الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

تعلموا الحب ثم اصنعوا عيده!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
استيقظنا يوم الجمعة الماضى الموافق ٢ نوفمبر على الفاجعة التى وقعت فجرا، حيث تم استهداف حافلات تنقل بعض الإخوة المسيحيين، وهم فى طريقهم إلى دير الأنبا صموئيل فى المنيا.. لم تفرق الطلقات الغادرة التى أطلقها الإرهابيون عشوائيا بين الرجال والنساء والرضع.. استهدفت الجميع بكل بشاعة وخسة، واستشهد على أثرها ٧ أفراد إلى جانب عشرات المصابين!!.. وكالعادة لم نجد أمامنا سوى كلمات التعازى للإخوة المسيحيين، ومحاولات البعض إلصاق تلك الجرائم البشعة بالإسلام، سواء بالاتهام أو الدفاع!!.. متناسين أن هذا الإرهاب وجماعاته صنيعة الصهيونية العالمية، التى تتخذ من بعض المغيبين وفاقدى المشاعر والعقول - من جميع الدول والأديان- أذرعا لتنفيذ أهدافها.. يوما يستهدفون المسيحيين أثناء العبادة أو فى طريقهم إليها، وآخر يستهدفون المسلمين.
أيضا فى دور العبادة!!..لا يفرقون بين مسلم أو مسيحى أو حتى يهودى!.. فهل ننسى استهداف اليهود فى الخمسينيات من القرن الماضى، فى مصر وغيرها من الدول من بعض اليهود أيضا؟!.. وإطلاق النار عشوائيا على أملاكهم حتى يجبروهم على الهجرة إلى الكيان اللقيط الذى تم زراعته فى المنطقة!!..ألم يذكرنا استهداف المسيحيين فى ٢ نوفمبر بالذكرى الأليمة لوعد بلفور منذ مائة وواحد عام؟!..فإذا كان المنفذون لتلك العمليات مغيبين ولا يدركون ماضيا من حاضر، ولكن المخططين لا يختارون الوقت عشوائيا، بل لكل تاريخ لديهم دلالته ورمزيته!!..ففى ٢ نوفمبر ١٩١٧ تحديدا، منح البريطانيون وعدهم المشئوم للصهاينة اليهود، بتأييدهم لإنشاء وطن قومى لليهود فى فلسطين، من خلال رسالة وزير خارجية بريطانيا آرثر جيمس بلفور، إلى اللورد ليونيل والتر روتشيلد-البريطانى اليهودى الذى يعد أحد كبار رجال المال آنذاك، ومن مؤسسى الاتحاد الصهيوني- وهو ما درسناه فى التاريخ بأنه وعد من لا يملك لمن لا يستحق.. وكان هذا الوعد لخشية بريطانيا من العرب إذا توحدوا ضدها، فقرروا تفريقهم وتمزيق وحدتهم بزراعة هذا الكيان فى المنطقة!!.. وها هو التاريخ يعيد نفسه، ولكن بالتأكيد ليس خشية منا، لأننا الآن ندعو للشفقة، ولكن بهدف تأجيج الصراعات، ومحاولة زرع الفتن الطائفية لاستكمال مشروع التقسيم، ورسم الخريطة الجديدة للمنطقة!.. علينا أن نفهم حقيقة ما يجرى، ولا ننساق وراء المتطرفين من أى دين.. فمن يقتلون غدرا يدفعون أرواحهم ثمنا لبقاء هذا الوطن.. ليس بسبب عقيدة أو دين!!.. نعم المسيحيون يدفعون الثمن الأكبر، بمحاولة اللعب على ورقة اضطهاد الأقليات، واستغلالها كورقة رابحة يمكن أن تمزقنا، ولكن وعى الإخوة المسيحيين يحول دون تحقيق هذا الهدف.. ولا أجد أصدق من كلمات صديقى العزيز مراد مكرم المذيع الراقى والفنان الموهوب، والذى كتب على صفحته على الفيسبوك:
«أقباط مصر جبابرة.... ولا أى عيل يقدر يهز شعرة من راسهم، ده إحنا تقويمنا مبنى على بداية عصر الشهداء.. العصر اللى كان فيه الدم للركب بجد ومنه جت الكلمة.. احنا اللى لبسنا صلبان حديد فى رقبتنا لحد ما عضمة الرقبة ازرقت وبقى اسمنا عضمة زرقا.. احنا اخترعنا الرهبنه وصدرناها للعالم.. وبنينا أول دير فى العالم..إحنا اتحاربنا فى لقمة عيشنا وفى بيوتنا وفى كنايسنا،إحنا لما منعوا وضع الصلبان على أماكن العبادة رسمنا سمك على جدران الشوارع علشان ندل المسيحى لمكان الصلاة..إحنا لما اليهود غدروا بينا عند الحاكم بأمر الله.. حركنا جبل المقطم.. إحنا التاريخ اللى ماحدش منكم قراه يا جهلة.. إحنا الوحيدين اللى احتفظنا بباقى اللغة المصرية القديمة.. لغة العظمة اللى انت نسيتها وبتعتبرها غريبة عليك، احنا مصر، احنا القوة والبأس والعظمة.. احنا ممكن نتكلم عن نفسنا للصبح ومانبقاش قلبنا الصفحة الأولى من كتابنا..... اقتل زى ما أنت عايز، جدودنا اتقتلوا بالآلاف واحنا لسه هنا، وهنفضل هنا حتى بعد ما تموت أنت وتعفن أنت وإللى زيك يا أجير يا قاتل يا عديم الدين والرحمة والإنسانية».
وبالطبع لولا وطنية الإخوة المسيحيين ووعيهم لضاع هذا الوطن من زمن.. ولكن الغريب أن نرى بعد ساعات قليلة من هذا الحدث الجلل كثيرين يلتفون حول مباراة كرة قدم!!.. ونسمع صيحات التشجيع، والدماء ما زالت حارة!!.. وبعدها بساعات أخرى نجد البعض يحتفل بعيد الحب المصرى!! والذى اقترحه الكاتب الكبير مصطفى أمين فى ٤ نوفمبر ١٩٨٨، بعد أن شاهد مصادفة جنازة يسير فيها ثلاثة رجال فقط، فاقترح هذا اليوم ليذكر الناس بقيمة الحب بين البشر..فهل بعد مرور هذه السنوات فقدنا الإحساس، وتجردنا من الإنسانية؟!.. ولكن ماذا نفعل فى أمة شغلتها توافه الأمور، فتركت مصيرها فى أيدى غيرها!!.. كيف تنهض أمتنا ونحن كأهل الكهف فى سبات عميق؟! العالم من حولنا يتقدم ويجري، ونحن ما زلنا نعجز عن تنظيم المرور!!..أمة تحركها غرائزها، برامجها الرابحة ترتكز فى برامج الطبخ وملء البطون!!..وعقول الكثيرين من أبنائها فى نصفهم الأسفل، تنصب اهتماماتهم فى تصفح المواقع الإباحية، وقضايا تعدد الزوجات، والعلاقات مع الجنس الآخر، فى نفس الوقت الذى يداس فيه الشرف وتباع النساء كسبايا فى بعض دولنا العربية!!.. فلا عجب أن نجد من تصيبهم البلادة ويحتفلون بعيد الحب ويغمضون أعينهم عن الدماء وأشلاء البشر!!..ولكن أنسب ما يقال لهم مقولة: «تعلموا الحب أولا ثم اصنعوا له عيدا».