الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

أمريكا اللاتينية.. ساحة جديدة للصراع بين "حزب الله" و"داعش".. القارة مرتع للتنظيمات الإرهابية ومعسكرات للتدريب.. كولومبيا وفنزويلا وترينيداد وتوباجو والبرازيل هدف الإرهابيين ومروجي المخدرات من الحزب

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
انتشر الإرهاب داخل قارة أمريكا اللاتينية، وأصبحت القارة مرتعًا وحاضنة للتنظيمات الإرهابية، ومنطقة لاستقطاب وتدريب الشباب لصالح تلك التنظيمات وعلى رأسها داعش والقاعدة وحزب الله.
وتستخدم التنظيمات الإرهابية المنتشرة فى أمريكا اللاتينية، التكنولوجيا الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعى بشكل احترافى، وكذلك الاعتماد على منهجية الاستخبارات حتى تستطيع متابعة أهدافها، وبالتالى تتمكن من تحقيق ما تسعى إليه، كما يظهر مدى ضعف وعجز دول القارة فى مواجهة الإرهاب، وتراخى المجتمع الدولى فى مواجهته.

وتصاعدت موجات الإرهاب فى قارة أمريكا اللاتينية خلال السنوات الأخيرة، رغم تمتعها لفترة طويلة بحالة من الاستقرار النسبي؛ وفى الفترة الأخيرة تمدد العديد من التنظيمات الإرهابية فى القارة اللاتينية، خاصة فى بعض الدول مثل «كولومبيا، وفنزويلا، وترينيداد، وتوباجو، والبرازيل...».
وترجع خطورة وجود الجماعات الإرهابية فى أمريكا اللاتينية إلى ارتباطها بالتنظيمات الكبرى فى دول الشرق الأوسط كداعش وحزب الله؛ حيث حرصت تلك التنظيمات على إيجاد فروعٍ لها فى تلك الدول لتحقيق العديد من الأغراض.
ويعد حزب الله اللبناني، من أسبق التنظيمات الإرهابية حرصًا على الوجود فى الحديقة الخلفية للولايات المتحدة، وسبق أن نفذت إيران بالتعاون مع هذا الحزب العديد من العمليات فى دول أمريكا اللاتينية.
وعلى خطى حزب الله، لجأ داعش هو الآخر إلى تدعيم وجوده فى هذه القارة، فعلى عكس المتوقع تمثل أمريكا اللاتينية أرضًا خصبة للإرهاب وتنظيماته، ويرجع ذلك إلى أسباب عدة، من أهمها: الأهمية الاستراتيجية للتيار الشيعى المدعوم إيرانيا، ففى البدء كانت فنزويلا نقطة انطلاق السياسة الإيرانية خلال حقبة التسعينيات فى إنشاء خلايا إرهابية تابعة لها ثم ازداد دورها فى منطقة المثلث الحدودى (باراجواي، والبرازيل، والأرجنتين). إضافة إلى الديمقراطيات الهشة، فلا تزال أمريكا اللاتينية تتكون من ديمقراطيات هشة غير متكاملة، الأمر الذى يدفعها لتوثيق علاقتها بنظام الملالى لتحسين صورتها الدولية، وفى المقابل تستغل طهران تلك العلاقة فى إنشاء جماعات موالية لها فى تلك الدول.

بؤرة إرهابية
نجح «داعش»، بالفعل فى إيجاد موطئ قدم له داخل القارة الهادئة خاصة فى «ترينداد وتوباجو» التى يُطلق عليهما «بؤرة الإرهاب الداعشي» فى «البحر الكاريبي». وانضم منذ عام ٢٠١٤ وحتى ٢٠١٨، العديد من أبناء الجزيرة لصفوف التنظيم؛ إذ بلغ عدد المنضمين حوالى ١٨٠ شخصًا من أصل ١.٣ مليون هم إجمالى سكان الدولة خلال أربعة أعوام.
ورغم أن تمثيل المسلمين فيها نسبة قليلة من السكان تبلغ ٨٪ فإن هذا لم يمنع من تسلل التيار الراديكالى إلى الجزيرة؛ إذ أسست حركة راديكالية تحت اسم «جماعة المسلمين» بقيادة «ياسين أبوبكر»، وحاولت الانقلاب بمحاولة فاشلة عام ١٩٩٠، بعد أن نجح الجيش فى التصدى لها، وتم القبض على أحد أعضائها داخل الأراضى الأمريكية عام ٢٠٠٧ بتهمة تخطيطه لهجوم يستهدف مطار «كينيدي» الدولي، وحكم عليه بالسجن مدى الحياة.
فالحركة الإسلامية فى «ترينداد وتوباجو»، لم تكن وليدة السنوات الأربع الماضية؛ لكنها قديمة؛ حيث تعود إلى عشرينيات القرن الماضي؛ فالجزيرة بها أكثر من ٢٤ مؤسسة وهيئة إسلامية فى ١٣ مدينة رئيسية، ومنها جمعية «تقوية الإسلام»، التى تعد أول جمعية إسلامية فى ترينيداد ظهرت عام ١٩٢٣، ثم «أهل السنة والجماعة» عام ١٩٣٥، و«الدعاة المسلمين» فى ١٩٧٥، و«الحزب الإسلامي» ١٩٧٧، وآخر هذه الجمعيات «شبان ترينيداد وتوباجو لنشر الدعوة».

سورينام بؤرة بديلة
إضافة إلى «ترينداد» نجح داعش فى إنشاء بؤرة جديدة له فى أمريكا اللاتينية وهى «سورينام»، التى تُعْد أصغر دول القارة، وتقع على أطرافها الشمالية، ففى يوليو ٢٠١٧ تم الكشف عن مخططٍ داعشى يستهدف أراضيها، كما تمت محاكمة شقيقين بتهمة التخطيط لاغتيال السفير الأمريكى «إدوين نولان» فى البلاد والانتماء لتنظيم داعش الإرهابي.
ويتزعم الخلية الداعشية، التى حاولت قتل السفير الأمريكى شقيقان هولنديان، وهما «راؤول» (٣٥ عامًا)، و«ناصر» (٣١ عامًا)، عملا على تجنيد العناصر السورينامية وإرسالها لسوريا للقتال فى صفوف تنظيم داعش. وقُبض على الشقيقين فى ٢٣ يوليو عام ٢٠١٧، وهو ما استفز تنظيم داعش متوعدًا بتنفيذ عمليات إرهابيَّة تستهدف عددًا من المعاهد التعليمية فى حالة عدم الإفراج عنهما، الأمر الذى دفع السلطات لغلق المدارس فى سبتمبر ٢٠١٨ تحسبًا لأى هجوم محتمل. سورينام لم تكن بؤرة داعشية فقط؛ حيث سبقه «حزب الله» إليها؛ فقيادات الحزب امتلكت علاقات قوية مع نجل الرئيس السورينامى «ديزى بوترس» الذى سمح للحزب بإنشاء منصة عسكرية له فى أمريكا اللاتينية، وخلال زيارة «دينو» ابن الرئيس السورينامى للولايات المتحدة فى أغسطس ٢٠١٤ ألقى القبض عليه وقدم للمحكمة التى أقرت بسجنه ١٦ عامًا وثلاثة أشهر.

حضور برازيلى
وسعى داعش وحزب الله لتحقيق وجودهما فى البرازيل، كبرى دول أمريكا اللاتينية؛ ففى مايو ٢٠١٨ قبض على ١١ شخصًا بتهمة التخطيط لتشكيل خليَّة داعشيَّة على الأراضى البرازيلية، واتضح أنهم يعتمدون على أسلحة بدائية الصنع، ويسعون إلى تجنيد متشددين لإرسالهم إلى سوريا، وكُشف أمرهم من خلال عدة رسائل إلكترونية تبادلوا فيها أنماطًا مختلفة من التدريبات على مواقع التواصل الاجتماعي، كما اتضح أنهم كانوا يخططون لهجوم مشابه لما حدث فى جسر لندن الذى وقع فى ٢٠١٧.
أما عن دور حزب الله فى البرازيل؛ فقد صدرت العديد من التقارير الأمريكية عن نشاط الحزب هناك، مؤكدةً أنه يتمحور حول تهريب المخدرات وإصدار الجوازات المزيفة، التى يبرع فيها عضو الحزب «فاروق أميري».
كولومبيا بين التمرد والإرهاب
تعانى كولومبيا من انعدام نسبى فى الأمن، بسبب وجود الحركات المتمردة وانتشار عصابات الجريمة المنظمة، الأمر الذى أفسح المجال أمام حزب الله والقاعدة للاستفادة من الحالة الكولومبية؛ فتنظيم القاعدة على سبيل المثال يرتبط بعلاقات وثيقة مع العصابات الكولومبية، ويحصل على تمويل منها، فى مقابل ضمانه تنظيم سلامة مرور قوافل الكوكايين التابعة للعصابات عبر صحراء شمال أفريقيا إلى دول الشرق الأوسط وأوروبا.