الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

4 تحديات تواجه إعادة الإعمار في العراق.. هشاشة البنية السياسية.. انتشار الفساد.. سوء الأداء الأمني.. والطائفية

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
شهد العراق فى السابق عمليات متعددة لإعادة الإعمار للبنية التحتية مثل ما تبع الحرب الإيرانية العراقية فى الثمانينيات، وكذلك ما تبع الغزو الأمريكى للعراق ٢٠٠٣. وعلى الرغم مما تتكلفه عمليات إعادة الإعمار من جهود ومقدرات مالية واقتصادية كبيرة، فإن العراق دائمًا ما يتعرض لتدمير بنيته التحتية؛ حيث تعرض خلال ربع قرن إلى ٣ عمليات تدمير شاملة استهدفت بنيته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.

تحديات عملية إعادة الإعمار
١- هشاشة البنية السياسية: يعانى النظام السياسى فى العراق هشاشة البنية السياسية وغياب عامل الرشادة السياسية؛ إذ يُعد ذلك من أهم العوامل المحفزة لتدمير البلاد. ويبقى أمام العراقيين مجموعة من التحديات واجبة الحل قبل البدء فى عملية إعادة الإعمار، وأهم هذه التحديات حسم هشاشة النظام السياسى العراقى؛ لأنه الضامن الأكثر نجاعة للحفاظ على مكتسبات عمليات إعادة الإعمار. فى السياق نفسه، مثلت الميليشيات المدعومة إيرانيًا فى الانتخابات الأخيرة، تحديًا يتعلق بطبيعة العلاقة بين السلاح والسياسة فى مستقبل العراق، وهل يُمكن أن يتحول العراق إلى لبنان جديد فى ظل احتفاظ قوات الحشد الشعبى بسلاحها.
٢- انتشار الفساد: يعانى العراق سوءًا فى استغلال الموارد فى ظل تصاعد معدلات الفساد. واعتبر رئيس الوزراء العراقى السابق «حيدر العبادي»، أن الحرب على الفساد فى العراق أصعب من الحرب على الإرهاب، وهو ما عكسته تقارير منظمة الشفافية الدولية لقياس معدلات الفساد، والتى يزيل العراق تقاريرها. ورغم أن العراق هو ثانى أكبر منتج للبترول فى منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)؛ فإن الحكومات العراقية المتعاقبة لا تزال عاجزة عن توفير الخدمات الأساسية للسكان. من ناحيةٍ أخرى، يثبط الفساد من عزيمة الشركات العالمية الخاصة للدخول فى المساهمة فى عمليات إعادة الإعمار.
٣- سوء الأداء الأمني: على الرغم من حرص العالم على تحقيق الاستقرار الأمنى فى العراق منذ ٢٠٠٣، وهو ما بدا فيما تكلفته عمليات إعادة تسليح الأجهزة الأمنية والعسكرية؛ فإن هذه الأجهزة لم تثبت الكفاءة المطلوبة فى التحديات والاختبارات التى واجهتها مثل العمليات الإرهابية التى كانت تستهدف المدنيين منذ عام ٢٠٠٣، والفشل كذلك فى صد الهجوم الذى تعرض له العراق من ميليشيات تنظيم داعش الإرهابي.
٤- مواجهة سياسات تعزيز الطائفية: يشهد العراق حاليًا تحديًا أكثر إلحاحًا، وهو مستقبل الوجود السنى فى العراق، ويتصل ذلك مباشرة بنفوذ القوى الإقليمية المحيطة للعراق مثل إيران التى تدعم التيار الشيعي، وتركيا والمملكة العربية السعودية التى تدعم بطرق متفاوتة المناطق السنية التى تدمرت كليًا نتيجة الحرب مع تنظيم الدولة الإسلامية. ويبقى أمام الحكومة العراقية تحديًا يتعلق بإعادة تأهيل المناطق السنية المتضررة من الحرب، خاصة أنها تعانى نقصا كبيرا فى متطلبات الحياة الأساسية مثل الكهرباء والماء.

مؤتمر المانحين بالكويت
تعمل دول الخليج لإعادة الارتباط بالعراق مرة أخرى للتغلب على النفوذ الإيرانى هناك، وهو ما بدا فى مؤتمر إعادة الإعمار الذى نظمته دولة الكويت مؤخرًا. وتناول المؤتمر النقاش حول ١٥٧ مشروعا تنمويا متنوعا، مثل إنشاء شبكة مترو الأنفاق فى بغداد، وتنمية واستصلاح الحقول الزراعية فى محافظة نينوى، والمساهمة فى إنشاء البنية التحتية اللازمة لقطاعات النفط والغاز فى مدينة البصرة الغنية بالنفط. واشتملت المشاريع التى تمت مناقشتها فى مؤتمر المانحين بالكويت مشاريع مد الطرق السريعة، والخدمات اللوجستية، والمياه، والصحة. ووصلت تعهدات الدول المانحة فى ختام مؤتمر إعادة الإعمار بالكويت إلى نحو ٣٠ مليار دولار. وقال وزير الخارجية العراقى «إبراهيم الجعفري» فى ختام المؤتمر، إنه كان يأمل أن تتجاوز المنح هذا المبلغ؛ حيث يحتاج العراق إلى أكثر من ٨٨ مليار دولار، لتغطية مشاريع بنيته التحتية المتهالكة نتيجة الحرب التى خاضها ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) منذ عام ٢٠١٤. وشارك فى مؤتمر إعادة الإعمار حوالى ٧٦ دولة وأكثر من ١٠٧ منظمات محلية وإقليمية ودولية من المنظمات غير الحكومية.
ويعانى العراق مشكلة كبيرة تتمثل فى اعتماد اقتصاده على الريع النفطى فى ظل غياب التنوع الاقتصادي؛ حيث تمثل العوائد النفطية حوالى ٦٠٪ من إجمالى الناتج المحلى العراقي، لذلك عمل مؤتمر إعادة الإعمار على ضرورة العمل فى مشاريع البنية التحتية للنفط والغاز الطبيعى، باعتبارها من أهم مصادر الناتج المحلى العراقي، لذلك تبدو أن هناك حاجة عاجلة للاستثمار الدولى فى هذين القطاعين، لإعادتهما للعمل بكامل طاقتهما فى أقرب فرصة لتغطية النفقات الحكومية اللازمة لإعادة الإعمار.

منافسات الهيمنة الإقليمية على العراق
أتاح الوضع الجيوسياسى الضعيف نسبيًا فى العراق سهولة للدول الإقليمية للاستفادة والتدخل فى الشئون الداخلية له؛ إذ تعتبر كل من إيران وتركيا منذ فترة طويلة أجزاء من الأراضى العراقية، وشرائح من سكانهما تنتمى إلى التاريخ والإرث العراقي.
وتمتد شبكات تجارية عميقة بين تركيا والعراق وإيران. وتتواجد إيران فى مناطق جنوب العراق، فيما تنتشر تركيا فى مناطق الشمال.
من ناحية أخرى، يمثل العراق أهمية خاصة لدول مجلس التعاون الخليجى الذين يجمعهم بالعراقيين العرق العربي، كما أن العراق تمثل أهمية خاصة لهم باعتباره حاجزا بينهم وبين إيران.
ويُعتبر اهتمام الكويت بعقد مؤتمر إعادة الإعمار تجاوزًا لأحداث الماضي، وانعكاسًا لتعزيز الروابط التاريخية العميقة بين العراقيين والكويتيين؛ إذ تُظهر دول مجلس التعاون رغبتها فى توظيف الاقتصاد والمشاركة السياسية فى العراق، كوسيلة لمواجهة الهيمنة الإيرانية هناك، كما تتشارك تركيا معهم فى نفس المصلحة من خلال استخدام روابطها الاقتصادية مع الشركات العراقية لزيادة نفوذها على حساب إيران.
ختامًا؛ تخشى الولايات المتحدة من التمدد الإيرانى فى العراق، لذا تعمل على دفع حلفائها من السنة فى مجلس التعاون الخليجى وتركيا للاستثمار بكثافة فى العراق، وهو ما بدا جليًا فى مشاركتهم ودعمهم لمؤتمر إعادة الإعمار؛ حيث تحرص دول الخليج على زيادة مشاركتها فى إعادة إعمار العراق للمساعدة وتحقيق الاستقرار، إضافة إلى مزاحمة إيران المنافسة. ويبقى «الفساد وسوء الأمن» أهم التحديات أمام بدء مشروعات إعادة الإعمار.