الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

طارق شوقي يعلن الحرب على مجانية التعليم.. الوزير يعتبرها ظلما اجتماعيا يضر بالوطن.. وخبراء: تصريحات منافية لأبسط حقوق الإنسان

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قبل نحو 7 عقود وبالتحديد في مطلع الخمسينيات من القرن الماضي، وقف وزير المعارف العمومية "التعليم حاليا" عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين، في البهو الكبير بجامعة الإسكندرية يوم افتتاحها فى حضور الملك فاروق؛ ليخطب فى الحاضرين ويفاجئ الجميع بأن مصر تحتفل اليوم بمناسبتين، جامعة جديدة لأشهر ميناء عروس البحر الأبيض المتوسط، وإعلان أن التعليم فى مصر حق للجميع فهو كالماء والهواء منحة من الله لكل الناس بلا تفريق، في أولى الجهود نحو مجانية التعليم، وظلت كلمات طه حسين خالدة، وتوالت الجهود بعد ثورة يوليو حتى إعلان مجانية التعليم بالكامل في 1961.

إلا أن المفارقة جاءت بعد بضعة عقود، ومن قلب الإسكندرية تحدث الدكتور مصطفى الفقي، رئيس مكتبة الإسكندرية، منتقدا مجانية التعليم، وهاجم الفقي التعليم الجامعي، مؤكدا أنه يكلف الدولة الكثير؛ لذلك لا يجب أن يُتاح مجانًا إلا للمتفوقين، وقال في تصريحات تليفزيونية نشرت مطلع شهر أكتوبر الماضي إنه لا يوجد تعليم جامعي مجاني في أي دولة بالعالم، وأن الجامعات أفرزت ملايين العاطلين بسبب التعليم المجاني، الذي يتعامل معه البعض على كونه شهادة للزواج.

وبعد تصريحات الفقي بشهر واحد طل علينا وزير التربية والتعليم الدكتور طارق شوقي، من تحت قبة البرلمان، موسعا الهجوم على مجانية التعليم، وقال إن "مجانية التعليم ظلم اجتماعي..أضرت بالوطن، وطالب بمواجهة الأفكار التقليدية القديمة التى أضرت بالتعليم مثل مجانية التعليم، على حد تعبيره.
وتابع فى كلمته خلال اجتماع لجنة المشروعات بالبرلمان حول دور وزارة التربية والتعليم الفنى فى دعم قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر: "مجانية التعليم مينفعش تتساب بدون نقاش، لازم تناقشوها، لو فضلنا عايشين بدا نبقى بنضحك على نفسنا، دا ظلم اجتماعى مش عدل اجتماعى، هنفضل عايشين كدة لإمتى، ثم مفيش مجانية، اللى بيدفع الفاتورة الدولة والأهالى، الفاتورة اللى بندفعها مع بعض 200 مليار جنيه، ومش بتروح فى المكان الصح".. مضيفا: "الناس ممكن تدفع لأى حد إلا الحكومة، تدفع لسنتر أفاق وكأن احنا كخة، ثم سؤال للى بيقول لنفسه ملك الكيمياء، مين اللى خلاك ملك الكيمياء معاك شهادة؟".
إلا أن تصريحات الوزير أثارت غضبا واسعا على جميع القطاعات وانتقد خبراء تربويون وبرلمانيون تصريحات الوزير. التي اعتبروها تصريحات مجرمة منافية لأبسط حقوق الإنسان، واعتبروها تتنكر من دور الدولة ومعاكسة لرؤية الحكومة التي تستهدف بناء الإنسان المصري من خلال التعليم والصحة. 

وفي هذا السياق يقول الدكتور كمال مغيث، الخبير التربوي، إن تصريح وزير التعليم بشأن مجانية التعليم يتنكر من التاريخ المصري ومن واحدة من أهم قضايا النضال الوطني من قبل ثورة يوليو وحتى تحقيق المجانية الكاملة عام 1961، وفي نفس الوقت يتنكر من أبسط مبادئ حقوق الإنسان، ويتنكر من فكرة أن التعليم استثمار بشري بل ويتنكر من أن الاستثمار البشري هو أكبر استثمار مضمون، فالدول التي تقدمت كان التعليم محور رئيسي فيه.. فدول مثل سنغافورا انتقلت إلى العالمية بفضل التعليم.
وشدد مغيث في تصريحات خاصة لـ "البوابة نيوز" على أن تصريحات مثل هذه تدمر الوطن، قائلا: "فما بالك إذا تحول إلى طلاب المدارس الحكومية المجانية إلى الشارع فيجلسون بلا قراءة أو كتابة فماذا سيكون وضع المجتمع عند ذلك الحين.. تصريح مثل ذلك يعد بمثابة انتحار ومغامرة محفوفة بالمخاطر فما بالك بمجتمع لا يقرأ ولا يكتب ولا يمتلك أموال كي يعيش".

أما الدكتورة ماجدة نصر، عضو لجنة التعليم بمجلس النواب، فقالت: " اختلف شكلا ومضمونا مع تصريحات وزير التعليم، فالدستور كفل لكل مواطن التعليم والصحة وعلى الرغم من صعوبة الحالة الاقتصادية الحالة إلا أن على الدولة أن تدعم غير القادرين على تحمل تكاليف التعليم".
وأضافت نصر: "لابد أن نتحمل غير القادرين وأن نصرف عليهم في ظل ارتفاع نسب الأمية في مصر، فالدول الأخرى وصلت إلى صفر أمية وبدأت فى محو أمية الكمبيوتر والإنترنت، أو التعليم والصحة أقل حقوق المواطنين مع التفكير في إيجاد بدائل لتصنيف التعليم".
وتابعت: "تصريحات وزير التعليم تخالف استراتيجية الدولة التي تهدف إلى بناء الإنسان المصري، وأرى أن انتقاده لاتجاه المواطنين في دفع مبالغ كبيرة في الدروس الخصوصية ترجع في الأساس إلى انعدام ثقتهم في التعليم الحكومي.. المواطنين يدفعون للدروس الخصوصية لأنهم لا يثقون فى التعليم الحكومي، ولكن على الدولة تحسين مستوى التعليم ثم السعي لرفع مجانية التعليم ووقتها سيدفع المواطنين من أجل التعليم، وهذه هي الفكرة".