الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

ليلة بكى فيها شباب المنتدى

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
جلس وحوله مجموعة من الشباب تباينت لغاتهم وألوانهم، يطبطب عليهم تارة ويمسح على رؤوسهم أخرى، يهمس إليهم فيبتسمون.. وفى عيونهم تلمع دموع كانت الجفون سدًا حال بينها وبين النزول، يتحدث عن لقاء قريب يجمعهم.. فتنهار سدود الجفون أمام موجات من دموع فضحت الضعف الذى يسبق لحظات الوداع، تحدثوا عن مسرحية (زائر) التى أخرجها وخلق بها لغة أخرى للتفاهم فيما بينهم، وتمنوا عرضًا آخر يجمعهم، فوعدهم بعروض، تمنيت لو تأخرت طائرتهم لتطول جلستهم، فأتشبع أنا الجالس فى الركن المجاور بهذا الفيض من المشاعر، نادى المنادى برقم الرحلة، فوقف المخرج خالد جلال ليلحق بالطائرة ومن خلفه الجميع، إلا هذا الشاب الذى بادلوه العناق والبكاء، فقد جلس ينتظر المنادى ليستقل الطائرة التى تعيده لوطنه، ظل الشاب واقفًا ينظر إليهم، طالت وقفته.. وطالت قراءتى لتقاسيم وجهه، ثم جلس ينظر إلى حوائط المطار، وقد انهمرت دموعه لتصافح وجنتيه، ولسان حاله يقول.. أحببت هذا البلد الطيب أهله، أمسك الشاب بهاتفه وظل يقلب فى صوره مع زملائه من دول شتى، يبتسم لصورة ويضحك لأخرى، ثم استجاب متلكئًا لصوت المنادى حيث حان وقت الرحيل، لترافقه نظراتى حتى اختفى بين المغادرين.
هذا مشهد من عشرات المشاهد التى شهدها مطار شرم الشيخ بعد انتهاء فعاليات منتدى شباب العالم، حيث لحظات الوداع التى كانت الأصعب على شباب جمعهم المنتدى ليتحاوروا ويبدعوا ويرسموا خريطة المستقبل، شباب مثلوا ثقافات وحضارات مختلفة، جميعها انصهرت لتثمر رؤى وأفكارا تخدم البشرية.
فقط هى الأرقام التى تحيلنا إلى النتائج لنعرف ثمار المنتدى الذى أصبح بعد نضجه فى حاجة إلى من يستثمر كل فعالياته، نحن أمام مائة شاب مصرى تتقدمهم آية عطية، التى ظلت توارى وجهها فى محاولة لإنكار الذات حتى أطلت علينا فى حفل الختام لتتحدث بتلقائية ليس عن نفسها.. ولكن عن زملائها ومن منحها الفرصة، مائة شاب واصلوا الليل بالنهار فصنعوا حدثًا هو الأهم. أما الرقم الثانى فهو (١٦٣) وهو عدد الدول التى شاركت فى المنتدى، مثلها (٥٠٠٠) آلاف شاب، منهم مصريون وأغلبهم أجانب، وهؤلاء إلى جانب أنهم أصبحوا سفراء لمصر.. فهم أيضًا مراسلون للصحف والقنوات المصرية، وهنيئًا لمن كان إيجابيًا وفاز بأرقام هواتف هذا الكم من الشباب، فقد ضمن مراسلين صحفيين لقناته أو صحيفته دون ميزانية يرصدها، أو جهد يبذله فى البحث عن مصدر، وهنيئًا لمن فطن من وزارة السياحة لأهمية الحدث، فجعل من شباب المنتدى سفراء لمصر فى الخارج، يسوقون بالمجان لآثارها ومناخها وطيبة أهلها، وهنيئًا لمن انتهز الفرصة من وزارة الشباب ليجعل من شباب المنتدى نواة لمحافل أخرى تنعكس إيجابيًا على أجندة مصر السياسية والثقافية والفنية والرياضية.
اجعلوا من شباب المنتدى سفراء فخريين، تواصلوا معهم على مدار العام ليكونوا عيونا لمصر وصوتها فى الخارج، والمدافعين عنها وقت الأزمات فى عالم يموج بالتقلبات. هؤلاء مؤثرون فى بلدانهم، ومنهم تتشكل فرق عمل تروج لمصر، انهضوا واستغلوا هذه الطاقات، إنها القوى الناعمة لمصر فى الخارج، والنواة التى غرسها مائة شاب مصرى، نواة لن تنمو أو تثمر إلا إذا وجدت من يرعاها بتواصل من الإعلام ووزارات السياحة والثقافة والشباب، لنجعل من إعلامنا منبرًا لهم طوال العام، ومن محافلنا ملتقى لهم، ومن شركة الطيران المصرية الخيار الأول لهم، ومن آثارنا المزار الأهم لذويهم.
منتدى شباب العالم هو الفرصة الأعظم لمن يجيد استخدام القوى الناعمة، ولمن يرغب فى الاستثمار، فلا تسدلوا الستار عليه بانتهاء فعالياته، حتى لا تبخسوا مصر حقها وتضيعوا مجهود مائة شاب، انظروا إلى الأرقام، وإلى لحظات الوداع لتكون دافعكم للاستثمار.