الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

خلال 10 سنوات من الغلاء.. الطبقة المتوسطة تسكن أعلى شرائح المرافق.. ارتفاع أسعار الكهرباء.. والمياه بين 3 و5 أضعاف خلال عقد واحد

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تفصل "كمال"، موظف، شهور قليلة عن وضع كلمة النهاية لحياته العملية، ربما كان سيهنأ باله بهذا الأمر، ولكن زيادة الأسعار المستمرة جعلته يحسب ألف حساب لهذا اليوم، خاصة بعدما أعلنت الحكومة المصرية في مايو الماضي عن رفع جديد لأسعار المياه لتتراوح بين 65 قرشًا للمتر للشريحة الأولى لتصل إلى 315 قرشًا للمتر في الشريحة الخامسة، بزيادة 300% خلال 10 سنوات.
قرابة 30 عامًا مرت على الرجل في العمل الحكومي، لم يزداد فيها راتبه الشهري عن ألفي جنيهًا، تنتزع فاتورتا الكهرباء والمياه منه نحو الثلث شهريًا.
"الفواتير بتمص مرتبي، وبقيت بخاف أول الشهر يجي"
أزمة "كمال" يوضحها الزيادات في أسعار شرائح استهلاك المياه من الأولى للخامسة من 2008 إلى 2018 (عليك بالمرور على كل شريحة حتى يظهر سعرها في كل سنة)
لا يعلم الرجل مدى صدق الحكومة في ربطها توقيع اتفاقية مع الاتحاد الأوروبي ضمن برنامج سياسات الجوار، الذي يلزم بزيادة تعريفة مياه الشرب للاستخدامات المنزلية والتجارية، بشكل تدريجي لمدة 5 سنوات متتالية، تنتهي بحصول المستهلك على المتر المكعب من المياه بسعر التكلفة الحقيقية عام 2019. 
لا تنفك المياه عن الانقطاع عن الحي الثالث بالقاهرة الجديدة، حيث يقطن "كمال"، مما يدفعه إلى شراء المياه في بعض الأوقات، وبالرغم من ذلك يضطر سكان العقار إلى دفع حوالي 1000 جنيه شهريًا، حيث يجمع استهلاكهم في فاتورة واحدة – كما هو الحال في أغلب العمارات – لتضعهم في الشريحة الأعلى، التي يطبق عليها أكبر نسبة زيادة. 
بالنسبة للرجل لا تتوقف المشكلة عند هذا الحد: "المياه مبتوصلش حتى للدور الأرضي غير لما بنفتح الماتور، وده بيخلي علينا عبء أكبر، ولما بنفتح المياه بيبقى فيها شوائب وريحتها وحشة، فكلنا ركبنا فلاتر". 
في يناير الماضي، كشف المهندس ممدوح رسلان، رئيس مجلس إدارة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي، أن الشركة تعاني من عجز حوالي 2 مليار جنيه، بينما يشكل نفس المبلغ حجم الديون التي تستحقها الشركة لدى بعض الجهات الحكومية والسيادية.
زيادة أسعار المياه أعقبه ارتفاعًا في فاتورة الكهرباء يضغط كاهل "كمال" كباقي المواطنين، الذي أعلنت عنه الحكومة في يوليو الماضي، لتتراوح الأسعار بين 22 قرشًا إلى 145 قرشًا للكيلو وات.
يتعرق الرجل الخمسيني وترتفع نبرة صوته كلما تذكر كيف سينكمش راتبه خلال أشهر إلى نحو الثلث، بينما زادت أسعار شرائح الكهرباء السبع منذ عام 2008 إلى 2018 بين 3 و5 أضعاف، مثلما يبين الرسم البياني التالي. 
بحسب تقرير أعدته المبادرة المصرية للحقوق الشخصية بعنوان "حقائق الكهرباء"، تتكبد الشريحة الثالثة والرابعة، وهما الشريحتان الأكثر فقرًا ومتوسطي الدخل، زيادات كبرى مع كل رفع لأسعار الكهرباء، فمثلًا بلغت النسبة عام 2017 حوالي 22.4% و27.9% على التوالي، بخلاف تصريحات وزير الكهرباء، الدكتور محمد شاكر بأن الزيادات على محدودي الدخل ستكون "طفيفة".
يستنكر "كمال" فاتورة الكهرباء المرتفعة مع ثبات استهلاكه تقريبًا على مدار سنوات، الذي يعتبره متوسطًا، وهو ما يشير إليه تقرير المبادرة المصرية، حيث ينفق المصريون 4.5% على الكهرباء، التي تشكل ضعف ما يدفعه مواطني دول مثل استراليا والهند، يزيد استهلاكها من الكهرباء حوالي مرتين أو ثلاث مرات عن مصر، مما يعني معاناة الدولة من عدم عدالة في الإنفاق على الكهرباء. 
إضافة على ذلك، بحسب تقرير المبادرة المصرية، تشكل خمس الفاتورة التي يدفعها "كمال" قيمة خدمة الكهرباء التي يتلقاها، حيث تمثل تكاليف تشغيل مرفق الكهرباء فقط 17% من إجمالي مصروفات الشركة القابضة لكهرباء مصر عام 2017، بينما تستأثر الاستثمارات في بناء محطات وشبكات جديدة ثلثي الفاتورة، وخدمة ديون الشركة الخُمس المتبقي.
بالرغم من ذلك، لا تنفك الكهرباء عن الانقطاع بشكل شبه يومي عن منزل "كمال" كأغلب الشعب المصري، في الوقت الذي يعلن فيه الدكتور أيمن حمزة، المتحدث الرسمي باسم وزارة الكهرباء، أن الوزارة لا تستهدف رفع أسعار الكهرباء على المواطنين ولكنه اضطرار لا بد منه لتجنب عودة الانقطاعات واستكمال التنمية.