بسبب سوء تصنيعه وانخفاض أسعاره.
وتوصى الدراسة، بضرورة التوسع الأفقى للقمح فى الأراضى الجديدة، والتشجيع وتهيئة المناخ للمستثمرين بالأراضى الجديدة، والاهتمام بدعم البحث العلمى واستنباط أصناف جديدة ذات إنتاجية عالية، والعمل على تقليل الفاقد من القمح سواء المُنتج محليًا أو المُستورد وترشيد الاستهلاك.
من جانبها، تقول الدكتورة ياسمين كيشار باحث بقسم الاقتصاد وإدارة الأعمال الزراعية بكلية الزراعة جامعة الإسكندرية، فى دراسة لها بعنوان «دراسة تحليلية لإنتاج واستيراد محصولى القمح والذرة الشامية فى مصر»، إن المساحة المزروعة من القمح والاستهلاك الكلى وكمية الواردات منه مسئولة عن ٨١٪ من المُتغيرات الحادثة فى نسبة الاكتفاء الذاتى من القمح.
وتُوضح كيشار، أن إنتاجية الفدان من القمح انخفضت من٢،٨٠ طن عام ١٩٩٧، إلى ٢،٣٩ طن بعد عام ٢٠١١ وما تلاها، بمعدل انخفاض ٠،٧٪، مشيرةً إلى ضرورة العمل على استنباط أصناف جديدة لتعويض انخفاض الإنتاجية.
وترى، أن هناك ثلاثة بدائل لتحقيق الاكتفاء الذاتي، وهى زيادة كمية الإنتاج المحلي، وخفض معدل زيادة السكان، وتقليل نسبة الفاقد من القمح، مشيرةً إلى ضرورة زيادة المساحة المنزرعة وزيادة الإنتاجية للفدان، واستنباط أصناف جديدة أقل استهلاكًا للمياه، إضافة لدراسة إمكانية استغلال المساحات الصالحة للزراعة فى أراضى دولة السودان بهدف زيادة نسبة الاكتفاء الذاتي، وتقليل الواردات وتخفيض نسبة العجز فى ميزان المدفوعات.
فضلًا على ترشيد الاستهلاك والتوعية القومية من خلال وسائل الإعلام للحد من الفاقد فى استهلاك الخبز، وتقليل الفاقد من مراحل التعبئة والطحن والحصاد والتخزين فى الشون الحكومية الترابية، والاعتماد على إضافة مكون الذرة لمُنتج الخبز لتقليل نسبة الاعتماد كاملًا على محصول القمح، بحسب الدكتورة ياسمين كيشار.

الدكتور «سعيد خليل» يضع خطة الاكتفاء الذاتي
أكد الدكتور سعيد خليل، الخبير الزراعي، رئيس قسم التحوّل الوراثى بمركز البحوث الزراعية، فى حواره لـ«البوابة» أن عدم الإعلان المُسبق عن أسعار توريد القمح يتسبب فى تراجع المساحة المنزرعة من المحصول، وأن طريقة التخزين السيئة فى الهناجر والشوَن الترابية ينتج عنها فقد 15% من الأقماح، وأن الإهمال الشديد فى قطاعى تحسين الأراضى والميكنة الزراعية تسبب فى تراجع إنتاجية الفدان بنحو 50%، كما أن وجود الشخص غير المناسب فى المكان المناسب يمنع مصر من تحقيق الاكتفاء الذاتى من القمح، وإلى نص الحوار..
■ هل الإعلان عن أسعار توريد القمح مُسبقًا يؤثر على المساحة المنزرعة من المحصول؟
بالتأكيد، فعدم الإعلان عن أسعار استلام الأقماح من المزارعين خلال العامين الماضيين، إلا فى وقت متأخر بعد زراعة المحصول، نتج عنه تراجع المساحة المنزرعة من ٣.٤ مليون فدان فى ٢٠١٦ إلى ٢ مليون و٩٥٠ ألف فدان فى ٢٠١٨، وإذا ما تم الإعلان عن أسعار التوريد قبل زراعة القمح بمدة كافية، وبأسعار تُغطى تكاليف الزراعة وتجنى بعض الأرباح للمزارعين، فقد يُساهم ذلك فى زيادة المساحة المنزرعة من القمح إلى نحو ٤ ملايين فدان.
■ ماذا عن مُعدل إنتاجية الفدان الواحد من القمح، وهل تراجع خلال السنوات الأخيرة؟
إنتاجية الفدان خلال السنوات الأخيرة ضعيفة بالفعل، ففى آخر عامين بلغت ١٨ أردبًا للفدان الواحد، بإجمالى إنتاج ٨.٩ مليون طن قمح سنويًا، وهو رقم أقل من أرقام استيراد مصر للأقماح من الخارج، مع العلم بأن القمح المصرى يُعد من أجود الأقماح على مستوى العالم، حيث إن نسبة البروتين به تُقدر بـ١٧.٦، فى حين أن الأقماح التى تستوردها الحكومة أقماح من الدرجة الثالثة والرابعة تصل فيها نسبة البروتين من ١٠:١٢٪، كما أن القمح المصرى لا يحتوى على أى نسب من فطر الإرجوت، لذلك لابد من خلط القمح المصرى بالمستورد حتى يصلح للعجين.
■ هل زراعة محاصيل كالبرسيم والبنجر تُقلل من فرص زراعة القمح؟
ما يُقلل فعليًا من فرص زراعة القمح هو عدم الإعلان عن سعر القمح قبل الزراعة، والمعاناة التى يتكبدها الفلاحون عند تسليم المحصول للشون، حيث تواجههم مصاعب كبيرة بتكاليف أكبر، لأن منظومة التوريد منظومة خاطئة تمامًا، ولا يمكن تصور أن يكون هناك غرفة عمليات فى مجلس الوزراء وفى كل محافظات الجمهورية، تبدأ من ١٥ أبريل إلى ١٥ يونيو، لكى يتم تسليم ٣.٨ مليون طن قمح على الأكثر، ومع ذلك تظهر كل تلك المشكلات كُل عام.
■ هل طُرق تخزين القمح فى الصوامع والشون الترابية السبب فى زيادة الفاقد، وماذا عن نسبته؟
عدد الشون والهناجر والصوامع فى مصر يصل نحو ٥١٧، أغلبهم تابعون لبنك التنمية والائتمان الزراعي، وكمية القمح التى يتم استيعابها فى تلك الشون والصوامع وصلت خلال العام الماضى إلى ٣.٨ مليون طن، لكن طريقة السيئة فى تخزين القمح فى الشون والهناجر تتسبب فى نسبة فاقد تصل إلى ١٠ إلى ١٥٪ سنويًا، وبالرغم من إنشاء حوالى ١٦ صومعة بسعة تخزينية ٦٠ ألف طن من القمح خلال سنة ٢٠١٦/٢٠١٧، وهو ما ساهم فى تقليل نسبة الفاقد.
■ هل هناك خطوات أُخرى لزيادة الإنتاجية؟
لا بد من تحسين إنتاج التقاوى لأن ٨٥٪ من تقاوى القمح التى يتم زراعتها فى الأرض المصرية يتم كسرها عند الفلاح وليست من إنتاج الإدارة المركزية للتقاوي، ويجب أن تساهم وزارة الزراعة فى خفض أسعار تقاوى القمح.
■ كيف يمكن زيادة المساحة المنزرعة من القمح؟
من خلال مساهمة وزارة الزراعة بأجهزتها المُختلفة لزراعة القمح على مصاطب، ومساعدة الفلاح فى تسوية الأرض بالليزر وفى التخطيط وفى عمل المصارف، بالإضافة إلى أنه يمكن زراعة مساحات كبيرة من القمح فى المناطق المستصلحة حديثًا من خلال الرى بالبيفوت «الرش» سواء فى منطقة الفرافرة الجديدة أو الفرافرة القديمة أو منطقة غرب المنيا، وغيرها من مناطق الأراضى الرملية.