الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

"الملالي" يخطط لتأسيس حزب الله في سوريا.. القادة الإيرانيون يصرون على تصدير الثورة للدول المجاورة.. طهران تسعى بعد الحرب مع العراق إلى السيطرة على عواصم الجوار

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

يعد أحد ثوابت الثورة الإيرانية هو سعيها الدائم لتصدير أفكارها وتنظيماتها للخارج، وفى هذا السياق سعت طهران لتأسيس ميليشيات مسلحة في جنوب سوريا، بما يمكنها من السيطرة والحصول على نصيب الأسد في مرحلة ما بعد إعادة الإعمار، وفرض سياسة الأمر الواقع على أعدائها في المنطقة.
لذا، سنتناول في هذا التقرير نبذة عن نظرية تصدير الثورة الإسلامية، والمصالح الإيرانية في سوريا، والمخاوف الإسرائيلية من الوجود الإيراني في الجنوب السوري، واتجاه طهران لتعزيز نفوذها من خلال تأسيس الميليشيات العسكرية تمهيدًا لمرحلة ما بعد إعادة الإعمار.


نظرية تصدير الثورة الإسلامية
بات القادة الإيرانيون مُصرين على تصدير الثورة إلى الدول المجاورة، لا سيما فى الشرق الأقصى وجنوب آسيا. وعلى الرغم من وجود بعض المشاكل الداخلية فى إيران التى كانت من الممكن أن تعيق فكرة تصدير الثورة، ولكنها قامت بذلك من خلال هيئات الإذاعة والتليفزيون التابعة لها، عبر الترويج لحماية المستضعفين فى الأرض.
وقال خامنئى فى ذلك «أتمنى أن تكون إيران نموذجًا لكل الأمم المستضعفة فى العالم، الراغبة فى تحطيم الأصنام العظيمة، كما يجب على هذه الأمم أن تفيق من غفلتها لتحرير الإسلام والدول الإسلامية من قبضة الدول الاستعمارية أو التذلل لها».
وظهرت المفردات الثورية مثل: المستضعفين، الطاغوت، والشهادة التى صكها «الخمينى» والتيار الدينى، لتضفى قوة إضافية لفكرة تصدير الثورة، بالإضافة إلى تشعب واتساع دور رجال الدين فى جميع أنحاء إيران؛ إذا بلغ عددهم عشرات الآلاف عشية قيام الثورة، مما مكن الخمينى من تكوين قاعدة شعبية عريقة، ساعدته على تطبيق أفكاره النظرية.
المصالح الإيرانية فى سوريا
اتجهت الجمهورية الإسلامية بعد الحرب العراقية الإيرانية إلى السيطرة على العواصم المجاورة، والتى ترى فيها إمكانية تشكيل تهديد مباشر لها فى المستقبل، وكانت بغداد قبلتها الأولى، ثم اتجهت للسيطرة على دمشق وبيروت، بل امتد نفودها إلى دول أفريقيا جنوب الصحراء، التى تبعد عنها بمسافات كبيرة ولا يوجد معها تشابك فى المصالح، ليأتى ذلك كله فى إطار نظرية تصدير الثورة.
لطالما كانت سوريا هى الحليف الاستراتيجى لإيران، ولذلك تُمثل أمرا حيويا لها فى الشرق الأوسط؛ حيث وفر نظام الأسد إمكانية وصول حاسمة لوكلاء إيران بما فى ذلك «حزب الله» اللبناني، «حماس» و«الجهاد الإسلامي» فى فلسطين، فضلًا عن نقل الأسلحة، المال والعتاد لميليشياتها فى المنطقة. كما كانت سوريا شريكا أساسيا لطهران فى ردع إسرائيل، لا سيما فيما يخص برنامجها النووي، فضلًا عن التعاون فى مواجهة العقوبات الأمريكية على إيران.
استكمالًا لما سبق، تعد الجغرافيا من المحددات الرئيسية فى السياسة الخارجية للدول؛ حيث يحتل الموقع الجغرافى دورا قويا فى تحديد نوعية العلاقات الدولية ومظاهرها، وعلى الرغم من عدم وجود حدود مشتركة بين طهران ودمشق، فإن لطهران حدودًا مشتركة مع كل من تركيا، والعراق، والأردن، ولبنان، ولسوريا حدود مشتركة مع هذه الدول، مما جعل لها موقعًا استراتيجيًا مهمًا، باتت من خلاله محط اهتمام القوى الإقليمية والدولية.

الهواجس الإسرائيلية
أدى الخوف الإسرائيلى من تعاظم النفوذ الإيرانى فى سوريا إلى سعى «تل أبيب» للوصول إلى مجموعة من التفاهمات مع روسيا والولايات المتحدة الأمريكية القاضية بابتعاد الميليشيات الإيرانية مسافة ٨٠ كيلو مترًا عن الحدود الجنوبية مع دمشق، بل وإخراج الميليشيات الإيرانية من سوريا.
ومن هنا، عكس اعتراض رئيس الوزراء الإسرائيلى «بنيامين نتنياهو» على الوجود الإيرانى فى دمشق، قلقه من احتمالات فوز طهران بنصيب الأسد فى مرحلة ما بعد إعادة الإعمار، ولا سيما فى المنطقة القريبة من الجولان وتحويلها إلى منصة لإطلاق صواريخ باتجاه الدولة العبرية.
فى السياق ذاته، أوضح بعض المحللين، أن التهديد الاستراتيجى لإسرائيل تمثله إيران بالدرجة الأولى، على خلفية حالة العداء التاريخية بين الدولتين، وبخاصة أن الجمهورية الإسلامية من الممكن أن تمتلك سلاحا نوويا فى فترة بسيطة من الزمن. فبعد أن كانت الجولان شبه مجمدة على امتداد ٤٠ عامًا، برزت داخل دائرة الضوء مجددًا، مع انخراط «حزب الله» وإيران فى الأزمة السورية، وباتت جزءًا أساسيًا من المحور الذى تقوده طهران، ومن هنا ينظر الإسرائيليون إلى أن استقرار الوضع لمصلحة النظام يهدد بأن تكون الجولان مماثلة لجنوب لبنان.
لكن يبدو أن التفاهمات سواء كانت العسكرية أو التفاوضية التى كانت بين كل من روسيا والولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل من جهة، وروسيا والميليشيات على الأرض، ذهبت وكأن لم تكن؛ حيث بدأت إيران فى تخريج الدفعات الأولى من ميليشيات عسكرية فى الجنوب السورى بتوجيه من الحرس الثوري. من ناحية أخرى، تنظر تل أبيب ليس فقط إلى الفوز بدور إقليمى قوى على حساب خصومها، بل إلى منافسيها فى المنطقة مثل تركيا، أى تريد أن تصبح الوكيل الحصرى للمصالح الأمريكية فى الشرق الأوسط.
دورها فى مرحلة ما بعد إعادة الإعمار
دعمت إيران النظام السورى على مدى السنوات القليلة الماضية، تسعى إيران لجنى ثمار مساعداتها السابقة للنظام، لا سيما فى ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التى تمر بها طهران، وتركز استراتيجية الهلال الشيعى فى الشرق الأوسط حول رغبة إيران فى المساعدة على استقرار الأنظمة الصديقة فى العراق، سوريا ولبنان من أجل مواجهة التحركات السعودية لمنع إيران من دخول المنطقة العربية كجزء من الحرب المحتدمة بين القوتين الرئيسيتين فى الخليج العربي، ولذلك، فإن توقع قيام إيران بالخروج أو حتى الحد من تواجدها فى سوريا يعد حلمًا صعب المنال. ومن هنا، أشار بعض المحللين إلى فكرة الخروج الإيرانى من سوريا، لكن يعود التحالف بين طهران ودمشق إلى عام ١٩٨٠، عندما وقفت دمشق إلى جانب طهران ضد الرئيس العراقى الأسبق «صدام حسين» خلال الحرب العراقية الإيرانية، التى استمرت لثمانى سنوات.