الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

مشاوير المصريين تحت مقصل السولار.. المواطنون يشتكون من الارتفاع المتكرر للسعر.. والحكومة تبرر بارتفاع أسعار النفط العالمية

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في يوم صيفي حار، اشتد لهيب الشمس فوق الرؤوس، معلنًا انتصاف اليوم، بينما يستظل "أحمد" بشجرة بموقف الجيزة، يحتسي الشاي منتظرًا امتلاء الميكروباص الخاص به بالركاب، ليأخذهم في رحلة جديدة إلى منطقة العمرانية، حيث يقطن منذ أكثر من 30 عامًا، التي شهدت استقباله لخبر رفع الأسعار منذ 4 سنوات لأول مرة من 2008. 
روتين لم يتغير منذ سنوات، لكنه أصبح أكثر مرارة، كلما حدثت زيادة جديدة في أسعار الوقود بنسب لا تقل عن 50%، لتجلب معها لهيبًا بالصدور لا يقل حرارة عن شمس أغسطس.
يستهلك الرجل الخمسيني السولار لتزويد الميكروباص، الذي قفز سعره خلال العشر سنوات الماضية أكثر من 5 أضعاف.
معاناة "أحمد" تظهر في الرسم البياني القادم، حيث نعرض زيادة السعر المتكررة من 2008 إلى 2018، التي توجه لكمة قاسية للمواطن الفقير، لأن مردودها يكمن في وسائل المواصلات وأسعار السوق مباشرة. 
بصوت متهدج يشكو "أحمد" هذا الأمر قائلًا: "لما السولار بيغلى، كل حاجة بتغلى، قطع الغيار، البطاريات، بقالي شهر مش عارف اغير زيت!". 


يتعجب الرجل من قفزة السولار بنسبة 50.7% في 2018 دفعة واحدة، التي تفسرها الحكومة بالزيادة في أسعار النفط العالمية، بينما يرفض دكتور رمضان أبو العلا، أستاذ هندسة البترول بجامعة قناة السويس ذلك الأمر، حيث تستورد مصر حوالي 44% فقط من استهلاكها من السولار من شركات عربية، مع أريحية في السداد تمتد إلى 15 عامًا، مما يجعل الارتفاع المؤثر على "أحمد" وغيره من المواطنين، غير منطقي بالمرة. 
في ظل تلك الظروف، يستند "أحمد" بثقل همه إلى الشجرة، موجهًا نظره إلى السماء، متمنيًا أن يمنحه الله القدرة على مواصلة العمل لتزويج ابنته الثانية، حيث قضى زواج الكبرى على تحويشة العمر. 

يقاطعه، "محمود"، زميله الأربعيني بنبرة قوية تمتلئ بالشكوى: "الناس فاكرة السواقين مستريحين، كل ما السولار بيغلى، كل ما الشغل بيضيع معانا، والله العظيم أنا بستلف عشان أكمل الشهر". 
بينما يلجأ "محمود" للاستدانة لمواكبة الأسعار، تستحق وزارة البترول نحو 344.7 مليار جنيهًا كديون لدى جهات حكومية مصرية، يمكن أن تستخدمها لسد أي زيادة في تكلفة السولار، الذي يخضع لارتفاع كبير في ثمنه كل مرة، مما جعل "محمود" والمستخدمين الآخرين يخفضون من استهلاكهم بنسبة 4%، بحسب الوزارة. 
بعد رفع أسعار الوقود في يونيو 2017، خرج علينا المهندس طارق الملا، وزير البترول، مصرحًا أن أي زيادة جديدة تصب في "مصلحة المواطن وتحسن من مستوى المعيشة". 
على أحد جانبي ذات الموقف، يجلس شاب أسمر، قصير القامة، على أحد المقاعد المخصصة للانتظار، مصوبًا عينيه نحو المدخل، يترقب وصول حافلة الهيئة التي تقله إلى منزله بالإسكان الاجتماعي في طريق الفيوم، التي لجأ إليها حديثًا بعد زيادة أجرة الميكروباص بنسبة 20%، وفقًا لدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء.
يعمل "عامر" موظفًا بمجمع التحرير منذ 10 سنوات، يوميًا يستقل 3 مواصلات من وإلى عمله. تتكلف تلك الرحلة 24 جنيهًا يوميًا (700 جنيه شهريًا)، بخلاف زوجته التي تتكبد تقريبًا نفس المبلغ للذهاب لعملها بجامعة القاهرة. 
بنظرة تائهة تعلو وجهه يقول الرجل: "مصاريف المواصلات بس بتاكل نص مرتبنا احنا الاتنين، والعبء بيتضاعف أيام الدراسة، عشان بنضطر ندفع قده للعربية اللي بتودي الأولاد للمدرسة". يشارك د شريف الدمرداش، الخبير الاقتصادي، معاناة "عامر"، فهو يرى أن الحكومة المصرية لا تراعي فروق المرتبات بين المواطن المصري والأوروبي، عندما تنصاع لأوامر صندوق النقد الدولي، فبالنسبة إليه "الدولة بتحصل موارد فقط". 
يمتلك "عامر" نصف عمر عم "أحمد"، سائق الميكروباص، بينما يتشارك معه نفس قلقه من الزيادات المرتقبة لأسعار الوقود العام القادم، ليعلن بصوت مرتفع "هنجيب تاني منين؟! مبقاش في خلاص!"، بينما يتركنا مسرعًا ليستقل الحافلة، التي طلت برأسها من مقدمة الموقف.