الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

فيلم جميلة.. أروع مناضلات العرب

عبدالرحمن الشرقاوي

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«يا قوم لا داعى للاستمرار فى تمثيل تلك المهزلة، إنى لأعرف أنه الإعدام تحت المقصلة، لكنكم لن تقتلوا إلا فتاة، ستلطخون بلادكم بدمائها أبد الحياة، أما الجزائر فهى تمضى فى الطريق لتنتصر، وستنتصر، سنظل نقتحم الخطر وسننتصر، وسيشرق الفجر الجديد من الدم».
يرى البعض أن نص عبدالرحمن الشرقاوى المسرحى «مأساة جميلة» هو العمل الأبرز طيلة مسيرته الأدبية، والذى جسّد قصة المناضلة الجزائرية جميلة بوحيرد وكفاحها ضد الاحتلال الفرنسي. العمل الذى رآه البعض تسليطًا للضوء على مأساة عشرات الآلاف من ثوار الجزائر الذين بذلوا أرواحهم حتى نالوا الاستقلال، تم تحويله عام ١٩٥٨ إلى فيلم أسطوري، تعاون فيه الشرقاوى مع كبار الكتاب لوضع السيناريو التنفيذى له، وعلى رأسهم العالمى نجيب محفوظ، والكبار يوسف السباعي، وعلى الزرقاني، وغيرهم، والذى كان نص الشرقاوى المسرحى فيه هو المرجعية لكل الأحداث، وحوارات شخصيات العمل.
الفيلم كان من بطولة وإنتاج الفنانة ماجدة، وشاركها البطولة الفنانون رشدى أباظة، أحمد مظهر، وزهرة العلا، صلاح ذو الفقار، كريمان، وهو أيضًا من إخراج يوسف شاهين. فيما بعد كشفت المناضلة الجزائرية جميلة بوحيرد نفسها عن أن الفيلم تم عمله دون موافقتها، وقالت «فى الوقت الذى كان فريق العمل يصور فيلمًا عن حياتى كنت أنا فى الزنزانة أنتظر الجلاد لتنفيذ حكم الإعدام»؛ وأضافت أنها لم تلتق المخرج يوسف شاهين وأنها لم تشاهد الفيلم الذى يحكى مسيرتها إبان الثورة التحريرية الجزائرية كاملا ما عدا بعض المقاطع.
يحكى الفيلم عن الفتاة الجزائرية «جميلة» التى تعيش مع شقيقها الهادى وعمها مصطفى فى حى القصبة أثناء الاحتلال الفرنسى للجزائر. تشاهد الفتاة يوميًا مدى الظلم والجبروت والقسوة الذى يتعامل به جنود الاحتلال الفرنسيين مع أبناء وطنها، وتستيقظ روحها الوطنية عندما ترى تعذيب ومقتل زميلتها أمينة بالمدرسة والتى كانت ضمن منظمة لمقاومة الاحتلال؛ هكذا تنضم الفتاة الصغيرة إلى الفدائى يوسف وتقرر هى أيضًا مقاومة الاحتلال مع الفدائيين وتقوم مع زميلتها بوعزة بعملية فدائية يتم فيها القبض على بوغزة، ثم يتم قتل عمها أيضًا رميًا بالرصاص.
تستمر جميلة فى عملياتها الفدائية، ولكن من خلال إحدى تلك العمليات يتم القبض عليها، ويقومون بتعذيبها بشدة على يد الكولونيل بيجار من أجل أن تعترف على أسماء جميع الفدائيين الذين يعملون معها، وتقاوم جميلة شتى أنواع التعذيب، ويتطوع المحامى الفرنسى جاك فيرجيس للدفاع عنها، ولكن تحكم المحكمة عليها بالإعدام، وينتهى الفيلم على هذا الحكم الذى كان آخر ما تابعه صُنّاع الفيلم؛ ولكن جميلة فى الواقع يتم تبرئتها بعد ذلك وبلادها حصلت على الاستقلال.
مع مرور السنوات تنكشف حكايات أخرى عن العمل، فخلال تصوير الفيلم حضرت إلى القاهرة المناضلة زليخة، رفيقة كفاح جميلة وروت مواقف من بطولات مجهولة لصديقتها؛ وداخل حى «القصبة» الذى شيدته ماجدة للتصوير وتكلف عشرة آلاف جنيه، وهو مبلغ ضخم فى ذلك الوقت حكت زليخة عن أحد أصعب المواقف التى عاشتها جميلة عندما خرجت مع رفيقاتها فى مهمة لتفجير قنبلة فى صفوف الفرنسيين، وكان من المقرر أن يركبنّ الترام، وفى المحطات التالية، زميلات جميلة يتسللنّ ويتركنها مع القنبلة الزمنية الموضوعة داخل حقيبتها؛ وقبل ٥ دقائق على انفجار القنبلة لمحتها سيدة فرنسية وتقدمت منها بعصبية وسألتها «ماذا تحملين فى الحقيبة؟»، فأجابتها بهدوء «حقيبة سيدة، ماذا يمكن أن يُحمل فى حقيبة سيدة؟»، فقالت لها «كلا أنت تحملين قنبلة»، وردت جميلة «سيدتى اتهامك باطل» كانت تجيبها بينما الأفكار تدور فى رأسها بسرعة هائلة وقد بقى أقل من دقيقتين على الانفجار ورغم مرور المدة لم تنفجر القنبلة.