السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

اقتصاد إيران ينهار بعد العقوبات الأمريكية.. مركز الإحصاء بـ"طهران": 31.4% ارتفاعًا في التضخم.. زيادة أسعار المواد الغذائية 25% واللحوم 45%.. والبرلمان: هروب 13 مليار دولار من رءوس الأموال

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بعد أن أعلن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى مايو الماضي، عزم بلاده الانسحاب من الاتفاق النووى الإيراني، الذى أبرم فى ٢٠١٥، وإعادة فرض العقوبات الاقتصادية على إيران التى تم تعليقها بموجب هذا الإتفاق، حيث بدأت الحزمة الأولى من هذه العقوبات فى اغسطس الماضي، ثم تلتها الحزمة الثانية فى الخامس من نوفمبر الحالي، يبدو أن الاقتصاد الإيرانى أمام موجة عارمة من التحديات الاقتصادية، ومن المرجح أنه لن يكون قادرًا على التماسك أمامها.
وتتمثل أبرز تلك التحديات، فى انخفاض الصادرات النفطية، وانخفاض الناتج المحلى الإجمالي، مع تدهور العملة المحلية، مع ملاحظة أن التأثير الكلى لتلك العقوبات لن يظهر بصورة متكاملة سوى على المدى الطويل.

التضخم وأسعار المواد الغذائية
أدى انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووى الإيراني، إلى التأثير على قيمة العملة المحلية الإيرانية، ومن ثم ارتفاع معدلات التضخم داخل البلاد، فبحسب تقرير مركز الإحصاء الإيرانى فقد ارتفعت مستويات التضخم إلى ٣١.٤٪ فى سبتمبر الماضي، بعد أن كانت حوالى ١٥٪ فى أواخر يونيو ٢٠١٨. كما ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة ٢٥٪، الأمر الذى تسبب فى مزيد من التوترات الاجتماعية والسياسية، وارتفعت أسعار اللحوم إلى ٤٥٪، بينما كانت الفواكه هى الأكثر ارتفاعًا بنسبة ٨٣٪.
وتشير التقديرات الخارجية إلى أنه على الرغم من تدخل البنك المركزى الإيرانى لدعم الريال، فإن مستويات التضخم ما زالت آخذة فى الارتفاع، كما خسرت العملة المحلية أكثر من ثلثى قيمتها فى السوق غير الرسمية منذ بداية يناير ٢٠١٨.
الناتج المحلى الإجمالى
من المتوقع أن يمثل فرض الولايات المتحدة، للحزمة الثانية من العقوبات على إيران، تحديًا كبيرًا أمام النمو الاقتصادى للدولة، فعلى الرغم من تحقيق إيران نموًا بنسبة ٧٪ خلال الفترة من مارس ٢٠١٦ إلى مارس ٢٠١٧، وكذلك تحقيق معدل نمو مماثل بنسبة ٧٪ فى الفترة من مارس ٢٠١٧ إلى مارس ٢٠١٨، ويرجع ذلك بشكل رئيسى إلى الانتعاش السريع فى إنتاج النفط، حيث زادت الصادرات بنسبة ٤١.٣٪ فى ذلك العام بفضل تخفيف العقوبات الذى تم تنفيذه فى يناير ٢٠١٧، إلا أن الباحثين فى البرلمان الإيرانى توقعوا أن ينخفض الاقتصاد الإيرانى بنسبة تصل إلى ٥٪ خلال الفترة من مارس ٢٠١٩ - مارس ٢٠٢٠، وهى حالة ركود كبيرة.
وتوقع خبراء صندوق النقد الدولى أن ينكمش الاقتصاد الإيرانى بنسبة ١.٥٪ هذا العام و٣.٦٪ أخرى فى عام ٢٠١٩. ويتوقع خبراء الصندوق باستمرار الناتج المحلى الإجمالى فى الانخفاض بعد فرض العقوبات على إيران، حيث من المتوقع أن ينخفض الناتج المحلى الإجمالى لإيران من ٤٣٠ مليار دولار عام ٢٠١٨ (بحسب الأسعار الجارية) إلى ٣٣٣ مليار دولار عام ٢٠١٩، مع تعرض الاقتصاد للركود، لا سيما بعد انسحاب الشركات الدولية من المشروعات داخل الدولة، وانخفاض صادرات الدولة النفطية وغير النفطية.

إنتاج وتصدير النفط
من المؤكد أن إنتاج وتصدير النفط الإيرانى سوف يتأثر بالعقوبات الأمريكية، لاسيما وأن الأخيرة تسعى إلى جعل صادرات إيران النفطية تصل إلى الصفر، وعلى الرغم من أن الدول الأوروبية وروسيا والصين والهند أعلنت أنها تعتزم البحث عن نظام مقايضة بديل لتسوية المدفوعات الإيرانية بدلًا من الدولار، إلا أن الصادرات النفطية الإيرانية سوف تتأثر على المستويين القصير والمتوسط بسبب سيطرة الدولار على المدفوعات الدولية.
وعلى الرغم من ارتفاع إنتاج النفط من ٣.٥ مليون برميل يوميًا عام ٢٠١٥ إلى ٣.٨٧ مليون برميل يوميًا عام ٢٠١٧ ثم ٣.٧٤ مليون برميل يوميًا فى يوليو ٢٠١٨، إلا أن الصادرات النفطية انخفضت بسرعة أكبر من ٢.٧ مليون برميل يوميًا فى مايو ٢٠١٨ إلى ١.٨٦ مليون برميل يوميًا فى النصف الأول من شهر أغسطس، أى بنسبة انخفاض ٢٧٪، ويقدر مركز أبحاث البرلمان الإيرانى أن نسبة هروب رؤوس الأموال خلال الفترة من مارس ٢٠١٧ إلى مارس ٢٠١٨ قد بلغت ١٣ مليار دولار.
البطالة
فى أعقاب العقوبات الأمريكية الثقيلة، من المرجح أن الاقتصاد الإيرانى لن يكون قادرًا على تجنب الركود، حيث بلغ معدل البطالة ١٢.٤٪ عام ٢٠١٦ بعد أن كان ١١٪ عام ٢٠١٥، ومن المتوقع أن ترتفع معدلات البطالة نتيجة التأثير الكبير لهذه العقوبات على سوق العمل الإيراني، حيث من المتوقع أن يبلغ معدل البطالة ١٥٪ عام ٢٠٢٠ وفقًا لتوقعات صندوق النقد الدولي.
وتواجه إيران، إضافة إلى التحديات السابقة، العديد من التحديات متوسطة الأجل، وكذلك التحديات الهيكلية طويلة الأجل، فأولًا؛ تواجه إيران العديد من التحديات المناخية والبيئية، الأمر الذى من المؤكد أن يؤثر على الاقتصاد على المدى الطويل، حيث أصبح الجفاف وتقنين المياه فى بعض المدن الإيرانية خلال أيام الصيف الحارة ظاهرة منتظمة خلال العقد الماضي.
وثانيًا؛ تواجه إيران نقصًا فى الكهرباء، حيث إن سدودها ومحطات توليد الطاقة الكهرومائية أصبحت متهالكة وأقل إنتاجية، الأمر الذى قد يتسبب فى توقف الصناعات خلال فترة الصيف.
وثالثًا؛ تعانى إيران من تزايد ظاهرة الفقر والبطالة بين الشباب، الأمر الذى يسبب تفاقم الأزمات والاحتجاجات فى الدولة خاصة خلال الفترة الأخيرة من عام ٢٠١٨. وعلى الرغم من انخفاض معدلات الفقر من ١٣.١٪ خلال عام ٢٠١٤ إلى ٨.١٪ خلال عام ٢٠١٥. فإنها ارتفعت مرة أخرى إلى ١٠.٥٪ خلال عام ٢٠١٧.
ويمكن القول إن إيران تعانى من العديد من التحديات الاقتصادية، الأمر الذى يتطلب نظرة أكثر عمقًا من مجرد الحلول المؤقتة التى يحاول من خلالها النظام إبقاء رأسه مرتفعة لحين رحيل إدارة ترامب، إذ يبدو أن الولايات المتحدة عازمة على جعل تلك العقوبات ممنهجة، لإرغام إيران عن التوقف عن أنشطتها النووية إلى جانب دعمها للتنظيمات الإرهابية فى المنطقة والعالم، والتوقف عن تطوير الأسلحة الباليستية.