الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

تحالف الشياطين.. طهران تدعم الحوثيين لابتزاز واشنطن والرياض.. التدخل في اليمن يخدم توسيع النفوذ الإيراني وتصدير الثورة.. وكسب أوراق تفاوضية مع القوى الدولية.. وتهريب الأسلحة بالطرق البحرية

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أعلنت وكالة أنباء تسنيم الإيرانية يوم الأحد ٢٨ أكتوبر، استعراض ميليشيات الحوثيين لصاروخ متقدم من طراز «بدر ١»، الذى قالت إنه صناعة الحوثيين.

وانتقدت العديد من الجهات العربية والغربية ما أقدمت عليه ميليشيات الحوثيين، مستنكرين فى الوقت نفسه الدعم الإيرانى لهذه الميليشيا، قائلين إنه على الرغم من فرض هيئة الأمم المتحدة عقوبات على إرسال الأسلحة للحوثيين، فإن إيران تجاهلت هذه العقوبات وأقدمت على تقديم المساعدات الحربية إلى ميليشيات الحوثيين متجاهلة مثل هذه القرارات الأممية. 
وأكدت العديد من التقارير الدولية والإعلامية، تقديم طهران لمساعدات عسكرية إلى الحوثيين والتى من بينها صواريخ متطورة كان آخرها ما تم الإعلان عنه من قِبل وكالة أنباء إيران.

طبيعة التدخل الإيرانى فى الأزمة اليمنية
تُعد طبيعة التدخل الإيرانى فى اليمن ذات طبيعة خاصة واستراتيجية، تعتمد على أهداف سياسة إيران فى المنطقة، وهى تهديد دولها فى إطار الصراع الإقليمي. 
ولم يكن التدخل الإيرانى من قبيل الصدفة بعد اندلاع أحداث عام ٢٠١١ فى اليمن، فقد كانت هناك العديد من التقارير التى أكدت تدخل طهران فى اليمن من خلال دعم الحوثيين فى صراعهم مع نظام الرئيس السابق على عبدالله صالح. 
ومع تعاقب الأحداث فى اليمن بعد عام ٢٠١١، وبروز دور الحوثيين، تصاعدت التحركات الإيرانية داخل اليمن فى دعم واضح للحوثيين؛ وذلك من أجل خدمة أهدافها الإقليمية، فى صراعها مع بعض القوى الإقليمية فى المنطقة، وكذلك خدمة لمشروعها التوسعى وصراعها كذلك مع القوى الدولية كالولايات المتحدة الأمريكية. 
فالحوثيون لم يكفوا منذ بروز دورهم فى اليمن عن إطلاق صواريخ على الحدود الجنوبية للمملكة العربية السعودية مهددين بذلك إحدى الدول ذات السيادة، فى انتهاك صارخ للمواثيق الدولية. 

تطور نوعية الأسلحة الإيرانية للحوثيين
لم يتوقف الدعم الإيرانى إلى الحوثيين عند الأسلحة التقليدية الحربية، بل إنها تطورت لتشكل أنواعًا حديثة من الصواريخ المتطورة والباليسيتة.
تعمل إيران بشكل كبير على دعم العديد من الجماعات والميليشيات المسلحة عبر منطقة الشرق الأوسط، فهى تجد سوقًا رائجًة لها فى هذه المنطقة فى العديد من الدول، خاصة تلك التى تشهد اضطرابات أمنية أو عسكرية، وتقوم إيران بتقديم الدعم العسكرى لميليشيات الحوثيين فى اليمن من خلال العديد من المنافذ التى تقوم أغلبها اعتمادًا على المياه البحرية. 
وخلال السنوات السابقة، وتحديدًا منذ عام ٢٠١١، عملت إيران على تحويل الأراضى اليمنية إلى سوق لتصدير السلاح إليها؛ وذلك ليس للتجارة بل خدمة لمشروعها فى المنطقة، ولم تكن إيران ترسل أسلحة عادية بل إنها طوّرت من أنواع الأسلحة التى ترسلها إلى الحوثيين حتى أصبحت تهدد الدول المجاورة فى المنطقة.
ومن ناحية أخرى، تعمل إيران على تزويد الحوثيين بالمستشارين العسكريين والخبراء والتقنيات الجديدة التى تُستخدم فى العمليات الهجومية.

كيف يتم تهريب الأسلحة إلى الحوثيين؟!
وتتم معظم هذه العمليات عن طريق البحر، حيث إن العديد من السفن الكبيرة التى تحمل شحنًا مختلفة، سواء أغذية أو غيرها، تستغلها إيران فى شحن الأسلحة إلى حوثيى اليمن والتى يصعب على الجهات الدولية القيام بتفتيش بعضها، لصعوبة ذلك عمليًا مثل السفن المحملة بالحبوب الغذائية، هذا بالإضافة إلى المساحات البحرية الواسعة التى يصعب كذلك مراقبتها بشكل دقيق للغاية.
ولذا، فإن التقارير الدولية المختلفة التى تناولت هذه القضية تكاد تجمع على أن إيران تنقل الأسلحة إلى الحوثيين بالطرق البحرية؛ وذلك انطلاقًا من امتداد هذه الحدود وقرب الحدود الجغرافية ما بين اليمن وعدد الدول الأفريقية. 
فقد كانت إيران تستخدم على سبيل المثال الصومال فى نقل الأسلحة إلى اليمن، بينما أقدمت فى وقت لاحق؛ بسبب الاحتكاك بالسفن الأجنبية والدولية على استخدام مياه الخليج العربى حيث يتم نقل هذه الأسلحة من سفن كبيرة إلى قوارب صغيرة فى المياه ثم يتم إرسالها إلى الحوثيين.
وليس ذلك فحسب، فاستخدام هذه الطرق لا يتم فقط نقل الأسلحة والمعدات الصاروخية، بل يتم نقل الأموال كذلك عبر هذه المنافذ.
وتجدر الإشارة إلى أن عمليات التهريب هذه لا يتم خلالها إرسال بعض أنواع الأسلحة بشكل كامل، بل يتم تفكيكها جزئيًا ثم إعادة تركيبها داخل الأراضى اليمنية من قِبل الحوثيين، بالتعاون وبإشراف الخبراء الإيرانيين الذى قدموا خصيصًا لمثل ذلك.

أنواع الأسلحة الإيرانية المهربة للحوثيين 
تتنوع الأسلحة التى تم إرسالها من جانب إيران إلى ميليشيات الحوثيين منذ تفاقم الأزمة فى اليمن وحتى الآن، من قذائف وصواريخ بسيطة وحتى الصواريخ الباليستية. 
ويمكن تتبع تلك الأنواع من خلال رصد عدد من عمليات ضبط السفن الإيرانية المتجهة إلى الأراضى اليمنية لتقديم مختلف المعدات العسكرية إلى الحوثيين، وذلك على النحو التالي:
١- صواريخ إيرانية مضادة للدبابات
حينما بدأت الأزمة اليمنية فى التبلور عام ٢٠١١، قالت السلطات اليمنية إنها ضبطت مركب صيد إيرانية كانت تقل ٩٠ صاروخًا مضادًا للدبابات مصنوعة فى إيران، وأشارت إلى أن هذه الحمولة كانت متجهة إلى الحوثيين على الأراضى اليمنية.
٢- صواريخ ومواد تفجيرية
ضبطت فى بداية العام ٢٠١٣ سفينة «جهان ١» التى كانت تحمل مواد تفجيرية وأسلحة وصواريخ ومعدات عسكرية أخرى كانت متجهة إلى الأراضى اليمنية، وفى نفس العام ضبطت سفينة أخرى «جهان ٢» بالقرب من الممر الدولى باب المندب وكانت تحمل تقريبًا شحنات متشابهة من «جهان ١». 
٣- صواريخ وأسلحة متطورة وتهديد بتدخل عسكري
ضبطت المقاومة اليمنية فى يوليو من عام ٢٠١٦ قارب صيد يحمل أسلحة إيرانية، وذلك بالقرب من السواحل الأفريقية، وفى العام نفسه أعلن الجيش الأمريكى عن ضبط سفينة إيرانية كانت تحمل ١٥٠٠ بندقية من نوع كلاشينكوف وحوالى ٢٠٠ قذيفة صاروخية و٢١ بندقية آلية. 
وفى فبراير من العام نفسه قامت البحرية الأسترالية بضبط زورق كان يحتوى على عدد كبير من البنادق والقذائف الصاروخية، بينما قامت القوات البحرية الفرنسية فى العام نفسه باعتراض مماثل وصادرت أسلحة شبيهة. وهددت إيران من ناحية أخرى بإرسال قوات عسكرية لدعم ميليشيات الانقلابيين.
٤- دعم وتدريب الحوثيين 
اعترفت قيادات فى الحرس الثورى الإيرانى عام ٢٠١٥ بدعم وتدريب ميليشيات الحوثيين وتقديم الدعم اللوجيستى لهم.
ولا يقتصر تدريب إيران للحوثيين على استقدام مستشارين سواء من حزب الله أو غيره، بل إن مراكز التدريب الإيرانية للحوثيين امتدت من إيران إلى القارة السمراء. 
وعلى سبيل المثال، قامت إيران بتدريب الحوثيين فى مراكز تقع فى إريتريا على أيدى مدربين إيرانيين، ومن المهم الإشارة هنا إلى أن قرب الحدود الإريترية نسبيًا مع اليمن، يمثل عاملًا مساعدًا لإيران فى نقل هؤلاء الحوثيين إلى الأراضى اليمنية. 
وبالنظر إلى طبيعة الحوثيين كجماعة، فمن الصعب لهم التعامل مع الأسلحة الإيرانية التى تهرب إليهم، ولذا فإنهم بحاجة إلى كوادر خارجية كى تدربهم أو تساعدهم على إطلاق الصواريخ أو تركيب أدوات التوجيه الصاروخية. 
وكان الحل فى المستشارين الإيرانيين، الذين عملوا على تطوير الصواريخ التى تم إرسالها إلى الحوثيين، حيث تطورت هذه الصواريخ تدريجيًا حتى بات فى يد ميليشيات الحوثيين صواريخ باليستية إيرانية التصدير ليست هنالك تقارير واضحة حول عددها الحقيقي، إلا أن الحوثيين يستخدمونها بشكل مستمر فى تهديد الدول المجاورة خاصة السعودية. 
وليس ذلك فحسب، بل يقوم المستشارون الإيرانيون بصيانة هذه الأسلحة والمعدات العسكرية حتى لا تعطب، ولا يتم تطوير هذه المعدات العسكرية فقط عن طريق مستشارين إيرانيين، ولكن يتم ذلك بالتعاون مع عناصر من حزب الله اللبناني. وكان آخر هذه الأنواع الصاروخية التى قدّمت إيران العون فى تطويرها إلى الحوثيين هى صواريخ «بدر ١»، التى احتفت وسائل الإعلام الإيرانية بامتلاك الحوثيين إياها.