رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

"ملف الهجرة".. عنوان الصراع على "الكونجرس الأمريكي".. "ترامب" يأمل في الاحتفاظ بسيطرته المطلقة على مجلس الشيوخ.. والديمقراطيون يرونها الأمل الأخير

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الأنظار تتوجه حاليا إلى الكونجرس الأمريكى فى ظل نتائج الانتخابات المتوقعة والصراع بين الديمقراطيين والجمهوريين.. وتبقى هناك ملفات ستكون محل صراع على رأسها ملف الهجرة.
وكانت حملة «الحزب الجمهوري» قد ركزت بشكل أساسى على ملف الهجرة، وهو ما اتضح خلال جولات ترامب الانتخابية لدعم مرشحى حزبه، حيث أكد مرارًا أنه سيتخذ قرارات حاسمة فيما يتعلق بملف الهجرة والتجنيس، وقال: إنه يعتزم إصدار قرارات تمنع حق التجنيس بمجرد الولادة وفق قانون الهجرة والتجنيس المُعدل عام ١٩٦٨، عدا هجومه الشرس غير المسبوق على الهجرة غير القانونية المقبلة من المكسيك، وعلى النقيض جاء موقف الديمقراطيين، حيث انتقد الرئيس السابق «باراك أوباما» فى تجمع انتخابى فى ميامى، سياسات الإدارة الأمريكية الحالية تجاه ملف الهجرة، لا سيما بعد إعلان ترامب عزمه مواجهة قافلة الهجرة القادمة من أمريكا الوسطى عبر المكسيك بالقوة العسكرية، معتبرًا أن ما يقوم به ترامب، محاولة لصرف الأنظار عن أخطاء الإدارة الجمهورية خلال العامين الماضيين.

ما سبق يطرح العديد من التساؤلات، عن كيفية تعاطى الحزبين «الجمهورى والديمقراطي» مع ملف الهجرة، ومدى أهمية انتخابات التجديد النصفى للكونجرس بالنسبة للعديد من الملفات السياسة الأمريكية.
التجديد النصفى.. الاهمية ودلالات التوقيت
مما لا شك فيه أن انتخابات التجديد النصفى تكتسب أهميتها فى ظل التغيرات الهيكلية التى طرأت على النظام السياسى الأمريكى ككل خلال العامين الماضيين، حيث ظهر «ترامب» بنمط الرئيس الشعبوى الذى يمكن له تهديد النموذج الليبرالى الذى حرصت الولايات المتحدة على تقديمه للعالم، علاوة على ذلك، فإن ترامب يسعى بتلك الانتخابات لتأكيد شعبيته، إذ يعتبرها حملة انتخابية مبكرة لترشحه للانتخابات الرئاسية ٢٠٢٠، فضلًا عن أنه يراها تمثل اختبارًا حقيقيًا للسياسات الشعبوية التى اتبعها خلال العامين الماضيين، خاصة فى ظل استطلاعات الرأى التى تقلل من إنجازاته، بل تعتبره الأسوأ تقييمًا بين الرؤساء الأمريكيين، لذا تعد تلك الانتخابات بمثابة استفتاء حقيقى على سياساته خلال الفترة السابقة.
فى السياق ذاته، يخشى «ترامب» من نتائج الانتخابات، خاصة فى ضوء انتظار تحقيقات لجنة «مولر» التى تنظر فى المخالفات التى ارتكبتها حملة «ترامب» الرئاسية خلال الانتخابات الرئاسية الماضية، لا سيما أن المحللين السياسيين يتوقعون فوز الحزب الديمقراطى بأغلبية مقاعد مجلس النواب، حيث يمكن للديمقراطيين فى حال فوزهم بالأغلبية به، اتخاذ إجراءات العزل التى تتطلب أغلبية بسيطة (٥٠٪+١)، ومن ثم إحالته لمجلس الشيوخ الذى يلزمه موافقة الثلثين.

محاولة لجذب الأصوات
عدا ما سبق، فإنه بدا جليًا للجميع الخلاف الجمهورى الديمقراطى فى العديد من الملفات فى ختام أنشطة الحملات الانتخابية للحزبين، وهو ما بدا فى خطابى «ترامب» و«أوباما» الانتخابيين فى ٢ نوفمبر، حيث أظهرا رؤيتين متناقضتين تمامًا لمستقبل الولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة، خاصة فيما يتصل بالتعاطى مع قضايا الهجرة.
ويرى كثير من المحللين والمتابعين أن تلك الخطابات تعبر عن حالة مؤقتة من أجل جذب أعداد كبيرة من الأصوات فى الانتخابات، التى يهدف الحزب الجمهورى من خلالها، إلى الاحتفاظ بحصته من المقاعد التى تضمن له الأغلبية داخل مجلسى الكونجرس. ويتأكد ذلك بكثير من التعهدات والتصريحات التى أدلى بها «ترامب» فى حملته الانتخابية عام ٢٠١٥، لكنه وجد صعوبة فى تنفيذها بعد الدخول إلى المكتب البيضاوى، مثل ما حدث فى حالات إقامة جدار على الحدود الأمريكية المكسيكية أو منع المسلمين من دخول الولايات المتحدة.
سياسات ترامب تجاه ملف الهجرة
حدد «ترامب» سياسة قاسية حيال الهجرة فى كثير من التجمعات السياسية، ويرى معارضيه أنه قد رسم بذلك صورة قاتمة لدى الساعين للهجرة إلى الولايات المتحدة، التى اعتمدت منذ تأسيسها على المهاجرين، وهو ما وصفه «أوباما» فى احدى جولاته الانتخابية، بان خطاب «ترامب» حول الهجرة يثير الانقسام بين فئات الشعب الأمريكى، وسنحاول فيما يلى الإشارة إلى مواقف «ترامب» المختلفة فيما يتعلق بسياسات الهجرة، منذ سطوع نجمه السياسى أثناء حملته للانتخابات الرئاسية عام ٢٠١٥.
١- منع المسلمين من دخول الولايات المتحدة: استخدم «ترامب» لغة مختلفة تمامًا عن سابقيه مع العرقيات والقوميات المختلفة. بدا ذلك منذ خطابه الأول تجاه مسلمى الولايات المتحدة، الذين تعامل معهم كمهدد لأمن الولايات المتحدة خلال خطابه فى حملته الرئاسية ٢٠١٥. وفى هذا الإطار، أعلن قرارًا تنفيذيًا، تصدت له المحاكم فيما بعد، يقضى بحظر دخول ٨ جنسيات من الدول الإسلامية للولايات المتحدة الأمريكية.
٢- خطابه الدعائى ضد المهاجرين المكسيك: دعا «ترامب» خلال حملته للانتخابات الرئاسية ٢٠١٥ إلى إقامة جدار عازل على طول الحدود بين بلاده والمكسيك، وتصدر الحديث عن هذا الجدار زيارة «ترامب» للمكسيك فيما بعد، وهدف «ترامب» من وراء هذا الجدار، إلى إنهاء الهجرة السرية من المكسيك إلى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث دائمًا ما كان يتهم «ترامب» المكسيكيون الذين يتسللون عبر الحدود الأمريكية المكسيكية باللصوص.
٣- فصل أطفال المهاجرين عن ذويهم: وقد أثارت الخطوة التى أقدم عليها «ترامب» بفصل أطفال المهاجرين غير النظاميين عن ذويهم عند الحدود الأمريكية المكسيكية، حملة من الانتقادات الحادة على المستويين المحلى والدولى، حيث انتقد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة تلك الخطوة، مما تبعه قرار واشنطن بالانسحاب من عضويته، وعلى المستوى الداخلى، رفض الديمقراطيون سياسة «عدم التسامح» التى أعلنتها إدارة ترامب تجاه المهاجرين غير الشرعيين، ونجح ضغط الرأى العام فيما بعد بإجبار «ترامب» على إصدار أمر تنفيذى يقضى بإعادة الشمل بين أبناء المهاجرين غير الشرعيين وذويهم.
٤- التعهدات بتعديل قانون التجنيس والهجرة: أثارت تصريحات «ترامب» حول قانون التجنيس والهجرة وتعديلاته عام ١٩٦٨ فى إحدى حملاته الترويجية لأعضاء حزبه حالة من الارتباك، حيث أعلن أنه سيعمل على إصدار أمر تنفيذى يقضى بمنع حق حصول الأطفال المولودين فى الولايات المتحدة لأبوين غير أمريكيين أو مهاجرين بطريقة غير شرعية على الجنسية الأمريكية، وقال ترامب فى تصريحات له: إن مستشاريه أكدوا له أن اتخاذ هذا القرار من بين سلطاته كرئيس للولايات المتحدة.

على صعيدٍ آخر، يرى الخبراء القانونيون أن المواد الدستورية المتعلقة بحق منح الجنسية للمولودين على الأراضى الأمريكية لا يمكن إلغاءها بدون موافقة الكونجرس، ويجدر هنا الإشارة إلى أن التعديل الرابع عشر من الدستور الأمريكى، ينص على اعتبار «جميع الأشخاص المولودين فى الولايات المتحدة أو الحاملين لجنسيتها والخاضعين لسلطتها القضائية، مواطنين للولايات المتحدة ومواطنين للولاية التى يقيمون فيها»، ويمكن أن تثير أى خطوة يُقدم عليها «ترامب» فى هذا الشأن، تحركات قانونية من المحاكم الأمريكية خاصة محاكم الولايات.
٥- تهديداته لقافلة الهجرة القادمة من أمريكا الوسطى: تشهد انتخابات التجديد النصفى اختبارًا جديدًا يتعلق بقافلة المهاجرين التى انطلقت من دولة هندوراس احدى دول امريكا الوسطى، بعدما قرر ٣٥٠٠ شخص فى هندوراس عبور الحدود المكسيكية للوصول إلى الحدود الأمريكية، واستغل «ترامب» الواقعة لاتهام الديمقراطيين برفض تعديلاته على قانون الهجرة، رافضا القافلة وأهدافها بل إنه قام بمضاعفة القوات المرابطة على الحدود، وطلب من جنوده المنتشرين على الحدود إطلاق النار على المهاجرين، الذين قد يرشقونهم بالحجارة خلال محاولتهم دخول الولايات المتحدة بطريقة غير شرعية، ولكنه تراجع عن هذا التهديد فيما بعد، خاصة بعد حملة الانتقادات التى تعرض لها.
٦- التعهد بتعديل قوانين اللجوء: تعهد «ترامب» بالنظر فى قوانين اللجوء الأمريكية، وذلك من خلال إدخال تعديلات تسمح للسلطات الأمريكية بوضع طالبى اللجوء فى معسكرات وخيام على الحدود، إلى أن يتم البت فى أمرهم سواءً بالترحيل أو الموافقة على الطلب. ختامًا؛ يعتبر البعض أن السياسات التى يتبناها «ترامب» تمثل عودة سريعة للحقبة الانعزالية التى تبنتها واشنطن قبل الحرب العالمية الثانية، حيث مثَّل تطبيق نظام منح الجنسية للمولودين فى الأراضى الأمريكية عام ١٩٦٨ بداية لعصر القوة الأمريكى، وتلاشى للنفوذ الفرنسى والبريطانى، وتتأكد الانعزالية بالسياسات المتبعة فى عهد «ترامب» مثل تعهداته بإدخال تعديلات على قوانين التجنيس والهجرة، واللجوء، ومن المؤكد أن رؤية الجمهوريين المتشددة تجاه قوانين الهجرة، ستفقدهم دعم الناخبين اللاتينيين، الذين سيتجهون صوب الحزب الديمقراطى، الذى يبدو أكثر تسامحًا مع قضاياهم.